فرقة للموسيقى الفرعونية تقدم أغاني بالهيروغليفية في القاهرة

مؤسسها أعاد تصنيع 22 آلة موسيقية.. وحارب ادعاءات إسرائيلية بيهوديتها

فرقة أحفاد الفراعنة تقدم أغاني بالهيروغليفية من الأدب المصري القديم - ألحان مستوحاة من الحركات الإيقاعية التي نقشت على النقوش والمعابد  («الشرق الأوسط»)
فرقة أحفاد الفراعنة تقدم أغاني بالهيروغليفية من الأدب المصري القديم - ألحان مستوحاة من الحركات الإيقاعية التي نقشت على النقوش والمعابد («الشرق الأوسط»)
TT

فرقة للموسيقى الفرعونية تقدم أغاني بالهيروغليفية في القاهرة

فرقة أحفاد الفراعنة تقدم أغاني بالهيروغليفية من الأدب المصري القديم - ألحان مستوحاة من الحركات الإيقاعية التي نقشت على النقوش والمعابد  («الشرق الأوسط»)
فرقة أحفاد الفراعنة تقدم أغاني بالهيروغليفية من الأدب المصري القديم - ألحان مستوحاة من الحركات الإيقاعية التي نقشت على النقوش والمعابد («الشرق الأوسط»)

كيف كان يغني المصري القديم في عصر الفراعنة؟ وكيف كان إيقاع أغانيه؟ وما هي ألحانه، وهل كانت هناك مقامات موسيقية كالتي بنى العالم عليها أروع الألحان؟ أسئلة طرأت في ذهني حينما أعلن صندوق التنمية الثقافية المصري عن حفل للموسيقى الفرعونية بقصر الأمير طاز بالقاهرة الفاطمية. في الحقيقة لسنا في حاجة لآلة زمن جهنمية لتعود بنا 7 آلاف سنة لنعرف، لأن كل تلك التساؤلات تجيب عليها إيقاعات حالمة على آلات وترية وإيقاعية وكلمات ارتحلت عبر الزمن من فجر التاريخ؛ لتتردد من جديد بأصوات شباب مصريين يتغنون بها وينشدونها في فرقة «أحفاد الفراعنة» للموسيقى الفرعونية التي أسسها د. خيري الملط، مؤسس المشروع القومي لإحياء الموسيقى الفرعونية القديمة.
«أجمل النساء مضيئة إذا أهلـت.. كنجمة براقة في ليل عيد.. عيناها آسرتان وشفتاها ياقوت أحمر» كلمات أغنية مصرية قديمة يمكنك الاستمتاع بها مع الألحان الهادئة النابعة من عراقة النيل في الحفلات التي تقيمها فرقة «أحفاد الفراعنة» منذ عام 2007، تجوب الفرقة المكونة من 8 أعضاء أنحاء العالم بآلات مستنسخة من الآلات الموسيقية الفرعونية القديمة، وجميع أعضائها من طلاب دبلوم العلوم الموسيقية الفرعونية الذي أسسه الملط ضمن مشروعه لإحياء الموسيقى الفرعونية ليكون نواة للفرقة التي تجوب العالم الآن وتبهره.
بدأ الدكتور خيري الملط هذا المشروع منذ أكثر من 20 سنة، حينما عاد من ألمانيا بعد دراسته للموسيقى وتحديدا آلة الفيولين (الكمان)، وعند ذهابه للعمل كرئيس لقسم الموسيقى في كلية التربية النوعية في قنا بصعيد مصر، وحينما حلقت طائرته فوق المعابد الفرعونية القديمة شعر بأن هناك المزيد من سحر تلك الحضارة لم يتكشف بعد.
يقول لـ«الشرق الأوسط»: «قضيت 5 سنوات قبل أن أقدم على إطلاق المشروع وجاهدت للحصول على منحة من الاتحاد الأوروبي تسمى منحة تجوال لتكوين فريق أكاديمي الهدف منه إحياء ونشر الموسيقى الفرعونية في العالم، بعدها حصلت على منحة من البنك الدولي لتأسيس أول دبلوم لتدريس علوم الموسيقى الفرعونية»، ويستطرد: «كانت مرحلة الإعداد للمشروع تتطلب أن يتم وضع مناهج دراسية أكاديمية لطلاب يكونوا هم نواة الفرقة، على أن تكون هذه الدراسة غير تقليدية فهي تتضمن دراسة للمجتمع الفرعوني القديم والعقائد الفرعونية وارتباطها بالموسيقى، بالإضافة إلى دراسة شاملة للعلوم الإنسانية حول الحضارة الفرعونية، وقام معي عدد كبير من الأكاديميين المتخصصين ومنهم: عالم المصريات الكبير د. عبد الحليم نور الدين، ود. علا العجيزي، فقد ساهما معي في انتقاء المناهج الدراسية للطلاب».
ويضيف: «ومع النجاح الذي حققه الطلاب ونجاح الفرقة وعروضها، أسسنا عام 2010 أول ماجستير في العالم في علوم الموسيقى الفرعونية، ويتواصل معي طلاب وأكاديميون مهتمون بالموسيقى وتاريخها يوميا بشغف كبير حول الموسيقى الفرعونية القديمة».
«الموسيقى الفرعونية هي أصل الموسيقى في العالم» بحماس وثقة تامة، يؤكد د. خيري الملط، مؤسس الفرقة لـ«الشرق الأوسط»: «لقد بحثنا ودرسنا على مدار سنوات طويلة نصوصا هيروغليفية قديمة، مع كبار أساتذة المصريات والآثار، وجبنا متاحف العالم ودرسنا جميع الآلات الفرعونية التي عثر عليها، واستعنا بخبرات عالمية في علوم المصريات، لتحليل النقوش والكتابات، ووجدنا أن السلالم الموسيقية المعروفة الآن في أوروبا وفي العالم العربي أصلها فرعوني».
ويقول بفخر شديد: «أسسنا ورشة دولية لإعادة تصنيع الآلات الفرعونية ونجحنا في تصنيع 22 آلة تتنوع ما بين الوترية والإيقاعية، منها الهارب والناي، فضلا عن آلات (المصفقات) التي كان يستخدمها المصري القديم بدلا من التصفيق اليدوي، واستعنا في التصنيع بالخامات الأصلية للآلات سواء الجلود أو الأخشاب والمعادن، وهناك آلة تشبه آلة (السمسمية) الشهيرة في مدن القناة المصرية الآن كانت مصنوعة من جسم الترسة البحرية».
ويلفت مؤسس فرقة الموسيقى الفرعونية إلى أنه عقب نجاح فرقته تأسست في ألمانيا «الهيئة الدولية للآثار الموسيقية» والتي تعقد مؤتمرات هامة عن أصول الموسيقى في العالم. ويكشف الملط قائلا: «في الحقيقة نحارب محاولات لسرقة الهوية والحضارة المصرية القديمة، فقد وجدنا محاولات في أحد المؤتمرات لسرقة تراثنا الموسيقي فقد قام أحد الإسرائيليين بعمل أسطوانات موسيقية كتب عليها (موسيقى من عصر الأهرامات) مدعي بأنها معزوفة بآلات يهودية قديمة، لكننا نجوب العالم لكي ندحض كل تلك الأكاذيب وقد عقدنا مؤتمرا صحافيا في إسبانيا حول ذلك ولم يحضر هذا الشخص خوفا من المواجهة، لأن ما نقدمه هو خلاصة أبحاث علمية وأكاديمية استمرت على مدار أكثر من 20 سنة، وللأسف لا تهتم الجهات المصرية المعنية بمشروع إحياء الموسيقى الفرعونية رغم أهميته».
ولا تقدم فرقة «أحفاد الفراعنة» الموسيقى والغناء الفرعوني فحسب بل أدخلت الغناء القبطي القديم الذي يمثل امتدادا للغناء الفرعوني. سألت د. خيري عن تقارب الألحان الفرعونية مع الألحان النوبية التي نسمعها الآن، فأكد أن «السلم الخماسي الذي هو أساس الموسيقى النوبية والأفريقية ومن بعدها الجاز، كلها موجودة في الألحان المصرية القديمة، وحتى الماجير والمانير (لا الصغير) كما هو معروف في أوروبا، وأيضا المقامات العربية القائمة على (الربع تون) كلها موجودة في الموسيقى الفرعونية القديمة».
وحول كيفية استلهام الألحان الفرعونية لتصل لمسامعنا الآن، قال الملط: «من خلال الرسومات والنقوش على جدران المعابد وتحليل حركة اليدين على الآلات، استطعنا معرفة الحركات الإيقاعية واللحنية وبالتالي قمنا بصياغة التراكيب اللحنية لتخرج بهذه الروعة».
وتتجلى عظمة المصري القديم في الروحانيات التي تغمر ألحان الإنشاد الديني المليء بمعاني التوحيد والتقديس، وعن موضوعات الغناء الفرعوني القديم، يقول: «في الحقيقة الغناء الفرعوني وموضوعاته وكلماته لمستها في أغاني الأبنودي وصوت محمد رشدي، هي نفس الروح المصرية، وتنوعت موضوعات الأغاني ما بين الغزل الصريح، والغزل العفيف، والإنشاد الديني والطقوس الاحتفالية، وكلها تنبض برقة الإحساس وتتناول النيل والليل والقمر».



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.