الحكومة الفلسطينية تنهي الجدل بتأجيل الانتخابات

عباس يستجيب لتوصية لجنة الانتخابات بخلاف قرار المحكمة العليا.. و«حماس» ترفض

الحكومة الفلسطينية تنهي الجدل بتأجيل الانتخابات
TT

الحكومة الفلسطينية تنهي الجدل بتأجيل الانتخابات

الحكومة الفلسطينية تنهي الجدل بتأجيل الانتخابات

أعلنت الحكومة الفلسطينية تأجيل الانتخابات المحلية الفلسطينية لمدة 4 أشهر إضافية، لإعطاء المجال لإجرائها مرة واحدة في الضفة الغربية وقطاع غزة، منهية جدلاً كبيرًا في الأراضي الفلسطينية حول الآثار السياسية والقانونية لإجراء الانتخابات في الضفة دون غزة، كما قررت محكمة العدل العليا أول من أمس.
وقال رئيس الوزراء رامي الحمد الله، في مستهل جلسة الحكومة أمس، إنه بالتشاور مع الرئيس محمود عباس قررت الحكومة تأجيل الانتخابات المحلية لمدة 4 أشهر، على أن يتم توفير البيئة القانونية المناسبة لإجرائها في كل محافظات الوطن في يوم واحد. وأضاف: «هذا القرار جاء التزامًا من الحكومة بالمصلحة العليا لشعبنا، ووحدته، وحرصًا على تماسك بنيان مجتمعنا ومستقبله، وانطلاقًا من إيماننا بوحدة الوطن».
وأردف: «على الرغم من أن الانتخابات هي استحقاق دستوري، لكننا أكدنا عدم الاستسلام لواقع الانقسام والعمل على توفير البيئة القانونية لإجرائها في كل الوطن».
وكانت محكمة العدل العليا قررت يوم الاثنين، استكمال إجراء انتخابات الهيئات والمجالس المحلية في الضفة الغربية فقط، مع تعليق إجرائها في قطاع غزة، بسبب «عدم قانونية المحاكم في القطاع»، بحسب مسوغات القرار، على أن تعلن الحكومة متى يمكن إجراؤها في القطاع في وقت لاحق، لكن لجنة الانتخابات المركزية عقدت اجتماعًا طارئًا في أعقاب قرار العليا، وأوصت الرئيس عباس بتأجيل العملية برمتها، لأنها ترى أن قرار إجرائها في الضفة فقط «سيزيد من حدة الانقسام بين شطري الوطن، ويضر بالمصلحة العامة والمسيرة الديمقراطية في فلسطين».
وكان يفترض بالأساس أن تجرى الانتخابات في الضفة وغزة، في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، لاختيار مجالس بلدية ومحلية في نحو 416 مدينة وبلدة في الضفة الغربية وقطاع غزة، لكن المحكمة قررت في الثامن من سبتمبر (أيلول) الماضي وقفها بعد إسقاط «حماس» قوائم لحركة فتح في قطاع غزة، ومن ثم قررت إجراءها في الضفة فقط، قبل أن تؤجلها الحكومة. وقالت الحكومة في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن «الحكومة وبالتنسيق التام مع رئيس دولة فلسطين، قد اتخذت قرارها بإجراء انتخابات الهيئات المحلية في كل أرجاء الوطن في يوم واحد، إيمانًا منا بوحدة الوطن، ووحدة الشعب، وحرصًا على استعادة الوحدة وإنهاء الانقسام، وتوحيد مؤسسات الوطن في إطار الشرعية والقانون».
وأضافت أن «الحكومة بالتشاور وبمراجعة الآثار القانونية لهذا الحكم القضائي الذي نجلّه ونحترمه، والذي وضع المسائل القانونية في نصابها الصحيح، فإنها تؤكد أننا لن نستسلم لواقع الانقسام وما نتج عنه من آثار خطيرة على المصلحة العامة، وسنعمل على تعزيز وحدة الوطن وعمل كل ما يلزم لتحقيق ذلك». وتابع البيان: «التزامًا من الحكومة بالمصلحة العليا لشعبنا ووحدته، وحرصًا على تماسك بنيان مجتمعنا الفلسطيني ومستقبله، بما يليق بتضحيات شعبنا وشهدائنا الأبرار وأسرانا البواسل، وانطلاقًا من إيماننًا بوحدة الوطن والأرض والشعب، ودولتنا الفلسطينية الواحدة التي لا تقبل القسمة والتقسيم وعاصمتها القدس الشريف، فإنه بالتشاور والتنسيق الكامل مع سيادة الرئيس تقرر تأجيل إجراء انتخابات الهيئات المحلية في كل أرجاء الوطن لمدة 4 أشهر، ويتم العمل خلال هذه الفترة على توفير البيئة القانونية والقضائية الملائمة، لضمان إجرائها في كل المجالس المحلية الفلسطينية في يوم واحد».
كما قررت الحكومة تكليف وزير الحكم المحلي حسين الأعرج، باتخاذ الإجراءات اللازمة للتنسيب لمجلس الوزراء بتعيين لجان لتسيير الأعمال في المجالس المحلية.
وكلفت الحكومة الأعرج بتعيين لجان لتسيير الأعمال في المجالس المحلية، نظرًا لاستقالة عدد كبير من رؤساء وأعضاء مجالس الهيئات المحلية، بهدف الترشح للانتخابات.
ويحتاج إجراء الانتخابات في يوم واحد إلى اتفاق كامل بين حركتي «فتح» و«حماس»، اللتين تبادلتا كثيرًا من الاتهامات حول الانتخابات والمصالحة كذلك في الأسابيع القليلة الماضية.
وفيما قال المتحدث باسم حركة فتح أسامة القواسمي، إن قرار الحكومة اليوم بتأجيل الانتخابات المحلية لأربعة أشهر، يأتي تنفيذًا لرؤية الرئيس محمود عباس وحركة فتح والحكومة بإعلاء المصالح الوطنية العليا لشعبنا بحتمية إجراء الانتخابات في الوطن كله وفي إطار الوحدة الوطنية، وعدم القبول بحرمان أهلنا في القطاع من الانتخابات، ويُسقط بشكل واضح وجلي كل الادعاءات الباطلة والمزايدات الهابطة من بعض الفصائل، وخصوصًا «حماس» ومن لحقها من أصحاب الأجندات الخاصة المعروفين بمواقفهم المسبقة والمبيتة، التي لا تخدم سوى مصالحهم الحزبية الضيقة، دعت حركة حماس إلى استئناف الانتخابات المحلية، من حيث توقفت، مؤكدة رفضها قرار الحكومة تأجيل الانتخابات، معتبرة أن قرار إلغائها في غزة صادم ومسيس ويكرس الانقسام ويقسم الشعب الفلسطيني.
واتهم القواسمي في تصريح صحافي «حماس» بالتسبب في المأزق السياسي والقانوني التي وصلت إليه الانتخابات المحلية، عبر ما وصفه بـ«تدخلها السافر وغير القانوني في مجرى العملية الانتخابية في قطاع غزة وإصرارها على حسم نتائج الانتخابات قبل أن تجرى من خلال شطب قوائم حركة فتح تحت حجج قانونية واهية».
وأكد القواسمي أن «الأولوية لحركة فتح كانت منذ البداية إجراء الانتخابات في كل محافظات الوطن، انطلاقًا من وحدة الأرض والشعب، ومن رؤية ثاقبة لممارسة الديمقراطية، وباعتبارها وسيلة للوصول إلى الوحدة الوطنية وتحقيق السلم الأهلي، وهذا ينطلق من رؤية حركة فتح منذ البداية أنها فرصة حقيقية للمضي قدمًا في إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية إذا ما نجحت، ولكننا كنا ندرك تمامًا ومن خلال تجاربنا وقناعاتنا أن لدى حماس قرارًا بإفشالها وتحميل المسؤولية على الآخرين»، داعيًا حماس إلى الارتقاء بفكرها لأبسط معاني الديمقراطية والحريات والعمل المشترك الوحدوي.
ورد الناطق باسم «حماس» سامي أبو زهري بإعلان رفض حركته لأي تأجيل للانتخابات وتمسكها باستكمالها من حيث انتهت، قائلاً: «نعتبر القرار الصادر عن الحكومة اليوم بتأجيل الانتخابات هو نوع من التخبط والتهرب من الاستحقاقات الانتخابية خدمةً لمصالح حركة فتح».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.