صناديق الأسهم العالمية متفائلة بقطاع العقارات الهندي

توقعات باحتلاله المركز الثالث دوليًا في 2030

طفرة كبيرة في قطاع العقارات بالهند خلال الأعوام القليلة الماضية وتوقعات بنمو واسع حتى عام 2030 (رويترز)
طفرة كبيرة في قطاع العقارات بالهند خلال الأعوام القليلة الماضية وتوقعات بنمو واسع حتى عام 2030 (رويترز)
TT

صناديق الأسهم العالمية متفائلة بقطاع العقارات الهندي

طفرة كبيرة في قطاع العقارات بالهند خلال الأعوام القليلة الماضية وتوقعات بنمو واسع حتى عام 2030 (رويترز)
طفرة كبيرة في قطاع العقارات بالهند خلال الأعوام القليلة الماضية وتوقعات بنمو واسع حتى عام 2030 (رويترز)

مع التوقعات التي تتنبأ لقطاع العقارات والبناء الهندي بأن يصبح من الصناعات التي تبلغ قيمتها 180 مليار دولار أميركي بحلول عام 2020، وثالث أكبر صناعة من نوعها على مستوى العالم بحلول عام 2030، فإن السوق الهندية تشهد زيادة في الأفضلية لدى المستثمرين الدوليين في الأسهم العالمية.
وشهية المستثمرين الأجانب في سوق العقارات الهندية آخذة في الارتفاع بفضل النمو الاقتصادي الأفضل نسبيا، وبالتالي العوائد الناتجة عن الاستثمار هناك. وفي عام 2015، استثمرت الصناديق العقارية المملوكة لشركات الأسهم الخاصة مبلغ 5 مليارات دولار في الهند، وهو أعلى مبلغ مسجل منذ الأزمة المالية العالمية لعام 2008، وفقًا لمؤسسة «فنتشر» للاستشارات الاستثمارية.
ويمكن قياس الاهتمام المتزايد في سوق العقارات الهندية من جانب شركات الأسهم الخاصة الأجنبية من واقع حقيقة أنه خلال الربع الأول من عام 2016، استثمرت شركات الأسهم الخاصة الأجنبية مبلغ 954 مليون دولار في المشروعات العقارية الهندية.
ومن المتوقع خلال هذا العام أيضًا أن تشهد السوق الهندية دخول عدد آخر من صناديق الثورة السيادية الكبيرة، وصناديق التقاعد، والمستثمرين العالميين من ذوي الشراكات مع المطورين العقاريين الهنود، التي تنشئ منصات استثمارية كبيرة في الهند.
يقول راجيف بيراثي، المدير التنفيذي لشركة «نايت فرانك إنديا» العاملة في مجال الاستشارات العقارية: «انتشرت وعلى نطاق واسع الاستثمارات العقارية داخل الهند، مع كثير من المستثمرين الخارجيين الذين يتطلعون للتوقيع على الصفقات مع المطورين الهنود مباشرة من خلال صفقات المنصات الاستثمارية. وسوف نشهد المزيد من تلك الصفقات أو الشراكات لبناء المشاريع الجديدة خلال العام الحالي، وليس في مجال المشروعات السكنية فقط، ولكن في مجال المشروعات التجارية أيضًا».
* استثمارات الأسهم الرئيسية
يبدو أن المستثمرين الصينيين يعتزمون أيضًا فتح خزائن أموالهم لضخ المزيد منها في الأسواق العقارية الهندية، حيث يحاول تكتل «فوصن» الاقتصادي الصيني فتح طريق في قطاع العقارات الهندي باستثمارات تبلغ مليار دولار من خلال منصة استثمارات الأسهم الخاصة. واتباعًا لخطوات الصناديق العالمية الكبرى مثالاً بصندوق «بلاكستون»، يعمل تكتل «فوصن» على شراء بعض الأصول التنموية في كبريات المدن الهندية، التي يجري تطويرها في وقت لاحق بعد إنشاء ذراع التشييد هنا بغية بناء المشروعات الكبيرة. كما يجري تكتل «فوصن» المحادثات مع شركات الصناديق العقارية الهندية، ومن بينها شركة «ريسينغ ستريتس كابيتال» من أجل الاستثمار في أموالها. وهذا يشبه ما يقوم به صندوق الثروة السيادية في سنغافورة «جي آي سي» تمامًا، حيث يضخون الأموال في صناديق استثمارية أخرى، وينفذون الصفقات الاستثمارية بأنفسهم كذلك.
يأتي اهتمام تكتل «فوصن» بالاستفادة من الفرص العقارية المتاحة في السوق الهندية في وقت الذي يبذل فيه كثير من المستثمرين الدوليين قصارى جهدهم لدخول المشهد العقاري الهندي، وإضافة تلك الصفقات إلى محافظ أعمالهم. والمستثمرين الأجانب، بما في ذلك مجموعة «بلاكستون»، وصندوق الثروة السيادية في سنغافورة «جي آي سي»، ومجلس خطط الاستثمارات التقاعدية الكندي، ومؤسسة «غولدمان ساكس»، وجهاز قطر للاستثمار، تجري جميعها بالفعل استثمارات في الأصول العقارية الهندية على مدى السنوات القليلة الماضية.
وهناك بعض من كبار المستثمرين العالميين، مثال بنك «مورغان ستانلي»، و«ماكواري»، و«إيفانو كامبريدج» (وهي شركة متفرعة عن مجلس خطط الاستثمارات التقاعدية الكندي)، تحاول إعادة دخول سوق العقارات الهندية، بعد فترة طويلة من الابتعاد. وتنظر شركة «تيماسيك» القابضة، وهي الذراع الاستثمارية لحكومة سنغافورة، ولأول مرة في استثمار مبلغ مليار دولار في شريحة الأصول العقارية الهندية. والشركة المملوكة للحكومة في سنغافورة، التي ابتاعت حصصًا في شركة «أوبروي» العقارية، هي بالفعل من أكبر المستثمرين الأجانب في الهند، مع حافظة استثمارية تبلغ نحو 9 مليارات دولار. وتخطط شركة «تيماسيك» القابضة للاستثمار في المجال العقاري بعد أن تحول شقيقها (صندوق الثروة السيادية في سنغافورة «جي آي سي») إلى أحد أكبر المستثمرين الأجانب في هذه الشريحة من السوق العقارية الهندية خلال العامين الماضيين.
وأسس صندوق الثروة السيادية في سنغافورة شركة مشتركة تحت اسم «دي إل إف للتطوير العقاري» لاستثمار مبلغ 300 مليون دولار في تطوير المشاريع في قطعتي أرض في دلهي. وتبع ذلك شراكة مع شركة «كيه كيه آر» العالمية للأصول البديلة بهدف إنشاء شركة مالية غير مصرفية لإقراض المطورين العقاريين الأموال، في وقت سابق من العام الحالي. ولقد أبرم صندوق الثروة السيادية في سنغافورة صفقة مع مجموعة «دلهي فاتيكا» لتطوير مشاريع سكنية في غورغاون وبنغالورو مع شركة «بريجيد» للمشروعات السكنية.
وعلى نطاق العقارات التجارية، استحوذ الصندوق السيادي في سنغافورة على شركة «بي إس إي»، المدرجة على مؤشر «نيرلون»، التي تمتلك حديقة تكنولوجيا المعلومات في غورغاون بمدينة مومباي.
وكانت شركة «إيه بي جي» الهولندية لإدارة الأصول واحدة من أكثر المستثمرين الأجانب نشاطًا في السوق العقارية الهندية خلال السنوات القليلة الماضية. وفي الآونة الأخيرة، استثمرت الشركة مبلغ 275 مليون دولار في شركة «غودريج» العقارية الهندية لبناء العقارات السكنية في كبريات المدن الهندية. وفي عام 2014، دخلت الشركة الهولندية في مشروع مشترك مع شركة «بيرامال إنتربرايز» بهدف استثمار مليار دولار في شركات البنية التحتية الهندية، بما في ذلك توفير التمويلات المطلوبة لهذه الشركات. كما اشتركت الشركة الهولندية أيضًا مع شركة «زاندر» لإدارة الاستثمارات، وغيرها من الشركات، لإنشاء صندوق بقيمة 300 مليون دولار للاستثمار في العقارات الإدارية في البلاد.
ووفقا لمصادر السوق، يتطلع بنك «مورغان ستانلي» الأميركي إلى الاستثمار في السوق العقارية الهندية من واقع الصناديق العالمية التي يمتلكها، كما يتطلع أيضًا إلى تمويل السوق الهندية. وتعقد شركة «ريالتي مورغان ستانلي» الأميركية محادثات نشطة مع شركة «أوبروي ريالتي» الهندية من أجل تكوين شركة مشتركة للاستثمار في مشروعات الأسواق التجارية ومراكز التسوق في مدينة مومباي الهندية. ولقد نقل بنك مورغان ستانلي في وقت سابق جميع استثماراته العقارية الهندية إلى شركة «بروبريوم كابيتال»، التي تأسست بواسطة الموظفين السابقين لدى بنك مورغان ستانلي الأميركي في عام 2013.
وتدير شركة «بروبريوم كابيتال» في الوقت الراهن استثماراتها في الهند من حلال شركة «مانتري ريالتي» في بنغالورو، وشركة «بانكشيل» في بيون، من بين شركات أخرى.
وعلى صعيد متصل، تتطلع شركة «ماكواري» الأسترالية للعودة إلى السوق العقارية الهندية. وعلى الرغم من أن شركة «ماكواري» الأسترالية للاستثمار العقاري تملك مكتبًا لها في الهند، إلا أنها أغلقته قبل عامين سابقين. والآن، تتطلع الشركة إلى إنشاء صندوق استثماري في العقارات الهندية بقيمة 500 مليون دولار، كما أفادت بعض المصادر.
وتجري شركة «ماكواري للبنية التحتية والأصول العقارية» المحادثات مع شركة «تاتا» الإسكانية لإنشاء شركة بعدة ملايين من الدولارات للاستثمار في المشروعات الإسكانية. وتدير شركة «ماكواري للبنية التحتية والأصول العقارية» صناديق استثمارية تبلغ قيمتها 105 مليارات دولار حول العالم.
أما شركة «ايفانو كامبريدج» (وهي شركة متفرعة عن مجلس خطط الاستثمارات التقاعدية الكندي)، فتتطلع إلى العودة للاستثمار في السوق العقارية الهندية. ولقد افتتحت الشركة مكتبًا لها في الهند عام 2008 للاستثمار في المراكز التجارية الهندية، ولكنها أغلقت المكتب حيث لم تفلح في العثور على الفرص المناسبة للاستثمار. والآن، شكلت الشركة تحالفًا استراتيجيًا مع شركة «بيرامال إنتربرايز» لإنشاء شركة مالية عقارية برأسمال يبلغ 500 مليون دولار في الهند من أجل توفير رؤوس الأموال لشركات التطوير العقاري المحلية.
واستثمرت شركة «واربورغ بينكوس» للأسهم نحو 280 مليون دولار في شركة «بيرامال رياتلي الخاصة المحدودة» لشراء الأراضي وبناء المساكن في مومباي. كما استثمرت شركة «غولدمان ساكس» مبلغ 150 مليون دولار في شركة «بيرامال» أيضًا.
وإذا كنا لنصدق التقارير الإخبارية، فإن شركة «سيمون بروبرتي غروب»، وهي صندوق الاستثمار الأميركي، قد دخلت في شراكة، وتنمية، واستثمار عقاري هندي، وتعتزم دخول السوق الهندية من خلال مشروع مشترك كبير. وأكدت المصادر العقارية المحلية أن شركة «سيمون بروبرتي غروب» أجرت بالفعل محادثات مع ثلاث شركات هندية في مومباي.

لماذا الاستثمار في الهند؟
مع الإصلاحات التي بدأ يشهدها قطاع العقارات الهندي، بما في ذلك تمرير قانون اللوائح العقارية الأخير، والمعني بإجراءات التشغيل المعيارية لصناديق الاستثمار العقاري والإسكاني بأسعار معقولة، فإن بعضًا من صناديق الأسهم العالمية عاودتها الرغبة للعودة والاستثمار في السوق الهندية، على حد وصف بعض من خبراء المجال العقاري في البلاد.
حيث يقول ارون ناتاراجان، المؤسس والمدير التنفيذي لشركة «فنتشر» الاستشارية: «خلال الموجة الأولى من استثمارات الأسهم الخاصة في قطاع العقارات الهندي، بذل المستثمرون العالميون قصارى جهدهم من خلال استثمارات الأسهم في المشروعات السكنية هنا». والآن، صاروا متحمسين بسبب قانون الإصلاحات العقارية الهندية الجديد، ومن المتوقع لهم الاستثمار بصورة أكثر جدية خلال السنوات المقبلة. ومع ذلك، فإنهم حذرون بدرجة واضحة ويحاولون اتخاذ جميع الاحتياطيات الممكنة. وبدلاً من الاندفاع الأعمى، عندما يتيح المستثمرون الأموال لمديري الصناديق، الذين بدورهم يقدرون وضع الأموال في المشروعات التي يختارونها، فإن المستثمرين العالميين هذه المرة قد تشاركوا مع شركات التطوير العقاري المحلية لبناء المشروعات مباشرة حيث تكون لهم الكلمة الأخيرة في الاستثمارات، وتخصيص الأموال، والمجالات المتخصصة مثل الإسكان بأسعار معقولة، والمراكز التجارية، والمشروعات الإدارية، وخلافه.
* الاستثمارات في العقارات المتعثرة
توقفت الصناديق العالمية ومستثمري الأسهم الخاصة عن توفير التمويل لشركات التطوير العقاري المتعثرة، في مقابل العوائد بنسبة 15 إلى 17 في المائة، وفقًا للمحللين. وتستعد شركة «لون ستار فاندس» الأميركية للأسهم الخاصة للانضمام إلى مجموع اللاعبين الدوليين الذين يتطلعون للاستثمار في الأصول العقارية المتعثرة في الهند. وأشار تقرير منشور على صفحات «إيكونوميك تايمز» عن مصادر إلى أن الشركة الأميركية تبحث ضخ ما يقرب من مليار دولار في السوق الهندية للاستثمار في الأصول المتعثرة، كما اجتمعت الشركة مع المصارف الهندية، ومن بينها بنك «أوف إنديا»، لاستكشاف الصفقات المتاحة.
يقول امبر ماهيشواري، المدير التنفيذي لشركة «إنديابوللز المحدودة» لصناديق الأسهم الخاصة وإدارة الأصول: «في حين أن الديون المجدولة سوف تستمر في الهيمنة على المشهد الاستثماري العقاري الهندي، سوف تكون بعض الصناديق على استعداد للخوض في المزيد من المخاطر القليلة من أجل تحقيق عوائد أفضل، وفي العملية المؤدية إلى المزيد من صفقات الأسهم الخاصة بأكثر مما رأيناه في عام 2015. وسوف تكون القرارات الجديدة أكثر انتقائية، وتتم من خلال المعاملات الفردية مع كبار المطورين العقاريين».
* صناديق الاستثمار العقارية
بدأ المستثمرون العالميون في إلقاء نظرة جيدة على قطاع العقارات الهندي، ولا سيما «صناديق الاستثمار العقاري»، وبدرجة كبيرة من الاهتمام والحماس عن ذي قبل. ومن حيث رؤوس الأموال في «صناديق الاستثمار العقاري»، تبلغ قيمة السوق الهندية الآن نحو 18 مليار دولار، حتى مع احتمال أن نسبة 50 في المائة من المساحات الإدارية لصناديق الاستثمار العقاري سوف يتم إدراجها.
وتجري شركة «تيماسيك» القابضة، وصندوق الثروة السيادية في سنغافورة «جي آي سي»، ومجلس خطط الاستثمارات التقاعدية الكندي، وهيئة أبوظبي للاستثمار، محادثات متقدمة مع الجانب الهندي للاستثمار في عرض صندوق الاستثمار العقاري الهندي «إيفرستون غروب» البالغة قيمته ملياري دولار من خلال منصة «إندوسبيس» للتطوير العقاري (وهي شركة مشتركة بين صندوق «إيفرستون غروب» وشركة «ريلتيرم» العقارية الأميركية).
وصناديق الاستثمار العقارية الهندية هي عبارة عن كيانات تمتلك الأصول العقارية المدرة للإيجارات، وتقدم روافد الدخل الاعتيادية للمستثمرين وتقديرات رؤوس الأموال على المدى البعيد.
وتقدر قيمة منصة «إندوسبيس» للتطوير العقاري السوقية بمبلغ 1.5 إلى ملياري دولار. وهي واحدة من كبريات شركات التطوير العقاري العاملة في قطاع الصناعات واللوجيستيات في الهند. ولقد نجحت منصة «إندوسبيس» للتطوير العقاري من جمع 584 مليون دولار حتى الآن من خلال صندوقين للاستثمار في بناء الحدائق اللوجيستية.
وتشتمل حافظة أعمال منصة «إندوسبيس» للتطوير العقاري على 17 مشروعا من المشروعات الصناعية واللوجيستية تحت التشغيل والتطوير، إلى جانب خمسة مشروعات أخرى. أما المستأجرون فهم شركات مثل: «أمازون»، و«لوريل»، و«بروكتر آند غامبل»، و«نيسان»، و«بيبسي»، و«دي إتش إل»، و«ليوني»، و«ستيلكيس»، و«كوبوتا»، و«إريكسون»، و«بوش»، و«ديلفاي»، و«كاتربيلار»، و«أديداس»، والآسيوية للدهانات.
والاهتمام في عروض منصة «إندوسبيس» للتطوير العقاري من جانب المؤسسات الاستثمارية العالمية يأتي في وقت لا تزال فيه كثير من الشركات تحقق تقدمًا بطيئًا. ولقد نشرت مجلة «مينت» تقريرًا بأن شركات أمثال مجموعة «بلاكستون»، ومجموعة «إمباسي»، و«بانكشيل ريالتي»، ومجموعة «آر إم زي»، ومجموعة «راهيجا»، قد وضعت الخطط من أجل الانضمام إلى صناديق الاستثمار العقارية الهندية، ولكن ما من أحد يتوقع الإدراج الفعلي قبل عام 2017.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».