مدير بعثة الأزهر إلى أفغانستان: تخرج على أيدينا شبان يتولون مناصب مرموقة في الدولة

البحيري قال في حوار مع {الشرق الأوسط} إن المعهد الأزهري في كابل يقدم البديل لفكر التطرف

مدير المعهد الأزهري في كابل الدكتور زغلول السيد عطية البحيري
مدير المعهد الأزهري في كابل الدكتور زغلول السيد عطية البحيري
TT

مدير بعثة الأزهر إلى أفغانستان: تخرج على أيدينا شبان يتولون مناصب مرموقة في الدولة

مدير المعهد الأزهري في كابل الدكتور زغلول السيد عطية البحيري
مدير المعهد الأزهري في كابل الدكتور زغلول السيد عطية البحيري

قبل شهور من سقوط نظام طالبان، التقيت عام 2000 بالملا قاسم حليمي، وكان أول أفغاني أتعرف عليه يتحدث العربية بطلاقة. كان حليمي يشغل مدير بروتوكول الخارجية الأفغانية، والآن بات يشغل منصب كبير الخبراء في المحكمة العليا، وهو حاصل على الدكتوراه في الشريعة ومقارنة الأديان من جامعة الأزهر. وهناك اليوم أيضا، عشرات الشبان الأفغان يجيدون العربية وهم من خريجي جامعة أم القرى وجامعة الإمام محمد بن سعود في السعودية، ويحتلون المناصب العليا في حكومة الرئيس حميد كرزاي.
وخلال لقاء «الشرق الأوسط» مع المرشح الرئاسي عبد الله عبد الله في منزله الجميل في كارتييه بروان، بشمال كابل، قال إنه يتمني أن ترسل مشيخة الأزهر مزيدا من العلماء إلى أفغانستان لتدريس المنهج الوسطي للإسلام في مواجهة دعاوى التطرف وتجنيد الانتحاريين، بدلا من دعاوى الإرهابيين والفكر التكفيري، الذي أرجعوا تاريخ أفغانستان إلى الوراء. والمنهج الوسطي بحسب خبراء الشؤون الأفغانية في العاصمة كابل، هو البديل الحقيقي للمدارس الدينية التي نشرت فكر التطرف مثل المدرسة الحقانية في بيشاور، والتي تخرج فيها معظم قادة طالبان.
وخلال جولات «الشرق الأوسط» بين مقرات ومنازل كبار المرشحين الرئاسيين في العاصمة، أدركنا حرص كبار الساسة الأفغان وعلماء الدين الأفغان على وجود الأزهر، وزيادة دوره في أفغانستان.
أردت زيارة مقر المعهد الأزهري بكابل، فاصطحبت مع محمد نصير، وهو شاب أفغاني في الـ30 من العمر ومن خريجي الأزهر، ويعمل حاليا مترجما في كابل. في حي «شار لي» المطل على نهر كابل، كنا نسأل على المعهد الأزهري، فنرى ترحيبا كبيرا من الأفغان العاديين، ويسيرون معنا باتجاه المعهد الموجود في حي مزدحم للغاية، ويتبادلون الحديث بالداري والبشتو مع المترجم نصير، بحارة تلتف وتضيق وتصعد بين منازل الأفغان. وفي داخل المعهد التقت «الشرق الأوسط» بالدكتور زغلول السيد عطية البحيري، مدير المعهد، وهو من مدينة دمياط بمصر، وكذلك بعدد من المبعوثين الأزهريين، ودار حوار «الشرق الأوسط» معهم، وكانوا يرتدون «الجبة» أو العباءة الأزهرية المعروفة، وأصر أحدهم على أن أتوقف عن التصوير، بحثا عن عمامته التي يجلها، قبل أن ألتقط له صورة فوتوغرافية، وهو يضحك: «أرجوك حتى لا يؤنبنا فضيلة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب».
التقت «الشرق الأوسط» أيضا، مولاي حبيب الرحمن، المنسق عن الجانب الأفغاني مع مبعوثي الأزهر. ودار الحوار مع مدير المعهد الدكتور البحيري، على فترتين قبل وبعد صلاة العصر، التي شارك فيها الأساتذة والطلاب. وقال الشيخ أحمد عكاشة إبراهيم، وهو من سوهاج لـ«الشرق الأوسط» إنه عندما يريد أن يشترى شيئا لنفسه من أحد متاجر العاصمة كابل، فإنه يحرص على ارتداء الجلابية العادية، لأنه إذا خرج إلى التسوق بزيه الأزهري، فإنه لن يكفيه اليوم بطوله، بسبب إقبال الناس عليه بالعشرات، طلبا للدعاء والبركة، أو لمجرد الحصول على صورة مع «عالم أزهري». وجاء الحوار مع الدكتور البحيري على النحو التالي:
* متى أنشئ المعهد الأزهري في كابل.. وهل شاركتم في اختيار مقره في حي «شار لي» المزدحم؟
- المعهد يستقبل الطلاب منذ عام 2009، وهو أنشئ بموجب اتفاقية ومذكرة تفاهم بين مشيخة الأزهر وفاروق ورداك وزير التعليم الأفغاني، وجرى الاتفاق على إرسال 45 مبعوثا أزهريا لتعليم الطلاب الأفغان. في البداية استقبلنا 200 طالب في المرحلة الابتدائية، وهناك آمال أن يصل العدد الإجمالي إلى نحو ألف طالب يدرسون الشريعة والفقه واللغة العربية، أما النابهون والمتفوقون من الطلبة، فيذهبون، بعد انتهاء المرحلة الثانوية، إلى جامعة الأزهر في بعثات دراسية يدرسون العلوم الدينية والعلمية أيضا حسب رغبات الطلاب وتوجهاتهم.
* هل كانت هناك بنود للاتفاق بين وزارة المعارف الأفغانية ومشيخة الأزهر؟
- كان الاتفاق أن تتكفل جمهورية مصر العربية بالمرتبات بالنسبة للمبعوثين الأزهريين، والجانب الأفغاني يتكفل بالإقامة والمعيشة، والاتفاق وقع بين فضيلة الشيخ الراحل سيد طنطاوي شيخ الأزهر السابق، ووزارة المعارف الأفغانية ممثلة في وزيرها فاروق ورداك وافتتح المعهد عام 2009، في مقر دار الحفاظ الأفغاني، وهو الذي ندرس فيه اليوم، وستتخرج منه أجيال–إن شاء الله–قادرين على التحدث بالعربية وأيضا قادرين على نشر المنهج الوسطي للإسلام في ربوع أفغانستان، ووعدوا أن يكون هناك مقر مستقل للمعهد الأزهري في المستقبل.
* المنهج الوسطي للإسلام الذي تدرسونه وتنشرونه في معهدكم.. هل يجد صدى بين الأفغان؟
- لقد وصف الله سبحانه وتعالى هذه الأمة بالوسطية، فقال سبحانه: «وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا»، والوسطية جعلت المسلم ينظر إلى الحياة نظرة عدل. كما أن منهج الوسطية الذي هو سمة من سمات هذه الأمة ضمن لها الاستمرار والبقاء، وأنه لا وجود ولا بقاء للمغالين والمجافين، وهذا المنهج يجد أثرا طيبا في ربوع أفغانستان وهو البديل لفكر التطرف.. الوسطية هي شريعة العدل وغيرها إما إلى تفريط أو إفراط، وإما إلى الغلو أو الجفاء، ومنهج الوسطية يدعو إلى العلم والتعلم، ونبذ الهوى والتعصب، لذلك حثنا ديننا الحنيف على العلم والتعلم قال الله تعالى: «فاعلم أنه لا إله إلا الله». وقال تعالى أيضا: «إنما يخشى الله من عباده العلماء».
* هل تخرجت دفعات من الطلاب الأفغان من معهدكم الأزهري؟
- تخرجت الدفعة الأولى بعد أن أنهت مرحلة الصف الثالث الثانوي العام الماضي، وعددهم 17 طالبا سيسافرون إلى مصر في إطار منح دراسية حصلوا عليها من جامعة الأزهر. وينتظر هؤلاء الآن انتهاء المعاملات الرسمية واستخراج جوازات سفر لهم والحصول على التأشيرات الخاصة. سيدرسون في جامعة الأزهر ما يرغبون فيه من علوم دينية أو شرعية أو فقهية. المجال مفتوح أمامهم للدراسة في كلية الشرعة والقانون، أو كلية اللغة العربية، أو الدراسات الإسلامية أو اللغات والترجمة.
* ما مدى الأعمار السنية والمراحل الدراسية التي تستقبلون فيها الطلاب الأفغان؟
- الدراسة في المعهد الأزهري من المرحلة الابتدائية حتى نهاية المرحلة الثانوية، وجميع الكتب التي يعتمد عليها الطلبة الأفغان لتعلم العربية والعلوم الشرعية تأتي من الأزهر وتوزع مجانا عليهم.
* ماذا تدرسون للطلبة الأفغان؟
- أولا ندرس للطلبة الأفغان فروع اللغة العربية بالكامل من نحو وصرف وبلاغة وأدب. أما العلوم الشرعية فندرس لهم، الحديث والتفسير والتوحيد والسيرة النبوية المشرفة، بالإضافة إلى حفظ القرآن الكريم. من الصف الأول إلى السادس يتعين على الطالب أن يحفظ عن ظهر قلب 18 جزءا من القرآن، وقبل إتمام الشهادة الثانوية يجب عليه أن يكمل حفظ القرآن ويعد ذلك جواز المرور للتخرج، والحصول على بعثة دراسية في جامعة الأزهر بمصر.
* الدراسة بمعهدكم الأزهري.. هل تؤهل الطلاب الأفغان الحصول على وظائف في سوق العمل؟
- من يتخرج من كلية الشريعة والقانون، ويحصل على شهادة جامعية بذلك من جامعة الأزهر، يكون الباب مفتوحا أمامه للعمل في سلك النيابة العامة أو القضاء أو المحكمة العليا وهي جهة قضائية مستقلة عن وزارة العدل الأفغانية، ولذا تجد الطلبة الأفغان يسعون إلى الالتحاق بالمعهد، وكثير من خريجي جامعة الأزهر وصلوا إلى مراكز مرموقة في الدولة.
* كيف ينظر المواطنون العاديون إليكم وإلى الزي الأزهري الذي ترتدونه؟
- أقول بكل صراحة نشعر أنهم ينظرون، إلى تلك العمامة التي فوق رؤوسنا بكل احترام، وهناك كثير من المواقف اليومية في الأسواق والشارع الأفغاني، تؤكد أنهم يحبون العاملين في مجال الدعوة، ويبجلون مشايخ الأزهر، لدرجة أننا في يوم الإجازة أنا وزملائي المشايخ، نفضل أن نتجول بالجلاليب العادية ونضع طاقية فوق رؤوسنا ونخلع الزي الأزهري، حتى لا نسبب حرجا لأنفسنا أو لهؤلاء الأفغان الطيبين، وإذا تحدث شيخ ما عن الأزهر بسوء مثلا، نجدهم يدافعون عن الأزهر ومشايخه باستماتة.
* كم هو عدد المشايخ الذين يعملون معكم في المعهد؟
- نحن اليوم كأسرة صغيرة مكونة من 25 شيخا، منهم الشيخ جمعة إبراهيم وكيل المعهد، وأنور شحاتة، وأحمد بسيوني أستاذ العمل الميداني، وآخرون وكلهم أساتذة أفاضل، وخلال الأيام المقبلة سينضم إلينا 16 شيخا يأتون من مصر.
* متى تعودون إلى مصر في إجازة دراسية؟
- في شهر ديسمبر (كانون الأول) تتوقف الدراسة ولا تستأنف إلا في نهاية فبراير (شباط)، بسبب الثلوج حيث تهبط درجات الحرارة إلى ما دون الصفر بكثير. ونعود إلى كابل في أول مارس (آذار). ويوميا نأتي في أتوبيس خاص من منطقة بهار ستان إلى حي شار ولي، حيث يوجد مقر المعهد.
* ما هي مواعيد الدراسة في معهدكم؟
- بسبب ترميم أحد الأبنية داخل المعهد، مواعيد الفصول الدراسية الآن من الخامسة إلى الثامنة. أما في الأيام العادية بالدراسة من الساعة الثامنة إلى الثانية عشرة ظهرا. وأستطيع القول إن الطلاب الأفغان على قدر عال من الذكاء، وكثير منهم يحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب. ويوم 12 أبريل (نيسان) الحالي سنجري مسابقة لتحفيظ القرآن الكريم، تنتهي يوم 18 الحالي، وضمن شروط المسابقة لا يزيد سن الطالب من مرحلة الابتدائية حتى سن الـ20 عاما. ويجري امتحان حفظ القران على ثلاثة مستويات بثلاث جوائز، وهذه المستويات هي حفظ القران كله أو نصفه أو ربعه.
* هل تعودتم على الطعام الأفغاني أم أنكم تعيشون في مضيفتكم حيث تقيمون حياة مصرية خالصة؟
- عندنا طباخ أفغاني، تعلم إعداد الوجبات المصرية، ولكن تذوقنا الطعام الأفغاني من خلال العزومات، التي نلبيها أحيانا، وهو طعام طيب، وتعرفنا على وجبة «بولاني» و«منتو» و«كابلي بلاو».
* بعد أن تنتهي بعثتكم الأزهرية في كابل.. هل تعودون إلى الإمامة أم الأوقاف؟
- لا سأعود إلى قطاع المعاهد الأزهرية.



«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
TT

«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)

أغلقت الجماعة الحوثية خلال الشهر الماضي 98 منشأة ومتجراً متنوعاً في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في سياق تصعيدها لحملات الدهم والإغلاق وفرض الإتاوات التي تستهدف كبار التجار وأصحاب المتاجر الصغيرة على حد سواء، لإرغامهم على دفع جبايات مالية وعينية تحت مسميات متعددة، تُفاقم من هشاشة الاقتصاد المحلي، وتزيد من معاناة السكان.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن تنفيذ نحو 40 لجنة ميدانية تتبع ما يُسمى مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للجماعة الحوثية في صنعاء، عدة نزولات خلال 4 أسابيع، استهدفت بالدهم والإغلاق وفرض الإتاوات ما يقارب 683 منشأة تجارية في أحياء متفرقة من صنعاء، شملت أسواقاً مركزية، ومحال بيع بالتجزئة، ومطاعم ومخازن.

وأقرّ تقرير أولي صادر عن مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين بأن القائمين على الحملة أغلقوا خلال 30 يوماً نحو 98 منشأة ومتجراً، وأصدروا 227 تعميماً، ونحو 110 إشعارات حضور، وأحالوا 55 مخالفة إلى النيابة التابعة للجماعة، فضلاً عن اتخاذ سلسلة إجراءات إدارية وغرامات مالية بحق 190 منشأة بزعم ارتكاب مخالفات.

عناصر حوثيون خلال دهم أحد المتاجر في صنعاء (فيسبوك)

ويزعم الحوثيون أن حملاتهم تهدف إلى ضبط الأسعار، ومكافحة الغش التجاري والاحتكار، والتصدي لمواد مخالفة للمواصفات أو منتهية الصلاحية، ونقص الأوزان، ورفض التفتيش، وغيرها من المبررات التي يرى التجار أنها تُستخدم غطاءً لابتزازهم وجباية الأموال بالقوة.

مضايقات متكررة

واشتكى تجار في صنعاء، تحدّثوا إلى «الشرق الأوسط»، من تكرار المضايقات الحوثية بحقهم، مؤكدين أن الجماعة تواصل شن حملات واسعة لجمع إتاوات نقدية وعينية تحت تسميات عدة، أبرزها تمويل ما تُسمى الوقفات المسلحة، وحملات التعبئة والتجنيد الإجباري، ودورات «طوفان الأقصى» العسكرية، تحت مزاعم الاستعداد لما تصفه بمعارك مرتقبة مع إسرائيل وأميركا.

وأكد تجار أن فرض مزيد من الجبايات يتزامن مع تراجع حاد في النشاط التجاري وكساد البضائع وارتفاع النفقات التشغيلية، ما يجعل كثيراً من المنشآت الصغيرة والمتوسطة مهددة بالإفلاس أو الإغلاق القسري، في ظل غياب أي حماية قانونية أو بيئة أعمال مستقرة.

جرافة حوثية تعتدي على باعة أرصفة بالقرب من متاجر في صنعاء (إعلام حوثي)

ويقول «خالد» (اسم مستعار)، وهو تاجر مواد غذائية في حي السنينة بمديرية معين، إن عناصر حوثية مسنودة بعربات أمنية اقتحمت متجره، وأرغمته على دفع 10 آلاف ريال يمني (الدولار نحو 535 ريالاً) بحجة الإسهام في تمويل أنشطة الجماعة الحالية لاستقطاب وتجنيد مقاتلين جدد. ويوضح أن المبالغ المفروضة تُحدد تقديرياً بناءً على حجم البضائع، دون أي معايير قانونية واضحة.

من جهته، يؤكد صاحب متجر صغير في حي شميلة بمديرية السبعين، لـ«الشرق الأوسط»، تكثيف مسلحي الجماعة خلال الأسابيع الأخيرة من استهداف التجار وصغار الباعة في سوق شميلة المركزية، لإجبارهم على دفع إتاوات غير قانونية.

ويشير إلى أن متجره تعرّض للدهم منتصف الشهر الماضي، وأُجبر بالقوة على دفع مبلغ مالي بزعم وجود مخالفات سابقة، قبل أن يصادر المسلحون أصنافاً غذائية من متجره نتيجة عجزه عن السداد، بذريعة دعم المقاتلين في الجبهات.

تدهور اقتصادي

تأتي هذه التطورات في وقت كشف فيه تقرير دولي حديث عن استمرار تدهور الوضع الاقتصادي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في ظل تصاعد حملات الجباية التي تستهدف الأنشطة التجارية، ما يُعمِّق أزمة انعدام الأمن الغذائي ويقلّص قدرة الأسر على تلبية احتياجاتها الأساسية.

حوثيون يغلقون متجراً في صنعاء لعدم استجابة مالكه لدفع جبايات (إكس)

ووفقاً لتقرير صادر عن «شبكة الإنذار المبكر للاستجابة للمجاعة»، فإن الاقتصاد في مناطق سيطرة الجماعة يواصل التراجع بوتيرة عالية، بفعل الحملات المتكررة التي تطول المطاعم والمتاجر والفنادق وبقية القطاعات، ولا تقتصر على فرض رسوم إضافية فحسب، بل تشمل تشديد القيود التنظيمية، الأمر الذي أدى إلى إغلاق عدد من المنشآت الصغيرة.

وحذّر التقرير من أن استمرار هذا النهج سيُضعف قدرة الأسر على الحصول على الغذاء حتى بالتقسيط، الذي شكّل خلال السنوات الماضية ملاذاً أخيراً لمواجهة الضائقة المعيشية، متوقعاً زيادة حدة انعدام الأمن الغذائي في ظل استمرار الجبايات وتراجع المساعدات الإنسانية أو توقفها.


مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)

أكدت مصر «موقفها الثابت والرافض للمساس بسيادة لبنان ووحدة وسلامه أراضيه، فضلاً عن دعم المؤسسات الوطنية للاضطلاع الكامل بمسؤولياتها في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان». وشددت على «ضرورة منع التصعيد واحتوائه، ورفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية».

جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، كلير لوجندر، على هامش «منتدى صير بنى ياس» في الإمارات، السبت.

وثمن عبد العاطي العلاقات الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، معرباً عن التطلع لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وزيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر، فضلاً عن تعزيز التعاون في مختلف المجالات وفى مقدمتها قطاعات الصناعة والنقل والسياحة والثقافة والتعليم. كما رحب بقرب انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية المصرية والفرنسية.

وفيما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية، رحب وزير الخارجية المصري بالموقف الفرنسي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مبرزاً الجهود التي تقوم بها مصر لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأكد «ضرورة تضافر الجهود الدولية لضمان تنفيذ قرار مجلس الأمن 2803 وسرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة للاضطلاع بمسؤوليتها ومهامها».

ونوه عبد العاطي بأهمية المضي في خطوات تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية لإدارة قطاع غزة. ولفت إلى أهمية ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى قطاع غزة في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية، مشدداً على أهمية خلق الأفق السياسي للتوصل إلى تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية من خلال تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

الشيخ عبد الله بن زايد خلال لقاء وزير الخارجية المصري في الإمارات (الخارجية المصرية)

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، تم التطرق خلال اللقاء إلى الأوضاع في السودان، حيث أطلع الوزير عبد العاطي المسؤولة الفرنسية على الجهود المصرية في إطار الرباعية بهدف تحقيق وقف إطلاق النار بما يسمح بإطلاق عملية سياسية سودانية شاملة، مؤكداً على ثوابت الموقف المصري بشأن حماية سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، ورفض التقسيم، ودعم مؤسسات الدولة. وشدد على ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية لدفع مسار التهدئة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية. كما حرص وزير الخارجية على إطلاع المسئولة الفرنسية على نتائج زيارته الأخيرة للبنان.

وقال وزير الخارجية المصري خلال زيارته إلى العاصمة اللبنانية بيروت، الشهر الماضي، إن بلاده تنظر إلى لبنان بعدّه ركناً أساسياً في منظومة الأمن والاستقرار الإقليمي، مؤكداً على أن صون سيادته واستقلال قراره الوطني يظلان أولوية ثابتة في السياسة الخارجية المصرية.

في سياق آخر، التقى عبد العاطي، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، مساء السبت. وتناول اللقاء آفاق تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين والبناء على ما تشهده من زخم إيجابي في مختلف المجالات، في ضوء ما يجمع القيادتين والشعبين من روابط راسخة وشراكة استراتيجية.

وبحسب «الخارجية المصرية»، السبت، تبادل الجانبان الرؤى حول عدد من القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأوضاع في الضفة الغربية وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام في قطاع غزة، فضلاً عن تطورات الأوضاع في السودان والتنسيق القائم في إطار الرباعية، والأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا. واتفق الوزيران على «أهمية مواصلة التنسيق والتشاور لدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز العمل العربي المشترك».


«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
TT

«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)

تستضيف العاصمة القطرية، الدوحة، اجتماعاً عسكرياً، الثلاثاء، لبحث «تشكيل قوة الاستقرار» في قطاع غزة التي تنص عليها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام، التي دخلت حيز التنفيذ 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولاقت دعماً من مجلس الأمن في نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت.

ذلك الاجتماع المرتقب يأتي وسط ضبابية بشأن مستقبل تلك القوات وتعثر الانتقال للمرحلة الثانية، ويراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» محاولة لسد فجوات، منها مهام تعترض عليها فصائل فلسطينية مرتبطة بالوجود داخل القطاع أو نزع السلاح، بخلاف وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة دول بينها تركيا، وسط تباين بشأن قدرة الاجتماع على تقديم حلول ناجزة، في ظل عدم اتفاق سياسي على الانتقال للمرحلة الثانية، وترقب نتائج لقاء ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أواخر هذا الشهر.

وتوقع مسؤولون أميركيون نشر هذه القوات مطلع العام المقبل، بعد بحث التفاصيل خلال اجتماع للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة عدد من الدول، في العاصمة القطرية، الدوحة، الثلاثاء، وفق ما أوردت وكالة «رويترز».

وقال مسؤولان أميركيان للوكالة، أخيراً، إنه من المتوقع أن ترسل أكثر من 25 دولة ممثلين عنها للمشاركة في الاجتماع الذي «سيتضمن جلسات لمناقشة هيكل القيادة، وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة»، لافتين إلى أن «قوة الاستقرار الدولية لن تقاتل حركة (حماس)، وأن دولاً كثيرة أبدت رغبتها في المساهمة فيها».

ونقل موقع «أكسيوس»، الجمعة، أن مندوب الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، الذي زار إسرائيل أخيراً، أبلغ نتنياهو ومسؤولين آخرين بأن إدارة ترمب ستتولى قيادة ما تُعرف باسم «قوة الاستقرار الدولية» وستعين جنرالاً قائداً لها.

ويعطي قرار تبناه مجلس الأمن الدولي في 17 نوفمبر الماضي تفويضاً «لمجلس سلام» في غزة والدول التي تتعاون معه، من أجل تأسيس «قوة استقرار دولية» مؤقتة في القطاع.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر الماضي، بأن الولايات المتحدة الأميركية حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

صبيَّان يحتميان من المطر وهما جالسان على عربة يجرُّها حمار في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

رئيس «المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية»، العميد سمير راغب، يرى أن اجتماع الدوحة سيركز على «سد الفجوات» مثل عدم تعيين قائد للقوة، رغم أن التسريبات تشير إلى أنه أميركي، فلا مهام محددة بشأن القوة حتى الآن، كما أنه لم يتم تشكيل «مجلس السلام» الذي صدر له التفويض الأممي بتشكيل القوة، بجانب وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة تركيا، وهذا يعرقل مسار تحديد الدول، بخلاف عدم حسم قضايا سياسية مرتبطة بنزع السلاح.

وأشار إلى أن حديث انتشار القوات بداية العام يكون صحيحاً إذا كنا قد عرفنا الآن مهام وتسليح القوات، وباتت تتجمع هذه الأيام، وبالتالي نحن بصدد ترتيبات ستأخذ ربما شهرين لتحقيق انتشار لو حُسمت الملفات السياسية.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن اجتماع الدوحة بشأن تلك القوات يناقش سد الفجوات «لكنه يشكل إطاراً عاماً للتعايش معها، وليس لحلها»، موضحاً أن الفجوات تتعلق بكيفية الانتشار ومهام القوات، وهل ستنزع سلاح «حماس» وتبدأ الانسحابات. ونبه إلى أن هذا الاجتماع قد يحسم التشكيل والتمويل، و«لا يعني مشاركة 25 دولة فيه أن هناك موافقة على الانخراط في القوة؛ لكن ستتم مناقشة الخطوط الأولية».

منظر عام لمخيَّم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بغزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية»، وذلك خلال لقاء المدير العام لـ«أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية»، والمنسق الأممي الخاص السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».

وهذا التأكيد ليس الأول من نوعه من جانب مصر؛ حيث أعلنته أكثر من مرة أخيراً.

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين أخيراً بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

وأوضح راغب أن المرحلة الأولى لم تنتهِ بعد، وهناك أمور سياسية لم تُحَل، لافتاً إلى أن «قمة ترمب-نتنياهو» المقررة نهاية هذا الشهر ستكون فاصلة في المرحلة الثانية، وتشكيل القوات، ورفع «الفيتو»، وإنهاء الفجوات.

أما نزال فيرى أن المرحلة الثانية لم تنضج بعد، والهدوء الأميركي في المناقشات محاولة لتفادي الفشل من أي إعلان قد يُحدث ضجة عند أي طرف، في ظل ريبة فلسطينية مما يُعد في الكواليس، متوقعاً أن تزداد مساعي الوسطاء تجاه الانتقال للمرحلة الثانية بأقل تكلفة ومخاطرة، وهذا سيتضح عقب لقاء ترمب بنتنياهو.