البشير يجدد دعوته إلى المعارضة والحركات المسلحة للالتحاق بالوثيقة الوطنية

رؤساء خمس دول يشاركون في جلسة المؤتمر العام للحوار الوطني الاثنين المقبل

الرئيس السوداني عمر البشير
الرئيس السوداني عمر البشير
TT

البشير يجدد دعوته إلى المعارضة والحركات المسلحة للالتحاق بالوثيقة الوطنية

الرئيس السوداني عمر البشير
الرئيس السوداني عمر البشير

أكد الرئيس السوداني عمر البشير أن الباب لا يزال مفتوحًا للراغبين في الالتحاق بالوثيقة الوطنية التي سيتم إقرارها في المؤتمر العام للحوار الوطني في العاشر من الشهر الحالي، والذي سيشهده رؤساء مصر، أوغندا، موريتانيا، تشاد، ورئيس الوزراء الإثيوبي، مجددًا تعهده بأن يشهد هذا العام نهاية الحروب في مناطق النزاع في السودان، وأن ترسي بلاده تجربة جديدة في الحكم تستند إلى الديمقراطية والشورى وقيم المواطنة.
وقال البشير خلال مخاطبته الدورة البرلمانية الجديدة أمس إن بنهاية العام الحالي ستشهد نهاية النزاعات المسلحة في مناطق دارفور، جنوب كردفان غرب البلاد والنيل الأزرق في جنوبها الشرقي، داعيًا المعارضة بشقيها السياسي والعسكري إلى الالتحاق بالوثيقة الوطنية وبرنامج الإصلاح، وإقرار الدستور الدائم للبلاد، مشيرًا إلى أن هذه الخطوات ينتظر أن يقرها المؤتمر العام للحوار الوطني في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، والذي استمر لأكثر من عامين منذ أن أعلنه البشير بداية عام 2014، وقال إن البلاد ستشهد تجربة جديدة في الحكم تقوم على الديمقراطية والشورى والمواطنة، مؤكدًا أن حكومته اتخذت تدابير بتهيئة مناخ الحوار وتعزيز الثقة بين أطرافه، وأن الباب لا يزال مفتوحًا لمن يسعى لتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد، وتعهد بتنفيذ توصيات الحوار الوطني، وجعله ضمن التشريعات، بما يتواكب مع القوانين الدولية وحماية حقوق الإنسان وتعزيز الحريات الصحافية.
وأوضح البشير أن الدولة ستعمل خلال الفترة المقبلة على ترسيم الحدود بين ولايات البلاد ومعالجة جذور النزاعات القبلية، التي تشهدها عدة مناطق، فضلاً عن نزع السلاح وحصره على القوات المسلحة والنظامية، وقال إن العام المقبل سيشهد تجهيز الجيش السوداني بالمعدات الحديثة، ودعمه للتصدي لأي استهداف خارجي، إلى جانب التركيز على قوات الشرطة للقيام بمهامها، خاصة في ضبط الوجود الأجنبي وحماية اللاجئين، مؤكدًا على تنفيذ اتفاقيات التعاون مع جنوب السودان التي تم توقيعها في سبتمبر (أيلول) 2012، وحسم الخلافات بين البلدين.
وأبدى البشير تفاؤلاً بتحقيق نمو في الناتج المحلي رغم إقراره بتأثر اقتصاد بلاده بالاضطرابات الأمنية الداخلية والخارجية، موضحًا أن الإيرادات العامة للدولة زادت بنسبة 6 في المائة مقارنة مع العام الماضي، وانخفاض معدل التضخم من 12.6 في المائة إلى 13 في المائة، فضلاً عن زيادة في إنتاج السودان من القمح بنسبة 36 في المائة، مضيفًا أن الحكومة عملت على تطوير إنتاج واستغلال الغاز الطبيعي المصاحب للنفط، والذي وصل مخزونه إلى نحو 51.6 تريليون قدم مكعب، إضافة إلى الاحتياطات المحتملة في مربع 8 بنحو 2.5 تريليون قدم مكعب، والذي يجري العمل على تحويله إلى منتجات سائلة.
كما تطرق البشير لعلاقات السودان الخارجية، فقال إنها شهدت في الشهور الماضية انفتاحًا كبيرًا مع الدول العربية وخصوصا الخليجية، مشيرًا إلى مشاركة القوات المسلحة ضمن قوات «عاصفة الحزم» لدعم السلطة الشرعية في اليمن ضمن تحالف المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، مشددًا على أن سياسة حكومته الخارجية تقوم على مبادئ سيادة البلاد وأمنها القومي، وتحقيق السلام، وجذب الاستثمارات والأموال الأجنبية لتحقيق التنمية، خاصة في المناطق المتأثرة بالحرب، مؤكدًا استمرار الحوار مع الإدارة الأميركية، وأعرب عن أمله في أن تنجح في إعادة العلاقات بين البلدين بشكل طبيعي.
من جانب آخر تبادلت الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان (شمال) الاتهامات حول من يقف وراء فشل جلسة مشاورات غير رسمية بين وفديهما في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا يومي السبت والأحد الماضيين، بمبادرة من الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني للوصول إلى تفاهم حول وقف العدائيات، وإيصال المساعدات الإنسانية. وحمل كل وفد الآخر إفشال المحادثات، إذ قال الوفد الحكومي في تعميم صحافي إن الحركة الشعبية أصرت على توصيل المساعدات الإنسانية من خارج البلاد للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان. ومن جانبه قال مبارك أردول، رئيس وفد الحركة في هذه الجولة، في بيان صحافي إن حركته تتمسك بإيصال المساعدات الإنسانية عبر بلدة أصوصا الإثيوبية كحل يؤدي إلى وقف العدائيات، مضيفًا أن الحركة قدمت تنازلات، في ما ما زالت الحكومة عند موقفها، مشيرًا إلى أن طرح الوفد الحكومي للمسارات الداخلية هو مجرد محاولة لتغطية رفضه لمعبر أصوصا للمساعدات الإنسانية، كما اتهم الخرطوم بحشد قواتها لشن هجوم جديد في الصيف المقبل على المنطقتين، وقال إن الأمين العام للحركة ياسر عرمان قدم في اجتماع مشترك مع الآلية الأفريقية معلومات تفصيلية حول الحشود العسكرية للقوات السودانية على المنطقتين للصيف المقبل.
وكانت الجولة الخامسة بين الطرفين قد فشلت في أغسطس (آب) الماضي في مساري دارفور بين الحكومة والحركات المسلحة التي تقاتل في دارفور، وفي مسار منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان والحكومة.
وفي سياق آخر، أعلن الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني حامد ممتاز في لقاء ضم قيادات حزبه في محلية الخرطوم عن اكتمال تشكيل وإعلان حكومة الوفاق الوطني الجديدة في مطلع فبراير (شباط) العام المقبل بعد توافق القوى السياسية المشاركة في وثيقة ومخرجات الحوار الوطني أو المنضمة فيما بعد للوثيقة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم