{هيومان رايتس ووتش} تتهم الـ«فيفا» بدعم الاستيطان

طالبت تل أبيب بوقف استخدام الأراضي الفلسطينية المسروقة

لاعبو كرة قدم من نادي أهاروني أرييل يتدربون في ملعب أقيم في مستوطنة أرييل في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
لاعبو كرة قدم من نادي أهاروني أرييل يتدربون في ملعب أقيم في مستوطنة أرييل في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

{هيومان رايتس ووتش} تتهم الـ«فيفا» بدعم الاستيطان

لاعبو كرة قدم من نادي أهاروني أرييل يتدربون في ملعب أقيم في مستوطنة أرييل في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
لاعبو كرة قدم من نادي أهاروني أرييل يتدربون في ملعب أقيم في مستوطنة أرييل في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

بدأت الجهود الفلسطينية لدى مؤسسات حقوق الإنسان العالمية، تثمر مواقف مساندة لمطلبها ضد المستوطنات اليهودية الاستعمارية في الضفة الغربية المحتلة. وقد تجاوبت منظمة «هيومان رايتس ووتش»، مع هذه الجهود عمليا، وأصدرت أمس، بيانا شديد اللهجة، اتهمت فيه إسرائيل باستخدام الأراضي الفلسطينية المحتلة بالقوة، لممارسة المستوطنين الرياضة. واتهمت «هيومان رايتس ووتش» الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، برعاية مباريات تجري في تلك المستوطنات، التي وصفتها بـ«أراض مسروقة». ودعت إلى إجبار نوادي كرة القدم الإسرائيلية في المستوطنات، على الانتقال إلى مكان آخر داخل إسرائيل.
وقالت المنظمة المدافعة عن حقوق الإنسان، التي تتخذ من نيويورك مقرا، إن ستة نواد في الدوري الإسرائيلي لكرة القدم، تلعب في المستوطنات التي تعتبر غير شرعية بموجب القانون الدولي. وعندما يسمح «الفيفا»، بإجراء مباريات على هذه الأراضي، إنما ينخرط في نشاط تجاري يدعم المستوطنات الإسرائيلية. وقالت مديرة مكتب إسرائيل وفلسطين في المنظمة، ساري بشي، إن «الفيفا يشوه قيم ومفاهيم لعبة كرة القدم الجميلة، بسماحه لإسرائيل بإقامة مبارياتها على أرض مسروقة». وأكدت بشي لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «بعض هذه المباريات تقام على أراض يملكها فلسطينيون غير مسموح لهم بدخول المنطقة، بينما تقام مباريات أخرى على أراض تابعة لقرى فلسطينية صادرها الجيش الإسرائيلي، ومخصصة حصريا، لاستخدام المدنيين الإسرائيليين». وبحسب بشي، فإن على أندية كرة القدم، من أجل الامتثال للقانون الدولي: «نقل مبارياتها إلى داخل إسرائيل».
ومن بين الفرق الستة التي تلعب في المستوطنات، أشارت «هيومان ووتش» إلى نادي بيتار غفعات زئيف، وهو من مستعمرة قائمة على أراضي القدس ومنطقتها. ويلعب النادي على ملعب أقيم على أرض تابعة لعائلتين فلسطينيتين من بلدة بيتونيا الفلسطينية المجاورة. ويضطر فريق كرة القدم في بيتونيا، للقيام بتدريباته واللعب في بلدة مجاورة، بسبب عدم وجود ملعب يلبي شروط الفيفا، إما بسبب الاستيطان وإما بسبب الجدار الفاصل الذي بنته إسرائيل.
وأكدت المنظمة الحقوقية، أن أندية كرة القدم الإسرائيلية، تشكل جزءا من «صناعة كرة القدم المحترفة»، وبهذا السكوت عن المستوطنات، فإن الفيفا يدعم اقتصاديا «نظاما يستند إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان». ودعت «هيومان رايتس ووتش» الفيفا، إلى مطالبة الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم «بنقل جميع الألعاب والأنشطة التي يرعاها الفيفا إلى داخل إسرائيل».
من جهته، أعرب الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم، عن أسفه لما سماه «جر الرياضة من ملعب كرة القدم إلى السياسة»، ولكنه أعرب عن ثقته بأن الفيفا سيتعامل بشكل صحيح مع المسألة. وبحسب الاتحاد الإسرائيلي، يجب التركيز على «تطوير اللعبة والحفاظ عليها كجسر يربط بين الناس وليس كجدار يفرق بينهم». وقال رئيسه، عوفر عيني، إن «حدود إسرائيل تقررها الحكومة ولا يحق لاتحاد كرة القدم التدخل فيها. لذلك فالأمر ليس بيدنا نحن».
أما الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا»، فرد قائلا: إنه سيواصل جهوده لتعزيز العلاقات الودية بين الاتحادات الأعضاء لديه بالتوافق مع قوانين الفيفا، وتحديد الحلول الممكنة لمصلحة اللعبة وجميع المعنيين.
وفي الجانب الفلسطيني، قال رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، جبريل الرجوب، لوكالة الصحافة الفرنسية، بأنه طلب من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم والاتحاد الأوروبي تولي القضية، معربا عن أمله في حصول اتحاده على دعم اللجنة التنفيذية للفيفا.
وكان الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، بدأ حملة في مايو (أيار) 2015، لتعليق عضوية الاتحاد الإسرائيلي في الفيفا، بسبب التقييدات التي يفرضها جيش الاحتلال الإسرائيلي على الرياضيين الفلسطينيين، وبسبب إدخال فرق مستوطنين في مباريات كرة القدم. وشكل الاتحاد الدولي لكرة القدم في حينه، لجنة من أجل البحث في قضية المستوطنات وحرية حركة اللاعبين الفلسطينيين، في ظل اضطرارهم للحصول على أذونات للتنقل من الإسرائيليين الذين يتحكمون بكل المنافذ إلى الضفة الغربية ومنها. وستقدم اللجنة تقريرا عن أعمالها في اجتماع اللجنة التنفيذية للفيفا في 13 و14 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، بحسب متحدث باسم الفيفا. وقال المتحدث لوكالة الصحافة الفرنسية، بأن هناك «تقدما ملحوظا» تم تحقيقه فيما يتعلق بحرية حركة اللاعبين الفلسطينيين.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.