أوروبا بين «الناتو» ودفاعها الخاص

تقود ألمانيا وفرنسا حملة إيجاد قوة دفاعية أوروبية مشتركة، لكن تعارض بريطانيا منذ فترة طويلة التكامل العسكري، وسوف يكون لها رأي في قضايا الاتحاد الأوروبي حتى تتركه، وهي عملية من المتوقع أن تستغرق سنوات. ويناقش وزراء الاتحاد الأوروبي الخطة الفرنسية - الألمانية لمزيد من الدفاع المشترك وإقامة مقر عسكري أوروبي، بعد أن وافق قادة الاتحاد على تعزيز التعاون في قمة في براتيسلافا في وقت سابق هذا الشهر.
وعقد قادة دول الاتحاد الأوروبي اجتماعًا غابت عنه بريطانيا في 16 سبتمبر (أيلول) في براتيسلافا تباحثوا خلاله في سبل المضي قدمًا بعد تصويت بريطانيا في استفتاء في 23 يونيو (حزيران) الماضي على الخروج من الاتحاد الأوروبي. اتفق قادة الاتحاد خلال هذا الاجتماع على خارطة طريق لستة أشهر من أجل إعداد «رؤية» جديدة للاتحاد الأوروبي، من بينها تعزيز القدرات الدفاعية، وهو ما عارضته بريطانيا على الدوام.
وقالت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية فيديريكا موغيريني، أمس، إن وزراء الدفاع في دول الاتحاد الأوروبي «وجدوا أرضية مشتركة.. حول الحاجة إلى تقوية التعاون الدفاعي الأوروبي، وبتكامل تام مع الحلف الأطلسي». ولفتت إلى اتفاقية بين الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي تم التوقيع عليها في يوليو (تموز) الماضي، وقالت إنها ستكون «متكاملة تمامًا، دون تكرار، بل تعزز عملنا بشكل متبادل».
وشدد الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ، أمس (الثلاثاء)، على أن خطط الاتحاد الأوروبي حول تعزيز التعاون الدفاعي بعد خروج بريطانيا من الكتلة لن يقوض التحالف العسكري على جانبي الأطلسي.
وقال ستولتنبرغ في العاصمة السلوفاكية براتيسلافا، حيث يشارك في اجتماع مع وزراء الدفاع الـ28 في الاتحاد الأوروبي: «لا تعارض بين دفاع أوروبي قوي وحلف أطلسي قوي، في الواقع يقويان بعضهما بعضًا».
وأضاف وإلى جانبه كانت تجلس فيديريكا موغيريني: «المهم أن نتجنب التكرار، أن يكون ذلك مكملاً».
وتأتي تعليقاته بعد تصريحات وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون، أمس، الذي قال إن بريطانيا «ستستمر في معارضة أي فكرة لإقامة جيش أوروبي»، وإن خطط الاتحاد الأوروبي المتعلقة بتعزيز التعاون الدفاعي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد ستقوض (سلطة) الحلف الأطلسي.
وأضاف فالون أن بلاده ستعارض أي شيء يشبه تكوين جيش أوروبي، وذلك في ظل الجهود التي تبذل في الاتحاد الأوروبي من أجل مزيد من التعاون العسكري، في أعقاب تصويت البريطانيين بالموافقة على القرار الصادم بترك الاتحاد الأوروبي.
وقال فالون في براتيسلافا قبيل انعقاد اجتماع مع نظرائه في التكتل: «إننا نترك الاتحاد الأوروبي، إلا أننا ما زلنا ملتزمين بأمن أوروبا». وأضاف: «تحتاج أوروبا إلى الإسراع في مواجهة تحديات الإرهاب والهجرة. إلا أننا سنستمر في معارضة أي فكرة لتكوين جيش أوروبي أو مقرات لجيش أوروبي، وهو ببساطة ما سوف يقوض حلف شمال الأطلسي (الناتو)».
وزير الدفاع البريطاني أكد أن بلاده حتى بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي ستظل تعارض «أي مشروع لتشكيل جيش أوروبي»، لأن حلف شمال الأطلسي يجب أن يظل «ركيزة الدفاع في أوروبا»، مضيفًا: «نحن موافقون على أن أوروبا عليها بذل جهود أكبر لمواجهة تحديات الإرهاب والهجرة.. لكن هناك عددًا من الدول توافقنا الرأي بأن ذلك يتعارض مع سيادة الدول».
إلا أن وزيري الدفاع الألماني والفرنسي، يورزولا فون دير لاين وجان إيف لو دريان، أكدا أنه من غير المتوقع أي شيء من هذا القبيل.
ودعت ألمانيا وفرنسا إلى مشروعات مشتركة جديدة في مجال السياسة الأمنية والدفاعية على مستوى الاتحاد الأوروبي. وقالت وزيرة الدفاع الاتحادية الألمانية يورزولا فون دير لاين، أمس (الثلاثاء): «إذا تأملنا عدد الأفراد وكم الأموال الموجودة داخل هيئات الدفاع بأوروبا في 28 دولة، وعلى الرغم من ذلك مدى قلة التنسيق بين بعضنا بعضًا، سيمكننا حينئذ أن نصبح أفضل بشكل واضح».
وبالمشاركة مع نظيرها الفرنسي جان إيف لو دريان، اقترحت فون دير لاين أمس في براتيسلافا، عاصمة سلوفاكيا، تأسيس مستشفى عسكري متنقل ومركز خدمات لوجيستية مشترك. وقالت وزيرة الدفاع الألمانية إن أوروبا بطيئة جدًا في مواجهة الأزمات، وأوضحت أنه تمت ملاحظة ذلك أخيرًا عند تفشي وباء إيبولا في غرب أفريقيا وخلال أحداث أخرى أيضًا. وقالت فون دير لاين، واصفة إنشاء مستشفيات أوروبية متنقلة أو مراكز لوجيستية بأنها مجرد أفكار: «هذه ليست خطوة في اتجاه تكوين جيش أوروبي، بل على العكس من ذلك: هذا حول الدمج الأفضل للقوى المختلفة في الاتحاد الأوروبي، حتى نتمكن من التصرف بسرعة أكبر».
من جانبها، قالت فيديريكا موغيريني، إن أي شيء سيتم بخصوص الدفاع الأوروبي، سيتم «بالتكامل التام مع الناتو».