تركيا تجدد شرطها للمشاركة في عملية الرقة بعدم مشاركة أكراد سوريا

دبلوماسيون لـ «الشرق الأوسط»: أنقرة تسعى لتقديم البديل بنموذج «درع الفرات»

أهالي بلدة الأتارب بريف حلب الغربي تجمعوا داخل منطقة كان الطيران الروسي والأسدي استهدفاها أمس (غيتي)
أهالي بلدة الأتارب بريف حلب الغربي تجمعوا داخل منطقة كان الطيران الروسي والأسدي استهدفاها أمس (غيتي)
TT

تركيا تجدد شرطها للمشاركة في عملية الرقة بعدم مشاركة أكراد سوريا

أهالي بلدة الأتارب بريف حلب الغربي تجمعوا داخل منطقة كان الطيران الروسي والأسدي استهدفاها أمس (غيتي)
أهالي بلدة الأتارب بريف حلب الغربي تجمعوا داخل منطقة كان الطيران الروسي والأسدي استهدفاها أمس (غيتي)

علق الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مشاركة بلاده في عملية يخطط التحالف الدولي للقيام بها لتحرير مدينة الرقة في شمال سوريا من أيدي تنظيم داعش الإرهابي، على شرط عدم مشاركة القوات الكردية في مثل هذه العملية.
وقال إردوغان في تصريحات للصحافيين المرافقين له في رحلة العودة من نيويورك، حيث شارك في اجتماعات الدورة 71 للجمعية العامة للأمم المتحدة، ونشرت في وسائل الإعلام التركية أمس: «تركيا تريد الانضمام إلى الولايات المتحدة في عملية عسكرية لطرد تنظيم داعش من معقله في مدينة الرقة بسوريا إذا ما تم استبعاد المقاتلين الأكراد».
وأوضح إردوغان أن المباحثات في هذا الصدد لا تزال مستمرة: «يجري وزير خارجيتنا وقيادتنا العسكرية محادثات مع الولايات المتحدة لبحث مسألة الرقة. أطلعناهم على شروطنا». وتابع: «اتخاذ خطوة مشتركة يعد أمرًا مهمًا بالنسبة لنا.. إذا لم تقحم الولايات المتحدة حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردية في هذا الأمر يمكننا القتال في هذه المعركة إلى جانبها».
وركزت تركيا جزءًا كبيرًا من طاقتها خلال الحرب المستمرة منذ نحو ست سنوات في سوريا المجاورة على رغبتها في الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، بدلاً عن محاربة تنظيم داعش. وجاءت عمليتها الأخيرة داخل سوريا المسماة «درع الفرات» بعد التقدم المطرد الذي حققته وحدات حماية الشعب ومخاوفها من نشوء شريط فيدرالي كردي على حدودها.
وقال إردوغان إن تركيا خاضت «أكثر قتال فاعلية ضد تنظيم داعش على الرغم من التضليل». في إشارة إلى اتهامات سابقة لتركيا بدعم التنظيم المتطرف. وقال مسؤولون عسكريون أميركيون كبار الأسبوع الماضي إنهم يدرسون تسليح مقاتلين أكراد سوريين، وأقروا بصعوبة تحقيق التوازن بين ذلك وبين العلاقات مع أنقرة. وذكر إردوغان إنه سأل نائب الرئيس الأميركي جو بايدن عن شحنات الأسلحة للأكراد خلال لقائه معه في نيويورك، وأن نائب الرئيس الأميركي قال إنه ليس على علم بأي شحنات.
وقال دبلوماسيون لـ«الشرق الأوسط» إن ملف المقاتلين الأكراد في سوريا بات معضلة أساسية من معضلتين في العلاقات بين أنقرة وواشنطن، الثانية هي ملف تسليم الداعية فتح الله غولن حليف إردوغان السابق، والذي يتهمه حاليًا بأنه كان وراء محاولة الانقلاب التي وقعت في تركيا في منتصف يوليو (تموز) الماضي.
ورأى الدبلوماسيون أن تركيا تسعى لتقديم نفسها كبديل فعال ضد «داعش» في الرقة باعتماد النموذج نفسه الذي طبقته من خلال دعمها قوات من الجيش الحر في جرابلس، في إطار عملية درع الفرات بالتنسيق مع التحالف الدولي، والتي أظهرت أن «داعش» ليس بالقوة التي تعجز 56 دولة عن القضاء عليه في أيام، مثلما حدث في محور جرابلس الراعي.
واعتبر الدبلوماسيون أن تركيا تسعى من وراء هذا إلى ضمان المساحة الكاملة للمنطقة الآمنة التي تحدث عنها إردوغان منذ أيام وحددها بـ5 آلاف كيلومتر مربع، لكنهم أكدوا أن واشنطن وحلفاءها والأطراف الدولية المعنية بالوضع في سوريا لن تقبل بهذا، وإنما قد يتم التغاضي ضمنيًا عن مساحة أقل مع عدم تحقيق شرط حظر الطيران الذي تطالب به أنقرة.
وتطرق إلى فكرة إنشاء منطقة آمنة في المناطق المحررة من «داعش»، لافتًا إلى أنّ الولايات المتحدة لم تعلن صراحة عن معارضتها لهذه الفكرة، وأنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أيضًا لم يعلن معارضته لهذه الخطوة، وأنّ المطلوب لإنشاء هذه المنطقة هو دعم الدول المشاركة في التحالف الدولي، مشيرًا في الوقت نفسه إلى إمكانية إنشاء وحدات سكنية في تلك المناطق في حال توفر الدعم المادي.
وفي ما يتعلق بعملية درع الفرات التي أطلقتها القوات التركية في شمال سوريا لدعم قوات الجيش السوري الحر، بهدف تطهير المناطق السورية المتاخمة للحدود التركية من المنظمات الإرهابية في 24 أغسطس (آب) الماضي، ولا تزال مستمرة حتى الآن، قال إردوغان إنّ قوات الجيش السوري الحر تمكنت خلال أيام قليلة من تحرير مساحات كبيرة من يد التنظيم، وأنّ هذه القوات تتابع مسيرها باتجاه مدينة الباب التي تعتبر معقل التنظيم في ريف حلب الشمالي.
من جانبه قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن قوات عملية «درع الفرات» شمال سوريا، مضطرة للتمدد 45 كيلومترًا على الأقل نحو الجنوب للوصول إلى مدينة «منبج»، وأنه سيعقب ذلك إقامة منطقة آمنة فعلية بمساحة 5 آلاف كيلومتر مربع تقريبًا.
وجدّد جاويش أوغلو في مقابلة مع قناة «فرانس 24» رغبة بلاده في إقامة منطقة حظر جوي في سوريا، مضيفًا: «يمكننا مبدئيًا أن نتوسع 45 كيلومترًا على الأقل نحو الجنوب، ونحن مضطرون لذلك للوصول إلى منبج، ويمكن بعد ذلك أن تتشكل منطقة آمنة فعلية بنحو 5 آلاف كيلومتر مربع». وردّا على سؤال: «ألا تريدون التوسّع أكثر من ذلك»، أشار جاويش أوغلو إلى أن سلطات بلاده العسكرية تُجري مباحثات من أجل القيام بعملية على محافظة الرقة شمالي سوريا، معقل تنظيم داعش الإرهابي، مبينًا أن موعد هذه العملية غير مُحدد، ولكن ينبغي الاستعداد لها.
وعمّا إذا كانت تركيا ستشن الهجوم على الرقة بنفسها، أوضح الوزير، أن الهجوم ليس على المدينة وإنما ضد «داعش»، مشدّدًا على أن «تركيا ليست لديها أي مشكلة مع الشعب السوري، وهي تدعم قوات المعارضة المحلية المعتدلة في الحرب ضد التنظيم المتطرف». وتطرّق جاويش أوغلو إلى الهجوم الذي استهدف قافلة المساعدات الإنسانية في بلدة أورم الكبرى بريف حلب، «محمّلاً النظام السوري والدول الداعمة له مسؤوليته»، وأشار في هذا السياق إلى عدم وجود طائرات أطراف أخرى تحلق في تلك المنطقة، داعيًا إلى «تحقيق صريح للكشف عن ملابسات الهجوم».
ميدانيًا، أعلن الجيش التركي تدمير 51 هدفًا لتنظيم داعش شمال سوريا ضمن عملية درع الفرات، ليل السبت - الأحد. وقال ناطق عسكري باسم الجيش التركي في بيان صحافي إن «38 هدفًا لـ(داعش) تم تحديدها من خلال عمليات الرصد والمراقبة المستمرة ضمن عملية درع الفرات، تم تدميرها بـ101 رماية من مدافع العاصفة التركية، وأن طائرات حربية تابعة لسلاح الجو التركي دمرت 13 هدفًا آخر لـ(داعش) بشكل كامل». جاء ذلك، فيما تمكنت فصائل المعارضة المدعومة تركيًا في في اليوم 32 من عملية «درع الفرات» من استعادة الكثير من المواقع التي تقدم إليها «داعش» خلال الأيام الماضية بريف بلدة الراعي شمال حلب، من بينها قريتا أثريا ويان يبان بريف حلب.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».