بالعطور.. بيوت الأزياء والجواهر تحاول ربط ماضيها وبمستقبلها

سبتمبر.. موسم الزهور والبخور

أبدع جاك كافالييه لدار «لويس فويتون» سبعة عطور مختلفة - الإعلامية ديالا مكي تجرب عطور «لويس فويتون» الجديدة - جاك كافالييه بيلترود مبدع عطر «لاجيم إمبريال» لـ«بولغاري»  أصبح عطار «لويس فويتون» الخاص
أبدع جاك كافالييه لدار «لويس فويتون» سبعة عطور مختلفة - الإعلامية ديالا مكي تجرب عطور «لويس فويتون» الجديدة - جاك كافالييه بيلترود مبدع عطر «لاجيم إمبريال» لـ«بولغاري» أصبح عطار «لويس فويتون» الخاص
TT

بالعطور.. بيوت الأزياء والجواهر تحاول ربط ماضيها وبمستقبلها

أبدع جاك كافالييه لدار «لويس فويتون» سبعة عطور مختلفة - الإعلامية ديالا مكي تجرب عطور «لويس فويتون» الجديدة - جاك كافالييه بيلترود مبدع عطر «لاجيم إمبريال» لـ«بولغاري»  أصبح عطار «لويس فويتون» الخاص
أبدع جاك كافالييه لدار «لويس فويتون» سبعة عطور مختلفة - الإعلامية ديالا مكي تجرب عطور «لويس فويتون» الجديدة - جاك كافالييه بيلترود مبدع عطر «لاجيم إمبريال» لـ«بولغاري» أصبح عطار «لويس فويتون» الخاص

«بيربري»، «كارتييه»، «بولغاري»، «هيرميس» و«لويس فويتون»، فضلاً عن بيوت أزياء وشركات أخرى كثيرة، أطلقت هذا الشهر عطورًا بنكهات جديدة وقصص مخلوطة بخلاصات تستهدف دغدغة الحواس والارتقاء بالذائقة. فشهر سبتمبر (أيلول)، بالنسبة لنا بداية موسم جديد، وبالنسبة لصناع الجمال والترف يتطلب عطورًا تسجل هذه البداية بكل ما يدعو للتفاؤل والسعادة والتميز.
أغلبية الأسماء المذكورة أعلاه اختارت أماكن مثيرة لإطلاق عطورها، فـ«كارتييه» سافرت بضيوفها إلى جزيرة خاصة في أبوظبي، و«بولغاري» أخذتهم إلى بودابست، ومنها إلى البندقية على قطار الشرق السريع، بينما فضلت كل من «هيرميس» و«لويس فويتون» فرنسا، ودار «بيربري» لندن، تمسكًا بجذورها الفرنسية والبريطانية. القاسم المشترك بينها، باستثناء عطر «ماي بيربري» أنها من العطور المتخصصة والفاخرة، التي ترقى إلى مستوى الجواهر والأحجار الكريمة. «بولغاري» مثلاً أطلقت على عطرها «لا جيم إمبريال» (La Gemme Imperial)، لتعكس هذه الفخامة، وما تتضمنه القارورة من خلاصات نادرة تعبق بسحر يستحضر حضارات غنية. وتجدر الإشارة إلى أن هذا العطر ظهر في عام 2014، وكان موجهًا للمرأة، بينما هو هذا العام يتوجه إلى الرجل حتى لا يشعر بأنه متجاهل. اختارت الدار لهذه المهمة العطار المعروف جاك كافالييه، الذي كان أهلاً لها. فقد سافر إلى عدة وجهات من العالم، وغاص في كتب التاريخ لكي يعيش قصص المغامرات والفاتحين، كما تتبع طرق الجواهر والبخور والمسك والعنبر من دون أن ينسى أن يعرج في طريقه على حدائق غناء وخفية ألهمت تحفًا، تجسدت في 6 عطور، كل واحد منها مستوحى من جوهرة أو حجرة كريمة أو قصة فاتح مغوار، كأنها تُذكرنا بتاريخ الدار.
«بيربري» بدورها طرحت نسخة جديدة لعطرها الأيقوني «ماي بيربري»، أبدعه لها عطارها المفضل، فرانسيس كيركدجيان، واختارت له وجهًا حسنًا ليُروج لها، هو الممثلة ليلي جميس. أهم ما يميز هذا العطر أنه يعود إلى جينات الدار، وتحديدًا معطف «الترانش» الأيقوني المصنوع من الغبردين، ولم تبخل عليه بباقة من أزهار الياسمين ورحيق الخوخ مع نفحات من العنبر ونغمات ورود قوية، من بينها الباتشولي.
بيد أن المثير هذا الموسم هو دخول دار «لويس فويتون» صناعة العطور بكل قوتها وإمكانياتها. فبينما تتمتع كل من «كارتييه»، و«بولغاري»، و«هيرميس» و«بيربري» بتجارب لا بأس بها في هذا المجال، مع تفاوت في السنين والخبرة، فإن «لويس فويتون» ظلت بعيدة عنه لحد الآن، وآخر عطر حمل اسمها كان منذ 70 عامًا تقريبًا، باسم «أو دو فواياج»، فيما كان أول عطر لها باسم «أوغ دابسونس»، أي ساعات الغياب في عام 1927 في عهد ثالث وريث للويس فويتون، غاستون. وهذا ما يجعل عودتها إلى هذا الجانب الآن مثيرًا للتساؤل. هل هو بدافع تسجيل حضورها فيه بعد أن فرضت اسمها في مجالات الأزياء والإكسسوارات وغيرها، وأصبح زبائنها المنتشرون في كل أنحاء العالم يتوقعونه منها؟ أم لأنه قطاع مضمون الأرباح من شأنه أن يعوضها عن أي خسارة قد تتعرض لها في القطاعات الأخرى بسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي عمومًا، والصيني والروسي خصوصًا؟ في ظل كل الاضطرابات الجيوسياسية وتقلب أسعار الصرف وتداعياتها السلبية على سوق السلع الفاخرة، ظلت سوق العطور بمنأى عن الخطر تُسجل أرباحًا قياسية في كل موسم. فمن المتوقع أن تصل المبيعات العالمية من العطور الفاخرة إلى أكثر من 29 مليار دولار هذا العام، وأن تنمو بمعدلات تتراوح بين 3 و4 في المائة سنويًا حتى عام 2020، حسب تقديرات مجموعة «يورومونيتور إنترناشونال» للأبحاث. وهذا وحده يكفي للاستثمار فيها. الذكاء في العملية التي تقوم بها البيوت الكبيرة، من «لويس فويتون»، و«كارتييه»، و«بولغاري»، و«ديور»، و«هيرميس» وغيرها، أنها تتوخى الاختلاف والعوم عكس التيار التجاري، بتركيزها على الحرفية في سوق أصيبت بالتخمة، والجميع دخلوه في محاولات مستميتة لاقتطاع حصة منه. ففي كل شهر تقريبًا يُطل علينا عطر باسم جديد يحقق النجاح المطلوب منه، قبل أن نكتشف أنه لا يختلف عما سبقه. وربما هذا ما قصده مايكل بورك الرئيس التنفيذي لدار «لويس فويتون» عندما قال في لقاء أجراه أخيرًا، إن الدار تطمح أن تعيد لصناعة العطور بريقها القديم وروحها العابقة بالصدق والاحترافية. «لقد فقدت العطور روحها.. فإنتاجها بكميات كبيرة، كذلك التسويق المفرط لها، أفقدها شخصيتها المتميزة». أشار أيضًا إلى أن هناك فرصة كبيرة للنمو والارتقاء بهذا القطاع «في حال تم تصوره وتسويقه بطريقة صحيحة مبنية على أسس تحترم تقاليد الماضي، مهما استغرق صنعها من الوقت وتطلب من الجهد».
هذه الأسس حسب ترجمة الدار تجسدت في عنصرين؛ الأول أن يكون لها عطارها الحصري الخاص، والثاني في أن يكون لها مقر رئيسي في مدينة غراس، عاصمة صناعة العطور الفرنسية. فقد وجدت أن هذه هي الطريقة الوحيدة التي يُمكنها من خلالها أن تكتب فصلاً جديدًا من تاريخها يتماشى مع فلسفتها واستراتيجياتها بعيدة المدى. وهكذا أصبح جاك كافالييه بيلترود عطارها الخاص، و«لي فونتان بيرفوميز»، مقرها الرئيسي لصناعة عطورها. فهذه الأخيرة، مؤسسة متخصصة في إنتاج العطور منذ القرن الـ17، تحيطها مساحات واسعة من الحدائق المزدانة بأكثر من نافورة وما يزيد على 350 نوعًا من النباتات والأزهار، الأمر الذي يجعلها المكان المثالي لمثل هذه المغامرة.
فقد بدأت هذه المؤسسة عملها في إنتاج العطور في عام 1640، ثم تعرضت للإهمال طوال القرن الماضي، وكان من الممكن أن يطول إهمالها لولا تدخل الدار، وتوليها مهمة إصلاح المنشأة وتزويد المعمل الكائن بالدور الأعلى من البناية بأحدث المعدات. من جهة أخرى، كان مهمًا أن يتولى العطار المعروف، جاك كافالييه بيلترود، وهو من الجيل الثالث من عائلة تتنفس صناعة العطور في مدينة غراس، إدارتها بحرية تامة. فهو يتمتع بسمعة واسعة ويحظى باحترام في المنطقة. على الأقل هذا ما تشهد له به عطوره الناجحة التي نذكر منها «لو ديساي» من إنتاج إيسي مياكي، و«ميدنايت بويزون» من إنتاج «كريستيان ديور»، و«ستيلا» من إنتاج ستيلا مكارتني، إضافة إلى عطر «كلاسيك» لجان بول غوتييه، و«أوبيوم» الرجالي لـ«إيف سان لوران» وغيرها من العطور.
حسب رأي كافالييه، فإن حرص «لويس فويتون» أن يكون لها مقر خاص بمدينة غراس ليس نزوة أو استعراض قوة، بقدر ما هو ضرورة، «فالوجود في عاصمة العطور مهم جدًا، لأنها تحتضن أفضل العطارين، الذين توارثوا المهنة أبًا عند جد، فضلاً عن التنافس القوي بينهم، وهو ما يُحفز على الإبداع ويدعو إلى السرية أيضًا». وبالفعل فإنه على الرغم من الدعايات التي يقوم بها كثير من البيوت التي قامت بنفس العملية مثل «ديور» وغيرها فيما يتعلق بشرائها منشآت وبيوتًا خاصة بها، فإن سياجًا من السرية يُغلف العطور التي تمخضت عنها هذه الاستثمارات الضخمة، على الأقل وهي في طور التصنيع. أما المنافسة بين العطارين، التي يقصدها كافالييه، فتتمثل في الوصول إلى مكونات وخلاصات نادرة، والاجتهاد في استقطارها بتقنيات حديثة غير مسبوقة، للحفاظ على نكهتها وقوتها، والاستفادة من كل قطرة منها، لا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار أن سعر عصارة الياسمين، مثلاً، تتجاوز 130.000 دولار، مقابل قنينة تحتوي على 35 أونصة فقط. أي أن قيمتها تفوق قيمة الذهب بثلاثة أضعاف تقريبًا.
«لويس فويتون» وحتى تكون عودتها قوية بعد 70 عامًا، أطلقت 7 عطور، تدخل فيها عناصر مميزة مثل الجلود، ومسك الروم وأزهار أخرى مستقطرة ومعالجة بطرق جد متطورة، عبأتها في قوارير كريستالية من تصميم مارك نيوسون.
فمن أجل التميز عن غيرها، ركزت بشدة على مفهوم الحرفية، ولم تبخل على عطارها بشيء، ما دام سيجعل هذا الجانب قويًا يُعبر عن ماضيها وطموحاتها المستقبلية.
وبما أنها فتحت الأبواب أمامه على مصراعيها، لكي يجول ويصول في العالم بحثًا عن مواد خام لم يتم استغلالها من قبل، فإنه بعينها لا يملك أي عُذر لعدم تحقيقه المبتغى منه. ولم يُخيب كافالييه آمالها فيه، فخلال رحلة إلى الصين، مثلاً اكتشف وفرةً من نباتات المانجوليا والفل، التي تستخدم عادة لإضافة النكهة إلى الشاي المحلي، شدت اهتمامه فحملها معه إلى معمله وأخضعها لتحسينات جعلتها قابلة للاستعمال في خلطاته الجديدة، عدا أنه عاد إلى تاريخ الدار وعلاقتها بالجلود، وبالتالي لم تغب رائحتها عن بالها ولم يتجاهلها في ابتكاراته.
فـ«لويس فويتون» تدين بكينونتها إلى الجلود، كونها تأسست على صناعة حقائب وصناديق السفر الجلدية وما شابهها للنخبة، كما أن هذه الجلود هي التي تحقق لها الأرباح متجسدة في الإكسسوارات، وتحديدًا حقائب اليد. الآن وبعد دخولها قطاع العطور، فقد تُصبح لها دجاجتان عوض واحدة تبيض لها ذهبًا.



الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم

الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
TT

الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم

الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)

في عالم الموضة هناك حقائق ثابتة، واحدة منها أن حلول عام جديد يتطلب أزياء تعكس الأمنيات والآمال وتحتضن الجديد، وهذا يعني التخلص من أي شيء قديم لم يعد له مكان في حياتك أو في خزانتك، واستبدال كل ما يعكس الرغبة في التغيير به، وترقب ما هو آتٍ بإيجابية وتفاؤل.

جولة سريعة في أسواق الموضة والمحال الكبيرة تؤكد أن المسألة ليست تجارية فحسب. هي أيضاً متنفس لامرأة تأمل أن تطوي صفحة عام لم يكن على هواها.

اقترح المصمم رامي علي لربيع وصيف 2025 قطعاً متنوعة كان فيها التول أساسياً (رامي علي)

بالنسبة للبعض الآخر، فإن هذه المناسبة فرصتهن للتخفف من بعض القيود وتبني أسلوب مختلف عما تعودن عليه. المتحفظة التي تخاف من لفت الانتباه –مثلاً- يمكن أن تُدخِل بعض الترتر وأحجار الكريستال أو الألوان المتوهجة على أزيائها أو إكسسواراتها، بينما تستكشف الجريئة جانبها الهادئ، حتى تخلق توازناً يشمل مظهرها الخارجي وحياتها في الوقت ذاته.

كل شيء جائز ومقبول. المهم بالنسبة لخبراء الموضة أن تختار قطعاً تتعدى المناسبة نفسها. ففي وقت يعاني فيه كثير من الناس من وطأة الغلاء المعيشي، فإن الأزياء التي تميل إلى الجرأة والحداثة اللافتة لا تدوم لأكثر من موسم. إن لم تُصب بالملل، يصعب تكرارها إلا إذا كانت صاحبتها تتقن فنون التنسيق. من هذا المنظور، يُفضَّل الاستثمار في تصاميم عصرية من دون مبالغات، حتى يبقى ثمنها فيها.

مع أن المخمل لا يحتاج إلى إضافات فإن إيلي صعب تفنن في تطريزه لخريف وشتاء 2024 (إيلي صعب)

المصممون وبيوت الأزياء يبدأون بمغازلتها بكل البهارات المغرية، منذ بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) تقريباً، تمهيداً لشهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول). فهم يعرفون أن قابليتها للتسوق تزيد في هذا التوقيت. ما يشفع لهم في سخائهم المبالغ فيه أحياناً، من ناحية الإغراق في كل ما يبرُق، أن اقتراحاتهم متنوعة وكثيرة، تتباين بين الفساتين المنسدلة أو الهندسية وبين القطع المنفصلة التي يمكن تنسيقها حسب الذوق الخاص، بما فيها التايورات المفصلة بسترات مستوحاة من التوكسيدو أو كنزات صوفية مطرزة.

بالنسبة للألوان، فإن الأسود يبقى سيد الألوان مهما تغيرت المواسم والفصول، يليه الأحمر العنابي، أحد أهم الألوان هذا الموسم، إضافة إلى ألوان المعادن، مثل الذهبي أو الفضي.

المخمل كان قوياً في عرض إيلي صعب لخريف وشتاء 2024... قدمه في فساتين وكابات للرجل والمرأة (إيلي صعب)

ضمن هذه الخلطة المثيرة من الألوان والتصاميم، تبرز الأقمشة عنصراً أساسياً. فكما الفصول والمناسبات تتغير، كذلك الأقمشة التي تتباين بين الصوف والجلد اللذين دخلا مناسبات السهرة والمساء، بعد أن خضعا لتقنيات متطورة جعلتهما بملمس الحرير وخفته، وبين أقمشة أخرى أكثر التصاقاً بالأفراح والاحتفالات المسائية تاريخياً، مثل التول والموسلين والحرير والمخمل والبروكار. التول والمخمل تحديداً يُسجِّلان في المواسم الأخيرة حضوراً لافتاً، سواء استُعمل كل واحد منهما وحده، أو مُزجا بعضهما ببعض. الفكرة هنا هي اللعب على السميك والشفاف، وإن أتقن المصممون فنون التمويه على شفافية التول، باستعماله في كشاكش كثيرة، أو كأرضية يطرزون عليها وروداً وفراشات.

التول:

التول كما ظهر في تشكيلة المصمم رامي علي لربيع وصيف 2025 (رامي علي)

لا يختلف اثنان على أنه من الأقمشة التي تصرخ بالأنوثة، والأكثر ارتباطاً بالأفراح والليالي الملاح. ظل طويلاً لصيقاً بفساتين الزفاف والطرحات وبأزياء راقصات الباليه، إلا أنه الآن يرتبط بكل ما هو رومانسي وأثيري.

شهد هذا القماش قوته في عروض الأزياء في عام 2018، على يد مصممين من أمثال: إيلي صعب، وجيامباتيستا فالي، وسيمون روشا، وهلم جرا، من أسماء بيوت الأزياء الكبيرة. لكن قبل هذا التاريخ، اكتسب التول شعبية لا يستهان بها في القرنين التاسع عشر والعشرين، لعدد من الأسباب مهَّدت اختراقه عالم الموضة المعاصرة، على رأسها ظهور النجمة الراحلة غرايس كيلي بفستان بتنورة مستديرة من التول، في فيلم «النافذة الخلفية» الصادر في عام 1954، شد الانتباه ونال الإعجاب. طبقاته المتعددة موَّهت على شفافيته وأخفت الكثير، وفي الوقت ذاته سلَّطت الضوء على نعومته وأنوثته.

التول حاضر دائماً في تشكيلات المصمم إيلي صعب خصوصاً في خط الـ«هوت كوتور» (إيلي صعب)

منذ ذلك الحين تفتحت عيون صناع الموضة عليه أكثر، لتزيد بعد صدور السلسلة التلفزيونية الناجحة «سيكس أند ذي سيتي» بعد ظهور «كاري برادشو»، الشخصية التي أدتها الممثلة سارة جيسيكا باركر، بتنورة بكشاكش وهي تتجول بها في شوارع نيويورك في عز النهار. كان هذا هو أول خروج مهم لها من المناسبات المسائية المهمة. كانت إطلالة مثيرة وأيقونية شجعت المصممين على إدخاله في تصاميمهم بجرأة أكبر. حتى المصمم جيامباتيستا فالي الذي يمكن وصفه بملك التول، أدخله في أزياء النهار في تشكيلته من خط الـ«هوت كوتور» لعام 2015.

إطلالة من خط الـ«كروز» لدار «ديور» استعملت فيها ماريا غراتزيا تشيوري التول كأرضية طرزتها بالورود (ديور)

ما حققه من نجاح جعل بقية المصممين يحذون حذوه، بمن فيهم ماريا غراتزيا تشيوري، مصممة دار «ديور» التي ما إن دخلت الدار بوصفها أول مصممة من الجنس اللطيف في عام 2016، حتى بدأت تنثره يميناً وشمالاً. تارة في فساتين طويلة، وتارة في تنورات شفافة. استعملته بسخاء وهي ترفع شعار النسوية وليس الأنوثة. كان هدفها استقطاب جيل الشابات. منحتهن اقتراحات مبتكرة عن كيفية تنسيقه مع قطع «سبور» ونجحت فعلاً في استقطابهن.

المخمل

إطلالة من خط الـ«كروز» لدار «ديور» اجتمع فيها المخمل والتول معاً (ديور)

كما خرج التول من عباءة الأعراس والمناسبات الكبيرة، كذلك المخمل خرج عن طوع الطبقات المخملية إلى شوارع الموضة وزبائن من كل الفئات.

منذ فترة وهو يغازل الموضة العصرية. في العام الماضي، اقترحه كثير من المصممين في قطع خطفت الأضواء من أقمشة أخرى. بملمسه الناعم وانسداله وألوانه الغنية، أصبح خير رفيق للمرأة في الأوقات التي تحتاج فيها إلى الدفء والأناقة. فهو حتى الآن أفضل ما يناسب الأمسيات الشتوية في أوروبا وأميركا، وحالياً يناسب حتى منطقة الشرق الأوسط، لما اكتسبه من مرونة وخفة. أما من الناحية الجمالية، فهو يخلق تماوجاً وانعكاسات ضوئية رائعة مع كل حركة أو خطوة.

تشرح الدكتورة كيمبرلي كريسمان كامبل، وهي مؤرخة موضة، أنه «كان واحداً من أغلى الأنسجة تاريخياً، إلى حد أن قوانين صارمة نُصَّت لمنع الطبقات الوسطى والمتدنية من استعماله في القرون الوسطى». ظل لقرون حكراً على الطبقات المخملية والأثرياء، ولم يُتخفف من هذه القوانين إلا بعد الثورة الصناعية. ورغم ذلك بقي محافظاً على إيحاءاته النخبوية حتى السبعينات من القرن الماضي. كانت هذه هي الحقبة التي شهدت انتشاره بين الهيبيز والمغنين، ومنهم تسلل إلى ثقافة الشارع.

يأتي المخمل بألوان غنية تعكس الضوء وهذه واحدة من ميزاته الكثيرة (إيلي صعب)

أما نهضته الذهبية الأخيرة فيعيدها الخبراء إلى جائحة «كورونا»، وما ولَّدته من رغبة في كل ما يمنح الراحة. في عام 2020 تفوَّق بمرونته وما يمنحه من إحساس بالفخامة والأناقة على بقية الأنسجة، وكان الأكثر استعمالاً في الأزياء المنزلية التي يمكن استعمالها أيضاً في المشاوير العادية. الآن هو بخفة الريش، وأكثر نعومة وانسدالاً بفضل التقنيات الحديثة، وهو ما جعل كثيراً من المصممين يسهبون فيه في تشكيلاتهم لخريف وشتاء 2024، مثل إيلي صعب الذي طوعه في فساتين و«كابات» فخمة طرَّز بعضها لمزيد من الفخامة.

من اقتراحات «سكاباريللي» (سكاباريللي)

أما «بالمان» وبرابال غورانغ و«موغلر» و«سكاباريللي» وغيرهم كُثر، فبرهنوا على أن تنسيق جاكيت من المخمل مع بنطلون جينز وقميص من الحرير، يضخه بحداثة وديناميكية لا مثيل لها، وبان جاكيت، أو سترة مستوحاة من التوكسيدو، مع بنطلون كلاسيكي بسيط، يمكن أن ترتقي بالإطلالة تماماً وتنقلها إلى أي مناسبة مهمة. الشرط الوحيد أن يكون بنوعية جيدة حتى لا يسقط في خانة الابتذال.