صندوق تحوط في بيرو يبني ثروته على الحدود القديمة

حصته تبلغ قيمتها ما يقرب من 1.6 مليار دولار

الصندوق يقول إن الحكومة لا بد أن تدفع التعويضات من أجل المحافظة على مصداقيتها في الأسواق الائتمانية العالمية  (أ.ف.ب)
الصندوق يقول إن الحكومة لا بد أن تدفع التعويضات من أجل المحافظة على مصداقيتها في الأسواق الائتمانية العالمية (أ.ف.ب)
TT

صندوق تحوط في بيرو يبني ثروته على الحدود القديمة

الصندوق يقول إن الحكومة لا بد أن تدفع التعويضات من أجل المحافظة على مصداقيتها في الأسواق الائتمانية العالمية  (أ.ف.ب)
الصندوق يقول إن الحكومة لا بد أن تدفع التعويضات من أجل المحافظة على مصداقيتها في الأسواق الائتمانية العالمية (أ.ف.ب)

ابتاع صندوق التحوط، غرامرسي لإدارة الأموال، والمتخصص في الأسواق الناشئة، ما يقرب من 20 في المائة من السندات الصادرة لملاك الأراضي في بيرو على سبيل التعويض عن الاستيلاء على الأراضي ابتداء من عام 1969. ولكن على الرغم من أن صندوق غرامرسي يقول إن حصته تبلغ قيمتها ما يقرب من 1.6 مليار دولار، إلا أن رئيس بيرو الجديد يقول إن السندات قد تكون بلا قيمة بالأساس.
وفي محاولة للتلاعب بالقوانين، حاول صندوق غرامرسي أن يجعل من القصة ذات أهمية في واشنطن كما هي مهمة في بيرو، حيث رفع الستار عن الكيفية التي يعمل بها مجمع الضغط القانوني في العاصمة الأميركية. ولقد ضم صندوق غرامرسي لجانبه جماعات الضغط الكبرى مثل مجموعة بوديستا، ومجموعة داشيل، ومؤسسة ماكلارتي وشركاه.
كما رفع صندوق التحوط دعوى للتحكيم أمام إحدى المحاكم الدولية بموجب اتفاقية تعزيز التجارة بين الولايات المتحدة وبيرو. ولقد حصل الصندوق على رأي داعم من أستاذ القانون في كلية الحقوق بجامعة كولومبيا، جون سي كوفي، وعينت مقيما مخضرما للدعاوى القضائية من مؤسسة ديبفواز وبليمبتون القانونية.
ولقد تابعت الحكومة البيروفية الدعوى القضائية، حيث عينت لها مؤسسة وايت وكيس القانونية الشهيرة.
ولقد أعرب صندوق غرامرسي عن أمله في أن الرئيس البيروفي الجديد، بيدرو بابلو كوكزينسكي – وهو وزير المالية ورئيس الوزراء الأسبق، والمسؤول السابق في البنك الدولي، والمستثمر المصرفي البارز – سوف يتخذ موقفا أكثر تعاطفا من سلفه. ولكن في الشهر الماضي، قال السيد كوكزينسكي في مقابلة شخصية مع مجلة «لاتين فاينانس»: «لا أعتقد أننا مدينون لهم بأي شيء. والأمر بهذه البساطة».
ويدعي صندوق غرامرسي أن قضيته المرفوعة هي أفضل من ذلك. حيث تشير إلى أن المحاكم والكونغرس في بيرو قد اعترفا بشرعية السندات وبأهمية أن تقوم الحكومة بالسداد المنصف للتعويضات.
كما يقول الصندوق أيضا إن الحكومة البيروفية لا بد وأن تدفع التعويضات من أجل المحافظة على مصداقيتها في الأسواق الائتمانية العالمية. ولقد حاول الصندوق، مع نجاح طفيف، أن يلفت انتباه البنك الدولي وصندوق النقد الدولي للمسألة، حيث يقول صندوق غرامرسي في الدعوى المرفوعة للبدء في أعمال التحكيم «إن مكائد بيرو للتهرب من سداد ديون سندات الأراضي تتجاوز حد الإنصاف، والإجراءات القانونية، وسيادة القانون».
ولكن بيرو، والتي عملت على تأمين تصنيف ائتماني قوي من الدرجة الاستثمارية، تنأى بنفسها عن حكومات أميركا الجنوبية الأقل موثوقية، وتقول إن سنداتها مختلفة عنهم. ويلعب صندوق غرامرسي دور صندوق التحوط الذي يستثمر في الديون ويشن حملة تشويه يائسة، كما تقول بيرو، وأن صندوق التحوط ومئات من أصحاب السندات للأرض القديمة لا يستحقون الكثير، إن كانوا يستحقون شيئا بالأساس من الحكومة.
ودفع المحامون في بيرو بأن غرامرسي، والذي يدير ما يقرب من 6 مليارات دولار من الأصول ويتخصص في الديون البائسة للأسواق الناشئة، كان قادرا على شراء السندات بخصومات كبيرة بسبب وضعيتها غير اليقينية على وجه التحديد. والرد البيروفي على دعوى غرامرسي يقول إن معاهدة التجارة الأميركية البيروفية «لا تنص على مزاعم نزع الملكية التخمينية، أو المطالبة بالمعاملة التفضيلية، أو غير المنصفة». ولم يكشف صندوق غرامرسي عن تكاليف حصته من السندات.
تقول السيدة سينثيا ماكلينتوك، أستاذة الشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن، في دورية الحوار الأميركي المشترك، وهي مؤسسة غير هادفة للربح ومقرها في واشنطن: «إنه حوار ممتد إلى القول إن الحكومة الديمقراطية الحالية في بيرو يجب أن تضطلع بمسؤولياتها عن المطالبات بالسندات الصادرة قبل 40 عاما من جانب نظام الحكم العسكري. وإذا لم تكن هناك فترات للتقادم بشأن هذه المطالبات، فمن حق السكان الأصليين في بيرو أن يقولوا إنهم لم يتلقوا التعويضات الكافية عن الأراضي المنتزعة منهم على أيدي المستعمرين الإسبان».
يحمل ذلك النزاع بعض أوجه الشبه حول صراع مماثل على السندات التي أصدرتها الأرجنتين. وفي تلك الحالة، كانت صناديق التحوط الأجنبية، ومن بينها صندوق غرامرسي ذاته، قد عملت على تسوية مطالبها عبر اتفاقيتين، في عام 2010 وعام 2013 على التوالي. وفي وقت سابق من هذا العام، وافقت الأرجنتين على سداد مبلغ 4.65 مليار دولار إلى صناديق التحوط الأخرى على سندات تمتد حتى 15 عاما. وحصل صندوق إليوت للإدارة، على سبيل المثال، على نسبة 369 في المائة الهائلة من العائدات على الاستثمارات.
وعلى الرغم من ذلك فإن قضية السندات البيروفية لها جذور مختلفة، حيث بدأت القصة في بيرو عام 1969 عندما أصدر الديكتاتور اليساري السابق خوان فيلاسكو الفارادو برنامجه للإصلاح الزراعي على مدى 10 سنوات وأدى إلى الاستيلاء على 23 مليون فدان من الأراضي – أو ما يساوي مساحة ولاية إنديانا الأميركية – من 15.826 من أصحاب الأراضي الموسرين ومن الطبقة المتوسطة وأعاد توزيعها على صغار المزارعين والجمعيات التعاونية الزراعية.
وإحدى المزارع المصادرة تنتمي إلى عائلة توني لافيريا، وهو مستشار التكنولوجيا والمواطن الأميركي المجنس والذي يعيش حاليا في مدينة أتلانتا، وهو من أعضاء مجلس إدارة حملة السندات البيروفية الأميركية من أجل العدالة، وهي مجموعة مدعومة وتتضمن صندوق غرامرسي للتحوط. وكان جد لافيريا الأكبر من عمال مناجم الفضة الذي ترك أموالا استخدمها أبناؤه في شراء الأراضي بالمزاد العلني في بدايات عام 1830، بعد فترة ليست بالطويلة من استقلال بيرو عن إسبانيا.
وكان جد السيد لافيريا عضوا في مجلس الشيوخ، وجده عمدة مدينة تارما، وهي المدينة القريبة من المزرعة. وفي أحد الأيام، وصل الجنود مستقلين شاحنة واستولوا على المزرعة وسلموها إلى «أناس آخرين».
وهناك مزرعة أخرى تعود لعائلة ياب، والتي جاء مؤسسها على متن قارب وهو بعمر الـ16 عاما من الصين في منتصف القرن العشرين. وافتتح متجرا لبيع المتعلقات والخردوات من الصين، ثم استأجر ما يقرب من 260 فدانا لزراعة قصب السكر خارج مدينة تشيكلايو.
ويعمل خافيير ياب، والذي ولد في عام 1967 وكان صبيا صغيرا إبان برنامج الإصلاح الزراعي وانتزاع الأراضي من أصحابها، حاليا في تقييم الشركات للأغراض المحاسبية في ليما. وهو يحمل ذكريات باهتة عن مزرعة أبيه. ولكن عمه، وهو مهندس زراعي جعل من المزرعة مشروع حياته، انتهى به الحال ليبيع بطاريات الإضاءة وطاردات البعوض وغيرهما من المنتجات الصينية الرخيصة في متجر والده ليتكسب عيشه.
وكتعويض عن نزع الأراضي من أصحابها، أصدرت الحكومة العسكرية آنذاك سندات للأراضي بفائدة سنوية تبلغ 4 إلى 6 في المائة، مع جدولة السداد على مدى 20 إلى 30 عاما. ولكن سوء الإدارة الاقتصادية من قبل الحكومة أدى إلى التضخم الشديد الذي بلغ 7.481.7 في المائة في عام 1990. وتم تخفيض قيمة العملة المحلية مرتين ثم تم استبدالها. والعملة التي صدرت بها السندات، عملة «سول دي أورو»، تبلغ قيمتها واحدا على مليار من عملة «سول» المستخدمة حاليا.
وبحلول منتصف الثمانينات من القرن الماضي، كانت المدفوعات لا قيمة لها بالأساس. وفي بدايات التسعينات، توقفت الحكومة عن سداد مدفوعات السندات بالكلية.
وفي عام 2001، قضت المحكمة الدستورية في بيرو أنه يلزم الحكومة سداد مدفوعات السندات بالقيمة المعادلة للقيمة التي صدرت بها السندات حين إصدارها. ولكن الحكم لم يحدد كيفية حساب تلك القيمة. وخلال السنوات العشر التالية، كانت المحاكم المدنية في بيرو، والمحكمة العليا، والكونغرس البيروفي، قد أكدت جميعها وفق مختلف الأحكام الصادرة على الحاجة إلى تعويض السندات وأصحابها، ولكن تلك الأحكام لم تكن واضحة حول كيفية التعويض. وكان ذلك بمثابة الضوء الأخضر إلى صندوق غرامرسي، والذي ابتاع عبر عشر سنوات كاملة ما يقرب من 10 آلاف سند من سندات الأراضي الفردية. وحيث إن السندات كانت «لحامليها»، ولم يتم تداولها في الأسواق الإلكترونية، تعامل صندوق التحوط مع العديد من الأفراد والمجموعات لجمع الشهادات المادية. ويقول صندوق غرامرسي إن كافة تلك المعاملات تمت في بيرو وإن كافة الأموال التي استثمرها الصندوق قد سددت في بيرو – وهو جزء أساسي من حجة الصندوق بأنه مستحق كمستثمر للحماية بموجب المعاهدة التجارية المذكورة. ويقول المحامون في بيرو إن شراء قطع الأوراق «شهادات السندات» ذات القيم المشكوك فيها لا يعول عليها في البلاد.
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ {الشرق الأوسط}



الصين تدافع عن «الإفراط في التصنيع»

سيارات معدة للتصدير في ميناء يانتاي بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
سيارات معدة للتصدير في ميناء يانتاي بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
TT

الصين تدافع عن «الإفراط في التصنيع»

سيارات معدة للتصدير في ميناء يانتاي بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
سيارات معدة للتصدير في ميناء يانتاي بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)

قال لياو مين، نائب وزير مالية الصين، إن القدرات الصناعية لبلاده تساعد العالم في مكافحة التغير المناخي وفي جهود احتواء التضخم، في رد على انتقاد وزيرة الخزانة الأميركية للطاقة التصنيعية المفرطة للصين.

ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن لياو، قوله فى مقابلة حصرية معها في مدينة ريو دي جانيرو بالبرازيل، نشرتها السبت: «على مدار عقود كانت الصين قوة لخفض معدلات التضخم في العالم عبر توفير المنتجات الصناعية بجودة عالية وأسعار ملائمة».

وكان لياو يشارك في اجتماعات وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية بالدول الأعضاء في مجموعة العشرين بالبرازيل. وأضاف: «وهي توفر الآن البضائع الخضراء للعالم، فيما تسعى الدول إلى تحقيق أهداف خفض الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2030».

وأوضح لياو، أن الطلب العالمي على السيارات الكهربائية سوف يتراوح بين 45 مليوناً و75 مليون سيارة، بحلول ذلك الحين، وهو ما يتجاوز بكثير الطاقة الإنتاجية للعالم، بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية.

وجاءت تصريحات المسؤول الصيني، بعد يوم من تعهد يلين «بمواصلة الضغط على الصين للنظر في نموذج الاقتصاد الكلي الخاص بها».

وتواجه الصين حواجز تجارية متنامية من الاقتصادات المتقدمة مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وسط انتقاد للإفراط في الإنتاج الصناعي الصيني، وتداعيات ذلك على القطاعات الصناعية والشركات.

ويمضي الاتحاد الأوروبي قدماً صوب فرض رسوم جمركية على السيارات الكهربائية القادمة من الصين، في حين هدد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة، بفرض رسوم بقيمة 50 في المائة، أو أكثر، على واردات السوق الأميركية من البضائع الصينية حال فوزه بالانتخابات المقررة في نوفمبر(تشرين الثاني) 2024.

كانت بعض الدول النامية، مثل تركيا والبرازيل فرضت رسوماً جمركية على وارداتها من المنتجات الصينية، بما يشمل الصلب والسيارات، رغم أن هذه الدول لم تنتقد السياسة الصناعية للصين بالقدر نفسه.

وأوضح نائب وزير المالية الصيني أنه في الوقت الذي تهتم فيه بكين بمخاوف الشركات الرئيسية بشأن فائض التصنيع، فإنها معنية بالتهديدات التجارية مثل الرسوم.

وأوضح لياو، الذي كان عضواً ضمن فريق التفاوض الصيني بشأن الحرب التجارية، مع أميركا خلال رئاسة ترمب السابقة: «يجب علينا التواصل على نحو صريح فيما يتعلق بقواعد اقتصاد السوق والوقائع الحقيقية».

وزار لياو الولايات المتحدة من قبل، حيث التقى ترمب في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض. كما استقبل يلين عندما زارت الصين خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي

وانتقدت وزارة الخزانة الأميركية الاستراتيجية الاقتصادية للصين، واصفة إياها بأنها تشكل «تهديداً لاستمرار الشركات والعمال في أنحاء العالم».