مجزرة تعز.. استنكار أممي ودولي لجرائم انقلابيي اليمن

الميليشيات تدفع بتعزيزات إلى «الأحكوم»

مقاتلو الشرعية في إحدى جبهات القتال في تعز (أ.ف.ب)
مقاتلو الشرعية في إحدى جبهات القتال في تعز (أ.ف.ب)
TT

مجزرة تعز.. استنكار أممي ودولي لجرائم انقلابيي اليمن

مقاتلو الشرعية في إحدى جبهات القتال في تعز (أ.ف.ب)
مقاتلو الشرعية في إحدى جبهات القتال في تعز (أ.ف.ب)

اتهم المتحدث باسم المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، روبرت كولفيل، ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية «بقتل 10 من المدنيين على الأقل، بمن فيهم 6 أطفال في تعز، وإصابة 17 آخرين، بينهم 6 من الأطفال و3 نساء، وذلك باستهداف شارع مزدحم قرب سوق في منطقة بير باشا».
وقال في مؤتمر صحافي في جنيف أمس، إن «الضحايا سقطوا على أثر قذيفة مدفعية أطلقت من جانب ما تسمى اللجان الشعبية التابعة للحوثي والوحدات الموالية لصالح»، وبين أن شهود عيان تحدثوا إلى موظفي الهيئة الأممية في تعز عن أن السوق كانت مكتظة بالمدنيين وقت الهجوم ولم تكن هناك أي مواجهات مسلحة بين الأطراف المتحاربة في منطقة بير باشا قبل الحادث المروع. وتتواصل الإدانات المحلية والإقليمية والدولية للمجزرة التي ارتكبتها ميليشيات الحوثي والموالون لها من قوات المخلوع علي عبد الله صالح الانقلابية في محافظة تعز، ثالثة كبرى المدن اليمنية جنوب العاصمة صنعاء، جراء استهداف الميليشيات سوقا في منطقة بير باشا، غرب مدينة تعز، وراح ضحيته أكثر من 27 شخصا بين قتيل وجريح من المدنيين بينهم أطفال ونساء.
وارتفع عدد قتلى مجزرة سوق تعز إلى 10 قتلى من المدنيين على الأقل، بينهم 6 أطفال، وأصيب بجروح 17 آخرون بينهم 6 أطفال و3 نساء.
ولاقت المجزرة استياء كبيرا وواسعا عند اليمنيين، وبينهم النخب السياسية والثقافية والإعلامية ونشطاء حقوقيون، جراء استمرار الميليشيات الانقلابية في ارتكاب مجازرها وانتهاكاتها الإنسانية ضد أهالي تعز المدنيين، في الوقت الذي تواصل فيه ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح قصفها المستمر وعلى مدار الساعة بصواريخ الكاتيوشا والمدافع الثقيلة ومضادات الطيران على الأحياء السكنية لمدينة تعز المحاصرة وقرى وأرياف المحافظة.
وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن «ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية تواصل مسلسلاتها الإجرامية وارتكابها المجازر الوحشية ضد أبناء تعز، وآخرها ارتكاب مجزرة جديدة باستهدافها سوقا شعبية في منطقة بير باشا، وقد شوهدت الجثث متناثرة، بينهم الأطفال، ومنهم من بترت أطرافهم».
وأضافوا أن «هذه الميليشيات الانقلابية تقتل المواطنين عمدا وإصرارا، دون رادع لهم من قبل منظمات الطفولة أو منظمات الأمم المتحدة أو غيرها من المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان الدولية، ولم تكتف الميليشيات بارتكابها المجزرة في سوق شعبية، بل إنها واصلت قصفها المستمر وبشكل عنيف على الأحياء السكنية وسقط فيها قتلى وجرحى بينهم نساء».
ووصف الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ما قامت به الميليشيات الانقلابية في منطقة بير باشا في تعز بأنها «جريمة بشعة لقصفها سوقا عامة مكتظة بالمدنيين وراح ضحية عملهم الإجرامي الكثير من القتلى، بينهم أطفال ونساء».
وقال خلال استقباله سفير المملكة المتحدة لدى اليمن، إدموند فيتون براون، إن ما قامت به الميليشيات الانقلابية «يؤكد للعالم أجمع أن هذه الميليشيات الإجرامية لا تزال بعيدة عن السلام أو التفكير فيه، وأنها اختارت طريق قتل المواطنين وحصار المدن سلوكًا ومنهجا لهًا».
من جانبه، أكد السفير البريطاني أن «استهداف المدنيين أمر مرفوض، وما قام به الحوثيون وحليفهم صالح في تعز فعل مدان من قبل الحكومة البريطانية والعالم أجمع».
بدوره، ندد المستشار السياسي للسفارة البريطانية في اليمن باتريك كويل، خلال لقائه، أمس، مع وزير حقوق الإنسان عز الدين الأصبحي لمناقشة التعاون بين البلدين في مجال حقوق الإنسان، بـ«انتهاكات حقوق الإنسان التي تقوم بها ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، التي كان آخرها مجزرة منطقة بير باشا في تعز».
كما أدانت منظمات المجتمع المدني، المستقلة وغير الحكومية في اليمن، ما قامت به ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح من مجزرة جديدة ضد أهالي تعز، وأدانت «منظمة العدالة والإنصاف»، المجزرة التي تعرض لها المدنيون في منطقة بير باشا، وقالت إن هذه الواقعة «مجزرة جديدة ضمن سلسلة من المجازر التي ارتكبتها جماعة الحوثي وصالح المسلحة بحق المدنيين في محافظة تعز، التي تعتبر في نظر القانون الدولي من جرائم الإبادة الجماعية».
ودعت المنظمة «مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان والمنظمات الدولية لاتخاذ موقف جاد تجاه مرتكبي هذه الجرائم والضغط عليهم للحد من هذه الانتهاكات وتحميلهم المسؤولية الجنائية»، مطالبة «بسرعة التدخل لحماية الضحايا المدنيين وضرورة تقديم مرتكبي هذه الجرائم والانتهاكات للمحاكمة وفقا للقوانين والمعاهدات والاتفاقيات الدولية».
كما وصف «المركز الإنساني للحقوق والتنمية» بتعز، قصف الميليشيات الانقلابية للسوق الشعبية بـ«الإبادة الجماعية للمدنيين وقتل جماعي للأطفال، جراء سقوط قذيفة (كاتيوشا) في السوق العام والشارع العام لمنطقة بير باشا بتعز».
وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إنه «بعد تقدم الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في مختلف جبهات تعز، خصوصا الغربية، وكذلك التقدم في جبهة الأحكوم خلال اليومين الماضيين، دفعت الميليشيات بتعزيزاتها إلى جبهة الأحكوم وعززت قواتها المتمركزة في تبة المنظرة بحارات وسوق الخزجة». وأضافوا: «شوهد 3 أطقم عسكرية بعتادها ومسلحين على متنها تتجه من منطقة الأثاور إلى جبهة الأحكوم لتعزز قواتها هناك، إضافة إلى قيامها بإطلاق صواريخ (كاتويشا) على عزل مديرية المعافر، جنوب المدينة، من مواقع تمركزها في جبل قرض بحيفان، جنوبا، وكذلك قصفت حي حسنات شرق المدينة، بالأسلحة المتوسطة والثقيلة، ومعسكر (اللواء 35 مدرع) غربا، والأحياء السكنية في بير باشا». وفي السياق ذاته، يواصل طيران التحالف التي تقوده السعودية، تحليقه المستمر في سماء تعز وشن غاراته على مواقع الميليشيات الانقلابية في مناطق عدة. وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن طيران التحالف استهدف خلال الأربعة والعشرين ساعة الماضية مواقع للميليشيات الانقلابية في منطقة الأثاور بمديرية حيفان، جنوب تعز، وكذلك استهدف مخزنا للسلاح بالقرب من محطة التحلية في مدينة المخا الساحلية، غرب تعز، ومنطقة أخرى واقعة بين منطقتي الغيل والهاملي، على طريق الحديدة. صحيًا، استجابت اللجنة الصحية العليا باللجنة العليا للإغاثة الكويتية، لنداء «المستشفى اليمني - السويدي للأمومة والطفولة»، ونفدت اللجنة مشروع تزويد المستشفى بالمشتقات النفطية لمدة شهر ونصف، برعاية من محافظ المحافظة، علي المعمري.
وقال عضو «الإغاثة الكويتية»، أحمد الشميري، إن «المشروع يأتي ضمن برنامج إهداء من دولة الكويت الشقيقة تلبية لنداء الاستغاثة الذي أطلقه المستشفى خلال الشهر الماضي، الذي كاد يكون ضحية نفاد المشتقات النفطية ويؤدي لموت أطفال موجودين في قسم الحاضنات».
وأشاد بدعم دولة الكويت لليمن في جميع المجالات، «خصوصا محافظة تعز التي تعاني الكثير جراء الحصار الجائر، وما زالت بحاجة ماسة إلى مزيد من الدعم والمساعدة».
من جهته، قال مدير المستشفي، الدكتور فؤاد نائب، إن «هذه المشتقات النفطية أتت في وقت حرج للغاية كاد يتوفى فيه الأطفال»، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن «المستشفى يقدم الخدمات الصحية المجانية للأطفال في مدينة تعز».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.