أنقرة تبدأ بخطوات لتحسين العلاقات مع مصر

وفد تركي إلى القاهرة بعد عيد الأضحى.. ودبلوماسيون لـ«الشرق الأوسط»: «ننتظر أفعالاً»

الوزير التركي لشؤون الاتحاد الأوروبي عمر شيليك (يسار) يصافح نظيره البرتغالي أوغستوس سانتوس سيلفا لدى وصوله إلى العاصمة لشبونة أمس (أ.ف.ب)
الوزير التركي لشؤون الاتحاد الأوروبي عمر شيليك (يسار) يصافح نظيره البرتغالي أوغستوس سانتوس سيلفا لدى وصوله إلى العاصمة لشبونة أمس (أ.ف.ب)
TT

أنقرة تبدأ بخطوات لتحسين العلاقات مع مصر

الوزير التركي لشؤون الاتحاد الأوروبي عمر شيليك (يسار) يصافح نظيره البرتغالي أوغستوس سانتوس سيلفا لدى وصوله إلى العاصمة لشبونة أمس (أ.ف.ب)
الوزير التركي لشؤون الاتحاد الأوروبي عمر شيليك (يسار) يصافح نظيره البرتغالي أوغستوس سانتوس سيلفا لدى وصوله إلى العاصمة لشبونة أمس (أ.ف.ب)

بدأت أنقرة التحرك باتجاه تطوير العلاقات مع مصر بعد جمود استمر أكثر من 3 سنوات انطلاقا من خطوات تحسين العلاقات الاقتصادية والتجارية التي تضررت خلال هذه الفترة.
وأعلنت أنقرة عن توجه وفد اقتصادي إلى مصر قريبا للبدء في مباحثات مع رجال الأعمال المصريين للبدء في تطوير العلاقات بينهم.
ومن المنتظر، بحسب تصريح لوزير الجمارك والتجارة التركي بولنت توفنكجي، أن يتوجه وفد تركي من اتحاد الغرف التجارية والبورصات التركي إلى القاهرة عقب عيد الأضحى.
وقال الوزير التركي: «ننتظر أن يأخذ رجال الأعمال من الجانبين خطوات متبادلة، والتطورات السياسية التي ستحصل خلال الأيام المقبلة ستحدد طبيعة العلاقات التركية المصرية».
وأضاف: «هناك روابط تاريخية عميقة تربط بين الشعبين التركي والمصري وأن بلاده مستعدة للإقدام على أي خطوة تعود بالنفع على كلا الشعبين».
ولفت توفنكجي إلى استمرار اللقاءات بين رجال الأعمال الأتراك والمصريين والقائمين على الأمور التجارية من الطرفين وسيقوم وفد من الغرف التركية بزيارة مصر، وأعتقد أنّ موعد هذه الزيارة سيكون عقب عيد الأضحى.
وقالت مصادر قريبة من وزارة الخارجية المصرية لـ«الشرق الأوسط» إن هناك تصريحات إيجابية صدرت عن أنقرة في الفترة الأخيرة لكن لم نر خطوات عملية اتخذت حتى الآن. لافتة إلى أن هناك أمورا معينة تدركها أنقرة جيدا إذا كانت راغبة في تطوير العلاقات مع مصر، في مقدمتها تجنب التدخل في الشؤون الداخلية لمصر.
وأكدت المصادر أنه لا توجد مشكلة مطلقا مع الشعب التركي، لافتة إلى أن مجمل التصريحات التركية تصب في خانة تصحيح مسار العلاقات الاقتصادية والثقافية وهي خطوة من الممكن النظر إليها بعين الاعتبار إذا ما توقف بعض المسؤولين عن التصريحات المسيئة لمصر وقيادتها.
وتابعت المصادر: «على تركيا أن تترجم تصريحات مسؤوليها إلى أفعال وأن تراعي المبادئ والقوانين الدولية التي تنظم العلاقات مع الدول إذا كانت راغبة في تطوير العلاقات مع مصر».
وكانت الخطوط الجوية التركية أعلنت مؤخرا أنها ستستأنف رحلاتها بين إسطنبول وشرم الشيخ بعد توقف دام نحو عشرة أشهر، وذلك ابتداء من 10 سبتمبر (أيلول) الحالي.
وستنظم الشركة التركية 4 رحلات في الأسبوع أيام السبت والأحد والثلاثاء والخميس.
وصدرت مؤخرًا تصريحات من الجانبين، التركي والمصري، بشأن تطوير العلاقات بين البلدين، وأكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أكثر من مرة في الأيام الأخيرة أن تطوير العلاقات مع مصر بات ضرورة. وقال: «نؤيد تطوير العلاقات مع مصر، هي بلد قريب منا بثقافته وقيمه، ويجب ألا تعود الخلافات بين الحكومات بالظلم على شعبينا».
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قال مؤخرا إنه لا توجد أي أسباب للعداء بين الشعبين المصري والتركي.. «نحن نعطيهم الوقت لإعادة النظر في موقفهم من مصر».
في السياق نفسه، قالت مصادر باتحاد الغرف التجارية والبورصة التركية لـ«الشرق الأوسط» إن الاتحاد طلب من الحكومة التركية منذ أشهر القيام بزيارة ثانية لمصر بعد زيارته الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 لكن تأجلت الزيارة لأسباب مختلفة وجاءت محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا منتصف يوليو (تموز) الماضي أيضا لتؤجل هذه الخطوة.
وكان شعبان ديشلي، نائب رئيس حزب العدالة والتنمية للشؤون الاقتصادية، قال في السابع من يوليو الماضي إن فريقا من الحكومة التركية سيزور القاهرة لبحث الخطوات اللازمة لإعادة العلاقات، وإن لدينا حسن نية فيما يخص إصلاح العلاقات مع مصر.
وكبد التوتر في العلاقات بين مصر وتركيا أنقرة خسائر اقتصادية كبيرة، لا سيما بعد أن أوقفت مصر في أبريل (نيسان) الماضي العمل باتفاقية خط الرورو بين ميناءي الإسكندرية ومرسين التركي، الذي كان يسهل نقل البضائع التركية إلى دول الخليج والشرق الأوسط وأفريقيا بأقصر الطرق. وتعالت نداءات رجال الأعمال والمستثمرين الأتراك المطالبة بتحسين العلاقات مع مصر وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.



الحوثيون يوافقون على قطْر ناقلة النفط «سونيون» بضوء أخضر إيراني

مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)
مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يوافقون على قطْر ناقلة النفط «سونيون» بضوء أخضر إيراني

مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)
مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)

وافقت الجماعة الحوثية في اليمن على طلب أوروبي لقطْر ناقلة النفط اليونانية «سونيون» المشتعلة في جنوب البحر الأحمر، بعد تلقيها ضوءاً أخضر من إيران، وغداة إعلان تعيين طهران مندوباً جديداً لها في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء تحت اسم «سفير».

وكانت الناقلة تعرضت لسلسلة هجمات حوثية في غرب الحديدة ابتداء من يوم 21 أغسطس (آب) الحالي، ضمن هجمات الجماعة التي تزعم أنها لمناصرة الفلسطينيين في غزة، قبل أن تقوم بإشعال الحرائق على متنها، عقب إجلاء طاقمها المكون من 29 بحاراً بواسطة سفينة فرنسية.

الحرائق مستمرة على متن ناقلة «سونيون» اليونانية منذ أسبوع (إ.ب.أ)

وتنذر الناقلة التي تحمل نحو مليون برميل من المواد البترولية بأسوأ كارثة بحرية في حال انفجارها وتسرب النفط منها أو غرقها، وسط مساع لقطرها لإنقاذ الموقف.

وجاء الضوء الأخضر الإيراني عبر بعثة طهران في الأمم المتحدة، الأربعاء، حيث ذكرت أن الحوثيين وافقوا على السماح لزوارق قطر وسفن إنقاذ بالوصول إلى ناقلة النفط المتضررة بالبحر الأحمر سونيون.

وأشارت البعثة الإيرانية إلى أن عدة دول «تواصلت لتطلب من أنصار الله (الحوثيين) هدنة مؤقتة لدخول زوارق القطر وسفن الإنقاذ إلى منطقة الحادث، وأن الجماعة وافقت على الطلب (مراعاة للمخاوف الإنسانية والبيئية)»، بحسب ما نقلته «رويترز».

وعقب الإعلان الإيراني، ظهر المتحدث باسم الجماعة الحوثية، محمد عبد السلام، في تغريدة على منصة «إكس»، زعم فيها أن جهات دولية عدة تواصلت مع جماعته، خصوصاً الجهات الأوروبية، وأنه تم السماح لهم بسحب سفينة النفط المحترقة «سونيون».

وفي نبرة تهديد، أكد المتحدث الحوثي أن احتراق سفينة النفط «سونيون» مثال على جدية جماعته في استهداف أي سفينة تنتهك قرار الحظر القاضي بمنع عبور أي سفينة إلى موانئ إسرائيل.

وأضاف المتحدث الحوثي أن على جميع شركات الشحن البحري المرتبطة بإسرائيل أن تدرك أن سفنها ستبقى عرضة للضربات أينما يمكن أن تطولها قوات الجماعة.

مندوب إيران الجديد لدى الحوثيين في صنعاء (يسار) يسلم أوراق اعتماده لوزير خارجية الجماعة (إعلام حوثي)

وكانت وسائل إعلام الجماعة الحوثية ذكرت أن وزير خارجية حكومتها الانقلابية التي لا يعترف بها أحد، استقبل في صنعاء من وصفته بالسفير الإيراني الجديد علي محمد رمضاني، الذي قدم نسخة من أوراق اعتماده.

وسبق أن عينت طهران في 2020 القيادي في الحرس الثوري حسن إيرلو مندوباً لها لدى الجماعة الحوثية في صنعاء تحت اسم «السفير» قبل أن يلقى حتفه في نهاية 2021 في ظروف غامضة، ويتم إجلاء جثمانه إلى إيران.

كما قامت الجماعة الحوثية بتعيين ما تسميه سفيراً لليمن في طهران، حيث مكنت السلطات الإيرانية عناصر الجماعة لديها من السيطرة على المباني الدبلوماسية اليمنية في أراضيها.

لا يوجد تسرب

في أحدث بيانات أوردتها المهمة البحرية الأوروبية في البحر الأحمر (أسبيدس) ذكرت أن الأصول العاملة في المنطقة التابعة للمهمة أفادت، الأربعاء، بأنه تم اكتشاف حرائق في عدة مواقع على السطح الرئيسي للسفينة «سونيون» وأنه لا يوجد تسرب نفطي، وأن الناقلة لا تزال راسية ولا تنجرف.

وأضافت المهمة في بيان أنه «يجب على جميع السفن المارة في المنطقة أن تتحرك بأقصى درجات الحذر، حيث إن السفينة (سونيون) تشكل خطراً ملاحياً وتهديداً خطيراً وشيكاً للتلوث الإقليمي».

ولتجنب أزمة بيئية كارثية، قالت «أسبيدس»: «إن القوات البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي، تقوم بالتنسيق مع السلطات الأوروبية، بتقييم الوضع وهي على استعداد لتسهيل أي مسارات عمل». وأضافت أن «التخفيف الناجح سوف يتطلب التنسيق الوثيق والمشاركة الفعالة من جانب الدول الإقليمية».

ومع المخاوف من كارثة بيئية كبرى، كان وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، كشف عن أن الهجوم الذي تعرّضت له «سونيون» هو التاسع من نوعه منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ضد ناقلات النفط في البحر الأحمر، مشيراً إلى أنها تحمل 150 ألف طن من النفط الخام.

وقال الإرياني إن الحوثيين استهدفوا الناقلة بسلسلة من الهجمات، ما أدّى لجنوحها وتعطّل محركاتها، وإجلاء طاقمها، وتركها عرضةً للغرق أو الانفجار على بُعد 85 ميلاً بحرياً من محافظة الحديدة، واصفاً ذلك بأنه «إرهاب ممنهج يُنذر بكارثة بيئية واقتصادية وإنسانية غير مسبوقة».

دخان يتصاعد من جراء حرائق على متن ناقلة نفط يونانية تعرضت لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر (رويترز)

يشار إلى أن الحوثيين تبنّوا مهاجمة نحو 182 سفينة منذ بدء التصعيد في 19 نوفمبر الماضي، وأدّت الهجمات إلى إصابة نحو 32 سفينة، غرقت منها اثنتان، البريطانية، «روبيمار» واليونانية «توتور»، كما قرصنت السفينة «غالاكسي ليدر» وحوّلتها إلى مزار لأتباعها.

وتنفّذ واشنطن منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي ضربات دفاعية استباقية لحماية السفن من الهجمات الحوثية ضمن ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»، وأقرّت الجماعة بتلقّيها أكثر من 600 غارة شاركت فيها بريطانيا 4 مرات.

وتشنّ الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر الماضي هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تدّعي أنها تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

كما تدّعي تنفيذ هجمات في البحر المتوسط وموانئ إسرائيلية، بالاشتراك مع فصائل عراقية مسلّحة موالية لإيران، ضمن عمليات الإسناد للفلسطينيين في غزة، وهو الأمر الذي تقول الحكومة اليمنية إنه يأتي هروباً من استحقاقات السلام، وخدمةً لأجندة طهران بالمنطقة.