المخدرات.. تجارة تدر الملايين على الجماعات الإرهابية في ليبيا

حمولة سفينة «أبردين» من الحشيش المحتجزة عام 2014 قدرت قيمتها بنحو 240 مليون يورو

الجماعات الإرهابية في ليبيا تلجأ إلى تهريب المخدرات عبر البواخر لتعزيز إمكانياتها المادية (أ.ف.ب)
الجماعات الإرهابية في ليبيا تلجأ إلى تهريب المخدرات عبر البواخر لتعزيز إمكانياتها المادية (أ.ف.ب)
TT

المخدرات.. تجارة تدر الملايين على الجماعات الإرهابية في ليبيا

الجماعات الإرهابية في ليبيا تلجأ إلى تهريب المخدرات عبر البواخر لتعزيز إمكانياتها المادية (أ.ف.ب)
الجماعات الإرهابية في ليبيا تلجأ إلى تهريب المخدرات عبر البواخر لتعزيز إمكانياتها المادية (أ.ف.ب)

استخدمت جهود المحققين من وحدة مكافحة المخدرات الإيطالية في قياس مستوى تدفق الحشيش إلى السواحل الأوروبية، ولذلك فعندما رن جرس الهاتف مع إشارة إلى أن هناك سفينة محملة بمخدر الحشيش تجوب المياه الدولية إلى جنوب صقلية في طريقها إلى ليبيا، على مسافة مئات الأميال إلى الشرق من طريق المخدرات السريع والمعتاد إلى إسبانيا، علم فرانشيسكو أميكو، كبير المحققين الإيطاليين، أن هناك أمرا غريبا يحدث.
فعندما أوقفت سفينتان حربيتان إيطاليتان سفينة الشحن «آدم»، قبالة السواحل الليبية في 12 أبريل (نيسان) عام 2013. عثر طاقم السفن الحربية الإيطالية على عدد من السوريين المصابين برعب شديد، بالإضافة إلى 15 طنا من مخدر الحشيش، وهي الشحنة التي تجاوز أكبر الشحنات التي صادرتها السلطات الإيطالية في أي وقت مضى.
وإثر ذلك عثرت السلطات الإيطالية على طريق جديد ومربح لتهريب المخدرات، يمتد بعيدا إلى الشرق على طول سواحل شمال أفريقيا، ويؤدي دائما إلى ليبيا، وبالضبط في المنطقة التي تتنازع عليها الجماعات المسلحة المختلفة، ومن بينها تنظيم داعش الإرهابي.
ومن خلال مساعيهم لفهم ما الذي حدث لشحنات التهريب الضخمة، واجه المحققون لغزا أثار كثيرا من التساؤلات المهمة، ولكن مع القليل من الإجابات الشافية. فأحد الأمور التي يعرفونها هي أن المخدرات لا ينتهي بها الحال في ليبيا، وأن منتجي المخدرات يستخدمون باستمرار شعارات وعلامات تجارية منفردة، مثل شعار العقرب أو علامة الدولار، ويساعد ذلك المحققين في معرفة الدرب الذي تسلكه شحنات المخدرات بعدما تغادر ليبيا، حيث تسافر على طول الطريق البري عبر مصر ثم إلى أوروبا عبر البلقان.
ولكن المحققين لا يزالون غير متأكدين مما يحدث حال عبور المخدرات لذلك الطريق. فمن واقع الاستجواب والمراقبة، علم المحققون بالطريق العابر للأراضي التي كانت حتى وقت قريب خاضعة لسيطرة تنظيم داعش الإرهابي، الذي كان يفرض الضرائب على مرور شحنات المخدرات وغير ذلك من البضائع في سوريا والعراق.
وأدى هذا بالمحققين الإيطاليين، على وجه الخصوص، إلى البدء في طرح الأسئلة التي لم يكونوا يتوقعون أن يطرحوها: هل يمكن لتنظيم داعش، أو أي جماعة أخرى أن تربح من طريق تهريب المخدرات من خلال فرض الضرائب؟ وهل كانت الفوضى التي سببتها الجماعات المتطرفة في ليبيا توفر الفرص لمهربي المخدرات من أجل تلمس طريق تهريب جديد لا تعلم السلطات عنه شيئا أو لعلها لا تتوقع وجوده، أو هل كانت الجماعات المتمركزة في ليبيا متورطة بصورة مباشرة في عمليات تهريب المخدرات ذاتها؟ كما يقول المحققون.
يقول المقدم جيوسبي كامبوباسو، الذي يرأس وحدة مكافحة المخدرات في صقلية تحت رئاسة الحرس المالي التابع لوزارة الاقتصاد والمالية الإيطالية، وهي قوة الشرطة المالية الإيطالية التي تقود عمليات البحث عن سفن التهريب: «فور وصول الشحنات إلى ليبيا، فإننا نفقد كل أثر لها».
وعلى مدى سنوات، كان المحققون الإيطاليون يتعقبون الشحنات الصغيرة لمخدر الحشيش بأوزان تبلغ مائة كيلوغرام في المرة الواحدة، التي تصل إلى إسبانيا. وفي عام 2007 بدأت إسبانيا في تركيب كاميرات للمراقبة أعلى وأسفل السواحل الجنوبية، ولكن على الأقل في بداية الأمر، استمرت عمليات تهريب الحشيش.
ومع عيون البحث الأوروبية المدربة على التقاط القوارب الصغيرة المتجهة نحو إسبانيا، لم يلحظ أحد في أول الأمر سفن الشحن الكبيرة التي كانت تأخذ المنعطف الكبير نحو الشرق. وقد فسر جياكومو كاتانيا، المفتش لدى الحرس المالي الإيطالي الذي كان مسؤولا عن تخزين شحنات المخدرات المصادرة، معضلة غريبة أخرى، وهي أن سفن الشحن الكبيرة التي احتجزوها، وبعضها يبلغ طولها مساحة ملعب لكرة القدم ومصممة لنقل أساطيل من السيارات وحاويات البضائع، كانت خالية تماما من أي شيء إلا المخدرات.
وبالنظر إلى مبيعات مخدر الحشيش التي تبلغ 10 آلاف يورو، أو ما يساوي 11.200 ألف دولار للكيلوغرام الواحد بمجرد وصوله إلى الشوارع الأوروبية، فإن حمولة السفينة «آدم» بمفردها تساوي مبلغ 150 مليون يورو. وكانت الشحنات التي صودرت في أوقات لاحقة أكبر من ذلك بكثير، بما في ذلك حمولة من الحشيش على متن سفينة الشحن «أبردين»، التي احتجزتها السلطات في صيف عام 2014، التي قدرت قيمتها بنحو 240 مليون يورو، أو ما يساوي 472 مليون دولار.
وبعد الاستيلاء على السفينة «آدم»، أخضع المحققون الإيطاليون طاقم السفينة للاستجواب، لكنهم أصروا جميعا على أنهم لا علم لهم بالحشيش المخبأ في 591 من الأكياس البلاستيكية التي عثر عليها المحققون على متن السفينة. وقد شهد ربان السفينة بأنه كان يعتقد أنه كان ينقل مساعدات إنسانية وصلت إلى متن السفينة بواسطة طاقم من أحد القوارب السريعة الذي اقترب من السفينة الكبيرة، وأصر على نقل الأكياس البلاستيكية، وفقا لنص شهادته أمام المحققين الإيطاليين.
ولمعرفة المزيد، قرر المحققون الإيطاليون، الذين يملكون عقودا من الخبرة في التعامل مع المافيا في صقلية، زرع أجهزة التنصت في الزنازين التي سُجن فيها ستة من طاقم السفينة. وبعد شهور من المراقبة المستمرة، بدأ أميكو في استكشاف الخطوط العريضة لمسار التهريب، وفك لغز معقل الجماعات المتطرفة على السواحل الليبية الذي تمر عبره شحنات التهريب.
ومنذ الإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي في عام 2011، تحولت الأراضي الليبية، الممتدة على طول الشريط الساحلي في المنطقة الشرقية من برقة إلى ساحة قتال بين الجماعات المتطرفة المتناحرة. وبحلول عام 2014، شمل ذلك فرع تنظيم داعش في ليبيا، الذي كانت له في كثير من الأوقات مواطئ قدم في مدن بنغازي، ودرنة، خصوصا مدينة سرت، التي سقطت بصورة جزئية في أيدي القوات الموالية للحكومة.
ويعتقد المسؤولون الإيطاليون أن تلك المدن كانت جميعها وجهات مؤكدة لبعض من شحنات المخدرات، على الرغم من أن وحدات الملاحة للسفن الأخرى المحتجزة تشير إلى أنها كانت متجهة إلى ميناء طبرق الليبي الخاضع لسيطرة الجماعة المعارضة التي تقاتل تنظيم داعش في البلاد.
ويقول المحققون إنهم يعتقدون أنه في بعض الحالات على أقل تقدير، كان التنظيم الإرهابي قادرا على فرض ضرائب على مرور شحنات المخدرات. مما يضاهي ممارسات الأعمال التي يضطلع بها تنظيم داعش في معقله المعروف في سوريا والعراق، حيث إن نسبة 7 في المائة من عائدات التنظيم خلال العام الماضي نابعة من إنتاج، وفرض الضرائب على تهريب المخدرات، وفقا لدراسة أعدها مركز بلدان المخاطر التابع لمؤسسة «آي إتش إس» البحثية. غير أن المسؤولين يقولون إنهم لا يستطيعون الجزم بأي الأدوار، إن كانت هناك أدوار، يلعبها تنظيم داعش في عمليات تهريب شحنات الحشيش.
*خدمة: {نيويورك تايمز}



​اليمن يسجل أعلى المعدلات في تدني استهلاك الغذاء

محافظات يمنية عدة سجلت أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)
محافظات يمنية عدة سجلت أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)
TT

​اليمن يسجل أعلى المعدلات في تدني استهلاك الغذاء

محافظات يمنية عدة سجلت أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)
محافظات يمنية عدة سجلت أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)

سجل اليمن أعلى معدلات تدني استهلاك الغذاء؛ وفقاً لبيانات حديثة وزعها برنامج الأغذية العالمي، وأكد فيها أن نسبة الحرمان الشديد من الغذاء ارتفعت إلى 79 في المائة بمناطق سيطرة الحوثيين، وأن أربع مناطق دخلت مرحلة حرجة للغاية من سوء التغذية.

وفي التحديث الشهري للأمن الغذائي في اليمن، أوضح برنامج الغذاء العالمي أنه خلال شهر يوليو (تموز) الماضي، أبلغ 62 في المائة من الأسر عن استهلاك غير كافٍ للغذاء، وهو أعلى رقم مسجل على الإطلاق بنسبة 64 في المائة بمناطق سيطرة الحكومة الشرعية، و61 في المائة بمناطق سيطرة الحوثيين.

62 % من الأسر اليمنية أبلغ عن استهلاك غير كاف للغذاء (الأمم المتحدة)

ووفق بيانات البرنامج الأممي بلغت نسبة الحرمان الشديد من الغذاء ذروتها عند 36 في المائة بين الأسر في كلتا المنطقتين، لكن مناطق سيطرة الحوثيين شهدت زيادة بنسبة 79 في المائة في الحرمان الشديد من الغذاء على أساس سنوي، فيما شهدت مناطق سيطرة الحكومة اليمنية زيادة بنسبة 51 في المائة.

وذكر البرنامج أن المحافظات اليمنية التي كانت أكثر تضرراً هي: الجوف، وحجة، والحديدة، والمحويت (خاضعة لسيطرة الحوثيين)، ومحافظة حضرموت الخاضعة لسيطرة الحكومة، وتعز التي يتقاسم الحوثيون والحكومة السيطرة عليها.

وحدّد «الغذاء العالمي» أربعة عوامل رئيسية مسببة لانعدام الأمن الغذائي، وهي تدهور الظروف الاقتصادية، وتأخير المساعدات الغذائية، ومحدودية فرص كسب العيش، وبداية موسم الجفاف. وأضاف إليها الفيضانات المدمرة التي شهدتها عدة محافظات خلال شهري يوليو وأغسطس (آب)، وقال إن تأثيرها كان أكبر على محافظات الحديدة وحجة ومأرب وصعدة وتعز.

حالات خطرة

بخصوص تحليل سوء التغذية الحاد رجّح برنامج الأغذية العالمي أن تواجه المديريات في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، حالات خطرة أو حرجة من الآن حتى أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وقال إن الأوضاع في أربع مديريات في هذه المناطق وصلت إلى مرحلة حرجة للغاية من سوء التغذية، وهي المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي.

ووفق هذه البيانات الأممية انخفضت قيمة الريال اليمني في مناطق سيطرة الحكومة بنسبة 26 في المائة على أساس سنوي، مدفوعة بانخفاض الاحتياطيات الأجنبية، وتعليق صادرات النفط الخام، في حين ظل الريال في مناطق سيطرة الحوثيين مستقراً نسبياً، حيث انخفض بنسبة 2 في المائة فقط.

3.6 مليون شخص في مناطق الحكومة اليمنية حصلوا على مساعدات مخفضة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لهذه البيانات بلغت أسعار البنزين والديزل مستويات قياسية مرتفعة في مناطق الحكومة، حيث ارتفعت بنسبة 22 في المائة و26 في المائة على التوالي، بسبب انخفاض قيمة العملة، وارتفاع أسعار النفط عالمياً.

وفي المقابل وصلت تكلفة سلة الغذاء الدنيا إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، حيث ارتفعت بنسبة 13 في المائة منذ بداية العام، و18 في المائة على أساس سنوي، مدفوعة بارتفاع أسعار المواد الرئيسية، مثل الزيت النباتي، والسكر، ودقيق القمح، والفاصوليا الحمراء.

الواردات

ذكر برنامج الغذاء العالمي أنه خلال الأشهر السبعة الماضية، ارتفعت واردات الوقود عبر موانئ البحر الأحمر التي يسيطر عليها الحوثيون بنسبة 24 في المائة على أساس سنوي، بينما انخفضت الواردات عبر الموانئ التي تسيطر عليها الحكومة بنسبة 27 في المائة.

وقال إن الضربات الإسرائيلية على ميناء الحديدة دمرت 33 خزاناً للنفط، ونحو 800 ألف لتر من الوقود المملوكة للبرنامج، ورغم ذلك استأنف الميناء عملياته بشكل كامل.

السيول في اليمن جرفت المنازل والطرقات والأراضي الزراعية (إعلام محلي)

وأكد البرنامج زيادة واردات الأغذية عبر الموانئ البحرية اليمنية بنسبة 15 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وذكر أنه دعم 3.6 مليون شخص في مناطق الحكومة المعترف بها دولياً بحصص غذائية مخفضة، ولم يكمل سوى دورتين من المساعدات الغذائية العامة بحلول أغسطس الماضي بسبب قيود التمويل.

وبشأن توزيع المساعدات الغذائية في مناطق سيطرة الحوثيين، أكد البرنامج أنها لا تزال متوقفة، وقال إن ذلك يؤدي إلى تفاقم الحرمان من الغذاء، وأوضح أن خطة الاستجابة السريعة لحالات الطوارئ تستهدف 1.6 مليون شخص في المناطق الساخنة.

ومع ذلك اشتكى البرنامج الأممي من قلة التمويل، وذكر أن تمويل خطته القائمة على الاحتياجات لم يتجاوز نسبة 42 في المائة للفترة من سبتمبر (أيلول) 2024 إلى فبراير (شباط) من العام المقبل.