تحرك برلماني لمنح «الحشد الشعبي» حصانة يدق ناقوس الخطر

تعتزم كتلة المواطن النيابية تقديم مشروع قانون إلى مجلس النواب العراقي يمنح الحصانة لميليشيات الحشد الشعبي. وبحسب نواب الكتلة، فإن مشروع قانون وقع عليه أكثر من 70 نائبا، ومن المنتظر طرحه خلال أيام. ولقي مشروع القانون رفضا واسعًا لدى معظم الكتل السياسية، وبخاصة النواب في المجلس الممثلون عن محافظات الأنبار وديالى ونينوى وصلاح الدين، التي شهدت مدنها خروقًا لفصائل تابعة لـ«الحشد الشعبي» أثناء تحرير تلك المدن والمناطق من سيطرة تنظيم داعش.
وقال عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار، النائب أحمد السلماني، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «طرح مثل مشروع كهذا هو مخالف تمامًا للدستور العراقي والقانون، وهو إذكاء للنزاع الطائفي قبل الانتخابات المقبلة؛ فالحشد الشعبي هو مؤسسة تابعة للمنظومة العسكرية؛ لذا فإنها معرضة للمساءلة والعقاب في حالة حدوث خروقات وانتهاكات بحق المدنيين، وإعطاؤه الحصانة هو محاولة حماية الحشد الشعبي من المساءلة القانونية، خصوصا أن فصائل كثيرة تابعة للحشد قامت بعدد كبير من الانتهاكات في محافظات الأنبار وديالى وصلاح الدين خلال عمليات تحرير مدن تلك المحافظات من قبضة تنظيم داعش الإرهابي، وهذا الأمر غير دستوري ولن نوافق عليه، وسنرفضه داخل قبة البرلمان إذا ما تم طرحه».
وأضاف السلماني «إن مثل مشروع كهذا جاء لحماية مجموعة من المجرمين الذين تسببوا في قتل واعتقال الآلاف من أبناء السنة في المحافظات الغربية، وهي عملية التفاف على الشكاوى المقدمة من قبل عدد كبير من السياسيين والبرلمانيين فيما يخص بالانتهاكات والجرائم التي قامت بها مجاميع مسلحة وفصائل تابعة للحشد الشعبي تمثلت في جرائم قتل واختطاف وحرق للدور والمحال التجارية وهدم المساجد، واقتراف جرائم كبيرة، منها عمليات اختطاف أكثر من 1600 مدني من أهالي الأنبار في معبر الرزازة خلال خروجهم من مدن الأنبار إلى مخيمات النزوح، وكذلك خطف وقتل أكثر من 650 مدنيا من أهالي الصقلاوية والكرمة شمالي مدينة الفلوجة، وانتهاكات أخرى تمثلت في قتل عدد كبير من أهالي ديالى وصلاح الدين؛ فهناك أكثر من 2200 شخص من أبناء المحافظتين مصيرهم مجهول بعد تعرضهم للاختطاف على أيدي عناصر تابعة للحشد الشعبي».
وأشار السلماني إلى أن «طرح مثل مشروع كهذا هو استهداف واستخفاف بالمنظومة العسكرية المتمثلة بالجيش العراقي؛ فلماذا يكون الحشد متمتعا بامتيازات كهذه بينما تلقى المنظومة العسكرية الإهمال من قبل الحكومة؟».
بدوره، أعلن عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى محمد الكربولي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا الأمر بالنسبة لنا مستحيل تماما». وأضاف الكربولي أن «لدينا مشكلات مع كثير من الفصائل التي تنتمي إلى الحشد الشعبي، حيث إننا ما زلنا لا نعرف مصير أكثر من 2500 مختطف سني من بحيرة الرزازة وسامراء». وتساءل الكربولي: «إذا كانوا يريدون ضمهم إلى الأجهزة الأمنية، وذلك من خلال تشريع قانون على غرار جهاز مكافحة الإرهاب كيف سيمنحونهم حصانة، فهل توجد أجهزة أمنية تعمل بحصانة في العالم كله؟».
لكن القيادي في منظمة بدر والناطق الرسمي باسم «هيئة الحشد الشعبي»، كريم النوري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» رفض الفكرة، وقال إن «فصائل الحشد الشعبي تدعو إلى إقرار قانون للحشد الشعبي على غرار قانون جهاز مكافحة الإرهاب الذي هو جهاز أمني يقوم بواجباته الرسمية ضمن إطار القانون، لكن دون حصانة لأحد من مقاتليه؛ لأن هذه مرفوضة تمامًا ولا يمكن العمل بها»، مشيرًا إلى أن «هناك مندسين وسيئين يستخدمون الحشد غطاءً للقيام بأعمال منافية للقانون، وهناك من ارتكب جرائم، وبالتالي فإن كل ما يقال بشأن ذلك لن يمر لأنه يدخل في باب الدعاية الانتخابية المبكرة». وحذر النوري من «مساعي كثير من الساسة في الوسط الشيعي باتوا يحاولون من الآن القفز على الحشد واستخدامه مظلة لأغراض سياسية خلال الانتخابات المقبلة».
من جهته، أكد القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي، فادي الشمري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مثل هذه المحاولات باتت مكشوفة، وهي عبارة عن دعاية انتخابية مبكرة، ويبدو أن البعض يريد من الآن حجز موقع على صعيد هذا النوع من الدعاية». وأضاف الشمري، أن «ما نعمل عليه هو العكس، وهو تشديد الإجراءات، خصوصا بمتابعة الحالات السيئة من أجل ضبط إيقاع الحركة وعدم السماح لأي جهة باستغلال الحشد».