الهولندي يزداد طولا والأميركي يقصر

قياسات الجسم تتغير مع الزمن وأسلوب الحياة

الهولندي يزداد طولا والأميركي يقصر
TT

الهولندي يزداد طولا والأميركي يقصر

الهولندي يزداد طولا والأميركي يقصر

خذ شخصا اسمه «تود»، الذي يمكن أن يعتبر مثالا للشخص الأميركي العادي، ويعتمد تناسب جسمه على المعدلات، التي وضعها مركز السيطرة على الأمراض بخصوص مقاييس الجسم البشري. وكشخص بالغ بعمر يراوح بين الثلاثين والتاسعة والثلاثين، فإن مؤشر كتلة الجسم لديه (BMI) هو 29، أي أنه يقع ضمن صنف «البدين»، وهو أقل بدرجة واحدة فقط من التصنيف الطبي لكلمة «سمين».
ويحسب مؤشر كتلة الجسم بقسمة الوزن بالكيلوغرامات على مربع الطول بالأمتار.
و«تود» يفضل الكمال، أو على الأقل معدلات تتفوق على المعدل العادي، حتى ولو كانت المعدلات سيئة! وتمت مقارنته بثلاثة «أصدقاء» من بلدان مختلفة، اجتمعوا أخيرا في مؤتمر للأشخاص من ذوي الأجسام المعتدلة. وفاز كل منهم بجائزة، لكونه الأفضل معدلا في بلده. والبلدان التي ينتمون إليها هي اليابان وهولندا وفرنسا. وهم طبعا خاضعون لمؤشرات كتلة الجسم، وهي 23.7 و25.2 و25.6 على التوالي.
وقبل 50 سنة، لم يكن تود الأميركي هذا موجودا، ومثل هذا النحو ليس وقفا على الرجال فقط، أما المؤشرات الجسدية للنساء، فإنها تضعهن في مجموعة السن هذه بحدود 28.7.
وقد شرع الأميركيون في الخسارة في مضمار الطول أيضا، فخلال قرنين من الزمن حتى 60 سنة خلت، كان السكان الأميركيون هم الأطول في العالم. أما الآن فبات الأميركي العادي أقصر من الهولندي الذي يبلغ معدل طوله ستة أقدام، بثلاث بوصات (القدم 30 سم والبوصة 2.5 سم تقريبا). أما اليابانيون فشرعوا أيضا يربحون على حساب الأميركيين.
ويربط علماء الإنسان هذه التغييرات الأخيرة بشكل رئيس بالوجبات الغذائية وأسلوب الحياة والإسراف بها. ويقول جورج مات أستاذ علم الإنسان في المركز الطبي لجامعة ليدين في هولندا، إنه، خلال 50 سنة من الآن، فقد يصبح معدل طول الهولندي المتوسط ستة أقدام وثلاث بوصات. وقبل سنوات، توجب على السلطات الهولندية زيادة مواصفات ارتفاع أبواب الأبنية والعمارات، ولو كان الأميركي في نصف القرن الأخير قد خرج من معادلة الجسم المثالي في الخيال العام، فعلينا أن لا ننظر إلى ذلك على أنه إخفاق، بل كتفاؤل لما قد نصبح عليه في المستقبل.



صحة الفم... مفتاح لصناعة الرياضيين الأبطال

صحة الفم... مفتاح لصناعة الرياضيين الأبطال
TT

صحة الفم... مفتاح لصناعة الرياضيين الأبطال

صحة الفم... مفتاح لصناعة الرياضيين الأبطال

في زمن أصبحت فيه أدق التفاصيل تحدد مصير الرياضيين المحترفين، كشفت دراسة بريطانية حديثة عن جانب طبي مهم طالما ظل مهمشاً رغم تأثيره العميق على الأداء البدني؛ هو صحة الفم.

دراسة بريطانية

الدراسة التي نشرت في المجلة الطبية البريطانية «British Medical Journal» في أبريل (نيسان) 2025، بإشراف الدكتور سول كونفيسر من معهد إيستمان في جامعة يونيفرسيتي كوليدج لندن (UCL)، شملت 160 لاعباً ولاعبة تتراوح أعمارهم بين 16 و18 عاماً في عشر أكاديميات تابعة للدوري الإنجليزي الممتاز ودوري البطولة والدوري النسائي الممتاز.

نتائج مقلقة

النتائج كانت مقلقة: أكثر من 75 في المائة من اللاعبين يعانون من التهاب اللثة، و22.5 في المائة مصابون بأمراض لثوية متقدمة لا يمكن عكسها، بالإضافة إلى أن نحو ثلث المشاركين بحاجة لعلاج تسوس الأسنان.

صحة الفم: رفاهية أم ضرورة حيوية؟

في بيئة رياضية تعتمد على دقة الأداء وسرعة الاستجابة، يمكن لآلام الفم أن تكون عاملاً معيقاً خطيراً. ويقلل الألم المزمن في الأسنان أو اللثة من التركيز، ويضعف جودة النوم، ويؤثر على الشهية وسلوكيات التغذية، وكلها تؤدي إلى انخفاض مستويات الطاقة وإبطاء التعافي بعد الجهد البدني.

وأظهرت الدراسة أن بعض اللاعبين اضطروا للغياب عن التدريبات بسبب التهابات أو خراجات فموية، بينما عانى آخرون من نزيف لثوي أو صعوبة في مضغ الطعام، ما انعكس سلباً على أدائهم البدني والنفسي.

روابط فسيولوجية: تأثير الفم على القلب والعضلات

العلاقة بين صحة الفم وصحة الجسم العامة مثبتة طبياً. إذ إن الالتهابات المزمنة في الفم تطلق جزيئات التهابية إلى مجرى الدم، ما يزيد من مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية، ويضعف مناعة الجسم، مما يفسر كثرة الإصابات العضلية وتأخر التعافي لدى بعض الرياضيين.

كما ترتبط مشاكل الأسنان باضطرابات في الهضم بسبب سوء المضغ، وحالات ارتجاع حمضي قد تضعف مينا الأسنان. ولا يمكن تجاهل العامل النفسي، إذ يؤدي الضغط النفسي إلى صرير الأسنان ليلاً أو الإفراط في تناول مشروبات الطاقة المحلاة بالسكر.

غياب الوعي الطبي والفجوة في البروتوكولات الرياضية

رغم توافر الدعم الطبي في الأندية الإنجليزية، أظهرت الدراسة أن نسبة كبيرة من اللاعبين لا يزورون طبيب الأسنان إلا عند ظهور الألم أو في بداية الموسم. أما الفحوصات الدورية الوقائية فتكاد تكون غائبة. وأفاد 76 في المائة فقط من المشاركين بأنهم ينظفون أسنانهم مرتين يومياً، وهي نسبة أقل من المتوسط الوطني.

هذا الواقع يكشف عن فجوة حقيقية في البرامج الطبية للأندية، خصوصاً أن فريق البحث ذاته أشار عام 2016 إلى أن صحة الفم لدى اللاعبين المحترفين أسوأ بنسبة 10 في المائة مقارنة بغير الرياضيين.

نحو تأسيس «طب أسنان رياضي»

يوصي الباحثون بدمج العناية بصحة الفم ضمن منظومة الرعاية الطبية بالأندية الرياضية، مع تدريب الطواقم الطبية على اكتشاف المشكلات الفموية مبكراً، تماماً كما تتم مراقبة الإجهاد العضلي أو سوء التغذية.

وتضمنت التوصيات إجراءات وقائية بسيطة مثل المضمضة بعد تناول المشروبات السكرية، واستخدام معاجين أسنان مصممة خصيصاً للرياضيين، وتقديم برامج تثقيفية لتعزيز وعي اللاعبين بأهمية العناية الفموية.

العناية تبدأ من الفم

الطريق نحو النجاح الرياضي لا يمر فقط عبر التمارين البدنية أو التكتيكات الفنية، بل يبدأ أحياناً من أبسط العيادات الطبية: عيادة طبيب الأسنان، فصحة الفم ليست مجرد جانب جمالي، بل هي جزء لا يتجزأ من اللياقة الشاملة، وعامل حاسم لاستدامة الأداء الرياضي في أعلى مستوياته.

حقائق

أكثر من 75%

من اللاعبين يعانون من التهاب اللثة