ليبيا: مجلس السراج يبحث في تونس التشكيلة الجديدة لحكومته

البرلمان يستعد لمؤتمر دولي لإعادة الإعمار في بنغازي.. وأوروبا تدرب حرس السواحل

ليبيا: مجلس السراج يبحث في تونس التشكيلة الجديدة لحكومته
TT

ليبيا: مجلس السراج يبحث في تونس التشكيلة الجديدة لحكومته

ليبيا: مجلس السراج يبحث في تونس التشكيلة الجديدة لحكومته

بدأ المجلس الرئاسي لحكومة الإنقاذ الوطني في ليبيا، أمس، أحدث اجتماعاته في العاصمة التونسية، بهدف الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة برئاسة فائز السراج، رئيس المجلس المدعوم من بعثة الأمم المتحدة.
وقالت مصادر ليبية، لـ«الشرق الأوسط»، إن الاجتماع عقد بمشاركة جميع الأعضاء التسعة للمجلس الرئاسي، مما يعنى عودة النائبين المقاطعين لاجتماعات المجلس، والموالين للبرلمان الموجود في شرق البلاد ولقائد الجيش الوطني، المشير خليفة حفتر.
كان الاجتماع الأخير الذي رعته البعثة الأممية في الشهر الماضي، في تونس أيضًا، قد شهد مشادات كلامية حادة بين أعضاء المجلس، وذلك بسبب استمرار الخلافات حول صلاحية تعيين المناصب العسكرية والأمنية في الحكومة، بما في ذلك المشير حفتر الذي تخوض قواته معارك ضد المتطرفين في عدة مدن في شرق البلاد. وكان البرلمان الموجود بمدينة طبرق، بأقصى الشرق الليبي، قد رفض اعتماد تشكيلة سابقة لحكومة السراج، على الرغم من الدعم الدولي والإقليمي لها.
إلى ذلك، أعلنت القوات التابعة لحكومة السراج، أمس، أنها تحقق تقدما في الكيلومتر الأخير من مدينة سرت الساحلية، في مواجهة بقايا ميلشيات تنظيم داعش. وقال المركز الإعلامي لعملية «البنيان المرصوص» التي تشنها هذه القوات، إنها تقدمت، أمس، على محوري الجيزة البحرية وعمارات الستمائة، مشيرا إلى فرض حصار على عناصر التنظيم بمشاركة قوات البحرية التي أوضح أنها تواصل دورياتها حول المنطقة، وتقوم بدعم ناري لمنع هروب عناصر التنظيم.
وقالت قناة النبأ التلفزيونية المحلية، الموالية لجماعة الإخوان، إن المستشفى الميداني بسرت استقبل، أمس، جثامين ثلاثة من القوات الموالية للحكومة المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، بينما أصيب أكثر من 20 جريحا في الاشتباكات التي تجددت في المدينة.
في غضون ذلك، بدأ مجلس النواب الليبي في التحضير لمؤتمر دولي حول إعمار مدينة بنغازي (شرق البلاد)، هو الأول من نوعه مع اقتراب قوات الجيش الوطني من تحرير المدينة من قبضة المتطرفين الذين سيطروا عليها منذ نحو أربع سنوات.
واجتمع رئيس المجلس، المستشار عقيلة صالح، مع اللجنة التحضيرية للمؤتمر الذي سيكون برعاية مجلس النواب ومصرف ليبيا المركزي. وقال المستشار الإعلامي لصالح إن اللقاء ناقش دعوة بيوت الخبرة المحلية والدولية والشركات العالمية في إعادة الإعمار والمراكز البحثية والشركات العالمية التي نفذت عددا من المشروعات الكبرى في ليبيا للاستفادة منها في إعادة إعمار مدينة بنغازي.
من جهة أخرى، قالت وكالة الصحافة الفرنسية إنه من المتوقع أن ينطلق في نهاية الشهر الحالي تدريب خفر السواحل الليبي الذي يفترض أن يدعم عملية «صوفيا» الأوروبية لمكافحة تهريب المهاجرين. وقالت مصادر أوروبية متطابقة إن حكومة السراج نشرت هذا الأسبوع لائحة بأسماء المرشحين، موضحة أن الأمر يتعلق حاليا بالتحقق من أن هذه العناصر، البالغ عددهم نحو 80، سيكونون موالين للحكومة، وهي آلية ستستغرق زهاء 20 يوما، وعبرت عن «الأمل في أن يبدأ التدريب في نهاية هذا الشهر».
وقبل أسبوعين، أشار دبلوماسي أوروبي إلى ضرورة أن يتحقق الاتحاد الأوروبي بشكل دقيق من السير الذاتية للمرشحين، وأن يتم تخصيص ثلاثة أسابيع لهذه الغاية، واعتبر أن العناصر المرشحة للتعاون مع الاتحاد الأوروبي يجب أن يكونوا «أشخاصا موالين لحكومة الوفاق الوطني، وألا يكون لهم علاقة بالفساد، على أن يصبحوا مدربين بأنفسهم، ويقودوا العمليات من الجانب الليبي». ولا تستطيع حكومة السراج بسط سلطتها على جميع أنحاء البلاد، خصوصا بسبب المعارضة الشديدة من السلطات في الشرق الليبي.
واتخذ قادة الاتحاد الأوروبي، في ربيع 2015، قرارا ببدء عملية صوفيا، بعد غرق 850 مهاجرا بشكل مأساوي قبالة ليبيا كانوا يحاولون الوصول إلى إيطاليا. وإضافة إلى مكافحة المهربين في المياه الدولية، كلفت عملية صوفيا بمهمتين إضافيتين: الأولى تدريب خفر السواحل والبحارة الليبيين الذين سيكافحون بدورهم تهريب المهاجرين عبر البحر المتوسط، والثانية تطبيق احترام الحظر المفروض على إرسال شحنات أسلحة إلى ليبيا عن طريق البحر بالاتفاق مع الأمم المتحدة.
كان محمد سيالة، رئيس حكومة السراج، قد التقى في العاصمة النمساوية فيينا، الأربعاء الماضي، مع الأمين العام لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا لمبارتو زانيير، لمناقشة الأوضاع في البحر المتوسط والهجرة غير القانونية ومكافحة الإرهاب.
وقالت وكالة الأنباء الموالية لحكومة السراج إنه تم الاتفاق بين الجانبين على الاستمرار في التواصل لتوسيع مجالات التعاون بين ليبيا والمنظمة في عدد من المجالات.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.