النظام يعرض «ضمانات روسية» على مقاتلي المعارضة لإخراجهم من حلب

الثوار يستعدون لهجمات بموازاة قضم النظام أحياء شمال المدينة وجنوبها

عامل في الجهاز الطبي في حي الصاخور في حلب يعاين الدمار الذي لحق بمقر إسعافات طبية بعد أن استهدفته غارة بالبراميل المتفجرة من الطيران الروسي الأسدي (أ.ف.ب)
عامل في الجهاز الطبي في حي الصاخور في حلب يعاين الدمار الذي لحق بمقر إسعافات طبية بعد أن استهدفته غارة بالبراميل المتفجرة من الطيران الروسي الأسدي (أ.ف.ب)
TT

النظام يعرض «ضمانات روسية» على مقاتلي المعارضة لإخراجهم من حلب

عامل في الجهاز الطبي في حي الصاخور في حلب يعاين الدمار الذي لحق بمقر إسعافات طبية بعد أن استهدفته غارة بالبراميل المتفجرة من الطيران الروسي الأسدي (أ.ف.ب)
عامل في الجهاز الطبي في حي الصاخور في حلب يعاين الدمار الذي لحق بمقر إسعافات طبية بعد أن استهدفته غارة بالبراميل المتفجرة من الطيران الروسي الأسدي (أ.ف.ب)

كشف النظام السوري، أمس، عن نيته إفراغ مدينة حلب من المقاتلين المعارضين، حيث دعاهم إلى مغادرة الأحياء الشرقية الخاضعة لسيطرتهم لقاء ضمانات نظامية وروسية، مستبقًا أي تحرك من قبل المعارضة للرد على تقدم النظام في أحياء المدينة الشمالية، حيث يواصل قضم المناطق، ويشدد الحصار على الأحياء المحاصرة.
وقالت قوات النظام، في بيان نشرته الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا)، إن على جميع المسلحين في الأحياء الشرقية من حلب مغادرتها، مشيرة إلى أنها تضمن لهم الخروج الآمن والمساعدات اللازمة. وقال بيان قوات النظام: «القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة تدعو جميع المسلحين في الأحياء الشرقية لمدينة حلب إلى مغادرة هذه الأحياء، وترك السكان المدنيين يعيشون حياتهم الطبيعية». وأضاف البيان: «تضمن قيادتا الجيشين السوري والروسي للمسلحين الخروج الآمن وتقديم المساعدات اللازمة».
وبموازاة خطط النظام لاستعادة السيطرة على كامل المدينة، كشفت مصادر المعارضة في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، عن خطط عسكرية «لاستعادة السيطرة على الأحياء التي تقدم فيها النظام في منطقة مشفى الكندي»، مشيرة إلى أن الخطة «تستهدف إشغال النظام أيضًا على محاور لا يتوقعها»، بينها منطقة بستان الباشا، ومنطقة حلب القديمة، ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة النظام تشكل نقاط تماس مع مناطق المعارضة.
وفيما تحدث ناشطون ومعارضون عن استعدادات لتجديد الهجوم على منطقة الكليات بهدف فتح ثغرة إمداد جديدة في منطقة جنوب غربي العاصمة في منطقة الراموسة، قالت مصادر في «جيش الفتح» لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا الجيش «طالب فصائل المعارضة في داخل الأحياء المحاصرة، وبينها حركة نور الدين الزنكي، بفتح جبهة من الداخل، على أن يواكبهم جيش الفتح من الخارج في هجمات باتجاه منطقة الراموسة»، لافتة إلى أن قيادة الفتح «أبلغت المعارضين في الأحياء المحاصرة بأنه لا يمكن تكرار السيناريو السابق» المرتبط بشن هجمات من الريف الجنوبي والغربي باتجاه الراموسة «ما لم يكن هناك مواكبة من الداخل». وقالت المصادر إن جيش الفتح «على استعداد لشن هجمات تستهدف فك حصار حلب، في حال توحدت الجهود ضمن خطة واحدة في داخل المناطق المحاصرة وخارجها».
غير أن القوات في الداخل، تجد أن الأولوية الآن لهجمات تستهدف استعادة السيطرة على المناطق التي خسرتها في شمال المدينة، «منعًا لتشديد الحصار أكثر، كون المناطق التي تقدمت فيها قوات النظام تمهد لتوغل إضافي في قلب الأحياء المحاصرة، على وقع الغارات الروسية التي تكثفت ليل السبت – الأحد، بشكل عنيف جدًا».
وتقدمت القوات النظامية والقوات المتحالفة معها شمال حلب، مواصلة حملتها التي بدأت قبل أسبوع لاستعادة الجزء الخاضع لسيطرة المعارضة المسلحة من المدينة، بعد أن استهدفت عشرات الضربات الجوية القطاع الشرقي المحاصر الليلة الماضية.
وبعد عشرة أيام على إعلان الجيش بدء هجوم هدفه السيطرة على الأحياء الشرقية تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حلب، حققت قوات النظام، أمس، تقدما في شمال المدينة. وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، رامي عبد الرحمن: «حققت قوات النظام تقدما في شمال مدينة حلب، بعد تقدمها من منطقة الشقيف إلى تخوم حي الهلك» الذي تسيطر عليه الفصائل والمحاذي لحي بستان القصر، من جهة الشمال، كما تقدمت قوات النظام أيضًا إلى منطقة دوار الجندول، بعد سيطرتها على معامل الشقيف بشمال مدينة حلب. وأفاد المرصد بأن هذا التقدم جاء إثر شن «طائرات روسية ليلا عشرات الغارات الجوية على مناطق الاشتباك» في شمال ووسط مدينة حلب.
وتخوض قوات النظام في الأيام الثلاثة الأخيرة معارك عنيفة ضد الفصائل المعارضة، إثر شنها هجومين متوازيين انطلقا من شمال حلب ووسطها. واندلعت اشتباكات عنيفة الأحد بين القوات الحكومية ومقاتلي المعارضة على الأطراف الشمالية لحي الهلك، وعلى جبهتي حيي سليمان الحلبي وبستان الباشا في وسط المدينة، ضمن سياسة «قضم» الأحياء الشرقية. وأشار المرصد إلى أن هدف النظام في المرحلة المقبلة «السيطرة على حيي بستان الباشا والصاخور بهدف تضييق مناطق سيطرة الفصائل».
هذا، واندلعت اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من طرف آخر، في أطراف حي الشيخ سعيد بالقسم الجنوبي من مدينة حلب، حيث تحاول قوات النظام التقدم في المنطقة.
ونفذت طائرات حربية بعد منتصف ليل السبت – الأحد، عشرات الضربات الجوية استهدفت خلالها مناطق في أحياء العامرية والمشهد والصاخور والشيخ خضر والجزماتي والميسر وجب القبة وبعيدين والمواصلات وبستان الباشا وطريق الباب والحيدرية بمدينة حلب، بموازاة استمرار المعارك العنيفة في محور معامل الشقيف شمال حلب، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جانب، والفصائل المقاتلة والإسلامية من جانب آخر، وسط تقدم لقوات النظام والمسلحين الموالين لها، وسيطرتها على معامل الشقيف بشمال المدينة، وتمكنها من رصد نقاط ومواقع بالقرب من دوار الجندول.
وبينما تواصلت المعارك في الشمال، وسع النظام إلى الجنوب دائرة عملياته، حيث تواصلت الاشتباكات في محور منطقة المدرج بالغوطة الغربية، بين الفصائل الإسلامية والمقاتلة من طرف، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف آخر، وسط مزيد من القصف الصاروخي والجوي من قبل الطيران المروحي على المنطقة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».