الدجاج.. أقدم طعام في العالم

عرفه قدامى المصريين وحضارة بابل

الدجاج.. أقدم طعام في العالم
TT

الدجاج.. أقدم طعام في العالم

الدجاج.. أقدم طعام في العالم

من أشهر الطيور المستأنسة في العالم وأقدمها على الإطلاق هو الدجاج الذي يعتبر اليوم طعامًا عالميًا، بتعداد يقدر عدده بنحو 50 مليار دجاجة في العالم ارتفاعًا من نصف هذا الحجم في بداية الألفية. ويعتمد العالم على لحوم وبيض الدجاج في طعامه، وهو من أهم مصادر البروتين الحيواني الرخيصة والصحية.
وتختلف المصادر التاريخية حول منشأ الدجاج الذي يعتبره البعض نشأ في الهند وجنوب شرقي آسيا، ثم تم تصديره إلى آسيا الصغرى (تركيا حاليًا)، واليونان في القرن الخامس قبل الميلاد. ولكن الثابت تاريخيًا أن الدجاج كان معروفًا في مصر منذ القرن الخامس عشر قبل الميلاد، وأنه وصل إليها من أراضي بابل والشام. وتذكر حوليات تحتمس الثالث «الطائر الذي يلد يوميًا»، مع صور للدجاج تعود إلى ذلك العصر.
وفي البرية يعيش الدجاج في جماعات تعتمد في غذائها على نبش التربة بحثًا عن الحبوب والحشرات، وفي بعض الحالات الزواحف الصغيرة والفئران والثعابين. وهي تعيش ما بين خمس وعشر سنوات. وتشير موسوعة غينيس للأرقام القياسية إلى أن أكبر دجاجة معمرة عاشت حتى سن 16 سنة، ثم توفت بسكتة قلبية.
ولا يستطيع الدجاج الطيران، أم الدجاج النحيف فيمكنه الطيران فقط لمسافات قصيرة. ويكون الطيران للهرب من الخطر، أو لاستكشاف المنطقة التي يعيش فيها الدجاج. وفي الأرياف يطير الدجاج أحيانًا إلى فروع الأشجار القريبة.
والدجاج من الطيور الاجتماعية التي تفضل المعيشة سويًا، وضمن المجموعة توجد بعض الدجاجات، أو الديوك، المسيطرة على المجموعة، والتي تكون لها الأولوية في الطعام وفي المواقع المريحة للاستراحة.
ولا يجب تقديم دجاجات صغيرة إلى مجموعة قديمة مترابطة، حيث يؤدي ذلك إلى العراك الدموي. وأحيانًا يفضل الديوك أن تأكل الدجاجات أولاً، وتفعل الدجاجات الشيء نفسه مع الصغار. وتصدر الديوك صياحًا للتعبير عن حراسة منطقة وجودها ضد الديوك الأخرى، وهي تصدر هذه الأصوات أيضًا ردًا على أي ضوضاء غير معروفة المصدر. أما الدجاجات فهي تصدر أصواتًا بعد وضع البيض، وعندما تود أن تجمع صغارها.
ويفضل الدجاج وضع البيض في أعشاش مشتركة مع دجاجات أخرى، وتحضن الدجاجة الواحدة نحو 12 بيضة لمدة 21 يومًا لا تأكل أو تشرب خلالها حتى يفقس البيض. والغريب أن وضع البيض يستغرق نحو أسبوعين، ولكن عملية الفقس تحدث متزامنة خلال يوم واحد أو يومين. والسبب هو أن تكوين الكتاكيت لا يبدأ إلا مع بداية جلوس الدجاجة الأم على البيض. وبعد فقس البيض ترعى الدجاجة صغارها لعدة أسابيع حتى مرحلة الاعتماد على النفس، ثم تبدأ دورة جديدة من وضع البيض.
بعض الأبحاث العلمية على الدجاج اكتشفت بعض الجينات الكامنة فيها التي تماثل جينات طيور تاريخية منقرضة كان لها أسنان. واختفت أسنان الدجاج مع مر الزمن لعدم الحاجة لها. كما كشفت أبحاث أخرى أن اقتناء الدجاج تاريخيًا في آسيا القديمة كان بغرض صراع الديوك، وليس من أجل اللحوم أو البيض.
ولم يصل الدجاج إلى أوروبا إلا في حدود 3000 سنة قبل الميلاد، وبعد قرون من وجود الدجاج في مصر وآسيا وأفريقيا. وكان الفضل لنشر الدجاج في أنحاء أوروبا للفينيقيين حتى وصل إلى شبه جزيرة إيبيريا (إسبانيا والبرتغال حاليًا) في القرن الأول قبل الميلاد. وبدأت مزارع الدجاج في الانتشار في عصر الإمبراطورية الرومانية. وأقدم أثر على وجود الدجاج في أوروبا يعود إلى أوانٍ فخارية في كورينثيا في اليونان، يعود تاريخها إلى القرن الخامس قبل الميلاد.
وفي مصر كان الدجاج من الطيور المستأنسة، وكانت الديوك تستخدم في معارك يشاهدها الجمهور. وانتشر الدجاج في مصر في العصر البطلمي في القرن الأول قبل الميلاد. وخرج الدجاج من مصر إلى أفريقيا عبر التجارة. ثم جاء الدجاج إلى أميركا مع عصر الاكتشافات الأوروبية، وتوجد بعض الأنواع المستوطنة أميركيًا وهي من أصول آسيوية قديمة.
وعلى وجه منفصل توجد أنواع من الدجاج المستوطن في أميركا الجنوبية ترعاه قبائل مابوتشي في تشيلي. وهي أنواع مختلفة عن الدجاج العادي، حيث ليس لها ذيول، وتضع بيضًا أزرق اللون. وهي أنواع كانت موجودة في القارة اللاتينية قبل وصول الغزو الأوروبي لها. ولكن الدجاج الشرقي وصل أيضًا إلى القارة اللاتينية عن طريق الإسبان، وهو الآن العنصر الغالب في تربية الدجاج في أنحاء القارة.
وفي الوقت الحاضر تضم مزارع العالم 50 مليار دجاجة يتم تربيتها بغرض الحصول على لحومها وبيضها. والأغلبية الساحقة من هذا التعداد تعيش في مزارع مكثفة لا يتمتع الدجاج فيها بحرية الحركة. وتقول أبحاث إن نسبة 74 في المائة من لحوم الدجاج، و68 في المائة من بيض الدجاج يأتي من المزارع المكثفة. وبديل هذه المزارع المكثفة إطلاق حرية الدجاج لكي يرعى في حقول بحرية تحت أشعة الشمس، وهو توجه تنادي به بعض جهات الرفق بالحيوان.
وتتصارع الآراء حول الأسلوب الأفضل في المستقبل لمزارع الدجاج، حيث يقول أصحاب المزارع المكثفة إن أسلوبهم يوفر الأراضي، ويقدم بديلاً عالي الكفاءة والإنتاجية لتلبية الطلب المتزايد على لحوم الدجاج من التعداد العالمي. كما أن الدجاج تتم العناية به بأسلوب صحي في مزارع يتم الإشراف الطبي عليها.
أما أصحاب الرأي الآخر في مزارع مفتوحة غير مكثفة فيقولون إنه أسلوب غير إنساني في تربية الدجاج وضار بالبيئة، وقد تكون له آثار سلبية في صحة الإنسان في المدى الطويل. ويتجه الرأي العام في أوروبا على تفضيل المزارع الصغيرة التي تشبه بيوت الأرياف الشرقية التي يتم فيها تربية الدجاج، حيث هذا الأسلوب هو الأفضل في العناية بالدجاج، ومنع انتشار الأوبئة بينها، وهي توفر أفضل أنواع اللحوم والبيض. وفي أنواع الدجاج التي تربى من أجل لحومها يتم ذبحها في المزارع المكثفة بعد ستة أسابيع فقط من فقسها، وهي تربي على التغذية المكثفة، وبعضها لا يرى خارج أسوار المزرعة المكثفة. أما في المزارع المفتوحة فإن الذبح يأتي بعد 14 أسبوعًا. وفي كلتا الحالتين تقل أعمار الدجاج طويلاً عن العمر الافتراضي الذي يقدر بنحو ست سنوات.
أما الأنواع التي تربى من أجل البيض، فالدجاجة الواحدة يمكنها أن تضع نحو 300 بيضة سنويًا. والرقم القياسي لوضع البيض هو 371 بيضة في 364 يومًا. وتستهلك دولة مثل بريطانيا نحو 29 مليون بيضة يوميًا. وفي مزارع البيض يتم ذبح الدجاج بعد عامين من وضع البيض أو تجويعه حتى يفقد ريشه في أسلوب متبع لحث الدجاج على إنتاج المزيد من البيض.
ويتم أيضًا فقس البيض آليًا في حضانات توفر درجات الحرارة والرطوبة اللازمة لفقس البيض بمعدلات عالية. ويبقى البيض في الحضانات لمدة 21 يومًا ويتم تقليب البيض مرتين يوميًا حتى اليوم الثامن عشر. وتعمل الحضانات الصناعية على مدار الساعة، وتحتوي على آلاف البيض، ويتم تقليبه دوريًا بطريقة أوتوماتيكية. وهناك حضانات منزلية يمكنها أن تحتوي على ما بين ستة إلى 75 بيضة، وهي تشبه الصناديق وتعمل بالكهرباء. ويحتفظ البعض بالدجاج كطيور أليفة في المنزل، وإن كان ينصح بعدم اختلاط الدجاج بالأطفال الصغار. ولكن هناك بعض الأخطار المصاحبة للاختلاط بالدجاج، منها الأمراض المعدية والتي يعد أخطرها حمى الطيور.
وتعد وجبات الدجاج من أشهر وأرخص وجبات العالم وأكثرها انتشارًا. ويتم إعداد وجبات الدجاج بأكثر من طريقة مثل الشوي والسلق والقلي ووجبات كاري الدجاج الهندية. وهي أيضًا من وجبات المطاعم السريعة المتنوعة. ويوفر الدجاج أحد أرخص مصادر البروتين في الوجبات الغذائية.
أما البيض فهو أيضًا ينتشر على نطاق عالمي، وينتج منه العالم نحو 65 مليون طن متري سنويًا. ويدخل البيض في الكثير من الوجبات والمخبوزات بأنواعها. كما أن قشر البيض أحيانًا يتم طحنه وإضافته للطعام لدعم عنصر الكالسيوم.



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».