فصائل المعارضة المسلحة السورية.. وخيار التضامن الحذر

اتفاق الهدنة الروسي ـ الأميركي يربك المشهد

عنصران من الجيش السوري الحر يركبان دراجة نارية في جرابلس المدينة السورية الحدودية مع تركيا (غيتي)
عنصران من الجيش السوري الحر يركبان دراجة نارية في جرابلس المدينة السورية الحدودية مع تركيا (غيتي)
TT

فصائل المعارضة المسلحة السورية.. وخيار التضامن الحذر

عنصران من الجيش السوري الحر يركبان دراجة نارية في جرابلس المدينة السورية الحدودية مع تركيا (غيتي)
عنصران من الجيش السوري الحر يركبان دراجة نارية في جرابلس المدينة السورية الحدودية مع تركيا (غيتي)

كجزء من صفقة معقدة بين الولايات المتحدة وروسيا، تمّ وقف إطلاق النار في سوريا لمدة سبعة أيام بدءًا من مساء الاثنين، أول أيام عطلة عيد الأضحى.. ومن أهداف الاتفاق تنفيذ ضربات مشتركة ضد تنظيم داعش المتطرف وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقًا). والواضح أن الولايات المتحدة تأمل في أن يؤدي الاتفاق إلى إجبار الثوار في المعارضة السورية على فك ارتباطهم بجبهة فتح الشام، وهو احتمال قد يكون ضئيلاً في ظلّ الواقع السوري الحالي مع إعادة تموضع الجبهة.
يتيح الاتفاق الروسي - الأميركي على هدنة - هشة جدًا - في سوريا لجيش النظام بسط سيطرته النارية على المناطق التي يسيطر عليها الثوار في مدينة حلب، بينما يفرض على المعارضة وقف القتال حول مناطق سيطرة النظام وحلفائه من الميليشيات التي تدعمها إيران.
ولكن في المقابل، يجبر اتفاق الهدنة النظام على وقف الضربات الجوية التي تعد السبب الرئيسي في قتل المدنيين، وقد يتيح استمرار وقف إطلاق النار المجال للجيش الروسي والقوات الأميركية في التحالف الدولي للتخطيط لعمليات جوية مشتركة ضد الجماعات التي يتفق عليها بأنها «جماعات متطرفة»، بما في ذلك - طبعًا - «داعش» وجبهة فتح الشام التي تحوز على دعم عدد كبير من الفصائل. وفي هذا الصدد، قال وزير الخارجية جون كيري لدى إعلانه عن الاتفاق: «اليوم، تعلن الولايات المتحدة وروسيا عن خطة نأمل في أن تحّد من العنف، ومن المعاناة، وتستأنف التحرك نحو السلام عن طريق التفاوض والانتقال في سوريا (...) التي إذا تم تنفيذها، ستكون قادرة على توفير نقطة تحول ولحظة تغيير».
* الغايات السياسية للاتفاق
هدفت الولايات المتحدة - وتهدف - إلى «إقناع الفصائل الثورية والمعارضة السورية الأخرى بفصل نفسها عن جبهة النصرة» التي كانت تقاتل النظام، والبحث عن ملاذ لها تحت المظلة الجوية الأميركية - الروسية، كما صرّح مساعد المتحدث باسم الخارجية الأميركية مارك تونر، ليلة الثلاثاء، إذ قال إن «المعارضة المعتدلة» - على حد تعبيره - ستنفصل خلال الأيام المقبلة عن جبهة فتح الشام، ثم أشار خلال مؤتمر صحافي إلى أن واشنطن «تتواصل مع المعارضة المعتدلة»، وأردف أن «الفصائل تتفهّم أن اختلاطها بالنصرة ليس من مصلحتها.. ونتوقع أن نشهد الانفصال في الأيام المقبلة».
«بديهي إذن أن الاتفاق الروسي - الأميركي يهدف إلى فصل الفصائل، ومنها الجيش السوري الحر، عن جبهة فتح الشام» بحسب قيادي من الجيش السوري الحر. ولكن حسب رأي القيادي: «بالنسبة للمعارضة، على الاتفاق أن ينتج هدنة حقيقية، أما فيما يخص فصل المعارضة عن جبهة فتح الشام، فهذا الأمر لن ينجح ما لم تكن آليات تنفيذه واضحة».
في هذه الأثناء، كثرت البيانات المؤيدة للنصرة، ردًّا على الاتفاق الروسي الأميركي الأخير في شأن وقف الأعمال القتاليّة، متضمّنة عددًا من التحفظات على الاتفاق، وكان أبرزها رفضُ استهداف جبهة فتح الشام. وقد تجاوزت تلك التحفظات هذا الحد، لتبلغ رفض استهداف «أي فصيل آخر يحارب النظام، وهو ما من شأنه أن يُضعف القوى العسكريّة للثّورة». واعتبار أن استهداف النصرة، بحلتها الجديدة واسمها الجديد، «جاء ترجمةً لتوافقات إقليميّة جديدة».
* أين الميليشيات الشيعية؟
لقد رفضت فصائل الجيش السوري الحر، في بيان مشترك لها، استهداف جبهة فتح الشام، وتحفظت عن استثنائها من الهدنة، مشيرة إلى أن الاتفاق الروسي - الأميركي لم يتطرق إلى الميليشيات الشيعية التي تساند نظام بشار الأسد في قتل السوريين، بحسب «أورينت نيوز». وكان من أبرز الفصائل الموقعة على البيان: جيش الإسلام، والفرقة 13، وفيلق الشام، وحركة أحرار الشام الإسلامية، وجيش النصر، والجبهة الشامية، وفيلق حمص، وحركة نور الدين الزنكي، والفرقة الشمالية، ولواء صقور الجبل. واعتبرت كل هذه الفصائل «أن بنود الهدنة المطروحة في صورتها الحالية تترك المجال مفتوحا للنظام وحلفائه لاستغلالها، وارتكاب المزيد من المجازر بحق المدنيين، وتحقيق مكاسب عسكرية استراتيجية عجز عن تحقيقها سابقا». كما تحفظت على عدم وجود آلية مراقبة أو عقوبة زاجرة، مما يخوّل للنظام استثمار هذه الهدنة لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية.
كذلك «أعادت هذه التصريحات الثقة بين الفصائل وجبهة فتح الشام»، بحسب الدكتور رامي دالاتي، عضو المجلس السياسي في الجيش السوري الحر، المتعمق أيضًا في موضوع الفصائل المتطرفة. وصب في الخانة نفسها حديث لبيب النحاس، القيادي في حركة أحرار الشام. وبحسب تقرير لـ«أورينت نيوز»، جاء في إحدى تغريدات النحاس قوله: «إن ما رأيناه من صدق وحرص الإخوة في الفصائل أثلج قلوبنا.. هم من قادوا الدفة، وصاغوا الموقف.. لأمثالكم تُرفع القبعات». واعتبر أن الفصائل، وعلى رأسها الجيش الحر، وضعت نفسها بين جبهة فتح الشام ومن أراد استهدافها، رغم الضغوط. وأضاف النحاس أن «عمل المكاتب السياسية للفصائل أظهر إدراكًا متقدمًا للوضع الدولي، ومعرفة دقيقة بالواقع في الداخل، لا إفراط ولا تفريط».
* توحد أم «أخوة» الثورة؟
أيضًا، اعتبر النحاس أن اتفاق وزيري الخارجية الأميركي كيري والروسي لافروف «سيتمخض عنه أول غرفة عمليات عسكرية مشتركة بين أميركا وروسيا»، مضيفا: «إننا أمام حدث تاريخي يعكس حقيقة الحرب في سوريا، ويضع الثورة كلها على المحك، ويهدد وحدة صفها الداخلي واستمرارها، في حين يقدم فرصة ذهبية للنظام والروس لتحقيق أجندتهم». وتابع القيادي: «إن الثورة أنتجت أخوّة بين أبنائها مدادها الدماء والدموع، ولن نتخلى عمن يدافعون عن شعبنا، عباءة الثورة هي الجامعة».
وشدد النحاس على ضرورة التوحّد، وعدم استثناء الجيش الحر من أي مشروع توحد، قائلاً: «توحيد الموقف السياسي - العسكري للفصائل أصبح ضرورة وجودية، وليس ترفًا؛ اتفاق كيري - لافروف يضعنا أمام استحقاقات مفصلية». ثم أوضح أن «أي مشروع توحد يستثني الجيش الحر، أو يصطبغ بلون واحد، هو مشروع سيزيد الساحة استقطابًا، ويدفعها للهاوية، فإما أن نحيا كأمة أو نموت كفصائل، إما أن ننتصر كثورة أو نُهزم كتيارات».
الدكتور دالاتي من جانبه يرى أنه «لا يوجد اليوم مسوغات قانونية لاستهداف جبهة فتح الشام، فهي استجابت لضغوطات الفصائل والعلماء، وفكّت ارتباطها بتنظيم القاعدة (...) لهذه الأسباب لا نستطيع توجيه بندقيتنا ضد جبهة فتح الشام».
وبالفعل، في ضوء هذا التضامن، وجهت جبهة فتح الشام، في بيان لها، «الشكر والثناء» لجميع الفصائل الثورية التي رفضت الاتفاق الروسي - الأميركي. وجاء في البيان أن «الاتفاق جاء من أجل تقسيم الفصائل المجاهدة، والتفريق بينها، واستهدافها واحدة تلو الأخرى، بالإضافة إلى إبعاد نظام الأسد عن المواجهة، والمحافظة على نظامه ومؤسساته». ووصفت موقف الفصائل السورية بأنه موقف مشرّف يمثل الصف الواحد واليد الواحدة. وتصدى حسام الشّافعي (أبو عمّار الشامي)، من جبهة فتح الشام، للمهمّة، عبر صفحته على موقع «تويتر»، قائلاً: «نتقدم بالشكر والامتنان لكل من وقف بجانب إخوانه في فتح الشام، من إعلاميين وفصائل وقادة.. مواقف مشرفة سيسجلها التاريخ وتفخر بها الأجيال».
على صعيد آخر، ثمة من يتكلم اليوم عن اندماجات، وقد كثُرت التحليلات التي لم تستبعد أن تكون هذه المواقف مقدّمةً لخطوة الاندماج مع جبهة فتح الشام، بعد هذا التضامن وما يراه البعض «تغطية سياسية». غير أن الدكتور دالاتي استبعد هذه الفكرة بسبب خوف الفصائل من التصنيف الدولي للإرهاب الذي اعتبر أنه «سيتم تكوين هيئة سياسية للفصائل دون فتح الشام».



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».