مدينة تدريب الأمن العام.. صرح يتصدى لوحشية «داعش»

المتطرفون يسيرون وفق عقلية ظلامية تعشق رائحة الدم

صورة لطلاب في حصة تدريبية بكلية الأمن العام. («الشرق الأوسط»)
صورة لطلاب في حصة تدريبية بكلية الأمن العام. («الشرق الأوسط»)
TT

مدينة تدريب الأمن العام.. صرح يتصدى لوحشية «داعش»

صورة لطلاب في حصة تدريبية بكلية الأمن العام. («الشرق الأوسط»)
صورة لطلاب في حصة تدريبية بكلية الأمن العام. («الشرق الأوسط»)

تصدى الأمن السعودي، لعملية كادت أن تكون أكثر وحشية ودموية، تستهدف عددا كبيرا من طلاب مدينة تدريب الأمن العام في العاصمة السعودية الرياض، إذ خطط تنظيم داعش الإرهابي، عبر وسطاء في الخارج، إلى استهداف أكبر عدد من الطلاب العسكريين خلال فترة خروجهم من المدينة في نهاية الأسبوع.
نسقت قيادات تنظيم داعش الإرهابي لهذه العملية الوحشية في تثبيت عبوة ناسفة، تستخدم بالتفجير عن بعد، لتشمل مساحة قطرها يستوعب عددا كبيرا من الطلاب، حيث إن رجال الأمن لا يزالون مستهدفين في أي عمليات إرهابية منذ بدء الحرب على الإرهاب في السعودية.
وأكد الدكتور زهير الحارثي الكاتب والمحلل السياسي، أنّ إحباط العملية في مهدها والوصول إلى عناصر الخلايا الإرهابية يعد إنجازًا أمنيا يضاف إلى سلسلة الإنجازات السابقة التي تحققها الجهات الأمنية في مواجهة الإرهاب، مشيرًا إلى أن السعودية في حرب مستمرة مع الجماعات الراديكالية.
وقال الحارثي، إن «داعش» و«القاعدة» وغيرهما من الجماعات المتطرفة، استطاعت عبر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة الوصول إلى فئة من الشباب، وتحاول جذبهم إلى مستنقعات الدم والقتل، إضافة إلى عملهم على تحويل شباب الوطن إلى مشاريع تفخيخية، مبديا أسفه جراء تغرير بعض أبناء وبنات الوطن والإيقاع بهم في شراك هذه الخلايا المجرمة.
وشدد الكاتب والمحلل السياسي، على أن الجماعات الإرهابية وخاصة «داعش»، يسيرون وفق عقلية ظلامية تعشق رائحة الدم، مستشهدًا بالصور والمشاهد الدموية التي يعكف تنظيم داعش الإرهابي على بثها ونشرها في وسائل الإعلام المختلفة، وقال: «هذه الصور الدموية المزعجة تؤكد على جرمهم، إلا أنّها تغري بعض المرضى النفسيين»، مطالبا بمعالجتها التي ستتحقق من خلال المجهودات الأمنية الكبيرة إضافة إلى التركيز على المعالجة الفكرية، وأهمية دور التعليم في حماية النشء، وكذلك دور الأسرة وإعادة النظر فيما يتعاطاه الشباب وفي ملاحظة سلوكهم.
إلى ذلك أكد الدكتور عبيد العبدلي الأكاديمي وأستاذ التسويق على أن إحباط العمليات الإرهابية انعكس عبر مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة في «تويتر»، من خلال التفاعل الشعبي الذي أدان هذه الأعمال والأفكار، التي تواصل وزارة الداخلية على توضيحها للمجتمع بشكل آنٍ وشفاف.
وأضاف العبدلي أن الثقة المتبادلة بين المواطنين ووزارة الداخلية في الكشف عن هذه الأعمال الإرهابية ودور رجال الأمن في حماية الوطن أعطى مزيدًا من اللحمة الوطنية لدحر هذه الأعمال، مشيرًا إلى أن خطر هذه الأفكار الإرهابية ينال من الجميع ما لم يتم العمل الدائم على إحباطه، وقال: «يستشعر المواطن بين يوم وآخر، دوره الأمني ومشاركته الأصيلة في دحر هذه الجماعات، والتبليغ عن الأعمال المشبوهة، واجتثاث هذا السرطان الخبيث».
وأبان العبدلي أن إحباط استهداف العنصر البشري من رجال الأمن أو المواطنين والمقيمين يتضمن رسالة مهمة جدا بأن قوة الدولة بشبابها وهم عماد وأمل الوطن، مستنكرًا هذا التوجه الخطر الذي تنتهجه الجماعات الإرهابية في استهداف كل إنسان ينعم بالأمن والأمان في السعودية سواء المواطنين أو المقيمين.
يذكر أن مدينة تدريب الأمن العام، تعد صرحًا من العلم والأمن، يدفع سنويًا بالآلاف من أفراد الأمن السعودي، إلى الميدان، لحماية واستتباب الأمن، ويعملون تحت مظلة المديرية العامة للأمن العام، والتي تندرج تحتها الكثير من القطاعات الأمنية المختلفة، وكذلك الخدمية. وعمدت الخلايا الإرهابية منذ بدء الحرب على الإرهاب في السعودية، إلى محاولة استهداف المنشآت العسكرية والتعليمية والعملية، منذ فترة طويلة.



مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».