ظريف في أنقرة فجأة.. وتوافق على التصدي لـ«داعش» وتحجيم الأكراد

مصادر لـ «الشرق الأوسط» : المباحثات عكست توافقًا على وحدة سوريا.. وبوتين في تركيا 11 أكتوبر

ظريف في أنقرة فجأة.. وتوافق على التصدي لـ«داعش» وتحجيم الأكراد
TT

ظريف في أنقرة فجأة.. وتوافق على التصدي لـ«داعش» وتحجيم الأكراد

ظريف في أنقرة فجأة.. وتوافق على التصدي لـ«داعش» وتحجيم الأكراد

عكست مباحثات تركية إيرانية في أنقرة توافقا على جملة من القضايا فيما يتعلق بالملف السوري في مقدمتها ضرورة العمل من أجل الحفاظ على وحدة الأراضي السورية.
وبحسب مصادر دبلوماسية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» عقب مباحثات أجراها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أمس، مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو وكذلك رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، تم التركيز على التطورات في سوريا والقضاء على وجود تنظيم داعش والتصدي لمحاولات تقسيم سوريا على أساس عرقي أو طائفي.
وقالت المصادر إن هناك توافقا مبدئيا، تم التأكيد عليه في مباحثات أمس بشأن منع قيام كيان أو فيدرالية كردية في سوريا، وأن ظريف أبدى تفهما لموقف تركيا في هذا الشأن، مؤكدا أن بلاده لا تريد أيضا إقامة مثل هذا الكيان.
وتخشى تركيا، وكذلك إيران، من قيام فيدرالية كردية في شمال سوريا من شأنها التشجيع على نزعات انفصالية للأكراد في كلا البلدين، إذ تعتبر تركيا أن حزب الاتحاد الديمقراطي السوري وذراعه وحدات حماية الشعب الكردية يشكلان، امتدادا لمنظمة حزب العمال الكردستاني التي تصنفها تركيا «منظمة إرهابية» والتي تتحرك بتطلعات إقامة منطقة حكم ذاتي في جنوب شرقي تركيا بالإضافة إلى وجود الخطر نفسه في إيران.
ولفتت المصادر إلى أن أنقرة نجحت في ضمان موقف طهران وكذلك كردستان العراق من هذه المسألة والتعاون لمنع إقامة مثل هذا الكيان في سوريا.
وأشارت المصادر إلى أن مباحثات رئيس الوزراء التركي ووزير خارجيته، مع ظريف الذي توقف في أنقرة، فجأة، أثناء عودته من نيويورك حيث شارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى طهران، تناولت إلى جانب العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها، موضوع المنطقة الآمنة التي تسعى تركيا لإقامتها في شمال سوريا على مساحة 5 آلاف متر مربع وبعمق 45 كيلومترا وامتداد أكثر من 90 كيلومترا، وضمان موقف إيراني مؤيد لها.
وأضافت أن المسؤولين التركيين طرحا خلال لقاء ظريف أيضا احتمالات مشاركة تركيا في عملية الرقة واستمرار عملية درع الفرات والتوتر مع حكومة بغداد بشأن وجود قوات تركية في بعشيقة وما أعلنته أنقرة بشأن عملية في الموصل شبيهة بعملية درع الفرات في سوريا، سعيا إلى قيام طهران بدور في تهدئة حكومة حيدر العبادي.
وذكرت المصادر أن رئيس الوزراء التركي ووزير الخارجية أكدا أن أنقرة تريد تطوير علاقاتها مع العراق ولا ترغب في استمرار التوتر في علاقاتها مع الدولة الجارة.
وتصاعدت الاتصالات الدبلوماسية بين أنقرة وطهران عقب الموقف الذي أبدته طهران من محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا منتصف شهر يوليو (تموز) الماضي. وزار ظريف أنقرة في أغسطس (آب) الماضي رد عليها وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بزيارة مفاجئة لطهران وهو في طريقه لزيارة الهند في الشهر نفسه، وجاءت الزيارة المفاجئة لظريف أمس لتكون الحلقة الثالثة في سلسلة الاتصالات بن البلدين.
وسيزور رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني تركيا للمشاركة في اجتماع رؤساء برلمانات الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي في 17و18 أكتوبر المقبل.
وجاءت زيارة ظريف لتركيا بعد ساعات من زيارة نائب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ومباحثاته مع وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو والتي تركزت بشكل أساسي على المستجدات في الملف السوري والعملية التي تقوم بها تركيا في شمال سوريا والحرب ضد «داعش» والوضع في العراق.
في الوقت نفسه، أكد السفير الروسي لدى تركيا أندريه جينادييفيتش كارلوف اتفاق موسكو وأنقرة بشأن التمسك بوحدة الأراضي السورية. وقال كارلوف في لقاء في جامعة «أتيليم» في أنقرة، إن بلاده «لا تتخوف من مناقشة المواضيع التي لا تتوافق فيها في الرؤى مع تركيا، وعلى رأسها الأزمة السورية»، مشيرا إلى أن «ما يجمع تركيا وروسيا في هذا الإطار هو أن الحل الوحيد في سوريا هو الحل السياسي، وكلا البلدين مع وحدة الأراضي السورية».
ويزور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تركيا في 11 أكتوبر المقبل، حيث سيصل إلى إسطنبول للقاء نظيره التركي رجب طيب إردوغان للمرة الأولى منذ حادث إسقاط القاذفة الروسية والتي تم تجاوزها باعتذار أنقرة وزيارة الرئيس رجب طيب إردوغان لروسيا في 9 أغسطس الماضي التي بدأ بعدها التنسيق بين تركيا وروسيا بشأن سوريا. وكانت آخر زيارة قام بها بوتين لتركيا جاءت للمشاركة في قمة مجموعة العشرين في مدينة أنطاليا جنوب غربي تركيا قبل أيام من إسقاط القاذفة الروسية على الحدود السورية التركية.
على صعيد عملية درع الفرات، دمرت مقاتلات تركية 4 مبان تابعة لتنظيم داعش الإرهابي في في قرى جبان وبليخة والعويشية بمحافظة حلب شمال سوريا، في إطار العملية التي انطلقت في 24 أغسطس، والتي لا تزال مستمرة. وأعلن الجيش التركي أمس إصابة 3 من جنوده المشاركين في هذه العملية.
في الوقت نفسه، قال رئيس إدارة الإسكان الجماعي التركية محمد أرجون توران إنهم يخططون للانتهاء من إقامة جدار إسمنتي يمتد بطول الحدود التركية السورية في غضون خمسة أشهر.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم