إردوغان يلمح لـ«جيش وطني» بالمنطقة الآمنة

بينما أشار غُل إلى إمكانية القبول ببقاء الأسد «إذا كان ضمن حل يرضي جميع الأطراف»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال إلقاء كلمته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال إلقاء كلمته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
TT

إردوغان يلمح لـ«جيش وطني» بالمنطقة الآمنة

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال إلقاء كلمته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال إلقاء كلمته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

لمح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى بناء «جيش وطني» من المعارضة السورية في «المنطقة الآمنة» و«المحظورة الطيران» التي تعمل أنقرة على إنشائها في شمال سوريا بالقرب من حدودها. إلا أن الرئيس التركي السابق عبد الله غُل أعطى من جانبه مؤشرا إلى إمكانية قبول تركيا ببقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد «إذا كان في ذلك حل يرضي جميع الأطراف».
كلام إردوغان جاء خلال لقاء في جمعية توركان قبيل مغادرته نيويورك، حيث شارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقال: «ندعو إلى إعلان منطقة حظر طيران بحد أقصى 5 آلاف كيلومتر مربع، وتشكيل جيش وطني في المنطقة بالتزامن مع إعلان منطقة حظر الطيران. وهناك ضرورة لتشكيل هذا الجيش الوطني من المعارضة المعتدلة». واتهم الرئيس التركي الغرب «بالتعامل بازدواجية»، مجددا دعوته لإنشاء منطقة حظر جوي شمال سوريا، بحسب ما نقلت وسائل الإعلام المحلية في تركيا أمس السبت.
وتابع إردوغان، إن تركيا نفذت مع «الجيش السوري الحر» عملية تحرير مدينة جرابلس وبلدة الراعي ومنحته الدعم اللوجستي. وقال إنه خلال تلك العمليات «دمرت بعض الدبابات التابعة للجيش التركي من قبل العناصر الإرهابية هناك»، مؤكدا أنه تم تحرير بلدة الراعي وتسليمها إلى أهلها، وأن العملية العسكرية الآن تتجه صوب مدينة الباب شمال شرقي مدينة حلب عاصمة شمال سوريا.
ومن جهة ثانية، حمّل إردوغان نظام الأسد المسؤولية عن قصف قافلة المساعدات التابعة للأمم المتحدة والهلال الأحمر السوري، وهي في طريقها إلى مدينة حلب الاثنين الماضي. وقال في مقابلة تلفزيونية: «إن النظام السوري هو المسؤول عن الهجوم الذي استهدف قافلة المساعدات في بلدة أورم الكبرى بريف حلب، ولقد رأينا مجددا حقيقة نظام الأسد». واعتبر الرئيس التركي بقاء بشار الأسد على رأس السلطة في سوريا خلال المرحلة المقبلة «احتقارًا لأرواح 600 ألف شخص تسبب بمقتلهم منذ بداية الحرب». وفي الوقت نفسه، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن العالم اعتاد مقتل مئات الأشخاص يوميا، والمجتمع الدولي بات لا يحرك ساكنًا أمام مقتل نحو 500 إنسان يوميًا على يد النظام السوري.
في المقابل، وبينما تتصاعد التصريحات التركية الرسمية ضد الأسد، أعطى الرئيس التركي السابق عبد الله غُل مؤشرا إلى «إمكانية قبول تركيا بقاء الأسد إلى حين»، قائلا إن تركيا ستوافق على بقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد في الحكم «إذا كان في ذلك حل يرضي جميع الأطراف».
وأجاب غُل، الذي لا يزال قريبا من دوائر صنع القرار في تركيا، على سؤال خلال مقابلة تلفزيونية حول موقف أنقرة من الحوار مع رئيس النظام السوري حال بقائه في السلطة، بأنه من وجهة نظره «إذا تم الوصول إلى شروط المصالحة، وبعد ذلك إلى حل سياسي، فإن تركيا ستدعم ذلك» بحسب قوله.
وأوضح الرئيس التركي السابق أنه «لا يعرف كيف سيكون شكل الاتفاق، أو ما إذا كان سيتضمّن بقاء الأسد لفترة محددة يتنحى في نهايتها، أو إن كان سيبقى في الحكم خلال فترة انتقالية، أو إن كان سيبقى رئيسًا حتى الانتخابات المقبلة شرط ألا يترشح مرة أخرى». لكنه أكد أنه «إذا كان من الممكن صياغة حل يرضي جميع الأطراف، فإنه واثق بأن تركيا لن ترفض ذلك». كذلك رأى غُل أن تركيا «ليست في حرب مع الجيش السوري النظامي»، مبينًا أن كل ما تريده هو «إقامة منطقة آمنة على حدودها للملايين من اللاجئين الذين استقروا في تركيا»؛ لأن بلاده «تبحث فقط عن حماية كيانها من التهديدات التي تواجهها» على حد تعبيره.
وفي سياق مواز، أعلنت رئاسة الأركان العامة للجيش التركي، في بيان، أن قوات «الجيش السوري الحر» المشاركة في عملية «درع الفرات»، التي يدعمها الجيش التركي تمكنت من استعادة السيطرة على ثلاث قرى في خط أعزاز – الراعي، في ريف محافظة حلب الشمالي، بغطاء جوي وبري وفّرته القوات التركية. وقالت رئاسة الأركان التركية إن فصائل المعارضة السورية سيطرت الجمعة على كل من قرى قره غوز وطويران والمثمنة، عقب انسحاب عناصر تنظيم داعش الإرهابي منها، وأنها تواصل عملياتها للسيطرة على قرية النهضة. كذلك أشار البيان إلى أن الدعم البري والجوي الكثيف، حال دون تقدم مسلحي «داعش» نحو عدة قرى خاضعة لسيطرة المعارضة، مبينًا أن القوات التركية استهدفت 105 أهداف تابعة للتنظيم بالأسلحة الثقيلة، ليصل إجمالي عدد الأهداف التي قُصفت إلى 1182 هدفا، منذ انطلاق «درع الفرات».



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.