صد هجوم للانقلابيين شمال لحج.. وجريمة تهجير يرتكبونها في «بيت القاضي»

استهداف مخازن حوثية للأسلحة والألغام

يمني يقطع طريقًا جبليًا صعبًا للوصول إلى منزله حاملاً أسطوانة غاز (رويترز)
يمني يقطع طريقًا جبليًا صعبًا للوصول إلى منزله حاملاً أسطوانة غاز (رويترز)
TT

صد هجوم للانقلابيين شمال لحج.. وجريمة تهجير يرتكبونها في «بيت القاضي»

يمني يقطع طريقًا جبليًا صعبًا للوصول إلى منزله حاملاً أسطوانة غاز (رويترز)
يمني يقطع طريقًا جبليًا صعبًا للوصول إلى منزله حاملاً أسطوانة غاز (رويترز)

تمكن الجيش الوطني بمساندة المقاومة الشعبية من صد هجوم للميليشيات الانقلابية شرق بلدة كرش شمال لحج؛ إذ كانت تسعى من خلال هذا الهجوم للتوغل في تلك المناطق، الأمر الذي دفع بالجيش لعمل ساتر عسكري على أطراف البلدة، والدخول في مواجهات عنيفة لوقف تقدم الميليشيات، ونتج عن ذلك تراجع الانقلابيين إلى المواقع الخلفية، ومقتل أحد أفراد الجيش وجرح آخر، فيما سقط عدد من الجرحى في صفوف الميليشيات الانقلابية.
واستهدف الجيش الوطني عددا من المواقع الرئيسية لميليشيا الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في مديرية ميدي، ومن أبرزها مخازن للأسلحة والذخائر والألغام، التي كان الانقلابيون يعتمدون عليها في تزويد أتباعهم بها في الجبهات الشمالية، في حين تمكن طيران التحالف العربي الذي تقوده السعودية، أمس، من تدمير كثير من المواقع الحيوية للميليشيا.
ونجح طيران التحالف في ضرب عدد من المواقع في الشق الشمالي ومراكز نفوذ الميليشيا، ومن أبرزها موقع للحوثي والمخلوع صالح، في منطقة خطام، وهي أحد المراكز العسكرية الرئيسية للميليشيا، كما استهدفت الضربات الجوية حامية نقطة للميليشيات في بئر قايد شمال النقوب، وتجمعًا للميليشيا في بيت أبو ناب في محيط جبل بلبوم في عسيلان.
وقال مصدر عسكري إن تحركات الجيش الوطني بالتنسيق مع قوات التحالف العربي، تستهدف في هذه المرحلة المواقع الرئيسية للانقلابيين، ومراكز القوة العسكرية التي يعتمدون عليها، ومن أبرز تلك المواقع المستودعات ومخازن السلاح في عدد من المديريات التي تغذي الميليشيا على الجبهات، وذلك بهدف قطع الإمدادات العسكرية عن هذه الجبهات، تمهيدا لتقدم الجيش باتجاه مراكز تلك المدن.
ولفت المصدر إلى أن هذه الضربات تأتي بالتزامن مع تقدم الجيش في كثير من الجبهات، خصوصا مع نقص الإمدادات لهذه المواقع، الذي انعكس على معنويات أتباعهم، خصوصا أن القيادات تعيش مرحلة تخبط في إدارة المعارك والمواجهات المباشرة مع الجيش الوطني، الأمر الذي دفع بكثير من أفراد الانقلابيين للاستسلام دون مواجهات عسكرية، أو الفرار من المعارك وترك أسلحتهم في المواقع. وبدا واضحا أن الجيش فرض قبضته العسكرية من خلال محاصرته الحوثيين وقوات صالح في مديرية صرواح غرب مدينة مأرب (شرق العاصمة صنعاء)، الأمر الذي يعتبره عسكريون تمهيدا لدخول مركز المدينة التي تسيطر عليها الميليشيات، خصوصا أن الجيش يلقى دعما مباشرا من قوات التحالف العربي والمقاومة الشعبية في هذه الجبهة.
وفي سياق متصل، وفي المناطق الجنوبية، ما زالت الأعمال القتالية مستمرة على جميع الجبهات، ومنها جبهة «باب المندب» التي نجح الجيش الوطني في إحراز انتصارات كثيرة فيها، دفعت الميليشيا للتراجع وبشكل كبير عن جبل القلع وجبل الحدي، الأمر الذي فتح المجال للجيش لتنويع أعماله القتالية للتوغل باتجاه المناطق المتاخمة لهذه المواقع.
وتعد المناطق الجنوبية من المواقع التي تسعى الميليشيات للوصول إليها بشتى الوسائل، نظرا لموقعها الاستراتيجي، بحسب مصدر عسكري قال إن «الميليشيات سعت خلال اليومين الماضيين إلى شن كثير من الهجمات التي فشلت جميعها لصمود الجيش الذي رفع من عملياته القتالية بمساندة المقاومة الشعبية في تلك الجبهات»، وقال إن هذه الأعمال مكنت الجيش من السيطرة على كثير من المواقع المهمة التي كانت في وقت سابق تحت سيطرة الميليشيا».
وفي تعز، تواصل ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح الانقلابية، انتهاكاتها ضد أبناء المحافظة الواقعة جنوب العاصمة صنعاء، وبشكل خاص سياساتها الإجرامية بحق أهالي مديرية الصلو جنوبا.
وبعدما هجّرت الميليشيات الانقلابية أهالي قرية الصيار في مديرية الصلو في أيام عيد الأضحى المبارك بأكثر من 250 أسرة من منازلها؛ لتحولها إلى ثكنات عسكرية ومخازن لأسلحة الميليشيات الانقلابية، تواصل ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح محاولاتها الحثيثة لتهجير أهالي قرية بيت القاضي في الصلو، المجاورة لقرية الصيار.
يأتي ذلك، في الوقت الذي تجددت فيه المواجهات العنيفة في محاولة من الميليشيات الانقلابية للتقدم إلى منطقة الصيرتين، التي تقع تحت سيطرة الجيش اليمني، وشن الانقلاب قصفا على مواقع الجيش والمقاومة من مواقع تمركزه ومن منطقة الصيار التي جعل منها ثكنة عسكرية بعدما أمدّ المنطقة بتعزيزات عسكرية ومسلحين.
وقال شهود عيان من أبناء الصلو لـ«الشرق الأوسط» إن «ميليشيات الحوثي وصالح تريد تهجير أهالي قرية بيت القاضي، المجاورة لقرية الصيار، وذلك بعدما هجرت أهالي الصيار، وأجبرت أكثر من 250 أسرة على مغادرة منازلهم، وتحويلها إلى مخازن لأسلحة الميليشيات الانقلابية وثكنات عسكرية تقصف منها القرى المجاورة للصيار».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.