الدور السياسي لشيخ الجامع الأزهر في العصر العثماني

دراسة وثائقية أصدرتها مكتبة الإسكندرية

الدور السياسي لشيخ الجامع الأزهر في العصر العثماني
TT

الدور السياسي لشيخ الجامع الأزهر في العصر العثماني

الدور السياسي لشيخ الجامع الأزهر في العصر العثماني

في إطار سلسلة الإصدارات الوثائقية الخاصة بإعادة تأريخ الأزهر الشريف، صدر حديثًا عن مكتبة الإسكندرية كتاب «شيخ الجامع الأزهر في العصر العثماني»، من تأليف الدكتور حسام محمد عبد المعطي، الأستاذ في جامعة بني سويف. استغرق إعداد الكتاب عامين من البحث، وهو يتناول طبيعة منصب شيخ الجامع الأزهر، والعوامل التي أدت إلى ظهوره، والدور الذي قام به شيخ الأزهر في التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية داخل المجتمع المصري خلال العصر العثماني.
وفي تقديمه للكتاب، أشار الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية، إلى أن أهمية الكتاب تأتي من كونه يسلط الضوء على المكانة الكبيرة التي تبوأها الأزهر في العصر العثماني.
ويقول المؤلف الدكتور حسام عبد المعطي، إن منصب شيخ الجامع الأزهر في العصر العثماني لم يحظ إلا بإشارات قليلة، استهدفت في الأساس الإشارة إلى كونه يشغل رئاسة المؤسسة الدينية الكبرى في مصر، دون الولوج إلى جوهر دوره الإداري والتعليمي والسياسي خلال هذه الحقبة، وهو ما يمثل لب الإشكالية التي تهدف هذه الدراسة إلى طرحها.
ويبحث الكتاب في العلاقة الجدلية بين المتغيرات الثلاثة التي حكمت ذلك المنصب ومن شغله خلال العصر العثماني.
ويتناول القسم الأول من الكتاب تطور مكانة الأزهر العلمية، ويدحض الأقوال التي ترى أن الأزهر شهد تدهورًا في العصر العثماني، ولم يكن له أي دور. ويفند المؤلف ذلك من خلال إبرازه مكانة الأزهر وتطوره آنذاك، وكيف كان منارة للفكر والثقافة العربية، كما يقول المؤلف.
وفي هذا الصدد، يعرض لوجهة نظر عدد كبير من مؤرخي الأزهر، الذين يعتقدون أن العصر المملوكي هو الذي شهد تطور الأزهر ليصبح أكبر مؤسسة تعليمية في مصر، وتقوم رؤيتهم في ذلك على أن العصر العثماني كان عصر تدهور وتخلف، خصوصًا أن مصر تحولت خلاله إلى ولاية عثمانية تابعة لمركز السلطنة في إسطنبول، بعد أن كانت مركزًا لسلطنة كبرى كانت تشمل مصر والشام والحجاز واليمن.
ويرى المؤلف أن أغلب الشواهد التاريخية تشير إلى أن التطور الأكبر للأزهر حدث في النصف الأول من القرن السادس عشر، مع دخول مصر تحت السيادة العثمانية، حيث كان هناك كثير من العوامل التي أدت إلى تراجع أهمية المدارس المملوكية وتزايد أهمية الأزهر التعليمية، أهمها: تراجع إيرادات هذه المدارس نتيجة لتدني قيمة العملة، وتراجع الصراع بين المذاهب الإسلامية الأربعة بشكل كبير، وتزايد إيرادات الأزهر وأوقافه خلال هذه الفترة.
وخصص القسم الثاني من الكتاب لظهور منصب شيخ الأزهر، الذي استحدث في العصر العثماني، حيث كانت السلطة العثمانية ترى أن من حق جميع الفئات أن يكون لها رئيس ممثل لها أمام الدولة، مشيرًا إلى أن الأزهر لم يكن له عند إنشائه في العصر الفاطمي أو في العصرين الأيوبي والمملوكي، شيخ يتولى رئاسته، بل كان يتولاه ولاة الأمر، حيث كان هناك ناظر يدير الأوقاف المخصصة له، وكان غالبًا ما يشرف على عمليات ترميم وتجديد ما تعرض للتلف من المباني، بيد أن إدارة شؤونه التعليمية كانت تخضع لمشايخ المذاهب الأربعة ولمشايخ الأروقة.
أما القسم الثالث في الكتاب، فيتطرق إلى آليات تعيين شيخ الأزهر، ويتضمن قائمة بجميع مشايخ الأزهر ومذاهبهم والفترات التي تولوا فيها المشيخة خلال الحقبة العثمانية محل الدراسة. وتشير الدلائل إلى أن اختيار شيخ الأزهر لم يخضع بالضرورة لقدرات الرجل العلمية، فلم يكن شيخ الأزهر بالضرورة هو أكثر أهل الأزهر علمًا، ولم يكن أكبر العلماء سنًّا، بيد أن هناك شروطًا كان يجب توافرها في الرجل الذي يتولى أكبر مؤسسة علمية وتعليمية في مصر، وهي أن يكون أحد كبار العلماء الذين اشتهروا بالفضل وسعة العلم، وأن يحظى بالقبول من قبل كبار العلماء، وأقدمية التدريس في الأزهر، إلى جانب ذلك كانت كثرة تلاميذ الرجل وعلاقاته الجيدة بالمجاورين، وخصوصًا الوافدين من الريف المصري مهمة في اختياره، كما أن ترشيح شيخ الأزهر لمن يخلفه أو يكون نائبًا له كان يضع هذا العالم في مرتبة متقدمة، بالإضافة إلى ذلك كانت علاقة الشيخ بالسلطة مهمة أيضًا من أجل إقرار تعيينه، وغيرها من العوامل المؤثرة في اختيار شيخ الأزهر.
وعن الصراع على تولي مشيخة الأزهر، يتحدث القسم الثالث ساردًا الأمثلة التاريخية ليثبت أن هذا الصراع لم يكن بالضرورة صراعًا مذهبيًّا، بقدر ما كان صراعًا على المصالح المادية والأدبية التي كان يمنحها تولي منصب شيخ الأزهر، ثم الصراع بين العلماء جميعهم والسلطة المتمثلة في محمد علي باشا، الذي كان قد أحكم سيطرته على أغلب مؤسسات الدولة المصرية، ومنها الأزهر الذي لم يرد له أي دور خارج إطاره التعليمي والديني.
أما عن شيخ الأزهر وإدارة شؤونه وموارده المالية، فنجدها في الأقسام التي تتناول المخصصات المالية وطرق الإنفاق والرواتب لمشايخ وعلماء الأزهر وطلابه أيضًا، وكذلك دور ناظر الأزهر وعلاقته بإدارة هذه المخصصات والموارد المالية.
ويوضح الكتاب كيف كان شيخ الأزهر هو مصدر كل القرارات التي تتعلق بالعملية التعليمية داخل الأزهر، فهو الذي يشرف على جميع شؤون الجامع الأزهر العلمية، وهو الذي يضبط مرتبات العلماء، ويحدد طريقة توزيع المرتبات التي توفي أصحابها، كما كان يقوم بالفصل في القضايا التي تحدث بين أفراد كل فئة من الطلبة، والمدرسين، كما كانت عليه معاقبة كل من يثير الشغب أو يقصر في القيام بمهام عمله داخل المنظومة التعليمية في الأزهر.
ويأتي القسم الأخير بعنوان «علاقة شيخ الأزهر بالسلطة»، وفيه يتناول المؤلف الأدوار المتعددة التي كان شيوخ الأزهر يؤدونها، بما فيها الدور السياسي والعلاقة بالسلطة وكبار رجال الدولة وحضور الاجتماعات الكبرى والمشاركة في اتخاذ القرارات الخاصة بالحكم أحيانًا وتحجيم دورهم أحيانًا أخرى، وكيف كان الحكام يخشونهم ويرضخون لمطالبهم الخاصة بحقوق المواطنين.



مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟
TT

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

صدر العدد الجديد من مجلة الفيصل وتضمن العديد من الموضوعات والمواد المهمة. وكرست المجلة ملف العدد لموضوع إقصاء المرأة من حقل الفلسفة، وعدم وجود فيلسوفات. شارك في الملف: كل من رسلان عامر: «غياب المرأة الفلسفي بين التاريخ والتأريخ». خديجة زتيلي: «هل بالإمكان الحديث عن مساهمة نسائية في الفلسفة العربية المعاصرة؟» فرانك درويش: «المرأة في محيط الفلسفة». أحمد برقاوي: «ما الذي حال بين المرأة والتفلسف؟» ريتا فرج: «الفيلسوفات وتطور الأبحاث الحديثة من اليونان القديمة إلى التاريخ المعاصر». يمنى طريف الخولي: «النساء حين يتفلسفن». نذير الماجد: «الفلسفة نتاج هيمنة ذكورية أم نشاط إنساني محايد؟» كلير مثاك كومهيل، راشيل وايزمان: «كيف أعادت أربع نساء الفلسفة إلى الحياة؟» (ترجمة: سماح ممدوح حسن).

أما الحوار فكان مع المفكر التونسي فتحي التريكي (حاوره: مرزوق العمري)، وفيه يؤكد على أن الدين لا يعوض الفلسفة، وأن الفلسفة لا تحل محل الدين، وأن المفكرين الدينيين الحقيقيين يرفضون التفلسف لتنشيط نظرياتهم وآرائهم. وكذلك تضمن العدد حواراً مع الروائي العربي إبراهيم عبد المجيد الذي يرى أن الحزن والفقد ليس مصدرهما التقدم في العمر فقط... ولكن أن تنظر حولك فترى وطناً لم يعد وطناً (حاوره: حسين عبد الرحيم).

ونطالع مقالات لكل من المفكر المغربي عبد العزيز بومسهولي «الفلسفة وإعادة التفكير في الممارسات الثقافية»، والكاتب والأكاديمي السعودي عبد الله البريدي «اللغة والقيم العابرة... مقاربة لفك الرموز»، وضمنه يقول إننا مطالبون بتطوير مناهج بحثية لتحليل تورط اللغة بتمرير أفكار معطوبة وقيم عدمية وهويات رديئة. ويذهب الناقد سعيد بنكراد في مقال «الصورة من المحاكاة إلى البناء الجمالي» إلى أن الصورة ليست محاكاة ولا تنقل بحياد أو صدق ما تمثله، لكنها على العكس من ذلك تتصرف في ممكنات موضوعاتها. وترجم ميلود عرنيبة مقال الفرنسي ميشال لوبغي «من أجل محبة الكتب إمبراطورية الغيوم».

ونقرأ مقالاً للأنثروبولوجي الفرنسي فرانك ميرمييه بعنوان «مسار أنثربولوجي فرنسي في اليمن». ومقال «لا تحرر الحرية» (أريانا ماركيتي، ترجمة إسماعيل نسيم). و«فوزية أبو خالد... لم يزل الماء الطين طرياً بين أصابع اللغة» (أحمد بوقري). «أعباء الذاكرة ومسؤولية الكتابة» (هيثم حسين). «العمى العالمي: غزة بين فوضى الحرب واستعادة الإنسانية» (يوسف القدرة). «الطيور على أشكالها تقع: سوسيولوجيا شبكة العلاقات الاجتماعية» (نادية سروجي). «هومي بابا: درس في الشغف» (لطفية الدليمي).

ويطالع القارئ في مختلف أبواب المجلة عدداً من الموضوعات المهمة. وهي كالتالي: قضايا: سقوط التماثيل... إزاحة للفضاء السيميائي وإعادة ترتيب للهياكل والأجساد والأصوات (نزار أغري). ثقافات: «هل يمكن أن تحب الفن وتكره الفنان؟» ميليسا فيبوس (ترجمة خولة سليمان). بورتريه: محمد خضر... المؤلف وسرديات الأسلوب المتأخر (علي حسن الفواز). عمارة: إعادة تشكيل الفضاءات العامة والخاصة في جدة بين التراث والحداثة (بدر الدين مصطفى). حكايتي مع الكتب: الكتب صحبة رائعة وجميلة الهمس (فيصل دراج). فضاءات: «11 رصيف برنلي»... الابنة غير الشرعية لفرنسوا ميتران تواجه أشباح الحياة السرية (ترجمة جمال الجلاصي). تحقيقات: الترفيه قوة ناعمة في بناء المستقبل وتنمية ثقافية مؤثرة في المجتمع السعودي (هدى الدغفق). جوائز: جوائز الترجمة العربية بين المنجز والمأمول (الزواوي بغورة). المسرح: الكاتبة ملحة عبد الله: لا أكتب من أجل جائزة أو أن يصفق لي الجمهور، إنما كي أسجل اسمي في تاريخ الفن (حوار: صبحي موسى).

وفي باب القراءات: نجوان درويش... تجربة فلسطينية جسورة تليق بالشعر الجديد (محمد عبيد الله). جماليات البيت وسردية الخواء... قراءة في روايات علاء الديب (عمر شهريار). «أغنية للعتمة» ماتروشكا الحكايات والأنساب تشطر التاريخ في صعودها نحو الأغنية (سمية عزام). تشكيل: مهدية آل طالب: دور الفن لا يتحقق سوى من خلال الفنان (هدى الدغفق). مسرح: المنظومة المسرحية الألمانية يؤرقها سوء الإدارة والتمييز (عبد السلام إبراهيم)

ونقرأ مراجعات لكتب: «وجه صغير يتكدس في كل ظهيرة» (عماد الدين موسى)، «مروة» (نشوة أحمد)، «خاتم سليمي» (نور السيد)، «غراميات استثنائية فادحة» (معتصم الشاعر)، «أبناء الطين» (حسام الأحمد)، «حساء بمذاق الورد» (جميلة عمايرة).

وفي العدد نطالع نصوص: «مارتن هيدغر يصحو من نومه» (سيف الرحبي)، «مختارات من الشعر الكوري» (محمد خطاب)، «سحر الأزرق» (مشاعل عبد الله)، «معرض وجوه» (طاهر آل سيف)، «سارقة الذكريات» (وجدي الأهدل)، «أوهام الشجر» (منصور الجهني).