اليوميات المغطاة بدماء المشتبه به في تفجيرات نيويورك تحمل آثار «القاعدة» و«داعش»

رحمي قد يواجه عقوبة السجن مدى الحياة

صورة لصفحة ملطخة بالدماء من يوميات المشتبه به رحمي تحمل آثار الحرق من طلقات الرصاص (واشنطن بوست)
صورة لصفحة ملطخة بالدماء من يوميات المشتبه به رحمي تحمل آثار الحرق من طلقات الرصاص (واشنطن بوست)
TT

اليوميات المغطاة بدماء المشتبه به في تفجيرات نيويورك تحمل آثار «القاعدة» و«داعش»

صورة لصفحة ملطخة بالدماء من يوميات المشتبه به رحمي تحمل آثار الحرق من طلقات الرصاص (واشنطن بوست)
صورة لصفحة ملطخة بالدماء من يوميات المشتبه به رحمي تحمل آثار الحرق من طلقات الرصاص (واشنطن بوست)

كشف المتهم في تفجيرات نيويورك ونيوجيرسي عن مزيج انتقائي من المحفزات الإرهابية، بما في ذلك «القاعدة» و«داعش»، عبر اليوميات التي التقطت من مسرح الأحداث كدليل كشفت عنه السلطات يوم الأربعاء الماضي.
وفي اليوميات المشار إليها، التي كانت بحوزة أحمد رحمي خلال تبادل إطلاق النار بينه وبين الشرطة، كان الشاب البالغ من العمر 28 عاما قد كتب عبارات حول زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن، والداعية المتطرف أنور العولقي، والناطق باسم «داعش» أبو محمد العدناني. كما لمح في يومياته كذلك إلى حادثة تفجير ماراثون بوسطن، وحادثة إطلاق النار في فورت هود بولاية تكساس عام 2009، حسبما أفادت به السلطات.
وفي يوم الأربعاء، عرض النائب مايكل ماكول (جمهوري - تكساس) صورة لصفحة ملطخة بالدماء وتحمل آثار الحرق من طلقات الرصاص في اليوميات المذكورة، وهي التي وفرت للمسؤولين التفاصيل الأكثر دقة حول المحفزات الحقيقية وراء جرائم رحمي الإرهابية. وفي اليوميات، يبدو أن رحمي يشير بوضوح إلى توجيهات العدناني بشأن «مهاجمة الكفار في عقر دارهم».
ويواجه رحمي، الموجود حاليًا في المستشفى لتلقي العلاج عن إصابته خلال المواجهات مع الشرطة، الاتهامات أمام اثنتين من المحاكم الفيدرالية (في مانهاتن ونيوارك) مع ثمانية اتهامات ناشئة عن الهجمات، بما في ذلك استخدام أسلحة الدمار الشامل وتفجير الأماكن العامة. وهو متهم أيضًا بزرع العديد من القنابل – أولها في سي - سايد نيو بولاية نيوجيرسي، على طول مسار طريق مخصص للسباقات، وفي صندوق للقمامة، وعلى طول طريق في حي تشيلسي في نيويورك، وأخيرا في محطة للقطارات في حي إليزابيث بنيوجيرسي.
ولقد تعرض 31 شخصا لإصابات مختلفة جراء الانفجار في حي تشيلسي، ولم يتعرض أحد للإصابة من التفجيرات الأخرى.
وقال النائب العام الأميركي بريت بهارارا إن القضية الأولى سوف تكون قضية مانهاتن، ولقد أصدر أعضاء النيابة هناك أمرا قضائيا لدى جهاز مأموري الشرطة الأميركية يهدف إلى إحضار رحمي إلى المحكمة في أقرب وقت ممكن. وإذا ما أدين رحمي في التهم الموجهة إليه فقد يواجه عقوبة السجن مدى الحياة.
واستمر المحققون، في الوقت ذاته، في البحث عن كيفية تنفيذ رحمي للهجمات، وما إذا كان يعمل بمفرده، وما التوجيهات المحتملة أو المحفزات التي استمدها من رحلاته الخارجية.
وكان رحمي، المواطن المجنس المولود في أفغانستان، قد سافر إلى موطنه وإلى باكستان في الفترة بين عام 2011 وعام 2014، وتضمنت رحلته إقامة موجزة في إقليم كويتا الباكستاني الذي يعتبر معقلاً من معاقل المتطرفين في البلاد.
وفي عام 2014، أجرت المباحث الفيدرالية الأميركية تقييمًا حول رحمي - وهو تقييم منخفض المستوى للغاية استجابة لنصيحة تتعلق بتحديد ما إذا كان هناك داعٍ إلى فتح تحقيق مبدئي بحقه.
ومن شأن تلك الرحلات الخارجية أن يُعاد النظر فيها خلال التقييم، التي تشمل مراجعة قواعد البيانات الداخلية. ولكن السفر وحده إلى الدولة التي تعج بأعضاء من مختلف الجماعات الإرهابية أمثال «القاعدة» و«طالبان» لن يكون أساسًا كافيًا لفتح التحقيقات في الأمر، لا سيما إذا كان الشخص نفسه مواطنًا سابقًا من مواطني هذه الدولة.
وقال مسؤولو إنفاذ القانون بتاريخ 7 يوليو (تموز) إن رحمي ابتاع مسدسًا موديل «غلوك» عيار 9 ملليمترات، ذلك الذي استخدمه في إطلاق النار على اثنين من ضباط الشرطة في ليندن في نيوجيرسي أثناء محاولة إلقاء القبض عليه داخل متجر بيع الأسلحة في سالم في فيرجينيا. ولكي يتمكن أحدهم من شراء سلاح في ولاية فيرجينيا لا بد أن يكون من سكان الولاية المقيمين، ولكن أحد المسؤولين قال إن رحمي كان قادرًا من الناحية القانونية على شراء السلاح في مدينة سالم، نظرًا لأنه قدم للتاجر هوية شخصية صحيحة تابعة لولاية فيرجينيا. كما أنه نجح في المرور من فحص الخلفية الفيدرالي الخاص بشراء الأسلحة النارية.
ولم يكشف المسؤولون عن اسم متجر بيع الأسلحة. وقال أحدهم إن رحمي له أقارب في تلك المنطقة، ولقد اعتقل اثنان منهم مساء الأحد ثم أُطلق سراحهم في خضم المطاردة الشرسة من قبل رجال إنفاذ القانون.
وقالت شرطة نيويورك والمباحث الفيدرالية بعد ظهيرة يوم الأربعاء إنهم كانوا في أثر رجلين ظهرا على كاميرات المراقبة في مواجهة إحدى القنابل التي لم تنفجر في أحد شوارع مانهاتن مساء يوم السبت. وقالت الشرطة إن الرجلين استخرجا القنبلة من الحقيبة ثم انطلقا بعيدا بالحقيبة.
وقال جيمس واترز مدير مكافحة الإرهاب بشرطة نيويورك إن المحققين لم يكن لديهم سبب كافٍ يدعوهم للاعتقاد أن الرجلين المشار إليهما على علاقة بالتفجيرات، ولكن المحققين كانوا يأملون في الحديث مع الرجلين واستعادة الحقيبة المفقودة من مسرح الأحداث. وأشار السيد واترز إلى أن الرجلين كانا محظوظين للغاية لتجنب التعرض للإصابة، باعتبار أن ما كانا يحملانه هو جهاز حساس جدا للصدمات.
* خدمة «واشنطن بوست»
- خاص بـ {الشرق الأوسط}



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».