بعد 13 عامًا من النزاع.. البشير يعلن عودة السلام إلى دارفور

حذر حاملي السلاح من الاستمرار في التمرد.. ودعاهم إلى تحقيق الأمان والاستقرار

أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ورئيس أفريقيا الوسطى فاويتن تواديرا والرئيس السوداني عمر البشير ونظيره التشادي إدريس ديبي أثناء الاحتفال بالتوصل إلى اتفاقية سلام في إقليم دارفور أمس (أ.ف.ب)
أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ورئيس أفريقيا الوسطى فاويتن تواديرا والرئيس السوداني عمر البشير ونظيره التشادي إدريس ديبي أثناء الاحتفال بالتوصل إلى اتفاقية سلام في إقليم دارفور أمس (أ.ف.ب)
TT

بعد 13 عامًا من النزاع.. البشير يعلن عودة السلام إلى دارفور

أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ورئيس أفريقيا الوسطى فاويتن تواديرا والرئيس السوداني عمر البشير ونظيره التشادي إدريس ديبي أثناء الاحتفال بالتوصل إلى اتفاقية سلام في إقليم دارفور أمس (أ.ف.ب)
أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ورئيس أفريقيا الوسطى فاويتن تواديرا والرئيس السوداني عمر البشير ونظيره التشادي إدريس ديبي أثناء الاحتفال بالتوصل إلى اتفاقية سلام في إقليم دارفور أمس (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس السوداني عمر حسن البشير، أمس، عودة السلام إلى إقليم دارفور رغم تعثر محادثات وقف إطلاق النار بوساطة الاتحاد الأفريقي، وتواصل المعارك التي أدت إلى نزوح الآلاف من منازلهم العام الحالي.
وألقى البشير كلمة خلال حفل في الفاشر، كبرى مدن ولاية شمال دارفور، وذلك بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس تشاد إدريس ديبي، ورئيس أفريقيا الوسطى فوستان أركانج.
يذكر أن قطر استضافت جولات متتالية من محادثات السلام بين حكومة الخرطوم، التي يهيمن عليها العرب، وحركات تمرد من الأقليات العرقية حملت السلاح في عام 2003. وقد أسفرت محادثات الدوحة لسنة 2011 عن اتفاق سلام مع فصيل صغير من المتمردين هو «حركة التحرير والعدالة»، وأقيم الاحتفال أمس احتفاء بتطبيقه.
وأضاف البشير أمام حشود ضمت الآلاف: «نعلن للجميع.. أهل دارفور والسودان، أننا نفذنا التزاماتنا»، وتابع موضحا أن «دارفور اليوم أفضل من أمس. وغدا سيكون أفضل».
لكن البشير الذي تعهد بتطوير المنطقة التي مزقتها الحروب، لم يعلن صراحة عن انتهاء نزاع استمر منذ 13 عاما في دارفور.
وأوضح البشير وسط الهتافات أنه سينشئ الطرق، ويحسن مستوى التعليم والصحة والمياه والكهرباء، مشيرا إلى العمل على المصالحة بين قبائل دارفور، وأظهرت لقطات تلفزيونية حشودا يحمل كثير منهم صور البشير وأمير قطر.
وسعت الخرطوم مرارا إلى إعلان نهاية النزاع في دارفور هذا العام، مشيرة إلى أن استفتاء أبريل (نيسان) الماضي الذي يؤكد تقسيم المنطقة إلى 5 ولايات، طويت صفحته.
لكن التصويت الذي قاطعه المتمردون، تعرض لانتقادات على نطاق واسع من قبل المجتمع الدولي. وفي يونيو (حزيران) الماضي صوت مجلس الأمن الدولي على تمديد ولاية قوة حفظ السلام التي تديرها الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، والتي يبلغ عددها 18 ألف رجل.
من جانبها، أعلنت «حركة العدل والمساواة»، أمس، أنها ستطلق سراح جميع السجناء الذين أسرتهم خلال المعارك مع القوات الحكومية، مضيفة أنها ستعمل على «تنسيق نقلهم إلى الخرطوم» دون تحديد موعد لذلك.
بدوره، وجه البشير بإطلاق سراح أطفال قال إنهم كانوا ضمن الجماعات المتمردة، مؤكدًا أن دولة جنوب السودان تعهدت بإبعاد المتمردين ضد بلاده في وقت قريب، وحذر الحركات المسلحة في حال رفضها السلام وتسليم سلاحها، من أنها ستواجه بالقوة العسكرية، فيما ناشد الرئيس التشادي رئيس الاتحاد الأفريقي إدريس ديبي المعارضين للالتحاق بوثيقة الدوحة لسلام دارفور.
وقال البشير في الاحتفال الذي أقيم أمس في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، إن أهل دارفور اختاروا شكل الحكم عبر الولايات الخمس منذ العام الماضي، وإن حكومته أوفت بذلك، وإنها ملتزمة بكل المواثيق واتفاقية وثيقة الدوحة، التي قال إنها حققت التنمية.
وتعهد البشير بإطلاق سراح الأطفال والمعتقلين الآخرين، وتسليمهم إلى ذويهم ودور الرعاية الاجتماعية لكي يعودوا إلى مدارسهم»، مؤكدًا أن الحكومة ستعفو عن كل من يضع السلاح من المتمردين، مضيفًا: «نقول لمن تبقى من المتمردين الذين يوجدون في جنوب السودان، التي أكدت أنها لا تريدهم في أراضيها، ولمن يقاتلون في ليبيا من هذه الحركات، أن يسلموا أسلحتهم ويعودوا، ومن يرفض سنقاتله بقوة»، موضحًا أن عملية جمع السلاح ستبدأ لتصبح في يد القوات النظامية.
وامتدح البشير في الاحتفال الجماهيري دولة قطر وأميرها الوالد الشيخ حمد بن خليفة، لما قام به من جهود لتحقيق السلام في دارفور، مبينًا أن الدوحة لم تتوقف عن متابعة وتنفيذ اتفاق السلام منذ توقيعه قبل خمس سنوات، ودعم عملية التنمية بدفع مليار دولار، وبناء خمس قرى نموذجية، واستضافت المحادثات لثلاث سنوات في فنادق الدوحة.
كما أشاد الرئيس السوداني بنظيره التشادي إدريس ديبي إتنو لجهوده في تحقيق السلام، وقيادة الوساطة منذ اندلاع الحرب في دارفور، ولاستضافة بلاده عددا من جولات التفاوض.
من جانبه، أكد الرئيس التشادي استمرار دعم بلاده لتحقيق الاستقرار والسلام في السودان، وعد النتائج الأولية لتنفيذ الاتفاقية مبشرة، متعهدًا بدعم السودان في تحقيق السلام، فيما قال رئيس السلطة الإقليمية التي انتهت ولايتها التجاني السيسي في الاحتفال، إنه تم تنفيذ 89 في المائة من وثيقة الدوحة، وتبقت بنود أخرى سوف تواصل الجهات ذات الصلة العمل على تحقيقها، مشيرًا إلى أن وثيقة الاتفاقية أصبحت جزءا من دستور البلاد.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».