كلينتون تحظى بتأييد معظم الشخصيات النافذة في السينما الأميركية

كيف تروّج هوليوود لمرشحي الرئاسة

جينا ديفيز في دور رئيس الجمهورية في مسلسل «رئيس الأركان». -  لقطة من الفيلم التسجيلي «عملية داخلية»
جينا ديفيز في دور رئيس الجمهورية في مسلسل «رئيس الأركان». - لقطة من الفيلم التسجيلي «عملية داخلية»
TT

كلينتون تحظى بتأييد معظم الشخصيات النافذة في السينما الأميركية

جينا ديفيز في دور رئيس الجمهورية في مسلسل «رئيس الأركان». -  لقطة من الفيلم التسجيلي «عملية داخلية»
جينا ديفيز في دور رئيس الجمهورية في مسلسل «رئيس الأركان». - لقطة من الفيلم التسجيلي «عملية داخلية»

سواء فاز دونالد ترامب بالرئاسة أو لم يفز، سيقوم الممثل إليك بولدوين بتمثيله في البرنامج الكوميدي Saturday Night Live‬ الذي تقدمه بنجاح محطة NBC منذ عام 1977. الممثل المعروف قال قبل يومين إنه يمتثل لرغبة دونالد ترامب نفسه الذي كان قد ذكر في حديث صحافي أنه إذا كان هناك ممثل يريد تشخيصه، فليكن إليك بولدوين، وإن لم يذكر السبب.
مبدئيًا، هناك بعض التشابه. ومع صبغ شعر الممثل بصبغة مناسبة، فإن ذلك سيزيد نسبة التشابه. لكن المهمّة لن تكون تخليد ترامب، أو الدعاية له، بل السخرية منه، وذلك تبعًا لسياسة البرنامج الأسبوعي الذي دأب على تقديم حلقات ساخرة من الشخصيات الفنية والسياسية والإعلامية المختلفة، والذي أطلق شهرة عدد من ممثلي السينما المشهورين أمثال إيدي مورفي ودانا كارفي وبيلي كريستال، وحتى روبرت داوني جونيور.

رئيس الأركان
ليس خافيًا تحبيذ هوليوود لفوز هيلاري كلينتون. هي محبوبة أكثر لأنها تنتمي إلى الحزب الذي يؤيده أكثر النافذين في هوليوود، من أمثال ستيفن سبيلبرغ وجيمس كاميرون وجيري كاتزبيرغ، والمنتج هارفي ونستين، والممثل روبرت دي نيرو، كما معظم رؤساء الإنتاج في الاستوديوهات الرئيسية، مثل وورنر وديزني ويونيفرسال، ورؤساء هذه الاستوديوهات الفعليين.
وفي منتصف هذا العام، وجدنا هوليوود تمنح فيلمها الكوارثي «يوم الاستقلال: الانبعاث» رئيس جمهورية أنثى. لم يكن اسمها هيلاري كلينتون، بل «الرئيس لاندفورد»، وقامت بها سيلا وورد. هذا التنصيب لم يكن بفعل الصدفة، ولا مجرد تحبيذ لفكرة أن يكون الرئيس الأميركي امرأة، بل تماشيا مع غاية تحضير الرأي العام لقبولها في حال فوزها.
التلفزيون هو الناصية الأكثر حماسًا إلى هذا الحين. عامًا بعد عام، ومنذ التسعينات، وهناك مسلسلات وبرامج تبث فكرة أن ترأس امرأة البيت الأبيض. ورد ذلك في حلقة من حلقات مسلسل أسبوعي (خيالي – علمي)، عنوانه Sliders، وذلك في مطلع عام 1996. آنذاك، كانت هيلاري كلينتون تعيش في البيت الأبيض «سيدة أولى»، بحكم تولي زوجها بيل كلينتون مهام الرئاسة. حلقة ذلك البرنامج لا تذكر اسم هيلاري، لكن في أحد المشاهد التي تعرض لنشرة الأخبار يتوقف الناس أمام خبر فوز «كلينتون» في الانتخابات، وتطالعنا امرأة تشكر الذين صوّتوا لها، ودعموا ترشيحها وصولاً إلى سدّة الرئاسة.
هذا لم يكن سوى واحد من البرامج التي تلاحقت بعد ذلك.
في «رئيس الأركان» Commander‪ - ‬in‪ - ‬Chief سنة 2005، قامت جينا ديفيز بأداء دور الرئيس ماكنزي ألن. ربما يبدو الاسم الأول رجاليًا، لكن البدن لامرأة، كذلك العقل الذي حثها على الترشح وسط المعيقات التي وضعها الجمهوريون والديمقراطيون أمامها، كما ورد في ذلك البرنامج.
«رئيس الأركان» مثير للاهتمام لأن الروح القتالية التي أدت جينا ديفيز دور الرئيس ألن عبرها، وأفكارها الليبرالية، تبدو متجانسة اليوم مع روح وأفكار هيلاري كلينتون.
سيغورني ويفر لعبت دور السيدة الأولى، ووزيرة الشؤون الخارجية، في «حيوان سياسي»Political Animal (والعبارة تعني في صميمها «كائنًا»، وليس حيوانًا)، سنة 2012. والممثلة قالت إنها بنت شخصيتها على شخصية «مسز كلينتون» لأنها «امرأة مبهرة، وسياسية عظيمة، وسيناتور عظيم عن ولاية نيويورك».
في ذلك البرنامج، في الحقيقة، جزء من حياة كلينتون الخاصة. كلنا نذكر أنها تحمّلت خطايا زوجها بيل عندما فُضحت علاقته الجنسية الشهيرة، وكذلك تفعل سيغورني ويفر في دورها، إذ تكتشف أن زوجها الرئيس متورط في فضائح جنسية، لكنها تقرر مساندته ودعمه في كل الظروف، وهو ما فعلته هيلاري بدورها.

شهادة كلينتون
وقبل عامين، شهدنا ولادة برنامج State of Affairs الذي دارت حلقاته حول رئيسة أفرو – أميركية، اسمها كونستانس (قامت بها الجيدة ألفرد وودارد). صحيح أن هيلاري بيضاء البشرة، ولا مجال للحديث عن أي تشابه عضوي، لكن الصحيح أيضًا أن وصول امرأة إلى سدّة الرئاسة كان نبوءة قام عليها البرنامج المذكور.
في العام ذاته، شاهدنا «مدام سكرتري» Madam Secretary الذي كان من المفترض، حسب خطّة الإنتاج، أن يقدم الرئيس كرجل أفرو – أميركي، لكن الخطّة جرى تغييرها بالكامل، ومنحت المرأة ذلك الدور. وحين فسّرت محطة CBS مبرر ذلك التغيير المفاجئ، ذكرت أن منتجي البرنامج شاهدوا شهادة هيلاري كلينتون أمام لجنة التحقيقات حول مقتل السفير الأميركي في ليبيا، وتأثروا بقوّة أدائها.
هذه مجرد عينات لبرامج تلفزيونية سبقت الأحداث، بوضع امرأة في سدّة البيت الأبيض، وهناك برامج أخرى، من بينها House of Cards، وVeep، وScandal. ومحطة «شوتايم» الفضائية أعلنت قبل أيام أن الحلقات المقبلة من مسلسل «هوملاند» (الذي وُصف من قبل نقاد التلفزيون بأنه يميني الميول)، ستقدم شخصية الرئيس الأميركي امرأة.
هذا ما يذكّر بحملة هوليوود التلفزيونية والسينمائية التي سبقت ترشيح وفوز باراك أوباما بالمنصب الأول، كما تلته. داني كلوفر ومورغان فريمان ودنيس هايسبورت، وكلهم من الممثلين الأفرو – أميركيين، أتيحت لهم فرصة تمثيل دور الرئيس الأميركي، وإن لم يجر استيحاء شخصية أوباما ذاتها.
هذا كله ليس غريبًا. أفلام الرئاسة الأميركية لها تاريخ بعيد جدًا منذ أن جُسد الرئيس في شخصية أوليسيس س. غرانت الذي حكم ما بين 1864 و1869 في فيلم «مولد أمة» لديفيد وورك غريفيث سنة 1915 (قام بدوره دونالد كريسب). ولم تكن جميعها بيوغرافيات أو مستمدة من سير ذاتية، بل إن كثيرا منها جاء خياليًا، ولعب على وتيرة إيجابية حتى نحو ثلاثين سنة مضت، عندما بدأ تقديم الرئيس على صورة رجل يثير السخرية (جاك نيكلسون في فيلم «هجوم المريخ» عام 1996)، أو قاتلاً، ولو غير متعمد (كما أداه جين هاكمن في فيلم كلينت إيستوود «سُلطة مطلقة» عام 1997).
ولا ينقص هوليوود الموضوع الرئاسي لكي تغمس في السياسة، فمنذ 2001 وهي تتناول الحدث من جوانب مختلفة، ولو أن أكثر الأفلام الروائية ما زالت تتجنب تبني ما هو شائع بين كثير من الأميركيين من أن العملية الإرهابية كانت تنفيذًا لمؤامرة داخلية أوعزت بها المصالح السياسية التي انبثقت عنها الحروب اللاحقة في بعض دول العالم العربي.
في عام 2008، كانت نسبة الأميركيين الذين يؤمنون بأن العملية «داخلية» تبلغ 15 في المائة. اليوم، سيشهد أي إحصاء ارتفاعها إلى ما لا يقل عن 40 في المائة، حسب ما ورد في فيلم Inside Job، وهو فيلم تسجيلي لتشارلز فرغيسون وزّعته سنة 2010 شركة صوني بيكتشرز كلاسيكس.

مواقف
في العام ذاته، أجرت شركة أخرى إحصاء في 17 دولة غير أميركية، خلص معظمها إلى اعتبار أن العملية داخلية. فقط 8 من شعوب الدول التي تم إجراء الاستفتاء فيها ذكرت أن القاعدة هي المسؤولة. جدير بالذكر أنه لا أحد من تلك الإحصاءات اعتبر أن السعودية هي المسؤولة، كما ادعى المشرّعون الأميركيون، الأسبوع الماضي.
انصراف السينما التسجيلية للاهتمام بالبحث عن حقيقة ما حدث في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، لم يكن تحصيل حاصل. ففي حين أن السينما الروائية غالبًا ما تتبع رؤى هوليوود الرسمية، فإن تلك التسجيلية تعبر أكثر عن وجهات نظر مستقلة. هذا شأن «عملية داخلية» و«رجل على المحك» (2008)، و«فهرنهايت 9‪/ ‬11» (سنة 2009)، من بين أفلام كثيرة أخرى.
وكما هو معروف الآن، فإن الحروب الضارية في أفغانستان، وفي العراق منذ حرب الخليج، شكلت موجة كبيرة من الأفلام التي ما زالت، على نحو أو آخر، تمضغ تأثيرات التحولات السياسية التي تلت تلك الكارثة. وهذا الفيض من الأفلام لم ينته بعد.
ها هي أنجلينا جولي التي كانت محط اهتمام ملايين المتابعين بسبب قرارها الطلاق من براد بت، تحدث رجة جديدة هذا الأسبوع بإعلانها بأنها ستقدم فيلمًا عن الحرب الأفغانية، عنوانه «أطلق النار كفتاة»، وهو مأخوذ عن مذكرات لم تنشر بعد عن مجندة أميركية قاتلت في مطلع التورط الأميركي في تلك البلاد.
على النحو ذاته، يقوم المنتج المعروف جيري بروكهايمر بتصوير دراما حربية أخرى عن الحرب الأفغانية، عنوانها «الفرسان» أو Horse Soldiers، وقد تم اختيار كريس همسوور ومايكل شانون للبطولة.
ترامب لا يحظى بما تحظى به هيلاري كلينتون في هوليوود، لكن حسب موقع The Wrap، فإن هناك عددًا متزايدًا من الممثلين يميلون إلى تأييد المرشح الجمهوري المذكور.
لا يغيب بالطبع أن كلينت إيستوود عبّر عن تأييده لترامب من موقع كونه جمهوريًا، وهو يرى أن ترامب لديه غرابة أطوار، لكنه لا يزال أفضل المتسابقين إلى الرئاسة. وإلى جانبه في هذا الموقف جون فويت الذي قال: «أنا لا أقول إن ترامب هو الأفضل، لكني أحب ذلك الرجل».
والقائمة تشمل كذلك الممثل غاري بوسي والمغنية لوريتا لين والممثلة كيرستي إلي، من بين نحو ثلاثين فنانا آخرين.
وفي حين أن أليك بولدوين قد ينتهز الفرصة للسخرية من دونالد ترامب، من دون أن يعاديه بالضرورة، فإن شقيقه ستيفن مؤيده بلا تردد، وكان قد صرّح بأنه يعتقد أن «ترامب سيكون رئيسًا عظيمًا».
أما أولئك الذين يؤيدون هيلاري كلينتون، فهم أكثر عددًا في الجالية الهوليوودية، ومن بينهم جورج كلوني وروبرت دينيرو وجين فوندا وليوناردو ديكابريو ودستين هوفمن ومات دامون وجايمي فوكس ومغ رايان وسالي فيلد وكانديس بيرغن وكريم عبد الجبار (رياضي وممثل) وجوليان مور وريز وذرسبون وداكوتا فانينغ.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».