قصف التحالف الدولي لمواقع الأسد يخلط أوراق الاتفاق الروسي ـ الأميركي

شعبان: الغارات مقصودة.. والمعارضة: قد تكون سببًا لإعلان فشل الهدنة

صورة وزعتها وكالة الصحافة الفرنسية أمس لرجل يملأ برميلاً بمادة البلاستيك، في طريقة جديدة لصناعة الوقود الضروري للمولدات الكهربائية في إحدى المناطق الخاضعة للمعارضة بحلب (أ.ف.ب)
صورة وزعتها وكالة الصحافة الفرنسية أمس لرجل يملأ برميلاً بمادة البلاستيك، في طريقة جديدة لصناعة الوقود الضروري للمولدات الكهربائية في إحدى المناطق الخاضعة للمعارضة بحلب (أ.ف.ب)
TT

قصف التحالف الدولي لمواقع الأسد يخلط أوراق الاتفاق الروسي ـ الأميركي

صورة وزعتها وكالة الصحافة الفرنسية أمس لرجل يملأ برميلاً بمادة البلاستيك، في طريقة جديدة لصناعة الوقود الضروري للمولدات الكهربائية في إحدى المناطق الخاضعة للمعارضة بحلب (أ.ف.ب)
صورة وزعتها وكالة الصحافة الفرنسية أمس لرجل يملأ برميلاً بمادة البلاستيك، في طريقة جديدة لصناعة الوقود الضروري للمولدات الكهربائية في إحدى المناطق الخاضعة للمعارضة بحلب (أ.ف.ب)

جاءت الضربة العسكرية على مواقع النظام السوري في دير الزور عشية المرحلة الثانية المفترضة من اتفاق الهدنة الهش، لتقلب حسابات مختلف الأطراف، ولا سيما موسكو وواشنطن. وعلى وقع الصدمة التي تلقاها النظام السوري الذي خسر ما لا يقل عن 90 شخصا من مقاتليه في القصف الأميركي، استمرت الاشتباكات العنيفة يوم أمس، بين قواته و«داعش» في دير الزور، فيما أعلن التنظيم عن إسقاطه طائرة حربية تابعة للنظام.
وفي حين اعتبر النظام السوري، على لسان مستشارة رئيسه بشار الأسد، أن الغارات الأميركية مقصودة، مشددة في الوقت ذاته على التزام بلادها بالهدنة، رأت المعارضة أن هذه الضربة ستشكل سببا إضافيا لإعلان فشل الهدنة المترنحة أساسا في سوريا، فيما رأى العميد المتقاعد ومدير مركز الشرق الأوسط للدراسات، هشام جابر، أنها ستقلب الأوراق و«تجهض»، وأن لفترة مؤقتة المرحلة الثانية من الاتفاق الأميركي – الروسي الذي كان من المفترض أن يتم خلالها تشكيل غرفة عمليات مشتركة في سوريا، بعد أسبوع على انطلاق الهدنة. وكان الاتفاق قد نص على أنه، وبعد مرور سبعة أيام على تطبيق وقف الأعمال القتالية وتكثيف إيصال المساعدات، تبدأ الولايات المتحدة بالتنسيق مع الروس تنفيذ ضربات جوية مشتركة ضد جبهة فتح الشام وتنظيم داعش.
ورجح عضو الائتلاف الوطني، سمير نشار، أن تكون الضربة الأميركية للنظام «خطأ مقصودا» يراد منه إيصال رسالة إلى إيران وروسيا بأنها على استعداد لإلغاء الاتفاق في أي وقت، ولا سيما بعد تقاعس حلفاء النظام عن القيام بتعهداتهم لجهة تطبيق بنود الاتفاق، وأولها إيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، كذلك أيضا قطع الطريق أمام إمكانية بناء مركز تنسيق استخباراتي بين واشنطن وموسكو، بحسب ما جاء في الاتفاق الذي تم الإعلان عنه. وقال نشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «بعد سيل التصريحات الروسية الجارفة منذ بدء الهدنة، التي كانت تدين خلالها واشنطن، جاءت هذه الضربة العسكرية رسالة قوية من أميركا إلى موسكو». وأوضح «سقوط الاتفاق سيكون أيضا ضربة سياسية لموسكو التي تسعى للحل في سوريا قبل نهاية ولاية الرئيس الأميركي باراك أوباما، وبالتالي فإن فشل الاتفاق يعني استمرارها في المستنقع السوري في غياب أي أفق لإنجاز سياسي، وفي ظل إنجازات عسكرية محدودة المكان والزمان».
من جهته، وصف الدكتور هشام جابر الضربة الأميركية لمواقع قوات النظام، بـ«الحدث الخطير وغير المسبوق»، مستبعدا في الوقت عينه أن يؤدي ما حصل إلى سقوط الاتفاق الأميركي - الروسي بأكمله، ومرجحا أن ينعكس الأمر سلبا على الهدنة في سوريا من دون أن تنهار بسهولة، إضافة إلى إجهاض، بشكل مؤقت، إنشاء غرفة عمليات مشتركة بين الطرفين. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «الهدنة التي استغرقت وقتا طويلا وكانت خطوة غير مسبوقة للتعاون بين موسكو وواشنطن، لا أعتقد أنها ستنهار بسهولة»، مضيفا: «لا شك أن الهدنة تصدعت وتصدعت معها الثقة، غير الكاملة أساسا، بين الطرفين، لكن هذا الأمر لن ينسحب على الاتفاق العام الذي بات يشكل أرضية مشتركة فيما بينهما». ولفت جابر إلى أن التطور العسكري الذي جاء عشية موعد بدء المرحلة الثانية المفترضة من الاتفاق، سيؤخر تطبيق بنودها، ولا سيما فيما يتعلق بإنشاء غرفة عمليات مشتركة بينهما، بحيث بات هذا الأمر تحديدا يحتاج إلى أن يوضع مجددا على طاولة البحث.
ورأى جابر، أن ما حصل وأن استهدف النظام إنما هو أساء إلى الجانب الأميركي الرسمي، موضحا «في كل الحالات هو يسيء للإدارة الأميركية المنقسمة فيما بينها حول الاتفاق، وتحديدا حول التنسيق العسكري مع موسكو؛ إذ في حين يفاوض وزير الخارجية باسم الإدارة الأميركية يعلن وزير الدفاع معارضته للاتفاق، وبالتالي فإذا كانت الضربة الأميركية مقصودة وبتوجيه من وزارة الدفاع سيكون هذا الأمر خطيرا».
وقالت بثينة شعبان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» «نعتقد أن الضربة مقصودة»، موضحة «كل المشاهد العينية والوقائع على الأرض لا تظهر إن كان هناك خطأ أو مصادفة، إنما كل شيء كان محسوبا و(داعش) كان على علم به، وحين دخل (داعش)، توقفت الغارات». وتابعت: «حتى روسيا توصلت إلى نتيجة مرعبة، وهي أن الولايات المتحدة تتواطأ مع (داعش)»، مضيفة «منذ بداية التدخل الأميركي قلنا إنه ليس ضد (داعش) (...) والدليل أن (داعش) توسع منذ ذلك الحين».
وردا على سؤال حول تأثير الغارات الأميركية في الهدنة، قالت شعبان «نحن ملتزمون بالهدنة، والهدنة سارية حتى انتهاء مدتها، ربما يجري تمديدها ومن الممكن أن يجري التوافق على شيء ما، فالمشهد السياسي متحرك جدا».
وأضافت: «الخوف من تأثيرها على الاتفاق الروسي - الأميركي»، موضحة «أعتقد أن بعض الجهات في الولايات المتحدة لا تريد الاتفاق، جهة تتفق مع الروس، وجهة أخرى ترفض الاتفاق».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.