الجزائر: تصدّع في أكبر حزب معارض بسبب توجهاته الحادة ضد بوتفليقة

رئيس «مجتمع السلم» سابقًا يبحث العودة إلى الحكومة

الجزائر: تصدّع في أكبر حزب معارض بسبب توجهاته الحادة ضد بوتفليقة
TT

الجزائر: تصدّع في أكبر حزب معارض بسبب توجهاته الحادة ضد بوتفليقة

الجزائر: تصدّع في أكبر حزب معارض بسبب توجهاته الحادة ضد بوتفليقة

تواجه «حركة مجتمع السلم» الجزائرية، وهي أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد، مشكلات داخلية يحتمل أن تؤثر في نتائجها في انتخابات البرلمان المنتظرة ربيع العام المقبل. فقد أطلق الرئيس السابق لـ«الحركة» أبو جرة سلطاني، حملة لإعادتها إلى «حضن السلطة» بعد أن غادرت الحكومة عام 2012 على خلفية أحداث ما يسمّى بـ«الربيع العربي» التي عرفتها بلدان مجاورة، وخصوصًا تونس.
ونشرت صحيفة «الخبر» أمس، أن سلطاني التقى مع كوادر بالحزب ممن يعارضون خط المعارضة «الراديكالي»، المنتهج من طرف رئيسه عبد الرزاق مقري، تحضيرًا للعودة إلى ما يعرف بـ«خط المشاركة» الذي نظَر له مؤسس «الحركة» الشيخ محفوظ نحناح، المتوفى عام 2003.
وجرى اللقاء في بيت وزير التجارة الأسبق الهاشمي جعبوب، الذي استقال من منصب نائب رئيس الحزب قبل أشهر، لاختلافه مع مقري حول المسار الذي أخذته «الحركة» على إثر انتقالها إلى المعارضة. وشارك في اللقاء، رئيس «مجلس شورى» الحزب سابقًا، عبد الرحمن سعيدي منافس مقري على القيادة. ويأخذ هؤلاء على مقري أنه «حاد عن خط المشاركة في السلطة الذي أسس له المرحوم سلطاني».
ونقلت مصادر قريبة من رئيس «الحركة» لـ«الشرق الأوسط» أنه «يشتم رائحة توظيف سياسي لجماعة سلطاني ضده، من طرف أشخاص في السلطة». ونتج هذا الموقف لاعتقاد مقري أنه أصبح مصدر إزعاج لخصومه في النظام، وهم رموز الفريق المقرَب من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وأولهم شقيق الرئيس ومستشاره الخاص الذي يعتبره المراقبون الرئيس الفعلي للبلاد، في فترة مرض بوتفليقة.
وغيَرت «مجتمع السلم» قيادتها في مؤتمرها الخامس الذي عقدته عام 2012، وأعلن المؤتمر بالإجماع نهاية «زواج» مع النظام بدأ في 1997، لما دخل الحزب الحكومة لأول مرة. ودام «شهر العسل» سنوات طويلة، وعرف أفضل أيامه خلال الولايتين الأولى والثانية للرئيس بوتفليقة، أي من 1999 إلى 2009. ففي عهده استوزر العشرات من مناضلي «حمس»، منهم سلطاني إمام مسجد مدينة تبسة (أقصى الشرق) سابقًا الذي عيّنه بوتفليقة وزير دولة.
وبينما تهافت غالبية كوادر «الحركة» على المناصب بالحكومة والأجهزة الرسمية، ظل مقري يشتغل في أوساط المناضلين للتمكين لمشروع المعارضة، الذي تأسست عليه كل الأحزاب الإسلامية في الجزائر ما عدا «مجتمع السلم». ومعروف في الأوساط السياسية، أن حزب نحناج بارك تدخل الجيش مطلع 1992، لإلغاء نتائج انتخابات البرلمان التي فازت بها «الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، على عكس أحزاب إسلامية أخرى التي شجبت ما وصفته بـ«الانقلاب على الشرعية».
وبعد خروجها من الحكومة، رسّمت «الحركة» ابتعادها عن النظام بفك ارتباطها مع «التحالف الرئاسي»، الذي دعّم سياسات بوتفليقة، ويضم حزبي السلطة «جبهة التحرير الوطني» (أغلبية برلمانية) و«التجمع الوطني الديمقراطي»، الذي يقوده وزير الدولة ومدير الديوان بالرئاسة أحمد أويحي.
بعدها كان مقري عام 2014 من مؤسسي «تنسيقية الانتقال الديمقراطي» التي ضمت لأول مرة، نحو 50 شخصية سياسية وحزبية من المعارضة، من كل التيارات، عرضوا على السلطة «انتقالاً سلسًا إلى نظام جديد» بواسطة انتخابات تنظمها وتشرف عليها شخصيات «مشهود لها بنظافة اليد»، لم يسبق لها أن مارست المسؤولية في الدولة. ورفضت الرئاسة مقترحات «التنسيقية»، وتعرض مقري لهجوم حاد من طرف الأحزاب ووسائل الإعلام المقرّبة من السلطة. أما في «مجتمع السلم»، فلم تستسغ كوكبة من القياديين، التقارب الذي أحدثه مقري مع علمانيين ويساريين، كانوا حتى وقت قريب أعداء لهم. ومبررهم في ذلك، أن نشطاء «التنسيقية» شاركوا في السلطة في فترات سابقة، مثل رئيس الحكومة الأسبق سيد أحمد غزالي، الذي كان معارضًا شرسًا للشيخ الراحل نحناح.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.