الانقلابيون ينعون قائد «الحرس الجمهوري» في حادثة «العزاء».. ودلائل جديدة لتورط الميليشيات

محافظ صنعاء لـ«الشرق الأوسط» : أطراف تسعى لتغطية تفجير القاعة واستثماره

خبير قضائي يعاين آثار الدمار في مجلس العزاء في صنعاء أول من أمس (أ.ب)
خبير قضائي يعاين آثار الدمار في مجلس العزاء في صنعاء أول من أمس (أ.ب)
TT

الانقلابيون ينعون قائد «الحرس الجمهوري» في حادثة «العزاء».. ودلائل جديدة لتورط الميليشيات

خبير قضائي يعاين آثار الدمار في مجلس العزاء في صنعاء أول من أمس (أ.ب)
خبير قضائي يعاين آثار الدمار في مجلس العزاء في صنعاء أول من أمس (أ.ب)

تتسع دائرة الشكوك حول قيام الانقلابيين (الحوثي - صالح) بتدبير التفجير الذي وقع في قاعة العزاء في صنعاء السبت الماضي، فعقب قيام الميليشيات في صنعاء، أول من أمس، بمحاولة لجرف وإزالة مخلفات التفجير من المكان، بأمر من رئيس ما تسمى النيابة الجزائية المتخصصة (أمن الدولة)، تقاطرت مجاميع كبيرة من قبائل خولان الطيال وقبائل يمنية أخرى إلى موقع التفجير وقامت بمنع عملية التجريف.
في هذا السياق، قال اللواء عبد القوي أحمد عباد شُريف، محافظ محافظة صنعاء، وأحد مشايخ قبائل خولان اليمنية المعروفة، إن بعض الأطراف في الساحة سعت وتسعى لاستثمار جريمة التفجير التي وقعت في مجلس عزاء أسرة الرويشان، مؤكدا، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن البيان الصادر عن مشايخ خولان عقب التفجير مباشرة، كان واضحا وحصيفا ومتأنيا «ومخيبا لآمال أولئك، خصوصا أن هناك أطرافا على الأرض تحاول طمس الحقائق، لكن خولان تأبى ذلك».
وأشار إلى أن قبائل خولان «لا تبحث سوى عن الحقيقة، ومن يبحث عن الحقيقة يكون متأنيا، فيما من يكون متعجلا يريد أن يغطي على شيء معين». وأبدى استغرابه للدعوة التي أطلقها المخلوع علي عبد الله صالح، للذهاب إلى الحدود للقتال، واعتبر أنها تناقض موقف صالح إبان استهدافه في مسجد النهدين بدار الرئاسة، حين طلب عدم إطلاق رصاصة واحدة، ردا على استهدافه بالتفجير في المسجد.
ووصف اللواء شُريف ما حدث بـ«المأساة» التي أجمع على إدانتها جميع اليمنيين، مؤكدا أن «على من يدعون أنهم حريصون على الوطن التوقف، لأن دماء اليمنيين تسفك يوميا»، وقال: «نجدها فرصة تاريخية لندعو إلى وقف سفك دماء اليمنيين والعودة إلى جادة العقل والصواب والحكمة»، مشيرا إلى ضرورة انتهاز فرصة أن المجتمع الدولي يؤكد يوميا حرصه على حل الأزمة في اليمن، بشكل مختلف عن الوضع في كثير من البلدان في المنطقة.
إلى ذلك، نعى الانقلابيون في صنعاء اللواء الركن علي بن علي الجايفي، قائد قوات الاحتياط (الحرس الجمهوري - سابقا)، وأحد أبرز القادة الموالين للمخلوع علي عبد الله صالح، الذي لقي حتفه في انفجار صالة عزاء آل الرويشان، السبت الماضي. كما نعى الانقلابيون عضو ما تسمى اللجنة العسكرية العليا، اللواء الركن أحمد ناجي مانع، والعميد الركن علي أحمد الذفيف. وقد جاء تأكيد مصرع اللواء الجايفي، في ظل معلومات مؤكدة من صنعاء أن أبناءه وأفراد قبيلته اتهموا الميلشيات بتصفيته، بعد تعرضه لإصابة غير قاتلة في الانفجار. وقد نشر نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي صورا للجايفي وهو يتلقى العلاج والإسعافات الأولية في أحد مشافي صنعاء الخاصة، قبل أن تعلن الميليشيات أن جثته وجدت في ثلاجة مستشفى الثورة الحكومي، يوم الأحد.
وفي الوقت الذي لم تعلن فيه الميليشيات عن عدد القتلى والجرحى أو أسمائهم، وهو أمر أثار الشكوك في الأوساط اليمنية، فإن اتهامات وجهت إلى الميليشيات بالقيام بعمليات خطف لضباط من رتب مختلفة وشخصيات اجتماعية، بعد نقلهم إلى المستشفيات لتلقي العلاج وإخفائهم، فيما ذهب البعض إلى اتهام الميليشيات بتصفية كثير من الضباط الذين كانوا يلتزمون الحياد في الحرب، وكانت الميليشيات تشك في ارتباطهم، بصورة أو بأخرى، بالحكومة الشرعية. وقدرت مصادر محلية عدد الضباط المفقودين بنحو 50 ضابطا، على أقل تقدير.
إلى ذلك، قال رئيس مركز أبعاد للدراسات، محمد عبد السلام، إن حادثة تفجير الصالة كشفت حالة الضعف والتمزق الذي يمر به تحالف الانقلابيين، بل كشفت هشاشة تحالفهما على حساب الوطن، فوجود ضحايا معظمهم محسوب على طرف واحد (المخلوع صالح)، يؤكد أن هناك تصفية حسابات، وهذا ما جعل الطرف الثاني يحاول إرباك المشهد من خلال الهروب من تبعات الحادثة إلى إعلان التعبئة العامة باتجاه الحدود، والمؤسف أن خطاب الحوثي وصالح متقارب، بينما خطاب قبائل الرويشان (خولان) وغيرهم ممن كانوا محسوببن على صالح والمؤتمر، أكثر وطنية، مما يدل، أيضا، على أن صالح أصبح جزءا من كيان الحوثي وليس حليفا فحسب.
واعتبر عبد السلام، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن عمليات التجريف لمسرح العمليات التي تمت بشكل جزئي قبل إيقاف قبائل الرويشان لها تشير إلى وجود علاقة بين الانقلابيين والحادث، وهناك محاولات لإخفاء آثار الجريمة. وأضاف: «بالنظر إلى الضحايا، فإن أغلب من أعلن عنهم هم من العسكريين وقيادات الدولة في عهد صالح، وهذا يرجح كفة حصول انقلاب داخل التحالف الانقلابي لصالح الحوثي أدى إلى تصفيات لرجال الدولة الذين هم في الصف الأول في المؤسسات المدنية والعسكرية، ما يعني خلو الطريق أمام من تم تعيينهم من الحوثيين نوابا ليحلوا محلهم، وربما ذلك تحسبا لأي تسوية سياسية مستقبلا، ولضمان وجود القيادات الانقلابية في المواقع المهمة في الجيش والأمن مستقبلا».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.