باريس: النهج الأميركي ـ الروسي في سوريا وصل إلى حدوده القصوى.. ومطلوب بدائل

شعور بالعجز في الملف السوري بسبب تراجع واشنطن

باريس: النهج الأميركي ـ الروسي في سوريا وصل إلى حدوده القصوى.. ومطلوب بدائل
TT

باريس: النهج الأميركي ـ الروسي في سوريا وصل إلى حدوده القصوى.. ومطلوب بدائل

باريس: النهج الأميركي ـ الروسي في سوريا وصل إلى حدوده القصوى.. ومطلوب بدائل

تريد فرنسا إنقاذ مدينة حلب من الدمار وسكانها من الهلاك تحت الركام أو بسبب القنابل التي تصبها الطائرات الروسية أو طائرات وطوافات النظام على المناطق الشرقية من المدينة. لكن باريس، كما غيرها من العواصم الغربية، تشعر بـ«العجز» كما تقول مصادرها، بفعل «التراجع الأميركي وغياب أي رغبة أميركية بالانخراط بشكل أكبر في الحرب في سوريا».
وتعي باريس أن «السقف العالي» للتصريحات الصادرة عن المنظمات الدولية والدول الغربية والمنددة بما يحصل في حلب «لن تدفع موسكو إلى تغيير سياستها أو النظام إلى وقف القصف العشوائي» لحلب والمناطق السورية الأخرى. ولا يخفي المسؤولون الفرنسيون «خيبتهم» من «شلل» الإدارة الأميركية التي تتأهب إلى الرحيل عن البيت الأبيض والتي لا تنوي بتاتا الذهاب في سوريا أبعد مما ذهبت إليه حتى الآن، لا في موضوع مواجهة روسيا ولا في موضوع السماح بتوفير السلاح النوعي الكفيل بإبطال مفعول سلاح الجو التابع للنظام أو الذي نشرته روسيا في سوريا.
فضلا عن ذلك، أعرب وزير الخارجية الفرنسية أن «النهج الثنائي» الأميركي - الروسي «وصل إلى حدوده القصوى وبالتالي يتعين البحث عن طريق بديلة». واقترح أيرولت ضم الدول الفاعلة المنضوية في إطار مجموعة الدعم لسوريا إلى الجهود الأميركية - الروسية، وليس إبقاءها على قارعة الطريق كما حصل مثلا في الاتفاق المبرم في جنيف بين كيري لافروف والذي لم تطلع عليه الدول المشاركة في عمليات القصف الجوي في إطار التحالف الدولي. كذلك تطالب باريس بـ«آلية جماعية» للإشراف على وقف الأعمال القتالية لأن المركز المقام في جنيف لتبادل المعلومات عن انتهاكات الهدنة وللتدخل من أجل وقفها، لم يبين فعاليته وبالتالي يتعين التفتيش عن طريقة أخرى للعمل في حال تمت العودة إلى تطبيق الاتفاق المشار إليه أو تم التوصل إلى اتفاق جديد.
إزاء هذا الواقع، لا ترى باريس من بديل سوى العودة «الفورية» لتطبيق الاتفاق الأميركي - الروسي أولا في حلب ولاحقا في المناطق الأخرى، على أن يستكمل بالمقترحات التي قدمتها وأولها إنشاء آلية رقابة «جماعية» تتمتع بالصدقية حتى يكون الالتزام بوقف العمليات العدائية جديا. وسبق لسفير فرنسا المولج الملف السوري فرنك جوليه أن اقترح، في إطار اجتماعات مجموعة مراقبة الهدنة التي تجتمع في جنيف كل يوم خميس، أن تعمد المجموعة إلى نشر خلاصات التقارير التي تصدرها وتندد بالجهة التي تنتهك وقف النار. لكن مقترحه لم يؤخذ به لاعتبارات مختلفة. واعتبر فرنسوا دولاتر هذا المخرج بمثابة «الأمل الوحيد» في الوقت الحاضر من أجل وقف التدمير والقتل. وفي حال عاد العمل بالهدنة وأنشئت آلية الرقابة، فإن «الثقة المفقودة» يمكن أن ترمم وسيصمد وقف النار الذي يمكن مده إلى المناطق الأخرى.
«إنها لحظة الحقيقة» بالنسبة للأسرة الدولية وللأطراف الفاعلة فيها كما تقول المصادر الفرنسية. لكن باريس تعتبر اليوم وأكثر من أي يوم مضى أن «مفتاح الحل» في سوريا موجود في موسكو التي لها الربط والحل بسبب إمساكها بغالبية الأوراق العسكرية والسياسية وخصوصا بسبب «انكفاء» واشنطن التي ما زال وزير خارجيتها يراهن بشكل كامل على إمكانية التفاهم مع نظيره لافروف. وبما أن وسائل الضغط على روسيا التي تتمتع بها أطراف كفرنسا وبريطانيا وغيرها من مجموعة «النواة الصلبة» الداعمة للمعارضة السورية تختزل بالضغوط السياسية واستخدام المنابر كافة لذلك، فإن أثرها يبدو محدودا للغاية. من هنا، فإن ما جاء في بيان وزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا عقب لقائهم السبت الماضي في مدينة بوسطن بدعوة من الوزير كيري، يبين محدودية الوسائل التي يستطيعون اللجوء إليها، إلا إذا قرروا أخيرا تقديم السلاح «النوعي» الذي تطلبه المعارضة منذ سنوات وهو أمر مستبعد اليوم. وجاء في البيان أن «الصبر على عجز روسيا المتواصل أو عدم رغبتها في الإيفاء بالتزاماتها له حدود».
هذا الكلام يذكر بكلام آخر صادر عن كيري حين قال إن صبر الولايات المتحدة «على روسيا» «ليس غير محدود»، وإن لبلاده «خطة باء» يمكن أن تلجأ إليها. والحال أنه بعد مرور كثير من الأشهر لم ير أحد ظل الخطة باء أو أي حرف من حروف الأبجدية.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».