النظام يصعد في ريف دمشق الغربي لإبعاد المسلحين عن خطوط تماس العاصمة

خان الشيح ومحيطها هدفًا للبراميل المتفجرة

النظام يصعد في ريف دمشق الغربي لإبعاد المسلحين عن خطوط تماس العاصمة
TT

النظام يصعد في ريف دمشق الغربي لإبعاد المسلحين عن خطوط تماس العاصمة

النظام يصعد في ريف دمشق الغربي لإبعاد المسلحين عن خطوط تماس العاصمة

شهد ريف دمشق الغربي، بضواحي العاصمة السورية، تصعيدًا عسكريًا لافتًا، تمثّل في الهجوم الواسع الذي شنته قوات النظام السوري صباح أمس السبت، على مدينة خان الشيح، والقرى والبلدات القريبة منها، عبر قصفها بالبراميل المتفجّرة، بذريعة إبعاد مقاتلي المعارضة عن خطوط التماس مع العاصمة. بينما أكدت المعارضة أن «المناطق التي تتعرض للقصف خالية من المسلحين»، ومشددة على أن «البراميل لا تستهدف سوى المدنيين النازحين إلى هذه المناطق من داريا والمعضمية وغيرها». وحذّرت من أن النظام «يستعد لمرحلة تهجير جديدة، أي مرحلة ما بعد داريا».
وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) نقلت أمس عن مصدر مقرّب من النظام، قوله إن قواته «تشن هجوما واسعا على مخيم خان الشيح، بعد تمهيد مدفعي وجوي عنيف، خلال الساعات الماضية»، وأفادت مصادر محلية في غوطة دمشق الغربية الوكالة الألمانية بأن «طائرات حربية ومروحية شنت أكثر من 10 غارات ليل الجمعة – السبت، على بلدة الديرخبية شمال خان الشيخ، وأن معارك عنيفة شهدتها البلدة بين قوات النظام والميليشيات الداعمة لها من جهة، وفصائل المعارضة من جهة أخرى». وأشارت المصادر إلى أن «أكثر من 15 شخصا قتلوا في القصف، بينهم 6 من عائلة واحدة، جراء سقوط برميل متفجر على منزلهم». كذلك ذكر مصدر عسكري في المعارضة السورية، لـ«الشرق الأوسط»، أن مروحيات (هليكوبترات) الأسد «استهدفت بلدة الديرخبية بـ14 برميلاً متفجرًا». وقال: «أدى القصف أيضًا إلى سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى في قصف بالبراميل المتفجرة والقذائف المدفعية على بلدة المقيلبية». وأضاف المصدر العسكري: «إن الميليشيات التابعة للنظام المتمركزة في محور البحوث - جبل أبو بصلة، قصفت بلدة الهامة المحاصرة في ريف دمشق الغربي بعربات الشيلكا وقذائف الدبابات».
ووفق المحللين، تسعى قوات النظام وميليشياتها لفرض سيطرتها على خان الشيح وعدد من البلدات المحيطة بها، بهدف إبعاد المسلحين المعارضين عن خطوط تماس العاصمة دمشق، بعد سيطرتها على مدينة داريا بداية الشهر الماضي.
وفي مؤشر على أن الحملة الجديدة، لا ترتدي طابع المواجهة العسكرية، بل إن هدفها تهجير المدنيين، أكد عضو مجلس الثورة في محافظة ريف دمشق إسماعيل الداراني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «المناطق التي تتعرض للقصف خالية من المسلحين». وأوضح أن القصف «يطال بشكل مباشر الأماكن المكتظة بالنازحين لتهجيرهم مرّة أخرى». وتابع الداراني: «بعدما تخلّص النظام من عقدة داريا، انتقل إلى المرحلة الثانية الأقل تعقيدًا، سواء في خان الشيح أو زاكية أو المقيلبية أو قدسيا، محاولا تهجير سكانها وإفراغها من أهلها»، ووصف الداراني ما يحصل بأنه «تصعيد خطير».
من جهته، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن هليكوبترات النظام العسكرية ألقت 20 برميلاً متفجرًا صباح اليوم (أمس) على بلدة الديرخبية بريف دمشق الغربي، وسط استمرار القصف المدفعي على البلدة، وذكر أن «قوات النظام فتحت نيران رشاشاتها الثقيلة على مناطق في قرية الحسينية في وادي بردى بريف دمشق الغربي». وقال ناشطون في الغوطة الغربية، إن «اشتباكات اندلعت بين الثوار وقوات الأسد على عدة محاور، على أطراف بلدة الديرخبية وخان الشيح، تمكن خلالها الثوار من صد تقدمهم». وتحدثوا عن «قتل عدد من عناصر قوات الأسد، وسط غارات جوية من الطائرات الحربية والمروحية وقصف مدفعي وصاروخي عنيف استهدف المنطقة».
في هذه الأثناء، لم يكن ريف دمشق الشرقي أفضل حالاً من الغربي، إذ نفذت طائرات حربية ما لا يقل عن 5 غارات على بلدة الريحان وأطرافها، وغارة أخرى على بلدة الشيفونية القريبة من مدينة دوما في الغوطة الشرقية، من دون ورود أنباء عن إصابات حتى اللحظة. كذلك قصفت طائرات حربية مناطق داخل مدينة دوما نفسها. وأفادت المصادر بأن 16 مدنيًا قضوا يوم الجمعة، جراء القصف الجوي والصاروخي الذي استهدف مدنًا وبلدات في الغوطة الشرقية، مشيرة إلى «سقوط 9 قتلى بينهم 6 أطفال في الغارات التي استهدفت بلدتي حزة وكفربطنا، و3 آخرون قضوا إثر قصف للطيران الحربي على بلدة جسرين، و4 بينهم طفل لقوا حتفهم جراء قصف لقوات النظام على مناطق في مدينة دوما».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».