قوات النظام تحكم سيطرتها على رنكوس آخر حصون المعارضة في القلمون

عشرات القتلى والجرحى في انفجار سيارتين مفخختين بحمص.. ومقتل 141 امرأة في مارس

امرأة مسنة جالسة على الأرض تنتظر الحصول على مساعدات غذائية في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق (رويترز)
امرأة مسنة جالسة على الأرض تنتظر الحصول على مساعدات غذائية في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق (رويترز)
TT

قوات النظام تحكم سيطرتها على رنكوس آخر حصون المعارضة في القلمون

امرأة مسنة جالسة على الأرض تنتظر الحصول على مساعدات غذائية في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق (رويترز)
امرأة مسنة جالسة على الأرض تنتظر الحصول على مساعدات غذائية في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق (رويترز)

تمكنت القوات النظامية السورية، أمس، من إحكام سيطرتها على بلدة رنكوس في منطقة القلمون، شمال دمشق، بعد اشتباكات عنيفة مع مقاتلي المعارضة، حسب ما أفاد به التلفزيون الرسمي السوري، الذي أعلن أيضا عن انفجار سيارة مفخخة في شارع الخضري في حي كرم اللوز بحمص، مما أدى إلى سقوط ضحايا.
وميدانيا أيضا، تمكنت كتائب المعارضة من قطع الطريق الاستراتيجي الذي يصل بين كلية المدفعية ومطار النيرب العسكري في حلب، بحسب ما أفاد به «مركز حلب الإعلامي».
في موازاة ذلك، وثقت منظمات سورية مقتل 141 امرأة خلال مارس (آذار) الماضي فقط، واعتقال أكثر من 5000 أخريات على يد قوات النظام، قتل منهن 31 امرأة تحت التعذيب داخل مراكز الاحتجاز الحكومية، منذ بداية الثورة السورية.
ونقل التلفزيون السوري في شريط إخباري، أمس، عن مصدر عسكري قوله إن «وحدات من الجيش والقوات المسلحة تواصل تقدمها في مدينة رنكوس بريف دمشق وتلاحق فلول العصابات الإرهابية في أطراف الحي الشمالي والمزارع المحيطة»، لافتا إلى أن القوات النظامية «تقضي على أعداد كبيرة من الإرهابيين».
من جهته، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن «القوات النظامية دخلت بعض أجزاء البلدة، بينما لا تزال المعارك مستمرة في الداخل»، مشيرا إلى اندلاع اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية مدعمة بقوات الدفاع الوطني ومقاتلي حزب الله اللبناني من جهة، ومقاتلي جبهة «النصرة» وعدة كتائب مقاتلة من جهة أخرى في محيط رنكوس في محاولة من القوات النظامية للسيطرة على البلدة، كما قصفت القوات النظامية مناطق في البلدة.
وبحسب المرصد، فقد «قتل في معارك رنكوس ستة مقاتلين معارضين أحدهم قائد لواء إسلامي مقاتل»، تزامنا مع مقتل 22 مقاتلا آخرين في قصف على مناطق وجودهم في القلمون والمليحة ومناطق أخرى من الغوطة الشرقية.
وأشار عضو هيئة أركان الجيش السوري الحر، فرج حمود فرج، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «سيطرة القوات النظامية على رنكوس كانت متوقعة بعد سقوط يبرود ومناطق أخرى في القلمون»، لافتا إلى أن «المعارك مع النظام تقوم على مبدأ الكر والفر، مما يعني أن المعارضة يمكنها أن تستعيد في أي وقت مواقعها السابقة في القلمون تبعا لتحولات المعركة، وخصوصا أن مقاتلي المعارضة ما زالوا ينتشرون في محيط رنكوس وتحديدا في قرى تلفيتا وحوش عرب وعسال الورد ومعلولا».
وأوضح فرج أن «ما خسرته المعارضة في القلمون وتحديدا يبرود ورنكوس تعوضه في جبهة الساحل وجبهات أخرى في درعا وحلب»، مشددا على أن «سقوط رنكوس لا يعني شيئا إذا ما جرى وضعها في سياق الوقائع الميدانية في كل سوريا».
ويقطن بلدة رنكوس نحو 20 ألف مواطن وهي تتبع منطقة التل المحاذية لمدينة دمشق من جهة الشمال الشرقي، وتبعد عن العاصمة نحو 45 كلم باتجاه الشمال. وتحاذي رنكوس من الغرب بلدة صيدنايا التي يسيطر عليها النظام وبلدة سرغايا التابعة لمنطقة الزبداني، وتحدها من الشمال جبال لبنان الشرقية. وبدأت القوات النظامية هجومها على رنكوس، أول من أمس، بعد سيطرتها على يبرود في منتصف مارس (آذار) الماضي. ويتولى حزب الله اللبناني قيادة المعارك العسكرية من جانب قوات النظام في منطقة القلمون، بحسب ما يؤكده المرصد السوري.
وبعد سيطرتها على رنكوس تطبق القوات النظامية سيطرتها على منطقة القلمون الاستراتيجية التي تربط بين العاصمة ومحافظة حمص في وسط البلاد. كما تعوق سيطرة النظام على القلمون تنقلات مقاتلي المعارضة بينها وبين الأراضي اللبنانية.
في غضون ذلك، قتل 25 شخصا على الأقل وأصيب أكثر من مائة آخرين في تفجير سيارتين مفخختين في أحد أحياء مدينة حمص وسط سوريا، بحسب ما أفادت به وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا). وقالت الوكالة: «استشهد 25 مواطنا بينهم نساء وأطفال، وأصيب أكثر من 107 آخرين جراء تفجيرين إرهابيين بسيارتين مفخختين في شارع الخضر بحي كرم اللوز في مدينة حمص»، مشيرة إلى أن السيارتين انفجرتا بفارق نحو نصف ساعة.
في موازاة ذلك، تمكنت كتائب المعارضة من إحراز تقدم في حي العامرية في حلب وقطعت الطريق الاستراتيجي الذي يصل بين كلية المدفعية ومطار النيرب العسكري، بحسب ما أفاد به «مركز حلب الإعلامي»، مشيرا إلى «اشتباكات عنيفة اندلعت بين كتائب المعارضة والقوات النظامية استخدمت فيها أسلحة المدفعية».
كما لفت المركز إلى استهداف المعارضة مواقع القوات النظامية قرب «الكازية العسكرية» انتهت بإحكام المعارضة سيطرتها على النقاط التي تكشف طريق الراموسة.
ويصل طريق «الراموسة» بين مواقع عسكرية للقوات النظامية بينها كلية المدفعية ومطار النيرب العسكري. ويستخدم هذا الطريق للتنقل وجلب الإمدادات العسكرية والدبابات. وكانت كتائب المعارضة أعلنت الاثنين الماضي بدء معركة أطلقوا عليها «غزوة الاعتصام» بهدف تحرير ما تبقى للقوات النظامية من مواقع عسكرية في الجهة الغربية لمدينة حلب.
من جهة أخرى، طالب أمين عام الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بدر جاموس، أمس، المجتمع الدولي بحماية المدنيين داخل سوريا، وخصوصا النساء والأطفال، معلنا أن بين الـ141 امرأة اللواتي قتلن خلال مارس الماضي، هناك سيدتان قضتا تحت التعذيب في مراكز الاحتجاز.
وأشار جاموس، في تصريحات أوردها المكتب الإعلامي التابع للائتلاف، إلى مقتل عشرات المدنيين في سوريا، أول من أمس، بينهم طفلان. ولفت إلى بيان أصدرته الشبكة السورية لحقوق الإنسان يفيد بأن 12935 امرأة قضت في سوريا منذ بداية الثورة، بينهن 3614 طفلة.



انقلابيو اليمن يحولون المدارس إلى ثكنات 

أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)
أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)
TT

انقلابيو اليمن يحولون المدارس إلى ثكنات 

أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)
أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)

أعادت وكالة أممية حديثها عن تسرب ملايين الأطفال من التعليم، وتدمير آلاف المدارس في اليمن، بينما تتعسف الجماعة الحوثية مع موظفي قطاع التعليم، وحرمتهم من صرف نصف راتب شهري تعهدت به سابقاً، بالتزامن مع إجبار طلاب المدارس على المشاركة في دورات قتالية، وسط اتهامات داخلية للجماعة بالتآمر على قطاع التعليم.

ورفض نادي المعلمين اليمنيين ما سماه «سياسة التجويع» التي اتهم الجماعة الحوثية بممارستها ضد التربويين، مطالباً بعدم الانخداع بـ«أنصاف الحلول وفتاتها»، مع دعوته إلى صرف رواتب المعلمين كاملة، ومعها كامل المستحقات الأخرى، وذلك إثر استثناء الجماعة الحوثية قطاع التعليم من نصف الراتب الشهري الذي تعهدت به للموظفين العموميين.

ودعا الكيان النقابي المعلمين والأكاديميين والموظفين العموميين وعموم قطاعات المجتمع إلى الثورة في مواجهة ممارسات الجماعة الحوثية ورفض «حياة العبودية».

من داخل مدرسة في تعز تعمل «اليونيسيف» على إعادة إلحاق الطالبات المتسربات للدراسة فيها (الأمم المتحدة)

وعدّ النادي المطالبة بالراتب الكامل حقّاً أصيلاً، وليس ترفاً، مشدداً على أن كرامة المعلم لا ينبغي أن تكون رهينة لسياسات عمياء تُغلق الأبواب في وجه العدالة، في حين أعلنت مكاتب التربية الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية رفضها القاطع لاستثناء الإداريين في مكاتب التربية من صرف نصف الراتب الشهري.

وتعرضت الإجراءات الحوثية بشأن صرف رواتب الموظفين العموميين، التي أعلنت عنها منذ أوائل ديسمبر (كانون الأول) الماضي لانتقادات حادة، كونها تعتمد على التمييز وتصنيف الموظفين إلى فئات، ما يؤدي إلى اختلالات عميقة، وتمييز حاد بين هذه الفئات.

وحذّر الناشط الحوثي طه الرزامي من تقسيم الموظفين إلى فئات (أ) و(ب) و(ج)، لصرف الرواتب لهم بحسب هذا التصنيف الذي قال إنه «سيولد الحقد والكراهية بين من يعملون من الفئة (ج) ولا تُصرف لهم أنصاف رواتب إلا كل ثلاثة أشهر، وبين من يستلمون رواتب شهرية كاملة من الفئة (أ) دون أن يعملوا».

ووصف إسقاط أسماء عشرات الآلاف من الموظفين القدامى ذوي الخبرة والكفاءة من قوائم صرف الرواتب بالجريمة التي ترتكب بحقهم بعد معاناتهم وعائلاتهم لتسع سنوات.

إيقاف الدراسة للتجنيد

اتهم القيادي الحوثي علي عبد العظيم، وكنيته أبو زنجبيل الحوثي الجماعة التي ينتمي لها، باستهداف قطاع التربية والتعليم وإهماله، إثر استثناء موظفيه من كشوفات صرف نصف الراتب الشهري الذي كانت تعهدت به لجميع موظفي الدولة في مناطق سيطرتها، واصفاً ذلك بالمؤامرة على التعليم، خصوصاً مع عدم إبداء الأسباب، وتجاهل مطالب المعلمين.

ويقود نادي المعلمين اليمنيين إضراباً منذ بداية العام الدراسي للمطالبة بصرف رواتب المعلمين، واعترض على تعرض قادته وعدد من المنتمين إليه خلال هذه الفترة لإجراءات عقابية حوثية، مثل الاختطاف والإخفاء القسري، واتهامهم بالخيانة والعمالة والتآمر، وقد توفي عدد من الخبراء التربويين في السجون.

في غضون ذلك أجبرت الجماعة الحوثية عشرات المدارس في مناطق سيطرتها على التوقف عن الدراسة لإلزام مئات الطلاب والمدرسين على المشاركة في دورات قتالية للتدرب على استخدام الأسلحة في أفنية المدارس.

ونقلت مصادر محلية في مدينة الحديدة الساحلية الغربية عن مدرسين وأولياء أمور الطلاب أن المدارس تحولت إلى مراكز حوثية لاستقطاب الأطفال وإغرائهم أو ترهيبهم للانضمام للجماعة والمشاركة في فعالياتها التدريبية والدعوية، تحت مزاعم مواجهة الغرب وإسرائيل.

منذ بداية العام الدراسي الماضي يواصل المعلمون اليمنيون إضرابهم للمطالبة برواتبهم (إكس)

وتنوعت وسائل الترهيب والإغراء للطلاب وأولياء أمورهم، حيث يجري استغلال الضربات الجوية الإسرائيلية على ميناء الحديدة وخزانات النفط لإقناعهم بأن هدف هذه العمليات هو إخضاع اليمنيين، إلى جانب عرض إعفائهم من الرسوم الدراسية، وزيادة درجات تحصيلهم الدراسي في حال المشاركة في تلك الأنشطة، والتهديد بزيادة الأعباء المالية والحرمان من الدرجات عقاباً على التغيب أو التهرب منها.

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة مشابهة وموازية يتعرض لها طلاب الجامعات العمومية، وخصوصاً جامعة صنعاء وكادرها التدريسي والوظيفي، ضمن مساع لاستقطاب وتجنيد الآلاف من الشباب والأطفال.

تأهيل أممي للمدارس

أعلنت «اليونيسيف» أن تداعيات الصراع المسلح في اليمن منذ أكثر من عقد من السنوات تسببت بتسرب أكثر من 4.5 مليون طفل خارج المدرسة، حيث خلّفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمين والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

وأوضحت المنظمة الأممية أنها وشركاءها من أجل التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين من الأطفال، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، نظراً لأن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

أطفال نازحون يدرسون في مبنى مهجور بمحافظة الحديدة الغربية (أ.ف.ب)

ونبهت «اليونيسيف» من تأثير النزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء اليمن، وتجزئة نظام التعليم الذي وصفته بأنه شبه منهار، وقالت إن ذلك كان له أثر بالغ على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية لكل الأطفال في سن الدراسة، البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

وأحصت المنظمة تدمير 2,916 مدرسة، بواقع مدرسة واحدة على الأقل، من بين كل 4 مدارس، أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية بسبب النزاع الذي تشهده البلاد.

ويواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين، ما يقارب 172 ألف معلم ومعلمة، على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ 2016، أو أنهم انقطعوا عن التدريس؛ بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.

وأشارت المنظمة إلى اضطرار المدارس لإغلاق أبوابها أمام الطلاب بسبب تفشي جائحة «كورونا» منذ خمسة أعوام، ما تسبب في تعطيل العملية التعليمية لحوالي 5.8 مليون طالب، بمن فيهم 2.5 مليون فتاة.