رغم التحديات.. التعليم يقود تطبيع حياة المناطق المحررة في اليمن

اليونيسيف: أكثر من نصف مليون طفل يمني استفادوا من خدمات الدعم النفسي

طالبات يمنيات في عدن يستقبلن العام الدراسي الجديد في باحة إحدى المدارس (غيتي) - الأمم المتحدة تكشف عن أكثر من 1200 حالة تجنيد لأطفال من قبل المتمردين الحوثيين (غيتي)
طالبات يمنيات في عدن يستقبلن العام الدراسي الجديد في باحة إحدى المدارس (غيتي) - الأمم المتحدة تكشف عن أكثر من 1200 حالة تجنيد لأطفال من قبل المتمردين الحوثيين (غيتي)
TT

رغم التحديات.. التعليم يقود تطبيع حياة المناطق المحررة في اليمن

طالبات يمنيات في عدن يستقبلن العام الدراسي الجديد في باحة إحدى المدارس (غيتي) - الأمم المتحدة تكشف عن أكثر من 1200 حالة تجنيد لأطفال من قبل المتمردين الحوثيين (غيتي)
طالبات يمنيات في عدن يستقبلن العام الدراسي الجديد في باحة إحدى المدارس (غيتي) - الأمم المتحدة تكشف عن أكثر من 1200 حالة تجنيد لأطفال من قبل المتمردين الحوثيين (غيتي)

الحرب التي شنتها ميليشيات الانقلاب على المحافظات اليمنية قبل أكثر من 18 شهرا بات أعظم ضحاياها اليوم الأطفال. فجراء النزاع والعنف، تعذر على 350 ألف طفل يمني الالتحاق بالدراسة العام الماضي.
2108 مدارس في مختلف أنحاء البلاد لم تعد صالحة لاستقبال الطلاب. بعضها دمره التمرد الحوثي والآخر بات مسكنا للنازحين والفارين من الميليشيات الانقلابية.. ناهيك بمدارس تحولت إلى عقور عسكرية.
جُرد الطلاب من طفولتهم، واستبدلت كراساتهم بالبنادق. إذ أكدت الأمم المتحدة أن أكثر من 1200 طفل جرى تجنيدهم، بعضهم لم يكمل حتى ربيعه الثامن.
اليوم، أكثر من مليوني طفل يمني باتوا محرومين من حق التعليم، والمعظم يعاني من مشاكل اجتماعية ونفسية.
وفي المناطق المحررة التي أعيدت إليها الشرعية، بصيص أمل لتحسين وضع الأطفال. ويرسم التعليم مظاهر حياة أفضل تهدف لمساعدة الأطفال على تجاوز محنة الحرب ومحو آثارها من نفوسهم وعقولهم.
إلى ذلك، شرعت منظمات ومؤسسات إغاثية وإنسانية في إطلاق مبادرات في المناطق المحرر. حيث ذكرت منظمة اليونيسيف في أحدث بيان لها أنه وتزامنًا مع فتح مدارس اليمن أبوابها لاستقبال الطلاب هذا الأسبوع فإن المنظمة تنتهز الفرصة لحث كافة أطراف النزاع على حماية المدارس.
من جانبه، قال ممثل اليونيسيف في اليمن جوليان هارنيس: «لقد قتل الكثير من الأطفال وهم في الطريق إلى مدارسهم أو أثناء الدوام المدرسي» مضيفا: «يجب على أطراف النزاع إبقاء الأطفال والمدارس بعيدًا عن أي ضرر وإعطاؤهم فرصة للتعلم». وأضاف هارنيس «الأطفال خارج المدارس أكثر عرضة لخطر التجنيد والانخراط في القتال».
وبدورها أكدت اليونيسيف دعمها لحملة العودة إلى المدرسة لإتاحة الفرصة أمام جميع الأطفال للحصول على التعليم. وهذا يشمل إعادة تأهيل ما يقرب من 700 مدرسة متضررة مع توفير الأثاث المدرسي والقرطاسية والحقائب المدرسية. إلى جانب تدريب المعلمين والمعلمات على كيفية تقديم خدمات الدعم النفسي لمساعدة الطلاب على التعامل مع ويلات هذا الصراع.
وأكد ممثل اليونيسيف «نقوم بإعادة تأهيل المدارس التي تضررت مع توفير خيام تستخدم كفصول دراسية مؤقتة بحيث تتاح للأطفال فرص التعلم».
ووفرت اليونيسيف مواد التعليم وخدمات الدعم النفسي لأكثر من نصف مليون طفل وعملت مع الشركاء لدعم أكثر من 600 ألف طالب وطالبة في الصفين 9 و12 لتمكينهم من الجلوس على مقاعد امتحانات الشهادة العامة خلال العام الماضي.
وتطالب اليونيسيف بتوفير 34 مليون دولار لبناء وإعادة تأهيل المدارس المتضررة وتوفير وسائل التعليم-التعلم اللازمة إلى جانب تدريب المعلمين والمعلمات والأخصائيين والأخصائيات المجتمعيات لتقديم خدمات الدعم النفسي وتنفيذ حملة العودة إلى المدرسة.
ومن المدارس التي تقود تطبيع حياة المناطق المحررة في اليمن مدرسة الملكة أروى في عدن. إذ استقبلت المدرسة وودعت طلابها الجدد والمتخرجين بحفل تكريمي أقامته بالمناسبة لأوائل طالباتها المتخرجات وكذا للتلاميذ المستجدين الذين يلتحقون في الصف الأول الأسبوع الماضي.
وفي أجواء تربوية مملوءة بالتعاون لرسم البهجة في نفوس الطلبة والطالبات وبدعم وتمويل من مؤسسة الأمل الثقافية الاجتماعية النسوية (المكلا) بمحافظة حضرموت شرق البلاد، بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة «آي أو إم» أقام فريق «رسالة خير» الكثير من الأنشطة مع طلاب الصف الأول الدراسي.
وتضمنت الرسم على الوجه، وترديد أناشيد الأطفال مع التلاميذ الصغار الذين يتركون منازلهم لأول مرة في حياتهم ففي مثل هذه الأجواء المليئة بالفرحة واللعب وتوزيع الهدايا والمرطبات والحلويات شأنها تحفيز تلاميذ الصف الأول وترغيبهم في المدرسة، وإحاطتهم بمناخ جاذب لهم، بحيث يكون استقبالهم بمسابقات وألعاب وهدايا وأجواء تجعلهم يتأقلمون مع بيئة المدرسة التي يقتحمونها بفرحة ومزاج نابع عن شعور وإحساس جميلين غير صادمين لطفولتهم ولهوهم المنزلي.
وقال مهنئ بدر باسنيد، رئيس فريق المنظمة الدولية للهجرة «آي أو إم» بمديرية صيرة، لـ«الشرق الأوسط»: «نشاط المنظمة يكرس للجانب النفسي والمعنوي، وسيكون حضورنا مستمرا طوال العام الدراسي من خلال الدعم النفسي والمساحات الآمنة وألعاب الترفيه ودعم المهارات والتوعية وعملنا في مديرية صيرة في ثلاث مدارس، وهي مدرسة أروى ومدرسة البيحاني بنات ومدرسة شمسان للبنين، وتوجد فرق أخرى في مديريات خور مكسر والمعلا والتواهي وتقدم نفس الخدمات».
وقال أخصائي نفسي في المنظمة الدولية للهجرة صالح عبد ربه عمر: «جئنا اليوم لمشاركة التلاميذ فرحتهم ولخلق مناخ يشع بالفرحة والأمان وإزالة الرهبة والقلق والخوف والاكتئاب من نفوس الطلبة خاصة طلاب الصف الأول دراسي من خلال ترفيه الأطفال ومشاركتهم بالألعاب».
وأكد أن الفريق يقوم بمعالجة الحالات النفسية مثل القلق والحزن والخوف والمشاكل الناتجة عن الحرب، علاوة للعمل على دمج الأطفال في الحياة بالألعاب والترفيه وكثير من الأطفال تحسنت حالتهم.
وكانت مديرة المدرسة، حبيبة إبراهيم إسماعيل، رحبت بالضيوف جميعا، موضحة في كلمة قصيرة لها أن طالبات المدرسة حققن مراكز مشرفة في امتحانات إنهاء شهادة المرحلة الأساسية، منوهة بحصول خمس طالبات على نسبة 100 في المائة والخمس الأخريات على نسبة 99 في المائة، معتبرة هذه النتيجة بأنها ثمرة جهود الطالبات والمدرسة والأسرة.
وحثت جميع الطالبات على الاجتهاد والمثابرة والتحصيل العلمي، مؤكدة أن التعليم أساس بناء الأوطان، مشيرة في ذات الوقت إلى أن المدرسة وهي تودع خيرة طالباتها، فإنها تحتفي بطلبتها الجدد، مثمنة لأولياء أمور الطلاب اهتمامهم وكذا لمبادرة فريق رسالة خير التابع لمؤسسة الأمل الثقافية الاجتماعية النسوية بالمكلا، وكذلك للمنظمة الهجرة الدولية.
يذكر أن مدرسة أروى بنت أحمد للتعليم الأساسي صرح تعليمي وضعت لبنته الأولى في عام 1857م في منطقة كريتر مديرية صيرة في محافظة عدن، جنوب البلاد. وسميت بهذا الاسم نسبة للملكة أروى بنت أحمد بن محمد القاسم الصليحي، التي اتخذت من مدينة جبلة شمال غربي مدينة إب عاصمة لدولتها، وولدت في عام 440 هجرية وتوفيت عام 532 هجرية، وحكمت اليمن فترة نيفت الخمسين عاما، واهتمت خلالها بالعمران للمنشآت الحيوية والتجارة والزراعة، بينها المدارس ودور العبادة، وإنشاء الطرقات والسدود وآبار مياه الشرب والجسور وغيرها من المعالم التي ما زال بعضها قائما حتى اليوم.
وتعد مدرسة أروى إحدى الصروح التعليمية القديمة في المدينة كريتر أو عدن مثلما يطلق عليها عامة الناس، وتأسست قبل نحو 159 عاما، وخلال هذه الفترة الطويلة وهي فاتحة أبوابها، رافدة المدينة ومجتمعها بالكثير من الأعلام الإدارية والعلمية والمالية والتجارية والثقافية.
وقبل إطلاق اسم الملكة أروى كانت تسمى عند تأسيسها مدرسة الكونفس ثم مدرسة أروى المختصة ثم مدرسة أروى للتعليم الموحد وحاليا مدرسة أروى للتعليم الأساسي.



تحقيق يكشف تردي أوضاع 1500 مدرسة غير مرخصة في لندن

تحقيق يكشف تردي أوضاع 1500 مدرسة غير مرخصة في لندن
TT

تحقيق يكشف تردي أوضاع 1500 مدرسة غير مرخصة في لندن

تحقيق يكشف تردي أوضاع 1500 مدرسة غير مرخصة في لندن

أثار تحقيق تربوي مستقل، صدر منذ أيام، موجة جدل في بريطانيا بعد كشفه عن تردّي أوضاع أكثر من 1500 مدرسة غير مرخصة في مقاطعة هاكني اللندنية.
هذا التحقيق الذي استغرق عاماً من العمل، انتقد سلامة الطلاب والمناهج التعليمية في تلك المدارس اليهودية «المتشددة دينياً»، وأسند معلوماته إلى إثباتات وبيانات من وزارة التعليم، وهيئة تقييم المدارس البريطانية (أوفستيد) إلى جانب شهادات من بلدية هاكني ورابطة المدارس العبرية، ودعا بإلحاح إلى تحرك حكومي.
وقال التقرير إن القوانين البريطانية لا تتعامل بحزم مع المدارس غير المرخصة، معبراً عن استيائه من رد الفعل اللامبالي من الحكومة.
ووفقاً لما نقلته «بي بي سي» على موقعها الجمعة الماضي، فإن القائمين على التحقيق أجروا استفتاءً بين أهالي الجالية اليهودية «المتشددة» لمشاركة تجاربهم، من دون الكشف عن هوياتهم. ووجدوا أنّ التعليم الذي يتلقاه طلاب أبناء الجالية لا يتماشى مع معايير التدريس في البلاد.
وكشفت هيئة «أوفستيد» أنّ نحو 6 آلاف طالب في إنجلترا يدرسون في مؤسسات تعليمية غير مرخصة معظمها مدارس دينية، يهودية ومسيحية وإسلامية.
من جانبها، طالبت بلدية هاكني في العاصمة البريطانية، بتشديد القوانين على تلك المدارس، لكنّ وزارة التعليم في البلاد لم تبد نيّة لإجراء أي تعديلات. ودعا التقرير المستقل بتشديد القوانين على التدريس المنزلي، ومنح البلديات الصلاحية لضمان تعليم ذات جودة تتماشى مع الأسس البريطانية لمرتادي هذه المدارس، ولمن اختار أهلهم تدريسهم في المنزل. كما حثّ البلدية أن تطوّر آلية موحدة للتعامل مع الكم الهائل من مدارسها غير المرخصة التي تزيد من التفرقة الاجتماعية في البلاد، وتؤدي بالتالي إلى إنتاج فكر متشدد.
وهذه ليست المرة الأولى التي تُوضع فيها المدارس الدينية في بريطانيا تحت المجهر، حيث أفاد تقرير لأوفستيد في فبراير (شباط) 2016، بأنّ أداء تلاميذ مدرسة «بيس أهارون» الابتدائية، يُجمعون على فكرة أنّ دور المرأة يقتصر على «الاهتمام بالأطفال وتنظيف المنزل وتحضير الطعام»، منتقداً مستوى التعليم في المدرسة الذي «لا يرقى إلى المستوى المنتظر من مدرسة مستقلة»، ويقدّم «الشعائر الدينية على المعايير التعليمية» المتعارف عليها. واعتبرت الهيئة الحكومية أنّ هذه المدرسة الابتدائية الخاصة التي تكلّف ما يقارب الـ3000 جنيه إسترليني في السنة (أي نحو 4300 دولار أميركي)، لا تحضّر تلاميذها بشكل مناسب للانخراط في «الحياة البريطانية الحديثة».
وفي السياق ذاته، قال مفتشو هيئة «أوفستيد» إن نقاشاتهم مع التلاميذ كشفت أن «معظمهم عبّروا عن آراء في الأدوار التي يلعبها كل من المرأة والرجل في المجتمع، لا تتوافق ومبادئ المجتمع البريطاني الحديث»، كما «فشلوا في إظهار الاحترام والتسامح تجاه أشخاص من ديانات مختلفة»، فضلاً عن أنّ معرفتهم بديانات أخرى وثقافات مغايرة «محدودة للغاية».
يذكر أن الهيئة نفسها كانت قد انتقدت 7 مدارس إسلامية مستقلة في منطقة «تاور هاملتس»، شرق لندن، لفشلها في أداء واجبها لحماية الأطفال من التطرف. وأشارت «أوفستيد» في تقريرها الذي نشر بتاريخ 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، إلى تساهل بعض هذه المدارس مع ممارسات قد تعتبر مشجعة للتطرف، وعبرت عن مخاوف جدية تجاه تدابير حماية التلاميذ ورعايتهم من خطر الانجرار وراء الفكر التطرفي، حسبما أفادت «الشرق الأوسط» سابقاً.