جاستين سيبريل: السعودية لديها تجربة رائدة من خلال مركز محمد بن نايف للتأهيل

منسق مكافحة الإرهاب بالخارجية الأميركية: نسعى لمواجهة «دورة حياة التشدد»

جاستين سيبريل («الشرق الأوسط»)
جاستين سيبريل («الشرق الأوسط»)
TT

جاستين سيبريل: السعودية لديها تجربة رائدة من خلال مركز محمد بن نايف للتأهيل

جاستين سيبريل («الشرق الأوسط»)
جاستين سيبريل («الشرق الأوسط»)

احتلت قضية مكافحة التشدد العنيف مكانة بارزة في لقاءات ومناقشات الجلسات على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعقدت اللجنة الوزارية لمنتدى مكافحة الإرهاب العالمي (GCTF) اجتماعها السابع مساء الثلاثاء بمشاركة 30 دولة برئاسة المغرب وهولندا لمناقشة الإجراءات والسياسات لمواجهة تحديات التطرف والإرهاب في العالم، وكيفية تقوية النظام القضائي والقوانين التي تتعلق بالإرهاب. وقدمت كل من الولايات المتحدة وتركيا مبادرة «مواجهة دورة حياة التشدد والعنف»، وطرحت نقاشات لمواجهة ظاهرة «الذئاب المنفردة»، وهي الظاهرة الجديدة لأفراد يقومون بعمليات إرهابية دون الانتماء إلى منظمة أو جماعة إرهابية محددة. كما نوقشت سبل حماية الأهداف السهلة، مثل المطاعم والمسارح والأماكن العامة التي يختارها الإرهابيون. وفي لقاء خاص نظمته جمعية الصحافيين الأجانب بنيويورك مع جاستين سيبريل، منسق مكافحة الإرهاب بالخارجية الأميركية، تحدّث إلى عدد صغير من الصحافيين حول الجهود التي تجري ما بين الولايات المتحدة والدول العربية والأوروبية لمواجهة التشدد ومراحله المختلفة. كما تحدث عن جهود مواجهة التطرف في جنوب شرقي آسيا، وبصفة خاصة في بنغلاديش وباكستان وفي جنوب أفريقيا وفي نيجيريا ومالي.
وفي حوار خاص لـ«الشرق الأوسط»، تحدث سيبريل عن التعاون مع المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي وعن مكافحة ظاهرة المقاتلين الأجانب وقطع طريق انضمامهم إلى «داعش» في سوريا والعراق، وعن الوضع في ليبيا ودور مركز «هداية» الذي أقامته الإمارات العربية المتحدة لمواجهة الفكر المتطرف.
* ما هي النقاشات التي دارت على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب؟
- هذا الاجتماع الوزاري لمنتدى مكافحة التطرف العنيف هو الاجتماع السابع منذ تدشينه عام 2011. وهو يمثل قاعدة متعددة الأطراف لمكافحة الإرهاب وتحديد الأدوات المطلوبة لتعزيز التعاون العالمي. ويضم المنتدى خبراء وصناع السياسة من 30 دولة تجتمع بشكل دوري لمناقشة سياسات مكافحة التطرف والتشدد العنيف، وكيفية قطع الطريق على محاولات الإرهابيين تجنيد المزيد من المقاتلين وتقوية قدرات الدول على التعامل مع التهديدات الإرهابية لكل من «داعش» و«القاعدة» والجماعات المنتمية لهما. وقد قام المنتدى بعمل ضخم في مجال مكافحة ظاهرة المقاتلين الأجانب. وخلال السنوات الماضية، انخفضت هذه الظاهرة بشكل كبير وهذا يرجع إلى عدة عوامل، منها الهزائم التي لحقت بـ«داعش» وخسارته للمناطق التي كان يسيطر عليها، فقد فقد «داعش» 50 في المائة من مناطقه في العراق و20 في المائة من مناطقه في سوريا.
هذا بالإضافة إلى جهود الحكومات لتنفيذ التوصيات لعرقلة سفر وعودة المقاتلين إلى سوريا والعراق، وتعزيز التعاون وتبادل المعلومات. وقد قامت الولايات المتحدة بإجراءات لتعزيز تبادل المعلومات مع 56 دولة لتحديد هويات ملاحقة المشتبه في سفرهم للانضمام لـ«داعش». وهناك 26 دولة تتعاون في تبادل المعلومات المالية والمصرفية حول إجراءات تحويلات مشبوهة للجماعات الإرهابية أو لتمويل سفر المقاتلين الأجانب. كما أن هناك 31 دولة تتعاون في إجراءات مسح هوية المسافرين، و60 دولة قامت بسن تشريعات لملاحقة وتقديم هؤلاء المقاتلين للقضاء، و50 دولة قامت بالفعل بالقبض على مقاتلين أجانب وتقديمهم للمحاكمة. ولعب الإنتربول دورا مهما في تنسيق هذا التعاون
* ما هي مبادرة «دورة حياة التشدد العنيف» التي أطلقها المنتدى أمس؟
- منذ عام، اقترح وزير الخارجية الأميركي جون كيري هذه الفكرة التي ترصد المراحل المختلفة التي يمر بها الشخص. بدءا من محاولات جذبه لأفكار وآيديولوجيات متطرفة يروجها «داعش» وغيره من الجماعات المتطرفة، إلى تجنيده وانخراطه في تلك الجماعات. وهي مبادرة تركز على دور الحكومات في كل تلك المراحل، بدءا من مواجهة تلك الآيديولوجيات وقطع الطريق على تجنيد الشباب وكيفية إعادة التأهيل خارج إطار النظام القضائي وإعادة انخراطهم في المجتمع. ومنذ القمة التي استضافها الرئيس أوباما في فبراير (شباط) 2015، كانت هناك اجتماعات كثيرة حول كيفية قطع الطريق على محاولات إسقاط الشباب في براثن التطرف من البداية. واليوم في الاجتماع الوزاري السابع لمنتدى مكافحة الإرهاب، تم إطلاق هذه المبادئ وتبادل الوثائق بشأنها والأدوات لتطبيقها وإطلاق موقع على الإنترنت بشأنها. ورصدت الولايات المتحدة 5 ملايين دولار لبناء القدرات في هذا المجال.
وترتكز المبادرة على ثلاثة مجالات، هي المنع والتدخل وإعادة التأهيل. والمنع يتعلق بتعزيز دور المؤسسات التعليمية، فيما يهتم محور التدخل بدور رجال القانون ورجال تنفيذ القانون والبدائل المتاحة للتقاضي. فعند عودة الآلاف من المقاتلين إلى بلادهم، السؤال هو هل يتم محاكمتهم جميعا أم أن هناك بدائل لإعادة تأهيلهم. والمرتكز الثالث هو إعادة التأهيل، خاصة في السجون التي قد تصبح مكانا للتطرف والتجنيد. ولذا نضع إجراءات جيدة لتكون السجون مكانا لإعادة التأهيل.
وسنطلق مبادرة أخرى لعامي 2016 و2017 مع تركيا، لحماية الأهداف السهلة مثل المطاعم والمسارح والفنادق والأماكن العامة التي يسهل على الإرهابيين استهدافها، لأن «داعش» يواجه ضغطا في سوريا والعراق. ولذا يستهدف أهدافا سهلة، حيث يتمركز الجماهير. وهي مبادرة لها هدفان، الأول هو رفع الوعي وتحديد الاحتياجات وتقديم الخبرة والإجراءات والأدوات لحمايتها وتقديم المساعدة وزيادة المراقبة والأمن في تلك المناطق. وتم رصد مليون دولار للمساعدة في هذا الصدد، وأيضا التعاون مع المجتمع المدني.
* أصبح «داعش» يشجع الإرهابيين على الالتحاق بصفوفه في ليبيا، بدل سوريا والعراق. فما الدور الذي تقومون به لقطع الطريق على سفر المقاتلين الأجانب إلى ليبيا؟
- هناك بالفعل جهد كبير لمواجهة «داعش» في ليبيا، وهو متغلغل داخل الأراضي الليبية. وعلى المستوى السياسي، نسعى لتحقيق الاستقرار ومنع «داعش» من اتخاذ ملاذ آمن في ليبيا وتشجيع الأطراف اللبيبة على التوصل لعملية تسوية.
* كيف تصفون التعاون مع السعودية التي تملك خبرة كبيرة في هذا المجال، خاصة فيما يتعلق بمركز المناصحة والتأهيل والرعاية الذي أنشأه الأمير محمد بن نايف لإعادة التأهيل؟
- السعودية شريك مهم في مكافحة التطرف العنيف والإرهاب، وهناك مستوى عالٍ من التعاون وتبادل المعلومات. والبرنامج والمركز الذي أنشأه الأمير محمد بن نايف كان له السبق في إعادة تأهيل الذين انضموا لتيارات إرهابية، ثم عادوا. وساعدهم مركز الأمير محمد بن نايف على توجيه رسالتهم وتجربتهم للآخرين، وقد وجدنا أن أفضل وسيلة لمواجهة الفكر المتشدد هي الاستفادة من روايات وتجارب هؤلاء بعد إعادة تأهيلهم.
ولدينا أيضا شراكة هامة مع دول مجلس التعاون الخليجي، وقد أقرت قمة «كامب ديفيد» التي استضافها الرئيس أوباما إنشاء فريق عمل لمواجهة الإرهاب وتهديدات «داعش» ومشاركة المعلومات. كما أنشأت الإمارات مركز هداية، وهو يلعب دورا هاما في تطوير فهم جيد لمكافحة الإرهاب، وسعداء بما قدمه المركز خلال فترة قصيرة من إنشائه وهو إحدى الركائز في مبادرة دورة حياة التشدد.
* الولايات المتحدة والدول الأوروبية تواجه الآن خطر ما يسمى بالذئاب المنفردة، وهم أفراد لا ينتمون لأي جماعات إرهابية أو متطرفة، لكنهم يقدمون على تنفيذ عمليات إرهابية. فما الذي تقومون به من إجراءات لمواجهة هذه الظاهرة الجديدة؟
- هذا بالفعل أمر مهم، لأن التطرف الشخصي ظاهرة تشهد نموا كبيرا. ونعمل على تأسيس أدوات لمواجهتها بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني في إطار المنع. وأول خطوة نقوم بها هي البحث عن الأسباب والدوافع للتشدد، والديناميكية التي تدفع الأفراد إلى التطرف. ونبحث في السجلات عن الرحلات التي قام بها هؤلاء الأفراد أو الذئاب المنفردة إلى دول مثل سوريا والعراق، حيث يتم جذبهم إلى التطرف. إلى جانب البحث في الظروف الخاصة التي دفعتهم للتطرف، وبالتالي تحسين الإجراءات التي نقوم بها للمكافحة وتعزيز قدرات رجال إنفاذ القانون.
* ماذا بشأن استخدام التكنولوجيا الحديثة في الترويج للتطرف والأفكار المتشددة؟
- هذا أمر يشغل شركات التكنولوجيا العالمية بالفعل، وهي ليست سعيدة باستغلال الجماعات الإرهابية للإنترنت وتويتر وكافة التطبيقات الحديثة. وقد أعلنت «غوغل» تطوير برنامج لمنع «داعش» من الترويج للتطرف عبر الإنترنت، وهذا يشكل أيضا تحديا لعمل برامج لدعاية مضادة وإشراك منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص في ذلك، والجهود مستمرة.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».