أبدت أنقرة تحفظها على أخطاء ارتكبتها واشنطن في إعداد الخطة العسكرية لتحرير الموصل من يد تنظيم داعش الإرهابي، من شأنها إشعال فتيل الصراعات المذهبية. وأجرى كل من نائب وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن والمبعوث الخاص للرئيس باراك أوباما لمكافحة «داعش» بريت ماكغورك، منذ نحو أسبوعين، مباحثات بأنقرة مع مسؤولين أتراك حول أفضل الطرق لتحقيق نتائج مرضية في مكافحة «داعش».
وتحضيرًا للحملة العسكرية الضخمة لتحرير الموصل، تمركزت قوات أميركية وأفواج من الجيش العراقي وعناصر من ميليشيا «الحشد الشعبي» الشيعية في ناحية القيارة، جنوبي الموصل بمسافة 55 كيلومترا، ويخطط لأن تتجه نحو الموصل من جهة الجنوب، وستقوم قوات تابعة لحكومة إقليم كردستان العراق بدعم الحملة من جهتي الشمال والشرق.
وبحسب مسؤول تركي اطلع على المباحثات التركية الأميركية، اعترض الجانب التركي على 5 بنود في الخطة العسكرية، وأبلغ واشنطن بالمخاطر التي قد تنجم عنها مستقبلا، وهي:
1 - احتمال تفجر حرب مذهبية بين الميليشيا الشيعية وتركمان تلعفر. فالإدارة الأميركية قدّمت ضمانات لتركيا بعدم السماح لـ«الحشد الشعبي» بالدخول إلى مركز الموصل، لكنها أفصحت في الوقت نفسه عن عزمها على ترك تلعفر، التي تعد أكبر قضاء تابع للموصل، للميليشيات.
2 - عزم «الحشد» على تأسيس حزامه الشيعي الواصل بين إيران وسوريا مرورًا بالعراق، عبر تلعفر، لا سيما أن هذا الممر انقطع عقب احتلال «داعش» لتلعفر، الأمر الذي أدّى إلى قطع الطريق البري الذي يصل سوريا بإيران. ولكون المناطق الحدودية لقضاء تلعفر تخضع لسيطرة البيشمركة، التابعة لرئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، فإن الميليشيات الشيعية بحاجة إلى مساعدة حلفائها في حزب العمال الكردستاني الذي ينشط في بعض مناطق سنجار التي تعد المنفذ الوحيد لهم إلى الأراضي السورية. ثم إن وصول عناصر «الحشد» إلى سوريا عبر بوابة العمال الكردستاني، سيسهّل عملية تزويد نظام بشار الأسد بالميليشيات العراقية والإيرانية، ونقل المعدات العسكرية واللوجيستية إلى سوريا. وتشير تقارير استخباراتية تركية إلى تجنيد «الحشد» نحو ألف مقاتل من سكان المنطقة الإيزيديين.
3 - إمكانية ترسيخ حزب العمال الكردستاني أقدامه في سنجار، والبقاء فيها بشكل مستمر، بعدما استولى على أجزاء منها في أغسطس (آب) عام 2014، بحجة تطهيرها من «داعش». وفي حال تعاظمت قوة الميليشيات الشيعية في تلعفر، فإن هذا سيؤدي إلى إلحاق الضرر بوجود البيشمركة في سنجار، كقوة مضادة لعناصر العمال الكردستاني، وسينتهي الأمر ببقائه في سنجار إلى أمد طويل.
4 - احتمال أن يتجمّع الفارون من الموصل في محافظة الرقة السورية. ولذا، فالقيام بحملة عسكرية متزامنة ضدّ «داعش» في الموصل والرقّة يحظى بأهمية بالغة لأنقرة، لأنها ستكون بمثابة ضربة قاضية لـ«داعش». وترى أنقرة أن تركيز واشنطن على حملة الموصل سيدفع بعناصر «داعش» إلى الانسحاب منها باتجاه الرقّة، بل ومن الممكن أن يحشد التنظيم قواه في مدينة الباب، التابعة لريف محافظة حلب الشمالي. ولهذا السبب، تحذر أنقرة واشنطن من احتمال أن تنعكس الخطوات التي ستقدم عليها في الموصل بشكل سلبي على عملية «درع الفرات» التي أوشكت على أن تصل إلى مدينة الباب بريف حلب.
5 - ألا تُسلّم الموصل إلى أصحابها الأصليين، إذ لفتت أنقرة إلى أنها بدأت تدريب قوات محلية من سكان الموصل في معسكر بعشيقة، في محافظة نينوى، مطلع عام 2015، بطلب من الحكومة العراقية. وتلقى نحو 3 آلاف شخص تدريبات عسكرية متقدمة، غالبهم من أهالي الموصل الذين تطوعوا لقتال «داعش»، وهم وينتظرون يوم عودتهم إلى مناطقهم، لكن حكومة بغداد - بسبب تأثير المجموعات الشيعية - لا تريد أن يكون لهؤلاء دور في العملية العسكرية بالموصل، أو حتى بعد انتهاء العملية، كونهم من السنة. وذكر المسؤولون الأتراك نظراءهم الأميركيين بهروب الجيش العراقي أمام عناصر «داعش»، وتسليم المدينة لهم في عام 2014، موضحين أن التنظيمات الإرهابية، مثل تنظيم القاعدة وما شابهها، كانت تتغذى على تعصّب الميليشيات الشيعية.
5 خطوط حمراء تركية في معركة الموصل
5 خطوط حمراء تركية في معركة الموصل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة