سيناريو بارزاني للموصل بعد «داعش».. تقسيمها إلى ثلاث محافظات

كشف السياسي الكردي، سرو قادر، أمس، أن رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني قدم حلا لمشكلة الموصل في مرحلة ما بعد «داعش»، يتمثل في تقسيم المحافظة إلى ثلاث محافظات جديدة، وإجراء استفتاء يقرر فيه سكان هذه المحافظات فيما إذا أرادوا الانضمام إلى الإقليم أم لا. وبين أن رئيس حكومة إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، أبلغ رئيس الوزراء العراقي والأحزاب العراقية خلال زيارته الأخيرة إلى بغداد أن حل المشكلات بين إقليم كردستان والعراق يكمن في استقلال الإقليم عن العراق.
وقال السياسي الكردي سرو قادر، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «ستبدأ مرحلة جديدة بعد تحرير الموصل من (داعش)، وهذه المرحلة تعتبر مرحلة خطرة إن لم تكن هناك خطة مسبقة، ورئيس الإقليم مسعود بارزاني يشدد على ضرورة أن تكون هناك خطة لمرحلة ما بعد (داعش) في الموصل، فلا يمكن أن يكون وضع مكونات المحافظة المختلفة كما كانت من قبل معرضة وباستمرار لخطر المتشددين متى ما أرادوا قتلوهم ونفذوا بحقهم الجرائم، لذا قوات البيشمركة لن تنسحب من تلك المناطق التي حررتها، لحين وضعها في إطار إداري أمين، وإيجاد حل جذري لمكونات هذه المناطق، وتحديد مصيرها».
وأردف قادر: «حاليا تمثل مشكلة الموصل مشكلة كل العراق، فالكرد لم تبق لهم مشكلة في المناطق الأخرى سوى في الموصل، والمكونات الأخرى تتعرض للغدر في الموصل، ومن المتوقع اندلاع حرب كبيرة شيعية سنية في الموصل أيضا، مع مجيء ميليشيات الحشد الشعبي، ووجود القوات السنية ووجود تنظيم داعش، وكل هذا يمهد الأرضية لصراعات طائفية ودينية، وإذا لم تكن تحت السيطرة ولم تكن هناك خطة مسبقة، فإنها ستؤدي إلى جريان نهر من الدماء، وحينها السيطرة عليه لن تكون أمرا سهلا».
ويشرح قادر مشروع إقليم كردستان ورئيسه مسعود بارزاني لحل مشكلة الموصل، ويضيف: «يرى إقليم كردستان والرئيس مسعود بارزاني أنه يجب أن تكون هناك خطة لمرحلة ما بعد (داعش) في الموصل، ويجب أن تُقسم الموصل، إلى ثلاث محافظات، محافظة كردية في سنجار، ومحافظة للمكونات في سهل نينوى، ومحافظة أخرى للعرب السنة، وفيما بعد ستقرر المحافظات الجديدة في استفتاء ما إذا أرادت الانضمام إلى إقليم كردستان أم لا. ويعتبر هذا حلا لمشكلة محافظة نينوى الحالية، وقدم هذا الحل من قبل رئيس إقليم كردستان، وهناك تفاهم حول هذا المقترح، حتى إن السنة ومن خلال مشروعهم للموصل في مرحلة ما بعد (داعش) الذي طرحوه منذ نحو شهر، يؤكدون أنه يجب أن تقسم الموصل إلى ثلاث محافظات، لكنهم يتحدثون عن مقترحهم في إطار إقليم نينوى».
وعما إذا كانت المشكلات السياسية التي تشهدها الإقليم منذ أكثر من عام ستؤثر على خطوات استقلاله من العراق، بين قادر: «مشكلة حركة التغير التي أصبحت الآن جزءا من الاتحاد الوطني الكردستاني والجماعة الإسلامية، مشكلة غير قابلة للفهم، فالجماعة الإسلامية في كردستان هي تابعة لإيران، وتنفذ تعليمات طهران بحذافيرها، أما حركة التغيير فمنسقها العام نوشيروان مصطفى معروف بأنه سياسي مثير للمشكلات وليس لديه أي هدف، فنرى أنه في وقت تعيش البلاد حالة حرب، يسعى هو لتخريب نظام الحكم وإلغاء الرئاسة والبيشمركة في الإقليم، لذا فليقل نوشيروان ما يقوله فلن يأبه أي شخص لما يقوله. أما بالنسبة للاتحاد الوطني الكردستاني، فالجناح الذي تديره هيرو إبراهيم أحمد (عقيلة الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني والرئيس العراقي السابق جلال طالباني)، هذا الجناح يعتمد سياسة خاطئة، لأن هيرو إبراهيم أحمد تعتمد في هذه السياسة على الحقد التاريخي الذي كان والدها يكنه للزعيم الكردي الملا مصطفى بارزاني، وهذا خطأ كبير، لأن جلال طالباني استطاع أن يسيطر على هذه الأحقاد والخلافات التاريخية. لذا ما تقدم عليه هيرو، يُستغل من قبل نوشيروان مصطفى وإيران، لكن لن يستطيعوا خلق العوائق بأي شكل من الأشكال، لأن قوات البيشمركة متحدة وتحت قيادة رئيس الإقليم، وحكومة إقليم كردستان ماضية في عملها، والجغرافيا السياسية لإقليم كردستان لدى القوى الدولية والتحالف الدولي، تمنع أي حزب من الأحزاب أن يلعب بمصير منطقة من مناطق إقليم كردستان».
ويمضي قادر إلى القول: «نرى الآن كيف أن قيادات الاتحاد الوطني الكردستاني الكبار وقادة البيشمركة التابعين له لديهم مشكلة مع هيرو وانفصلوا عنها، وهذا يعني فشل سياسة هيرو في قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني، وفشل سياسة المنسق العام لحركة التغيير نوشيروان مصطفى في إثارة الفتن بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي الكردستاني».
وعن جولة رئيس الإقليم في أوروبا في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة تغييرات جذرية، أكد قادر: «الرئيس مسعود بارزاني يقود جبهة طويلة من الحرب ضد الإرهاب، ويتمتع بثقة وتأييد دولي، لذا أي قرار خاص بالشأنين العراقي والسوري أو بأوضاع المنطقة، بارزاني هو واحد من الرؤساء الذين يُستمع إليهم، وهو الذي يطرح مطلب كردستان ويتحدث عنه، ومثلما للدولة الإقليمية مطالب واستراتيجيات فلكردستان أيضا مطالب واستراتيجيات، لذا من الطبيعي أن يشارك بارزاني في جميع المشاورات السرية والعلنية، وأن يكون له رأي في أي تحرك عسكري».
وتابع: «رئيس الإقليم بحث مع القادة الأتراك توطيد العلاقات الاقتصادية بين كردستان وتركيا، لأن العلاقات الاقتصادية بين الجانبين مهمة جدا، فهي تشمل النفط والغاز، تركيا مهمة لنا كبوابة اقتصادية، بالإضافة إلى أن تركيا لديها مشكلة مع جزء كبير من كردستان، قسم آخر من زيارته إلى تركيا كانت خاصة بعملية السلام بين الكرد والحكومة التركية، وكيفية استئنافها، وكذلك مسألة كردستان تركيا، والمشكلات بين تركيا وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، فحزب الاتحاد الديمقراطي كامتداد سياسي لحزب العمال الكردستاني ينتقل من مشكلة إلى أخرى، وفي النتيجة تصادموا مع تركيا، وبالتأكيد يجب أن يعلم رئيس الإقليم ما يحدث، وفي أي حال من الأحوال فبارزاني يؤيد سلامة كردستان سوريا، ويؤيد قيادة كردستان سوريا بشكل حكيم يصب في مصلحة كردستان ووحدة المصالح بين كردستان سوريا وكردستان العراق، فإن لم يطبق حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا ما أشرنا إليه فإنه سيفقد ما يتمتع به من دعم دولي، ولن يستطيع الاستمرار بهذا التطرف الذي رُسم له من قبل حزب العمال الكردستاني، من المحتمل أن يتحدث بارزاني في جولته هذه عن موضوع استقلال كردستان بشكل أكبر من السابق».
وفي إطار المباحثات الجارية بين أربيل وبغداد بشأن استقلال الإقليم، كشف السياسي الكردي أن رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني «بحث خلال زيارته الأخيرة إلى بغداد واجتماعه مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وزعماء الأحزاب العراقية موضوع الاستقلال، وتحدث بصراحة أن مشكلات الإقليم مع العراق تحل باستقلال كردستان، فمشكلاتنا مع العراق انتهت كمسألة الميزانية والمادة 140. هذه المواد المرتبطة بعراق فاشل ومضى عليها نحو 14 عاما، ولم يبق هناك مجال، ولم يحقق لنا الدستور العراقي أي شيء، لذا سنعود إلى البند الأول من الدستور وهو أننا نقرر مصيرنا، ويظهر أن رئيس حكومة الإقليم استطاع أن يبني تفاهما جيدا حول هذه القضية في بغداد، ومن المقرر تشكيل لجنة مشتركة من الطرفين، لتفاوض بشأن استقلال كردستان، وهذه خطوة جيدة جدا، وهذا ما كنا ننتظره».
وشدد قادر على أن إيران لن تستطيع أن تخطو أي خطوة باتجاه الهجوم على الإقليم بعد إعلان استقلاله عن العراق، وأضاف: «إيران لن تستطيع أن تدمر كردستان، ولن تستطيع أن تدخل جنديا واحدا إلى الإقليم، التوازن الموجود في المنطقة لن يسمح لا لإيران ولا لغير إيران بأن تهاجم كردستان، أما بالنسبة لتدخلاتها في شؤون الإقليم، فهذا يعتمد على الأحزاب في كردستان، فأي حزب سينفذ تعليمات إيران ومطالبها، يعزل نفسه عن موضوع الدفاع عن كردستان واستقلاله والمشكلات الأخرى التي تُحل يوميا بالتنسيق مع العالم، بالضبط مثل حركة التغيير التي عزلت نفسها عن كل هذه القضايا، وكذلك هيرو إبراهيم أحمد، التي أوصلت بسياساتها الاتحاد الوطني الكردستاني إلى هذا اليوم الذي يقول فيه قادة هذا الحزب إنهم وصل بهم الحال إلى مرحلة لا يستمع إليهم ولآرائهم أي طرف. إذن من يبتعد عن مسعود بارزاني يبتعد عن المصلحة الوطنية، ويُهمل من قبل العالم».