الإيزيدية نادية مراد.. سفيرة الأمم المتحدة التي تغلبت على بطش «داعش»

شجاعتها أبكت بان كي مون.. وهدفها دعم ضحايا الاتجار بالبشر

نادية مراد في هانوفر في 31 مايو الماضي (إ.ب.أ)
نادية مراد في هانوفر في 31 مايو الماضي (إ.ب.أ)
TT

الإيزيدية نادية مراد.. سفيرة الأمم المتحدة التي تغلبت على بطش «داعش»

نادية مراد في هانوفر في 31 مايو الماضي (إ.ب.أ)
نادية مراد في هانوفر في 31 مايو الماضي (إ.ب.أ)

لم تكن الفتاة الإيزيدية الناجية من أسر تنظيم داعش الإرهابي، نادية مراد، أنها وأبناء بلدتها سيتعرضون للإبادة الجماعية والاستعباد الجنسي من قبل مسلحي تنظيم إرهابي كان قد استولى على الموصل في يونيو (حزيران) 2014.
نادية مراد باسي طه، البالغة من العمر 23 عاما، كانت تعيش مع عائلتها في قرية كوجو (23 كيلومترا جنوب غربي سنجار)، وبعد احتلال التنظيم لقضاء سنجار في 3 أغسطس (آب) 2014 لم يستطع سكان القرية الهروب منها. وفي 15 من الشهر ذاته، جمع التنظيم أهالي القرية في مدرستها، وفرقوا الرجال عن النساء والأطفال، وقتلوا رجال وشباب القرية في عمليات إعدام جماعية، وكان من بين القتلى ستة من أشقاء نادية مراد وأمها أيضا، فيما تمكن ثلاثة آخرون من أشقائها من النجاة.
واقتاد التنظيم نادية والآلاف من الفتيات والنساء والطفلات الإيزيديات إلى الموصل، وتعرضت خلال وجودها في قبضة التنظيم إلى الضرب والتعذيب والاغتصاب الجماعي من قبل مسلحي «داعش» وبيعت عدة مرات في الموصل وتلعفر والحمدانية. وحاولت مراد بعد مدة من احتجازها لدى مسلحي «داعش» الفرار، إلا أن أحد الحراس اعتقلها، ونزع مسلح التنظيم الذي كان يحتجزها ملابسها بالقوة ورماها لحراسه الذين تناوبوا على اغتصابها حتى فقدت وعيها. وتشير نادية مراد إلى أنها وبعد ثلاثة أشهر من التعذيب والاغتصاب الذي شهدته بيد مسلحي «داعش» تمكنت من الهرب والتجأت إلى منزل إحدى العوائل الموصلية التي ساعدتها في الهروب من المدينة إلى كركوك، ومنها انتقلت إلى مدينة زاخو التابعة لمحافظة دهوك في إقليم كردستان، لتعيش مع أخيها في أحد مخيمات النازحين قبل أن تبدأ مسيرتها للتعريف بقضية الإيزيديين والإبادة الجماعية التي تعرضوا لها على يد «داعش».
وانتقلت نادية إلى ألمانيا لتلقي العلاج فيها، ومن ثم بدأت جولة دولية لتكملة رسالتها التي تتضمن المطالبة بتحرير المختطفات الإيزيديات لدى «داعش». وشملت هذه الجولة إلقاء كلمة أمام مجلس الأمن الدولي في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2015، حيث روت ما تعرضت له والنساء والفتيات الإيزيديات من مأساة على يد مسلحي التنظيم. وشملت جولتها كلا من بريطانيا وهولندا والسويد وفرنسا وإيطاليا ومصر والكويت واليونان. والتقت نادية خلال جولتها مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وشيخ الأزهر أحمد الطيب، والرئيس اليوناني بروكوبيس بافلوبولوس وأمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.
ورُشحت نادية الناجية من «داعش» في يناير (كانون الثاني) من العام الحالي 2016 لنيل جائزة نوبل للسلام، كما اختارتها مجلة «تايم» كواحدة من الشخصيات المائة الأكثر تأثيرا لعام 2016.
وعين مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة مساء أول من أمس - في مراسم خاصة في المقر الرئيسي للأمانة العامة في نيويورك، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والعديد من سفراء دول العالم - نادية مراد سفيرة للنوايا الحسنة لكرامة الناجين من الاتجار بالبشر. ومنح كي مون اللقب لنادية مراد. وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي يمنح فيها أحد الناجين من الفظائع وجرائم الاتجار بالبشر هذا اللقب.
وأشاد الأمين العام للأمم المتحدة، الذي منح اللقب لنادية مراد، بعزمها لتكون بمثابة صوت لمن لا صوت له، مشددا بالقول إن «نادية نجت من جرائم مروعة. بكيت عندما سمعت قصتها، ليس حزنا فقط، ولكن للقوة والشجاعة والكرامة التي أبدتها. وهي تدعو بحق لعالم يعيش فيه جميع الأطفال في سلام».
وستُركز نادية مراد من خلال دورها كسفيرة للنوايا الحسنة لكرامة الناجين من الاتجار بالبشر، على مبادرات المناصرة وزيادة الوعي حول محنة الملايين من ضحايا هذه الظاهرة، خاصة اللاجئين والنساء والفتيات. ومن المقرر أن تلقي نادية كلمة في افتتاح مؤتمر قمة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمهاجرين الذي سيعقد غدا الاثنين.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».