رؤية «الهيئة العليا» للحلّ السياسي على طاولة بحث «أصدقاء سوريا» اليوم في لندن

المعارضة: نجهل أسباب تعثّر الاتفاق الروسي ـ الأميركي.. ونرجح عدم ارتباطها بملف الأزمة

رؤية «الهيئة العليا» للحلّ السياسي على طاولة بحث «أصدقاء سوريا» اليوم في لندن
TT

رؤية «الهيئة العليا» للحلّ السياسي على طاولة بحث «أصدقاء سوريا» اليوم في لندن

رؤية «الهيئة العليا» للحلّ السياسي على طاولة بحث «أصدقاء سوريا» اليوم في لندن

بعد تعثر المباحثات الروسية - الأميركية حول سوريا تتجه الأنظار اليوم الأربعاء إلى لندن، حيث من المتوقع أن تكون رؤية المعارضة للحل السياسي على طاولة بحث «أصدقاء سوريا» الذي يحضره وزراء خارجية 11 دولة. ورغم عدم تعويل المعارضة السورية كثيرا على ما قد ينتج عن مؤتمر لندن لاقتناعها بأن القرار النهائي في هذا الإطار يرتبط بالمباحثات الجارية والمتعثرة لغاية الآن، بين روسيا وأميركا، تعتبر أن خطّتها الكاملة للمرحلة الانتقالية تؤكد عدم صحة الاتهامات التي كانت توجّه للمعارضة لجهة عدم امتلاكها رؤية واضحة، بحسب ما يقول المتحدث باسم الهيئة رياض نعسان آغا، لـ«الشرق الأوسط».
وفي حين يؤكّد أكثر من مصدر في المعارضة، عدم علمه أو اطلاعه على تفاصيل الخلافات بين موسكو وواشنطن التي أدت إلى فشل المباحثات، يعتبر مصدر قيادي في الائتلاف، أن عدم الإعلان عن نقاط الخلاف يدل على أن الأسباب ليست مرتبطة بالملف السوري بل بقضايا أخرى تبحث بين الطرفين، لا سيما أن النقاط السورية باتت معروفة ومحددة وباتت قضية رئيس النظام السوري بشار الأسد خارج البحث بعدما اتفق الطرفان على بقائه بالحكم في المرحلة الانتقالية. ويقول لـ«الشرق الأوسط» «سوريا باتت ورقة ضمن عملية مقايضة كبرى»، مضيفا: «حتى الأصدقاء الأوروبيين والدائرة المحيطة بالمبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي مستورا، لا علم لها بالأسباب التي أدت إلى الفشل بعدما كانت الأجواء توحي بالإيجابية».
ويستبعد آغا أن تشهد المرحلة المقبلة، حتى انتهاء ولاية الرئيس الأميركي باراك أوباما خرقا كبيرا في الملف السوري، واصفا ما يحصل بـ«محاولات لإلهاء الرأي العام والقول إن هناك جهودا تبذل على خط الحل بينما في الواقع ليس هناك أي جهود جدية، وكل يبحث عن مصالحه». ويلفت آغا، إلى أن الهيئة العليا عبر عدد من أعضائها برئاسة رياض حجاب سيحضرون اجتماع لندن اليوم لبحث رؤية الحل التي أقرتها الهيئة في اجتماعها الأخير الأسبوع الماضي، وكانت قد عرضت على جهات معارضة عدة سياسية وعسكرية إضافة إلى منظمات من المجتمع المدني، مضيفا: «هذه الرؤية لاقت تجاوبا من أطراف عدة من المجتمع الدولي باستثناء النقطة المتعلقة بمستقبل الأسد التي نرفض أي دور له في المرحلة الانتقالية، وهو الأمر الذي ترفضه روسيا والجهات السورية المحسوبة عليها».
من جهته، أوضح رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أنس العبدة الذي سيكون حاضرا اليوم ضمن الوفد في لندن، أن الإطار التنفيذي الذي تبنته المعارضة السورية «سيقدم طريقًا واضحًا للانتقال السياسي في سوريا، ولا يمكن لأحد يريد حلا سياسيا عادلا أن يرفضه».
وأكّد أنه لا مكان للأسد في المرحلة الانتقالية ولا في مستقبل سوريا. مضيفا: «نحن متمسكون وملتزمون بثوابت الثورة السورية، وبالاستناد لهذه الثوابت نقدم طريقًا واضحًا للحل». ولفت العبدة إلى أن الإطار التنفيذي يستند إلى القرارات الدولية المتعلقة بسوريا، ويسعى جاهدًا لرفع المعاناة عن الشعب السوري وتحقيق تطلعاته ورغباته بنيل الحرية والكرامة. وأكد أن ما سيتم الإعلان عنه، اليوم، هو لمصلحة جميع السوريين، ويعطي الحقوق للجميع، وتنفيذ ذلك سيحقق الانتقال السياسي المنشود، ويحارب الإرهاب.
وارتكز الإطار التنفيذي للحل السياسي في سوريا بحسب بيان الهيئة الأسبوع الماضي، على المرحلة الانتقالية التي تمتد على 18 شهرا. وأوضح بيان الهيئة التي تضم جميع قوى المعارضة السياسية والعسكرية، أن الحل السياسي هو الخيار الاستراتيجي الأول الذي تعتمده، وذلك بما يحقق تطلعات الشعب السوري الطامح لنيل حريته وصون كرامته، ووفق بيان جنيف واحد والقرارات 2118 و2254. القاضية بإنشاء هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية، لا وجود ولا دور للأسد ومن اقترف الجرائم بحق الشعب السوري في المرحلة الانتقالية. كما كانت الهيئة قد طالبت في بيانها الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها تجاه الجرائم التي يقترفها هذا النظام الجائر ووضع حد لانتهاكاته وضمان تنفيذ القرارات الدولية، كما شددت على ضرورة وضع جدول زمني لتطبيق هذه القرارات.
وأفادت مصادر فرنسية لـ«الشرق الأوسط»، أن اجتماع لندن سيتناول مروحة واسعة من المواضيع، لكن القطعة الرئيسية فيه هي النظر في ورقة الهيئة العليا للمفاوضات وتوفير الدعم لها والتركيز على الحاجة لحصول تطورات ميدانية: «مثل العودة للعمل بالهدنة» تمكن من العودة إلى طاولة المفاوضات.
وقالت هذه المصادر إن المطلوب من المعارضة هو إظهار «الليونة» في موضوع العودة إلى المفاوضات مع التمسك بمضمون بيان جنيف لصيف عام 2012 والقرار الدولي رقم 2254. وسيستمع المسؤولون الحاضرون لرئيس الهيئة الدكتور رياض حجاب لعرض مضمون الورقة التنفيذية ومناقشة تفاصيلها.
لكن الاجتماع سيكون فرصة للاستماع من الجانب الأميركي لعرض لما حصل في المناقشات مع الجانب الروسي. وتريد باريس وغيرها من المشاركين الحصول على تفاصيل إضافية من كيري أو من يمثله عن مجريات المحادثات والعراقيل والمطالب الروسية، علما بأن الرئيس هولاند عقد اجتماعا مع بوتين على هامش قمة العشرين، وكان الملف السوري على رأس جدول الأعمال. كذلك سيتم عرض الوضع في حلب بعد أن عادت مجددا تحت الحصار وما حصل في داريا وموضوع المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة، فضلا عن الدور التركي الجديد في سوريا.
وتشدد باريس على أهمية مناقشة الملف الكيماوي المطروح حاليا على مجلس الأمن الدولي. وتتمسك باريس «ومعها لندن» بموقف متشدد وتريد قرارا من المجلس تحت الفصل السابع يتضمن نقطتين أساسيتين: الأولى، فرض عقوبات على النظام والثانية نقل الملف بطلب من المجلس إلى المحكمة الجنائية الدولية. لكن العاصمة الفرنسية ليست «متأكدة» من أن واشنطن ستذهب إلى حد المواجهة مع موسكو في المجلس، والمقامرة بتبديد ما تحقق من تقارب بين العاصمتين في موضوع وقف الأعمال العدائية وتوابعه.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».