وزير يمني: مفوضية حقوق الإنسان تسعى لإفشال «لجنة التحقيق الوطنية»

الأصبحي أكد لـ«الشرق الأوسط» ضرورة التصدي لحملات «قلب الحقائق»

عز الدين الأصبحي، وزير حقوق الإنسان اليمني. («الشرق الأوسط»)
عز الدين الأصبحي، وزير حقوق الإنسان اليمني. («الشرق الأوسط»)
TT

وزير يمني: مفوضية حقوق الإنسان تسعى لإفشال «لجنة التحقيق الوطنية»

عز الدين الأصبحي، وزير حقوق الإنسان اليمني. («الشرق الأوسط»)
عز الدين الأصبحي، وزير حقوق الإنسان اليمني. («الشرق الأوسط»)

قال عز الدين الأصبحي، وزير حقوق الإنسان اليمني، تقارير بعض المنظمات الدولية غير الحكومية والأخبار غير الدقيقة التي تنقلها وسائل إعلام غربية، أدت إلى ممارسة ضغوط سياسية على البعثات الغربية في مجلس حقوق الإنسان بشأن ملف حقوق الإنسان في اليمن.
وأوضح الأصبحي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن اليمن ودول التحالف العربي تحتاج إلى استراتيجية حقيقية لمواجهة هذا الأمر، ويتأتى ذلك من خلال أمرين أساسيين، الأول عبر جعل اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان باليمن نموذجًا حقيقيًا يقوم بالتحقيق عبر المعايير الدولية ويقدم ملفات في مسألة متابعة انتهاكات حقوق الإنسان ويعمل بشكل وثيق مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان.
وأضاف أن «الأمر الثاني يتمثل في التصدي لحملات كبيرة تعمل على قلب الحقائق وعدم إظهارها بالشكل اللائق وهذا العمل حقوقي وسياسي مزدوج»، وقال: «علينا إدراك أن مجلس حقوق الإنسان في لحظة من اللحظات يتقاطع مع المصالح السياسية الإقليمية والدولية بشكل كبير، وبالتالي علينا في المنطقة أن ندرك أن كثيرا من أوراق الضغط السياسية التي نلحظها لا تأتي إلا في أوقات القرارات السياسية عبر مجلس حقوق الإنسان أو مجلس الأمن.. علينا توضيح الصورة لدى الرأي العام الغربي، وإيجاد طرق تكون تقاريرنا فيها بالقوة نفسها، وأن تكون لدينا استراتيجية سياسية وإعلامية للتفاهم مع مراكز قوى الضغط في الدول الأوروبية وأميركا بشكل أكثر تأثيرا وفعالية».
واتهم وزير حقوق الإنسان اليمني المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بمحاولة إفشال اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان باليمن، عبر تقديم تقرير يتهمها بعدم إنجاز أعمالها، وتابع: «في أواخر يوليو (تموز) تفاجأنا بصدور تقرير المفوض السامي لحقوق الإنسان تجاه اليمن، الذي كان من المتوقع حسب المتعارف عليه أن يكون في نهاية أغسطس (آب) لكن تقرير المفوضية جاء مبكرًا جدًا من أجل أن تسجيل نقطة مثبتة بأن اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان باليمن لم تقدم تقريرها بعد، ما اعتبرناه عملا غير موفق من المفوضية آنذاك؛ لأن اللجنة أعلنت أنها ستصدر تقريرها خلال أيام الأسبوع الأول من أغسطس، وبالتالي لم يكن هناك داع أن يقول تقرير المفوضية بأن اللجنة لم تصدر تقريرها ويسبقها بأيام، وكأننا في معركة من يكسب فيها نقاطا».
يكمل الوزير قائلا: «عند هذه اللحظة أدركنا أن تقرير المفوضية لم يكن تقريرًا مهنيًا بمعنى الكلمة، كانت هناك نية مبيتة، وفكرة مسبقة تريد القول إن اللجنة الوطنية لم تقم بدورها، وهناك إصرار على إظهار فشل اللجنة بأي شكل كان، تجلى ذلك من خلال عدم التروي وانتظار تقريرها الذي صدر في بداية أغسطس».
إثر ذلك، أشار الأصبحي إلى أن وزراته طوال شهر أغسطس، كثفت لقاءاتها مع الدول المؤثرة في مجلس حقوق الإنسان القريبة من الملف اليمني وعلى رأسها هولندا، وبريطانيا، وأميركا، وفرنسا، وألمانيا، وتابع: «كانت مهمتي بصفتي وزير حقوق إنسان توضيح نقطتين أساسيتين، الأولى تمسكنا بالتعاون الجاد مع المنظمات الدولية وهيئات الأمم المتحدة، ولكن أيضا تطبيق القرارات التي يجب أن تنفذها المفوضية السامية لحقوق الإنسان، حيث ينص القرار السابق لمجلس حقوق الإنسان على أن تقدم المفوضية الدعم الكامل للحكومة، وللجنة الوطنية دعمًا فنيًا تقنيًا ومشورات مختلفة، وأثبتنا أن هذا الأمر لم يتم وكانت أمامهم تحديات كثيرة وعليهم العمل على توضيح ذلك الأمر».
النقطة الثانية، أن اللجنة الوطنية شرعت في عملها بجدية، حسب قرار رئيس الجمهورية وبالفعل أنجزت تقريرا قابلا للنقاش وتصويب المسار، ولكنه خطوة متقدمة «لأننا قبل عام لم يكن لدينا لجنة من الأساس، وليس لدينا أي آلية للتحقيق وجمع المعلومات ومتابعة حالة حقوق الإنسان على الأرض، ونرى أنفسنا أحسن من الدول الأخرى، متقدمين بمراحل إذا ما نظرنا إلى سوريا، والعراق، وليبيا وغيرها».
وقدم عز الدين الأصبحي شكره للفريق العربي الذي نجح في تغيير الفكرة الخاطئة التي كانت لدى الأوروبيين وأميركا، واستطرد: «كان العبء الذي قمنا به مع بعثة السفراء العرب الذين عملوا معنا برئاسة السودان ومشاركة السعودية ومصر وقطر، حتى اقتنعت معظم الدول بوجهة النظر التي اعتمدت على نقاش جاد وجدية في الطرح والتعامل مع منظمات الأمم المتحدة وتطبيق العدالة في اليمن، ونقدم شكرنا لأشقائنا».
وأكد الوزير أن كثيرا من البعثات تعاني من ضغط حقيقي من قبل وسائل الإعلام الغربية والمنظمات غير الحكومية، وأردف: «يطرح السفراء بجدية أنهم يتعرضون لضغط شديد من قبل برلمانيين ووسائل إعلام والمنظمات غير الحكومية الدولية، لكن أخيرا توصلنا لتفاهم جيد، لا سيما مع هولندا، التي لدينا علاقة ممتازة معها، ورأوا أن وجهة نظرنا محترمة ويجب أن تعطى فرصة حتى العام المقبل ثم يتم تقييم الأمر».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.