طبيعي أن تقفز تكاليف بناء المساكن

طبيعي أن تقفز تكاليف بناء المساكن
TT

طبيعي أن تقفز تكاليف بناء المساكن

طبيعي أن تقفز تكاليف بناء المساكن

بتحليل موجز للسيناريو المتوقع لتأثير قرار تصحيح أوضاع العمالة على تكلفة بناء مشاريع العقارات السكنية.. والمقرر تطبيقه بداية الأسبوع المقبل. هذا القرار الذي تقف خلفه العديد من الجهات، له انعكاسات بالغة الأهمية على مساعي توفير السكن الذي أنشأت القيادة من أجله وزارة الإسكان وارتبط نجاحها بحل مشكلة «أزمة السكن».
وأخذا بالاعتبار أن المدخلات الأساسية لبناء المشاريع السكنية هي أرض ومواد وعمالة، وأن حساسية أسعار الأراضي السكنية «بطبيعتها» ضعيفة جدا «وبالنظر لثقافة مجتمعنا»، خاصة في ظل انحسار فرص الاستثمار البديلة. فإن ملاك الأراضي ليسوا مستعدين لتقديم تنازلات موجعة لبيع أراضيهم السكنية حتى لو انخفض الطلب عليها.. إلا في أضيق الحدود.
يبقى لدينا عاملا المواد والعمالة، اللذين يتوقع لسوقهما السعودية شح لم نشهد له مثيلا. وبما أن توفر مواد البناء يعتمد (أيضا) على العمالة، كون العمالة هي التي تحول المادة الخام إلى سلعة نهائية وتنقلها وتخزنها وتعرضها وتسوقها وتقوم على إصلاحها وصيانتها، ولأن هناك نسبة كبيرة من العمالة ينتظر لها أن تحجم عن الخروج لسوق العمل، فسيواجه المواطن والمقاول أزمة في توفر عمالة للعديد من المهن في مختلف أعمال البناء، وسترتفع بذلك أجرة العامل إلى أرقام فلكية. وقد تستحوذ الشركات الكبيرة على المتوفر من العمالة، بسبب التزامها بمواعيد تسليم وتسلم محددة مع الدولة لتحاشي دفع غرامات كبيرة. وبالنظر إلى قدرتها على الدفع والتعامل مع الجهات الرسمية في حالة اكتشاف المخالفات، مقارنة بأفراد المواطنين وصغار المقاولين الذين قد يفضلون التريث عن البناء لفترة قد تطول. لندخل مرحلة جديدة من تعثر ضخ معروض الوحدات السكنية، وتراكم الطلب ونقص العرض. وفي ظل عدم القدرة على تهدئة نمو الطلب على السكن وزيادة الإنفاق الحكومي الذي هو في الحقيقة مرتبط بعوامل لا يمكن التحكم فيها Systematic، كنمو الأطفال الذين سيحتاجون إلى غرف خاصة وبلوغ الشباب سن الزواج وتكوين أسر وذرية يحتاجون معها إلى مساكن خاصة. مع عجز حقيقي في الوقت الحاضر عن توظيف آليات كفيلة بتوازن الطلب الحالي «حتى دون حدوث أزمة عمالة»، لتصبح الأوضاع حسرة على من فاتته فرصة بناء مسكن خاص له ولأسرته.
وختاما.. فإن المشكلة أن القرار قد يصعب إلغاؤه أو تأجيله، لكن الحل قد يبدو رحبا في تكتيك آلية التطبيق، بحيث تصدر بيانات تفصيلية تطمئن العمالة على مصائرهم، ليعود لسوق العمالة توازنها قبل فوات الأوان. وإلى أن يتم التوازن فقد تلجأ الجهات المعنية لصرف بدلات سكن لموظفيها أسوة بالقطاع الخاص. ولكي لا يصبح القرار الذي أريد منه مساعدة المواطن على توفير فرص أفضل للعمل، بمثابة معول يزيد من معاناة المجتمع بقدر.. ربما لم يحسب له حساب.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.