الجزر غذاء صحي.. لكنه لا يقوي النظر

قدمه العرب إلى أوروبا عن طريق الأندلس

الجزر غذاء صحي.. لكنه لا يقوي النظر
TT

الجزر غذاء صحي.. لكنه لا يقوي النظر

الجزر غذاء صحي.. لكنه لا يقوي النظر

من أنواع الجزر الأكثر انتشارا في الأسواق اليوم النوع برتقالي اللون، ولكن كثيرا من سلالاته تنتشر في أنحاء العالم بألوان مختلفة؛ منها الأحمر والأسود والأصفر والأبيض والأرجواني. وهو من المحاصيل التي استأنسها البشر منذ قديم الزمان، وظهر أولا في أنحاء فارس وآسيا. وكان الفرس يأكلون الفروع الخضراء ويتركون الجذور. وفي بعض أنحاء العالم، وإلى اليوم، تؤكل الجذور والفروع معا.
ولكن المتعارف عليه في معظم الحضارات الآن أن الجذور هي الغذاء الأفضل في نبات الجزر، ويتم استنباط أفضل الأنواع التي تنتج الجذور كبيرة الحجم جيدة الطعم. وهناك بعض الأنواع التي تنتج محاصيلها مرة كل سنتين ولكن المعتاد هو نمو محصول واحد سنويا يؤتي ثماره في الخريف.
والاعتقاد السائد بأن أكل الجزر يقوي النظر اعتقاد خاطئ وكان خدعة حربية ابتكرها الإنجليز في الحرب العالمية الثانية للتمويه على تقنيات الرادار الجديدة التي استخدموها في الحرب. وتقول منظمة الأغذية والزراعة العالمية (فاو) إن المحصول العالمي من الجزر وأنواع الجذور الأخرى بلغ في عام 2013 نحو 37.2 مليون طن؛ كان نصفها تقريبا من الصين.
وبالإضافة إلى تناوله طازجا، يدخل الجزر في كثير من الوجبات والسلطات ويضاف إلى كثير من الأطباق الطازجة والمطبوخة.
وفي بداية ظهور الجزر في أنحاء آسيا وبلاد الفرس كان الاهتمام به ينحصر في أوراقه العطرة وعلى بذوره من دون الاهتمام بالجذور. وربما كان هذا عائدا إلى أن الأصول البرية للجزر كانت ذات طعم يميل إلى المرارة كما أن قلب الجزر كان ذا طعم خشبي.
ومع الاهتمام بزراعة الجزر، تطورت فكرة تهجين أنواع من الجزر من أجل استنباط المذاق السكري والتخلص من الملمس الخشبي لقلب الجزر. وأدى هذا بالتدريج إلى ظهور الأنواع الحديثة من الجزر التي يمكن زراعتها في الحدائق المنزلية.
وتم العثور في مناطق جليدية من أنحاء سويسرا على حبوب جزر يعود تاريخها إلى القرن الثاني قبل الميلاد. وما زالت بعض الخضراوات قريبة الشبه من الجزر تؤكل منها الأوراق وليس الجذور، كما كان الحال مع الجزر. ومن هذه النباتات البقدونس والشمار والشبت والكمون. ولم يأت ذكر جذور الجزر سوى في القرن الأول الميلادي، ويعتقد أن الرومان كانوا يأكلون جذور الجزر طازجة وكان معظمها لونه أبيض.
والمعروف تاريخيا أن أوروبا عرفت الجزر من الأندلس عن طريق العرب في القرن الثامن، وكان الجزر من النوع القرمزي (الجزر الأحمر). وجاء وصف الجزر الأحمر والأصفر في كتب يعود تاريخها إلى القرن العاشر. كما شرح عالم النباتات العربي ابن العوام الذي عاش في الأندلس أنواعا من الجزر متعدد الألوان وذلك في القرن الثاني عشر.
وبدأت زراعة الجزر على نطاق واسع في الصين في القرن الرابع عشر ثم في اليابان في القرن الثامن عشر. وظهر الجزر برتقالي اللون المنتشر حاليا، للمرة الأولى في القرن السابع عشر، وذلك في هولندا. وفي القرن نفسه تم تقديم أنواع الجزر إلى أنحاء أميركا من المهاجرين إليها.
وفي بداية نموه، تظهر مجموعة من الفروع الخضراء بعد زراعة البذور مع تكوين الجذور كبيرة الحجم لتخزين الطاقة والسكر من أجل إمداد النبات بالطاقة اللازمة لإنتاج الزهور والبذور في العام التالي. وتستمر زهور النبات لمدة تتراوح بين 30 و50 يوما، تنتج بعدها البذور للمحصول التالي. وتختلف البذور في حجمها بين 500 للغرام الواحد إلى ألف بذرة للغرام.
ويزرع الجزر من البذور، ويستغرق نمو النبات بين 3 و4 أشهر. ويحتاج الجزر إلى مناطق مشمسة بدرجات حرارة تتراوح بين 16 و21 مئوية. والتربة الأصلح لزراعته هي تلك المحروثة جيدا ذات الصرف الجيد.
ويمكن زراعة الجزر في التربة الرملية مع إضافة بعض السماد. ويحتاج الجذر إلى معدلات متدنية من النيتروجين ومتوسطة من الفوسفات وعالية من البوتاس. ويمكن ري التربة بالتنقيط، وبعد الإنبات يمكن إزالة النباتات الضعيفة لترك مساحة 10 سنتيمترات بين النباتات الباقية. ولا بد من إزالة أي أعشاب أخرى قد تنمو بين نباتات الجزر لمنع المشاركة في الغذاء المتاح في التربة.
وهناك كثير من الأمراض والإصابات التي قد تدمر محاصيل الجزر أو على الأقل تهدر من قيمتها. من هذه الأمراض إصابة أوراق الجزر بالعدوى البكتيرية، خصوصا في الأجواء الحارة الرطبة. وينتج عن هذه الإصابات تدهور حالة المحصول بأكمله. ويمكن أيضا إصابة جذور الجزر بشقوق أثناء نموها مما يضعف قيمتها التجارية. وتأتي هذه الشقوق من عدة أسباب؛ منها زراعة المحصول قبل موعده وتركه في الأرض فترة أطول. وتصاب أنواع معينة من الجزر أكثر من غيرها بهذه الشقوق.
ولاحظ الفلاحون أن زراعة بعض الخضراوات الأخرى بجانب الجزر تعزز من نوعيته وتمنع كثيرا من أمراضه. من هذه الخضراوات البصل والكراث والخس والطماطم. وتقوم بمهمة حماية الجزر أيضا مجموعة من الأعشاب مثل الكراوية والكزبرة، وهي أنواع من النبات يجذب الدبابير التي تقتل حشرات الحقل.
وينقسم الجزر بوجه عام إلى أنواع شرقية بدأت في بلاد فارس القديمة وأفغانستان في القرن العاشر، وهي في أغلبها ذات لون أرجواني وبعضها متشعب الجذور. أما النوع الغربي، فقد ظهر في هولندا في القرن السابع عشر، ولونه برتقالي، وهو ينقسم إلى 4 فصائل منها فصيلة لونها أبيض.
ويعد الجزر من المحاصيل الغذائية المهمة في العالم. وفي آخر إحصاء عالمي لإنتاجه في عام 2013 بلغ إجمالي الإنتاج العالمي 37.2 مليون طن، كانت حصة الصين منها نحو 45 في المائة من جملة الإنتاج، أو 16.8 مليون طن. ويلي الصين في الإنتاج العالمي دولة أوزبكستان بإنتاج حجمه 1.6 مليون طن، ومثلها روسيا في حجم الإنتاج، ثم الولايات المتحدة بإنتاج يبلغ 1.3 مليون طن، وفي المركز الخامس تقع أوكرانيا بحجم 0.9 مليون طن.
ويمكن تخزين الجزر لعدة أشهر في برادات. وللتخزين طويل المدى يمكن تخزين الجزر بين طبقات من النشارة والرمل في درجات حرارة متدنية تتراوح بين الصفر و5 درجات مئوية.
الغريب أن القيمة الغذائية للجزر ترتفع بطبخه سواء بالسلق أو القلي أو الطبخ بالبخار. ويمكن صناعة الشوربة من الجزر، كما يدخل في كثير من الوجبات الغذائية مع خضراوات ولحوم.
وحتى الفروع الخضراء للجزر يمكن تناولها بوصفها غذاء إنسانيا، ولكنها نادرا ما تؤكل في العصر الحديث. وكانت الفروع الخضراء تدخل في إعداد السلاطات أو تؤكل بعد قليها.
ويسبب الجزر الحساسية لبعض الناس وبنسبة قد تصل إلى 3.5 في المائة من التعداد، وفق إحدى الدراسات التي أجريت في أوروبا في عام 2010. ويعاني هؤلاء المصابون بحساسية ضد الجزر وحساسية مماثلة لحبوب اللقاح من بذور الجزر.
وفي المطبخ الهندي يستخدم الجزر في صنع السلاطة ويضاف إلى أطباق الأرز والعدس لإكسابها لونا برتقاليا، كما تصنع بعض الحلوى من الجزر، وهي تتكون من الجزر المبشور والحليب والمكسرات والزبد.
ويباع الجزر الطازج مقطعا في أكياس بلاستيكية في منافذ السوبر ماركت ومحلات بيع الأطعمة السريعة بديلا صحيا لوجبات الغذاء. كما يباع في شرائح مقلية مثل شرائح البطاطس المقلية. ويدخل الجزر أيضا في صناعة الكعك والحلوى، كما يدخل في صناعة المربى أو العصير الصحي للجزر بمفرده أو مخلوطا مع فواكه أخرى. والإسراف في تناول الجزر يؤدي إلى حالة اسمها الطبي «كاروتينيميا»، وهي اصفرار الجلد بسبب تراكم مادة «كاروتينويد» في الجسم.
وبصفته غذاء، يحتوي الجزر على كثير من الفيتامينات؛ منها فيتامين «ألف» و«ب 6» وفيتامين «ج» وفيتامين «إي» وفيتامين «كيه». كما يحتوي الجزر على النشويات والسكر والبروتين وعلى عدة معادن؛ منها الكالسيوم والحديد والمغنسيوم والمنغنيز والفسفور والبوتاسيوم والصوديوم والزنك.
وانتشر الاعتقاد بأن الجزر يقوى النظر خصوصا في الظلام خلال الحرب العالمية الثانية، حيث برر سلاح الطيران البريطاني نسبة النجاح العالية التي يحققها الطيارون البريطانيون في إصابة الأهداف أثناء غارات القصف الليلي، بأكل الجزر. وكان الهدف من إشاعة أن تناول الجزر هو السبب، تغطية التقدم الذي أحرزه البريطانيون في تطوير أجهزة الرادار الجوي أثناء فترة الحرب. وجرى تشجيع البريطانيين في فترة الحرب على زراعة الجزر والخضراوات الأخرى في حدائق منازلهم للتغلب على نقص الغذاء وتغطية حاجة السكان.
* حقائق عن الجزر
- ينتمي الجزر إلى عائلة من الخضراوات والأعشاب تشمل البقدونس والكراوية والكمون والينسون.
- أكبر حجم مسجل للجزر هو 3 أقدام للجزرة الواحدة، وأصغر حجم هو بوصتان.
- يأتي الجزر بعدة ألوان، منها الأحمر والأصفر والأبيض.
- أحدث دراسة طبية هولندية تشير إلى أن تناول الجزر الأصفر يحمي من الصدمات القلبية.
- يتمتع الجزر بخصائص صحية أخرى؛ أهمها أنه من الأغذية المضادة للأكسدة.



«قصر الطواجن»... أكلات العالم على مائدته المصرية

المطعم المصري (قصر الطواجن)
المطعم المصري (قصر الطواجن)
TT

«قصر الطواجن»... أكلات العالم على مائدته المصرية

المطعم المصري (قصر الطواجن)
المطعم المصري (قصر الطواجن)

هل تناولت من قبل طاجناً من «النجراسكو» و«اللازانيا»، أو أقدمت على تجربة «الدجاج الهندي المخلي»، أو حتى «طاجن لحم النعام بالحمام»، يمكنك تذوق ذلك وأكثر، عبر مجموعة من الوصفات التي تخللتها لمسات مصرية على أكلات غربية.

في منطقة حيوية صاخبة في مدينة «6 أكتوبر» المصرية (غرب القاهرة الكبرى) يحتل مطعم «قصر الطواجن» المتخصص بشكل أساسي في تقديم طبق «الطاجن» مساحة كبيرة، وساحة أمامية لافتة، يزينها منطقة للأطفال، بينما تتميز قاعاته الداخلية بفخامة تليق بمفهوم «القصور» المرتبط باسمه.

لا شك أن التدقيق في اختيار اسم المطعم يلعب دوراً في شهرته، إلا أنه تبقى دوماً التجربة خير دليل، بحسب تعبير أحمد مختار، مدير المطعم.

ريش بورق العنب (صفحة المطعم على فيسبوك)

ألوان مختلفة من الطواجن يقدمها المطعم، فإذا لم تكن راغباً في صنف بعينه، فحتماً سيثير «المنيو» حيرتك، وإذا كنت من عشاق الطواجن بشكل عام، فعليك أن تختار ما بين طاجن «البط البلدي» بخلطة «قصر الطواجن» أو «الكوارع» أو «ريش البتلو بورق العنب»، أو «ريش الضاني»، أو «الأرز المعمر بالقشطة واللحم»، أو «طاجن لحم النعام بالحمام»، وهناك أيضاً طاجن «بصلية» و«الفريك بالحمام»، و«لسان العصفور باللحم» و«رول الضاني».

وإذا كنت من محبي الطعام الكلاسيكي، فينتظرك هناك طاجن «بهاريز زمان»، المكون من 5 مكونات بعضها عتيق في المطبخ المصري، ومنها الكوارع، النخاع، قلوب البتلو، والكلاوي، ولا مانع أن تجرب طواجن ذات أسماء من ابتكار المطعم مثل «طاجن السعادة» المكون من المخاصي والحلويات واللحم، أو طاجن «فولتارين» الذي يداوي أي ضغوط نفسية، وفق مدير المطعم.

وأحياناً يسألك طاقم الضيافة هل تريد أن تجرب أكلات عالمية في طواجن مصرية، لتزداد حيرتك أمام طاجن «الدجاج الهندي المخلي» أو«المكسيكي الحار»، أو «إسباجيتي بلونيز»، أو «النجراسكو واللازانيا»، أما في حالة إصرارك على اختيار طبق من مصر، فتتصدر الأطباق الشعبية «منيو» الطواجن، فلا يفوتك مذاق طاجن «العكاوي» بالبصل والثوم والزنجبيل والكمون والفلفل الحلو والكركم.

«ليس غريباً أن يكون في القاهرة مطعم متخصص في الطواجن»، يقول مدير المطعم لـ«الشرق الأوسط»، ويتابع: «لقد تميزت مِصر بأنواع كثيرة من الطواجن الحادقة واللذيذة والشهية، ما بين الخضراوات واللحوم والأرز والطيور والمحاشي، واختصت أيضاً بعدة طواجن من الحلويات».

وأوضح: «وتتميز الطواجن على الطريقة المصرية بطرق ومكونات ووصفات كثيرة، وجميعها مميزة وشهية ويحبها المصريون والأجانب؛ لأنها تعتمد طريقة طهي اللحم ببطء على نار خفيفة غالباً لعدة ساعات، كما يساعد الشكل المخروطي للوعاء على «حبس» النكهة كاملة بالداخل؛ فتكون مركزة وغنية، كما يعمل الطاجن على تنعيم اللحوم والخضراوات المطبوخة».

وأضاف: «طاجن الملوخية بالطشة، البامية باللحم الضأن، التورلي باللحم، الكوسا المغموسة في الصلصلة الحمراء والبصل، هي بعض من طواجن الخضراوات التي يقدمها المطعم أيضاً لرواده، (تشتهر بها مصر كذلك)، ولذلك نحرص على تقديمها في المطعم، من خلال هذه الطريقة تظل الخضراوات محتفظة بقيمتها الغذائية، وتكتسب مذاقاً شهياً ولذيذاً وخفيفاً يحرض الجميع على التهامها، حتى بالنسبة لهؤلاء الذين لا يفضلون تناول الخضراوات، وبالإضافة إلى ذلك فإن الطعام يظل محتفظاً بسخونته لوقت طويل».

يبتكر الشيفات في المطعم في تقديم طواجن بلمسات عصرية: «نحرص على التجديد لتجربة طعام مبتكرة، إن امتزاج الأصالة بالحداثة أمر رائع في عالم الطهي؛ إذا أردت أن تخوض هذه التجربة فأنصحك أن تطلب طاجن الحمام المحشي باللحم، الذي تعلوه جبن الموتزريلا، أو الرقاق بطبقات القشطة، وغير ذلك».

أما «الطاسات» والصواني فهي طرق جديدة لمواجهة الضغوط الاقتصادية؛ فهي تسمح لرواد المطعم بإحضار الأسرة أو عمل ولائم وتقديم أنواع أنيقة ومختلفة من الطعام للمدعوين، بسعر أقل، وفي الوقت نفسه تسمح بالاستمتاع برفاهية المذاق على حد قول مختار.

لا تضم قائمة الطعام الطواجن وحدها؛ إنما هي تمثل الأطباق التي فيها توليفة من النكهات التي تحتفي بثراء التقاليد الطهوية الشرقية، فبجانب الطواجن، يقدم المطعم لرواده قائمة طويلة من المشويات، وأنواعاً مختلفة من الحساء والأرز، والمحاشي والسلطات، إلى جانب أكلات محلية من محافظات مصرية مثل البط الدمياطي والحواوشي والسجق الإسكندراني.

يعد المطعم أن المحافظة على التراث الطهوي المصري من ضمن أهدافه، يقول مختار: «نحافظ على أصالة المطبخ المصري من خلال الحصول على أطيب المكونات، وأفضل خامات الأواني الفخارية الآمنة من الناحية الصحية؛ مما يضمن أن تكون كل وجبة بمثابة مغامرة تذوق طعام مفيد وخالٍ من أي أضرار محتملة».

دوماً ترتفع تجربة تناول الطعام الخاصة بنا إلى مستوى أعلى من المتعة والرقي، حين يكون العاملون في المطعم على دراية جيدة وواعية بفن الضيافة، وهذا ما يتحقق في «قصر الطواجن»؛ فهم يبدون بصفتهم جزءاً من النسيج الثقافي والاجتماعي الغني في مصر؛ عبر ابتسامتهم الدائمة، ومهارتهم، وسرعة تلبية احتياجات الزبائن.