الاتحادات العمالية تنزل بثقلها في الانتخابات التشريعية المغربية

الاتحادات العمالية تنزل بثقلها في الانتخابات التشريعية المغربية
TT

الاتحادات العمالية تنزل بثقلها في الانتخابات التشريعية المغربية

الاتحادات العمالية تنزل بثقلها في الانتخابات التشريعية المغربية

أجمعت الاتحادات العمالية المغربية على عدم التصويت لفائدة حزب العدالة والتنمية (مرجعية إسلامية)، باستثناء نقابة الاتحاد الوطني للشغل، المقربة من الحزب. غير أن النقابات المغربية اختلفت في الحزب الذي ستمنحه أصواتها حسب اختلاف الانتماءات السياسية للنقابيين.
وأصدر الاتحاد الوطني للشغل بيانا يدعو فيه إلى دعم حزب ابن كيران في الانتخابات التشريعية المرتقبة في 7 أكتوبر (تشرين الأول). ويعتبر الاتحاد الوطني للشغل نقابة الإسلاميين، إلا أنه لا يحتكر تمثيلية النقابيين الإسلاميين في المغرب، إذ ينازعه هذه الصفة «القطاع النقابي للعدل والإحسان»، الذي يضم النقابيين المنتسبين لـ«جماعة العدل والإحسان» المحظورة، والتي دعت إلى مقاطعة الانتخابات.
وبسبب عدم توفر الجماعة على تنظيم نقابي قانوني خاص بها، فإن نقابييها يشتغلون في عدة اتحادات عمالية، وعلى الخصوص «الكونفدرالية الديمقراطية للشغل»، التي تهيمن عليها فصائل اليسار الراديكالي، وأيضا الاتحاد المغربي للشغل الذي يعتبر مستقلا عن الأحزاب السياسية.
وبخلاف الانتخابات السابقة، حيث قررت جماعة العدل والإحسان ترك مسألة قرار التصويت من عدمه للاختيارات الفردية لأعضائها، فإنها في هذه الانتخابات اتخذت موقفا حاسما بمقاطعة الانتخابات، الشيء الذي يعني خسارة مرشحي حزب العدالة والتنمية لأصوات فصيل مهم من فصائل الإسلام السياسي بالمغرب.
وفي خضم الحراك الانتخابي، رفع «الاتحاد المغربي للشغل»، أكبر وأعرق النقابات المغربية وأكثرها تمثيلية، شعار «الطبقة العاملة تعادي من يعاديها وتساند من يدعمها»، داعيا إلى تصويت عقابي ضد كل الأحزاب المشاركة في الحكومة الحالية، التي اتهمها بانتهاج سياسات معادية للطبقة العاملة والحركة النقابية، ويأخذ عليها تجميد الحوار الاجتماعي الذي اعتبره «مؤشرا خطيرا يمهد لتعليق الديمقراطية، ويفتح المجال للتسلط والاستبداد، وإقصاء القوى الحية في البلاد التي تخالف الحكومة الرأي».
غير أن الاتحاد المغربي للشغل، المنفتح على كل القوى السياسية في المغرب، من الاتحاد الدستوري ذي التوجه الليبرالي، وجماعة العدل والإحسان الإسلامية، إلى النهج الديمقراطي في أقصى اليسار الراديكالي، لم يتخذ موقفا حازما بشأن الحزب الذي سيدعمه في الانتخابات. وأوضح الاتحاد العمالي أنه ترك الأمر في يد الفروع الجهوية لتختار المرشح الأنسب حسب كل دائرة انتخابية.
من جانبها، قررت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، التي تأتي في المرتبة الثانية خلف الاتحاد المغربي للشغل من حيث التمثيلية، استنادا لنتائج انتخابات مندوبي العمال وممثلي الموظفين، وأيضا ممثلي المأجورين في الغرفة الثانية للبرلمان، القيام بحملة مضادة لحزب العدالة والتنمية. إلا أنها وخلافا للاتحاد المغربي للشغل أعلنت دعمها لمرشحي فيدرالية اليسار الديمقراطي التي تضم ثلاثة أحزاب يسارية، هي حزب اليسار الاشتراكي الموحد، وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، وحزب الطليعة الاشتراكي الديمقراطي، إضافة إلى حركة «وضوح طموح شجاعة» التي يتزعمها عمر بلفريج، والتي تشكلت من أعضاء انفصلوا عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في 2009. ويبدو أنه من الصعب أن تضمن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل التزام جميع أعضائها بهذا القرار، نظرا لتعدد التيارات السياسية النشطة داخل التنظيم النقابي، ومنها على الخصوص حزب النهج الديمقراطي، وجماعة العدل والإحسان، الداعيان لمقاطعة الانتخابات.
وتبقى الاتحادات العمالية الأخرى التابعة للأحزاب السياسية، مثل الاتحاد العام للشغالين بالمغرب التابع لحزب الاستقلال، والفيدرالية الديمقراطية للشغل التابعة لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والتي تساند من دون شرط الأحزاب التي تدور في فلكها.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.