«القارة السمراء».. كنز استثماري متنوع لدول الخليج

ستشكل ربع القوى العاملة في الاقتصاد العالمي

سيدة من مالاوي جنوب شرقي أفريقيا تحصل على حاجاتها من المياه من بئر جوفية (رويترز)
سيدة من مالاوي جنوب شرقي أفريقيا تحصل على حاجاتها من المياه من بئر جوفية (رويترز)
TT

«القارة السمراء».. كنز استثماري متنوع لدول الخليج

سيدة من مالاوي جنوب شرقي أفريقيا تحصل على حاجاتها من المياه من بئر جوفية (رويترز)
سيدة من مالاوي جنوب شرقي أفريقيا تحصل على حاجاتها من المياه من بئر جوفية (رويترز)

منذ ما يقرب من خمس سنوات، ظهرت حالة من الإعجاب المتنامي بالنمو السريع في الاقتصادات الأفريقية وأسواقها الاستهلاكية. ومنذ ذلك الحين توسع الاهتمام العالمي من قبل مجتمع الأعمال الدولي، والشركات في مجموعة واسعة من الصناعات الأفريقية المتنوعة من السلع الاستهلاكية إلى الخدمات المالية للتكنولوجيا.
وتستعد أفريقيا لتكون واحدة من قصص النجاح الاقتصادي الكبير خلال القرن الحالي، مع دخل آخذ في الارتفاع، وتزايد الاستثمارات في البنية التحتية والتكنولوجيا وتسارع النمو في مجموعة واسعة من الصناعات. فأفريقيا اليوم هي موطن لنحو 700 شركة تحقق عائدات أكبر من 500 مليون دولار سنويا. ووفقًا للتقديرات العالمية من المتوقع أن تشكل القارة ربع القوى العاملة في الاقتصاد العالمي بحلول عام 2050.
وبلا شك كانت الاضطرابات على حد سواء في المجال الاقتصادي والسياسي في أجزاء كبيرة من أفريقيا في السنوات الأخيرة بمثابة صدمة لمجتمع الأعمال، وكان لانخفاض أسعار الموارد والمستويات المرتفعة من عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي أكبر الأثر على الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في أفريقيا الذي نما بمتوسط 3.3 في المائة سنويًا بين عامي 2010 و2015، وبمستوى أبطأ بكثير من النمو المحقق عند 5.4 في المائة بين عامي 2000 – 2010، والذي شد أنظار المستثمرين حول العالم. لكن على الرغم من ذلك لم تخرج الدول الأفريقية عن مسار النمو المثير للإعجاب.
وأظهر بحث جديد أجراه معهد ماكينزي العالمي، أن أفريقيا تواجه رياحا معاكسة في نمو اقتصادها وسط انخفاض الاستثمار والادخار، وارتفاع المديونية الحكومية. ومع ذلك، فإن الصورة العامة تخفي تباينا صارخا بين تباطؤ النمو بشكل حاد في أوساط الدول المصدرة للنفط ودول شمال أفريقيا التي تأثرت بثورات الربيع العربي 2011 لكن بقية أفريقيا سجلت نموا سريعا بمعدل سنوي متوسط قدره 4.4 في المائة بين عامي 2010 - 2015، مقارنة مع 4.1 في المائة بين عامي 2000 و2010.
وشهدت بلدان شرق أفريقيا نموًا اقتصاديا قويًا، ونما الناتج المحلي الإجمالي في كينيا إلى 63 مليار دولار في عام 2015 من 55 مليار دولار في عام 2013 وفقًا للبنك الدولي. واستفادت دول شرق أفريقيا المستوردة للسلع مثل تنزانيا وكينيا وإثيوبيا ورواندا مباشرة من انخفاض أسعار النفط، مع انخفاض الإنفاق على السلع.

المزايا النسبية
تظل الأسس الاقتصادية القوية داعمة للنمو في أفريقيا على المدى الطويل، فدول هذه القارة لديها ميزة أن الأغلبية العظمى من مواطنيها هم من فئة الشباب. ووفقًا لماكينزي، من المتوقع أن تكون القوة العاملة في دول أفريقيا أكبر من الصين أو الهند بحلول عام 2034. وحتى الآن، تستوعب فرص العمل في اقتصادات هذه الدول النمو في القوى العاملة، ذلك لأن تسريع التغيير التكنولوجي فتح فرصا جديدة للمستهلكين والشركات، الأمر الذي يزيد من قدرة الاقتصاد على امتصاص أي زيادة في قوة العمل في ظل وفرة الموارد بأفريقيا.
كل هذا يعني أن القارة لا تزال تقدم فرصًا واعدة للمستثمرين والشركات العالمية. فالإنفاق من قبل المستهلكين والشركات الأفريقية يبلغ 4 تريليونات دولار اليوم، ومن المتوقع أن ينمو الاستهلاك المنزلي بمتوسط 3.8 في المائة سنويًا ليصل إلى 2.1 تريليون دولار في عام 2025، مدفوعًا بالنمو السكاني وارتفاع مستويات الدخل. وفي شرق أفريقيا وحدها، من المتوقع أن يدخل نحو 6 ملايين أسرة إلى الطبقة الاستهلاكية بحلول عام 2025. ويتوقع أن ينمو إنفاق الشركات من 2.6 تريليون دولار في 2015 حتى 3.5 تريليون دولار بحلول عام 2025.
وتتميز الدول الأفريقية بارتفاع حجم الأعمال التجارية على حد سواء من قبل الشركات المتعددة الجنسيات العالمية والشركات التي تتخذ من أفريقيا مقرًا لها لتقديم مزيد من الخدمات لتلك الأسواق الناشئة. ولدى أفريقيا عدد كبير من الشركات أكبر مما هو متعارف عليه عمومًا في أي دولة، ونحو 400 شركة من بينهم تحقق دخل سنوي أعلى من مليار دولار، مع دخل سنوي لمجتمع تلك الشركات يقدر بنحو 1.2 تريليون دولار، وفي معظم القطاعات، تنمو هذه الشركات بشكل أسرع وأكثر ربحية من نظيراتها العالمية.
وتستعد الأسواق الأفريقية أيضًا للاستفادة من عدة اتجاهات طويلة الأجل، بما في ذلك النمو السريع في الطبقة الوسطى في العالم، والتوسع في سكان المناطق الحضرية، وزيادة فرص الحصول على تكنولوجيا الهاتف النقال وشبكة الإنترنت. وبحلول نهاية هذا القرن، تتوقع بعض التقديرات أن يكون نحو 40 في المائة من الشباب في العالم من القارة الأفريقية.

الفرص الاستثمارية
تبين قاعدة بيانات الشركات الكبيرة في أفريقيا مدى التنوع في أنشطة الأعمال. على سبيل المثال، نجد أن 30 في المائة فقط من العائدات يتم اكتسابها من قبل الشركات التي تعمل في قطاع الموارد، ونحو 400 شركة هي شركات مساهمة عامة، وأقل بقليل من 30 في المائة منها هي من الشركات المتعددة الجنسيات.
ولا تزال الشركات العاملة في دول أفريقيا بحاجة إلى تكثيف أدائها لتحقيق الاستفادة القصوى من الفرص الاقتصادية في القارة. وهناك ستة قطاعات بعينها يُمكن أن تمثل فرصا حقيقية لدول الخليج في القارة الأفريقية؛ وهي: تجارة الجملة والتجزئة والمواد الغذائية، وتجهيز المنتجات الزراعية، والرعاية الصحية، والخدمات المالية، والصناعات الخفيفة، والبناء. وتتميز جميع هذه القطاعات بالنمو المرتفع، والربحية العالية.
وفي مجال التصنيع على وجه الخصوص، يُقدر معهد ماكينزي أن أفريقيا يمكنها تقريبا زيادة إنتاجها من 500 مليار دولار في الوقت الراهن إلى 930 مليار دولار في عام 2025. ونحو ثلاثة أرباع هذه الإمكانية يمكن أن تأتي من تلبية الطلب المحلي، وذلك يُمكن أن يحول أفريقيا من دول مستوردة صافية إلى دول مكتفية ذاتيًا، حيث تستورد أفريقيا ثلث الطعام والمشروبات، وكذلك تستورد السلع المصنعة.
وكان هناك مؤخرًا كثير من الأمثلة حول الشركات الخليجية التي استثمرت بقوة في القارة الأفريقية، حيث تشير التقارير إلى أن حجم التجارة بين أفريقيا والإمارات العربية المتحدة ارتفع من 5.6 مليار دولار في عام 2005 إلى 17.5 مليار دولار في 2014، كما ارتفعت حصة الإمارات العربية المتحدة في إجمالي تجارة الأفريقية الدولية من 1.0 في المائة في 2005 حتى 1.5 في المائة في 2014.
وعلى غرار الأسواق الناشئة كافة، هناك مجموعة من التحديات مثل المخاطر السياسية وحوكمة الشركات الضعيفة وتقلب الاقتصاد الكلي وعدم تحديث البنية التحتية. ومع ذلك، تبرز مجموعة من التطورات الإيجابية التي تشكل دليلاً على عمل مزيد من الدول الأفريقية خلال السنوات الأخيرة نحو التأسيس لاستقرار سياسي وتطوير الحوكمة والشفافية حتى تكون هذه الدول منفتحة بشكل أكبر على الاندماج الإقليمي والدولي. وحتى تحقق دول الخليج الاستفادة القصوى من الاستثمار في القارة الأفريقية، فعلى الشركات أن تدرس لبناء الأسواق الاستهلاكية بصورة أعمق، لتتعرف بشكل مفصل على هياكل الدخول، وفئات المستهلكين، والاتجاهات العامة للاستهلاك، بما في ذلك جغرافيا النمو والاستقرار التي تتنوع بشكل كبير في كل بلد أفريقي.
ورغم ما تواجهه دول أفريقيا من مشاكل اقتصادية وسياسية وبيئية، فإن معظم المستثمرين ما زالوا يعتقدون أن أفريقيا تُعد بمثابة كنز من الفرص الاستثمارية، وخاصة في تلك البلدان التي تلتزم بإجراء الإصلاحات الهيكلية. ويقول نعمة - بهانا، المحلل الأفريقي ببنك راند ميرشانت (يوان) والمشارك في تأليف كتاب الطبعة السادسة لدليل استثمار الشركات في أفريقيا إن «الحكومات تنتبه تدريجيا إلى إدراك أن التنويع ضروري لتعزيز النمو المرتفع والمستدام، ولكن التحول لا يمكن أن يتحقق في عزلة». ويُضيف بهانا أن «الإصلاحات الهيكلية وزيادة مشاركة القطاع الخاص ضرورية لإطلاق طاقات النمو في أفريقيا».
ووفقًا لدليل الاستثمار في أفريقيا الصادر عن بنك راند ميرشانت، لا تزال جنوب أفريقيا تقف بحزم في المرتبة الأولى من حيث جذب الاستثمارات الأجنبية إليها، ولكن يخشى أن تفقد مركزها في السنوات القليلة القادمة، في ظل تعثر توقعات النمو وبيئة الأعمال غير المؤكدة التي تقلل من درجة الاستثمار بها. ورغم ذلك لا تزال البلاد معقل النزاهة المؤسسية وتستمر في التباهي كونها واحدة من أفضل بيئات العمل في أفريقيا.
ويُرجح البنك أن تطيح مصر جنوب أفريقيا كأول وجهة استثمارية رائدة في أفريقيا، ولكن فقط إذا نجحت في ترسيخ المكاسب الاقتصادية المتراكمة في أعقاب الربيع العربي. ومع ذلك، يمكن أن تكون البيئة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في مصر عامل تثبيط للشركات التي تريد الاستثمار في البلاد. وتأتي المغرب أيضًا في مقدمة الدول الجاذبة للاستثمار في أفريقيا، مدعومة بنمو اقتصادي قوي، والموقع الجغرافي المميز، والبنية التحتية القوية، وسياسات تنظيمية قوية ووضع سياسي مستقر. وعلى الرغم من وجود عدد لا يحصى من التحديات الاقتصادية التي تواجه غانا، تجاهد الدولة لتظل في مقدمة الدول الجاذبة للاستثمار.



السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
TT

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)

أعلنت وزارة الطاقة السعودية انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود، وذلك ضمن مساعي البلاد لدعم الجهود الدولية لتطوير هذا القطاع.

وبحسب بيان نشرته الوزارة، يُمثّل انضمام المملكة لهذه الشراكة خطوةً جديدة تؤكد الدور الريادي الذي تنهض به السعودية، ضمن الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز الاستدامة، وابتكار حلول متقدمة في مجالات الطاقة النظيفة. كما يدعم طموح المملكة بأن تصبح أحد أهم منتجي ومصدّري الهيدروجين النظيف في العالم والوصول للحياد الصفري بحلول عام 2060، أو قبله، في إطار نهج الاقتصاد الدائري للكربون، وحسب توفر التقنيات اللازمة.

ويؤكّد انضمام المملكة إلى هذه الشراكة رؤيتها الراسخة حيال دور التعاون الدولي وأهميته لتحقيق مستقبل أكثر استدامة للطاقة، كما أنه يُسهم في تحقيق أهداف مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، اللتين تهدفان إلى تقليل الانبعاثات الكربونية، إضافة إلى دعم المساعي الدولية لتحفيز الطلب العالمي على الهيدروجين النظيف، والإسهام في وضع اللوائح والمعايير لتعزيز اقتصاد الهيدروجين النظيف، وفقاً للبيان.

كما تمثل الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود منصة رئيسة لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء لتسريع تطوير ونشر تقنيات الهيدروجين وخلايا الوقود والإسهام في تحقيق تحول عالمي متوازنٍ وفاعلٍ نحو أنظمة طاقة نظيفة وأكثر كفاءة. وتعمل الشراكة على تبادل المعرفة بين الأعضاء، ودعم تطوير البحوث والتقنيات ذات الصلة بالإضافة إلى التوعية والتعليم حول أهمية الهيدروجين النظيف ودوره المحوري في تحقيق التنمية المستدامة.

وفي هذا الإطار، أوضحت الوزارة أن المملكة تحرص على أن تكون عضواً فاعلاً في العديد من المنظمات والمبادرات الدولية ذات العلاقة بإنتاج الوقود النظيف والوقود منخفض الانبعاثات، مثل: مبادرة «مهمة الابتكار»، والاجتماع الوزاري للطاقة النظيفة، ومنتدى الحياد الصفري للمنتجين، ومبادرة الميثان العالمية، ومبادرة «الحد من حرق الغاز المصاحب لإنتاج البترول بحلول عام 2030»، والتعهد العالمي بشأن الميثان، والمنتدى الريادي لفصل وتخزين الكربون، وغيرها من المبادرات.