الكتائب والميليشيات الليبية: من يقاتل من؟

بعضها يحارب «داعش» في سرت.. ويدعمها في بنغازي

الكتائب والميليشيات الليبية: من يقاتل من؟
TT

الكتائب والميليشيات الليبية: من يقاتل من؟

الكتائب والميليشيات الليبية: من يقاتل من؟

تتميز كتائب عسكرية وميليشيات في ليبيا بأن لها في كل يوم تحالفا جديدا، إلى درجة أصبحت محيرة لمتابعي الشأن الليبي في الداخل والخارج.
بعضها كان يحارب «داعش» في سرت، ويدعمها في بنغازي في إطار تحالف واسع للمتطرفين ضد الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر. ودخل حفتر نفسه في تحالفات أخرى في الشرق والغرب والجنوب معتمدا على كتائب عسكرية وتشكيلات قبلية مسلحة كانت موالية لمعمر القذافي، بالإضافة إلى متطوعين مدنيين أغلبهم مما يعرف بالتيار السلفي.
أهم القيادات التي تستطيع أن تحرك قوات مسلحة على الأرض، بغض النظر عن أي سلطة سياسية، توجد في أربع مدن رئيسية هي طرابلس والزنتان في الغرب، ومصراتة التي تقع على بعد مائتي كيلومتر إلى الشرق من العاصمة، بالإضافة إلى بنغازي، ثاني أكبر المدن الليبية. وتزخر طرابلس بعشرات من الكتائب والميليشيات، لكن أهمها ما يعرف بـ«لواء الصمود» الذي تشكل بعد انتهاء حرب مطار طرابلس في 2014 ضمن تحالف قوات «فجر ليبيا». وانتهى هذا التحالف بسبب خلافات حول التعاطي مع المرحلة الجديدة. وأصبح لواء الصمود عمليا هو القسم الأكثر ميلا إلى مواصلة الحرب بحجة الدفاع عن مبادئ الثورة التي قامت ضد معمر القذافي.
ويتفرع من لواء الصمود كتائب وميليشيات ذات ولاءات ومرجعيات متباينة من طرابلس وبعضها من مصراتة وعدة مدن أخرى. ويجري صرف رواتب هذه الفرق من خزينة الدولة وفقا لقرارات أصدرتها الحكومات السابقة على أساس أن هذه الكتائب والميليشيات تقوم بحماية مؤسسات الحكومة وحدود البلاد. ومنذ ظهور حفتر على الساحة قائدا يحاول إعادة بناء الجيش، أصبحت الحرب الرئيسية للواء الصمود ولعشرات من الكتائب والميليشيات سواء التي تتبعه بشكل مباشر أو غير مباشر، موجهة أساسا ضد حفتر.
ومشكلة لواء الصمود تكمن في وجود كتائب وميليشيات منافسة له في طرابلس ولا سيطرة له عليها. وقبيل دخول فايز السراج إلى العاصمة كان هناك تنافس على محاربته، لكن بعد أن لوحت أطراف دولية بفرض عقوبات وفتح ملفات لقادة الفرق المسلحة، جنح البعض إلى دعم السراج مع باقي كتائب وميليشيات مصراتة، وجنح البعض الآخر إلى التزام الصمت. وتشكلت «كتيبة الأمن الدبلوماسي» لحماية المجلس الرئاسي.
أما الشق الآخر من الكتائب والميليشيات الذي يوجد في مصراتة، فأبرز الأسماء المعروفة، كتيبة المحجوب وكتيبة الحلبوص. ولا تنتشر مثل هذه الكتائب والميليشيات التابعة للمجلس العسكري بالمدينة في مصراتة فقط، ولكن لها مناطق تقع تحت سلطتها في العاصمة وفي الجنوب. وكانت كتائب مصراتة مكونا رئيسيا في الحرب على مطار طرابلس قبل عامين، لكنها أخذت تجنح إلى الحوار مع باقي المكونات الليبية بديلا عن الاستمرار في الحروب، إلا أن هذا الخيار لم يحظ بالزخم المطلوب، ولهذا خاضت عدة محاولات بالتنسيق مع الميليشيات والكتائب في طرابلس، لهزيمة حفتر ومنع تقدمه في عدة مناطق في الشرق والغرب والجنوب. ولم تنجح. واليوم يقع على مصراتة العبء الأكبر في محاربة «داعش» في سرت تحت اسم عملية «البنيان المرصوص» التي يشرف عليها المجلس الرئاسي برئاسة السراج.
الدافع وراء تحرك مصراتة ضد «داعش» في سرت هو تهديد التنظيم المتطرف للمدينة وقوله إنه يستعد لغزوها. ولم يبد أن باقي الميليشيات والكتائب في طرابلس كانت متحمسة لمشاركة مصراتة في الحرب في سرت. وعلى سبيل المثال عقد «لواء الصمود» في مقره في العاصمة اجتماعا مع قيادات من المجالس العسكرية لعدة مدن مجاورة لم يكن من بينها مصراتة. وكان الاجتماع يدور عن وضع الخطط لمحاربة حفتر. وهذه المجالس التي شاركت في الاجتماع هي «سرايا ثوار طرابلس» و«سرايا ثوار ترهونة» و«زليتن» و«الخُمس» و«جنزور» و«قوة الردع الخاص».
وانتهى الاجتماع إلى ضرورة دعم القوات المعارضة لحفتر بالسلاح والمقاتلين والدعم المادي. وجرى رصد ميزانية بملايين الدولارات لهذا الغرض.
ويقع تحت اسم «القوات المعارضة لحفتر» كل من لديه مجاميع مسلحة سواء كان من الجماعة الليبية المقاتلة الموالية لتنظيم القاعدة، أو تنظيم أنصار الشريعة الموالي لـ«داعش»، بالإضافة إلى ما يسمى «مجالس ثوار المدن» وهي مجالس عسكرية جرى تأسيسها أثناء الثورة ضد القذافي، لكن توجهاتها أصبحت متباينة، فالبعض يسيطر عليه «أنصار الشريعة» والبعض الآخر تسيطر عليه جماعة الإخوان، مثل كتيبة 17 فبراير (شباط) التي تعرضت للهزائم على يد حفتر في بنغازي.
وتوجد ميليشيات وكتائب في الزنتان الواقعة إلى الغرب من العاصمة، لكن يبدو أنها منقسمة على نفسها منذ أن قام تحالف «فجر ليبيا» بطردها من مطار طرابلس عام 2014. ومنذ ذلك الوقت لا تشارك في الأحداث في طرابلس أو غيرها، إلا أن التيار الغالب فيها يقف مع الجيش الذي يقوده حفتر، ومنها كتيبة أبو بكر الصديق، وإن كانت بعض القيادات العسكرية في الزنتان على تواصل مع أعداء حفتر مثل لواء الصمود وقادة من مصراتة. وسرايا ثوار عدة مدن مجاورة للزنتان.
وأدت خلافات بين الجماعة الليبية المقاتلة، التي يتركز تواجد قادتها في طرابلس، إلى تفرق ولاءات مقاتليها بين «داعش» و«الإخوان» و«القاعدة». وتحظى «المقاتلة» بمكانة خاصة لأن قادتها هم أول من ظهروا في عرين القذافي في باب العزيزية في طرابلس حين اقتحموا مقر الحكم في أغسطس (آب) 2011.
وهناك عدد من قادة مجالس الثوار في الضواحي والمدن الليبية، ممن كانوا تحت قيادة موحدة للجماعة المقاتلة، دخلوا في تحالفات وتنسيق مع تنظيم داعش حين ظهر في درنة وفي بنغازي ثم في سرت وطرابلس. ومن بين هذه المجالس ما يعرف بمجلس أبو سليم وقوات جند الحق وسرايا دعم ثوار بنغازي. ومن المثير للانتباه أن سرايا دعم ثوار بنغازي التي يقودها شخصيات من مصراتة تعد داعما رئيسيا لتنظيم أنصار الشريعة «الداعشي» في بنغازي ودرنة، ويحاربون الجيش معه، رغم أن هذه السرايا ساهمت بمقاتلين في عملية البيان المرصوص ضد «داعش» في سرت، قبل أن تسحب عناصرها إلى قاعدتها الرئيسية في منطقة هون بمحافظة الجفرة على بعد 300 كيلومتر جنوب سرت، وهي منطقة يتواجد فيها أيضا مجاميع من «داعش» ومن تنظيم القاعدة (الفرع الليبي والجزائري). واضطر قادة في «البنيان المرصوص» لجلب مقاتلين بالأجر من عدة «مجالس ثوار» من حول طرابلس، لتعويض النقص في الأعداد المحاربة عقب انسحاب السرايا إلى الجنوب.
في المنطقة الشرقية تمكن الجيش بقيادة حفتر من طرد المتطرفين من مواقع رئيسية في درنة وبنغازي. ويتكون الجيش من منتسبي القوات المسلحة الليبية ممن كانوا في الجيش في عهد القذافي، ومنها كتيبة عمر المختار والكتيبة 309 كما يساعد الجيش تشكيلات قبلية مسلحة ومجاميع من المتطوعين المدنيين غالبيتهم ممن يعرف بالتيار السلفي في بنغازي ودرنة (شرقا) والزنتان (غربا) وجماعات من قبيلة التبو جنوبا. ويبدو أن قيادات جماعة الإخوان تحاول الاستفادة من كثير من المجاميع المسلحة، بمن في ذلك تنظيم القاعدة وتنظيم داعش، بضخ ملايين الدولارات أجورا لمقاتليها ومكافآت لقادتها، بعد هزيمة قواتها في بنغازي العام الماضي.
ومن الغريب أيضا أن التيار السلفي الذي يدعم حفتر في الشرق موجود له نشاط أيضا في طرابلس ويتعاون مع السراج، وتحول إلى خصم ومنافس لكتائب وميليشيات يقودها لواء الصمود في العاصمة. ويخشى لواء الصمود ومن معه من أن يكون التيار السلفي في طرابلس حصان طروادة الذي سيمكن حفتر من اجتياح المدينة، رغم أنه لم تظهر أي تصريحات علنية مؤيدة لحفتر من قادة هذا التيار في العاصمة.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.