فصائل المعارضة تطلق «قادسية الجنوب» وتسيطر على مواقع استراتيجية

محللون اعتبروها ردًّا على اتفاق وقف النار

فصائل المعارضة تطلق «قادسية الجنوب»  وتسيطر على مواقع استراتيجية
TT

فصائل المعارضة تطلق «قادسية الجنوب» وتسيطر على مواقع استراتيجية

فصائل المعارضة تطلق «قادسية الجنوب»  وتسيطر على مواقع استراتيجية

أطلقت فصائل سوريا معارضة، أمس السبت، معركة الجنوب بشكل مفاجئ ومن دون مقدمات، تحت اسم «معركة قادسية الجنوب». وأعلنت فصائل عدّة أبرزها «أحرار الشام» و«جبهة فتح الشام» و«أحرار بيت المقدس» وفصائل تابعة لـ«الجيش السوري الحر» في بيان نشرته على مواقع التواصل الاجتماعي عن بدء معركة «قادسية الجنوب»، التي تهدف إلى تحرير مناطق في محافظة القنيطرة من بينها سرية طرنجة بريف القنيطرة. وقالت الفصائل في بيان نشر على وسائل التواصل الاجتماعي «إننا نعلن انطلاق معركة قادسية الجنوب لنصرة أهلنا وتحرير أرض الشام التي جعلها النظام رهينة بيد الصفويين والروس وغيرهم من أعداء الشعب السوري».
واللافت أن هذه المعركة حققت في ساعاتها الأولى تقدمًا ملموسًا، إذ سيطرت على منطقة استراتيجية في الشمال من بلدة جباتا الخشب. ونقلت «شبكة شام الإخبارية» المعارضة، عن مصدر إعلامي قوله، إن مقاتلي حركة «أحرار الشام» و«جبهة فتح الشام» و«أحرار بيت المقدس» وعددًا من الفصائل الثورية، سيطروا اليوم (أمس) السبت على تلة الحميرية شمال بلدة جباتا الخشب، بعد معارك عنيفة مع القوات النظامية، سقط خلالها عشرات القتلى والجرحى ين الجانبين.
المعركة التي قسّمت على مراحل، ستخصص مرحلتها الأولى لتحرير سرايا طرنجة وعباس والكتاف، أما الثانية فستكون لتحرير تل الأحمر وتلة «اليو إن» وذلك لفتح الطريق إلى الغوطة الغربية، ورفع الحصار عن عدة نقاط من بينها بلدة بيت جن، ومن ثم التوجه نحو المرحلة الثالثة الهادفة إلى تحرير مدينتي خان أرنبة والبعث، وقد بدأت صباح أمس المعركة بالتمهيد المدفعي والصاروخي العنيف على سرية طرنجة، وتمكنوا من تدمير دبابة وقتل وجرح عدد من جنود الأسد، كما تمكنوا من السيطرة على عدة نقاط من بينها سرية الحمرية.
وفي وقت ربط محللون بين هذه المعركة، وبين الاتفاق الأميركي الروسي لوقف إطلاق النار في حلب، وتذمّر الفصائل المسلّحة منه لأنه يعطي تفويضًا أميركيًا لروسيا بقصف «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقًا)، أوضح القيادي في الجيش السوري الحرّ أبو أحمد العاصمي، أن معركة الجنوب «معدّة مسبقًا وغير مرتبطة بالهدنة الروسية الأميركية التي لن تعطي أي نتيجة».
وتابع العاصمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك «أوجه شبه كبيرة بين معركة الجنوب ومعركة حلب وإدلب، بحيث وضعت هدفًا أوليًا وهو فك الحصار عن مناطق محاصرة في القنيطرة، مثل بيت جنّ وخان الشيح». وتابع «أن عملياتنا الأولى من ضمن معركة (قادسية الجنوب) استهدفت السرايا العسكرية التابعة للنظام، وهي بعيدة عن المدنيين، ولن تثير أي حساسية مع المكوّنات الموجودة في هذه المنطقة من إخواننا الدروز وغيرهم»، وكشف أن «الثوار يعملون الآن على إفشال مخطط (حزب الله) الذي يسعى إلى إحداث ترابط بين مناطقه في جنوب وغرب دمشق، ومنطقة القنيطرة، لما لذلك من أهداف مرتبطة بمشروعه التقسيمي».
من جهة ثانية، قال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط»، إن «إطلاق معركة الجنوب كان مفاجئًا، خصوصًا وأن النظام كان يتقدم فيها، ويسعى إلى تأمين طريق دمشق - درعا». ورأى أن «معركة القنيطرة قد تكون بدأت بدفع من جهات إقليمية، تسعى لتحسين شروط التفاوض بعد اتفاق وقف إطلاق النار، وبعد الخسائر التي مُنيت بها المعارضة في مدينة حلب». غير أن هذه القراءة خالفها الخبير العسكري والاستراتيجي السوري عبد الناصر العايد، الذي لم يجد في تحريك جبهة الجنوب إلا «رسالة من (جبهة فتح الشام)، للردّ على الاتفاق الروسي الأميركي»، إذ أشار العايد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «فتح الشام أرادت القول نحن نوجد في كل سوريا، وعلى امتداد مساحة الصراع، أنا أقود الأحداث على مستوى البلد، ولا أحد قادر على السيطرة أكثر مني». ولفت إلى أن «الفصائل الأخرى وعبر انخراطها في هذه المعركة، تعطي إشارة واضحة على رفض استفراد أي تشكيل مسلّح، وأنهم جميعًا يرفضون عزلهم أو تهميشهم أو سحقهم، لأن استفراد وضرب أي تشكيل باستثناء (داعش) سينسحب على الجميع لاحقًا».
العايد أوضح أيضًا أنه «من الواضح أن جبهة فتح الشام، قادرة على إشعال جبهات حساسة، مثل جبهة الجنوب وجبهة دمشق التي يمنع النظام والروس الاقتراب منها». لكنه رأى في الوقت نفسه، أن «سقف هذه العمليات سيكون محدودًا، لأن جبهة الجنوب مرتبطة إلى حد كبير بالقرار الأردني والقرار الإسرائيلي.. لذا أقول أفق المعركة محدود وهدفها إيصال رسالة وهذه الرسالة وصلت».
إلى ذلك نقلت وكالة (د. ب. أ) الألمانية عن مصدر عسكري في الفصائل المسلّحة، إن «السيطرة على تلة الحميرية تعد خطوة مهمة، ضمن العملية العسكرية الواسعة النطاق، التي أطلقتها المعارضة بالقنيطرة اليوم (أمس) تحت اسم قادسية الجنوب». وقال المصدر «إن هذه المعركة، تأتي بالتوازي مع المعركة التي أطلقتها فصائل الجبهة الجنوبية أيضًا في منطقة أبطع في ريف محافظة درعا الشمالي، لتشتيت جهد قوات النظام، وتوسيع نطاق المعارك الجغرافي». ونشر الناشط الإعلامي «إيهاب المحاميد» الموجود في أرض المعركة فيديو يظهر فيه أصوات القصف والاشتباكات العنيفة في محيط سرية طرنجة بالقنيطرة. وقال الناشط الإعلامي، إن «الساعات القليلة القادمة ستكشف ما هي قوة المعركة، وما إذا كانت ستحقق أهدافها المأمولة».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.