داعشي يجند عارضة أزياء بريطانية على «فيسبوك»

الداخلية لـ«الشرق الأوسط»: التحقيقات سرية.. ومستمرة

البريطانية آن كيمبرلي هجرت عالم عرض الأزياء للالتحاق بـ«داعش» .. وكما ظهرت في صورة حملتها على «فيسبوك»
البريطانية آن كيمبرلي هجرت عالم عرض الأزياء للالتحاق بـ«داعش» .. وكما ظهرت في صورة حملتها على «فيسبوك»
TT

داعشي يجند عارضة أزياء بريطانية على «فيسبوك»

البريطانية آن كيمبرلي هجرت عالم عرض الأزياء للالتحاق بـ«داعش» .. وكما ظهرت في صورة حملتها على «فيسبوك»
البريطانية آن كيمبرلي هجرت عالم عرض الأزياء للالتحاق بـ«داعش» .. وكما ظهرت في صورة حملتها على «فيسبوك»

عبّرت شرطة مكافحة الإرهاب في مقاطعة ويست يوركشاير، شمال المملكة المتحدة أمس، عن تخوفها من أن عارضة أزياء بريطانية سابقة، يتم استدراجها إلى تنظيم داعش المتطرف عبر أحد المجندين على موقع «فيسبوك» للتواصل الاجتماعي.
إذ كشفت صحيفة «الصنداي تايمز» البريطانية أن كيمبيرلي ماينرز (27 عامًا) قد استخدمت «فيسبوك» للتواصل مع داعشي بريطاني يقاتل في سوريا لقّب نفسه بـ«أبو أسامة البريطاني» على صفحته على موقع التواصل، من أجل تأمين مغادرتها المملكة المتحدة والانضمام لصفوف التنظيم بوصفها زوجة لأحد المجندين. ويبدو أن العارضة البريطانية اختارت لنفسها اسم «عائشة لورين البريطانية»، كما هو مدرج على الموقع. إلى ذلك، قال متحدث باسم وزارة الداخلية البريطانية لـ«الشرق الأوسط» في مكالمة هاتفية، إن هذه الحالة تدرج تحت المسائل الأمنية الحساسة، ولذا «سيلتزم جهاز الأمن البريطاني (MI5) ووحدة مكافحة الإرهاب السرية التامة خلال التحقيقات». وأكد المتحدث أن «التحقيقات في هذا الملف مستمرة».
إلى ذلك، ذكرت «التايمز» إن كيمبرلي ماينرز، التي ظهرت في صور شبه عارية سابقا، تستخدم «فيسبوك» للتواصل مع أبو أسامة البريطاني، الذي يحث النساء على ترك بريطانيا والانضمام إلى «داعش». كما أكدت أن ماينرز تستخدم حسابا على مواقع التواصل الاجتماعي تحت اسم «عائشة البريطانية»، بصور ترتدي فيها النقاب، ولا تظهر سوى عينيها الزرقاوين.
وفي إحدى الرسائل مع ماينرز، أرسل البريطاني صورة لقطّة ترتدي حزاما ناسفا، مع عبارة تهديد بتفجير «الكفار»، فردت ماينرز بوجوه ضاحكة.
وبالفعل، استطاعت «الشرق الأوسط» الوصول إلى حساب العارضة البريطانية والمجند «أبو أسامة» وتصفح المواد التي قاموا بمشاركتها. ولاحظت «الشرق الأوسط» أن معظم أصدقاء «أبو أسامة» على «فيسبوك» هن نساء أجنبيات ملقبات بألقاب مشابهة للقب ماينرز الجديد، ما يؤكد الشكوك حول دوره في استقطاب الفتيات. وخلال البحث في كلا الحسابين، لاحظت «الشرق الأوسط» أن ماينرز قامت بالانضمام لصفحات متطرفة منها «مركز الحق الإعلامي» الذي يديره مناصرو «داعش».
ومن المفهوم أن نشاطاتها على مواقع التواصل الاجتماعي تراوحت ما بين الإعجاب ومشاركة مقاطع متطرفة ينشرها مناصرو تنظيم داعش، ما اضطر فتح تحقيق مشترك ما بين جهاز الأمن البريطاني (MI5) ووحدة مكافحة الإرهاب، اللذين تواصلا مع الفتاة البريطانية 4 مرات ودعواها لارتياد برنامج لمكافحة التطرف، كما جرى تهديدها بالاعتقال إن استمرت على هذه الخطى.
وعن سهولة إيجاد مواد وأنشطة متطرفة على «فيسبوك» قال المتحدث باسم الداخلية: «نعتب على مواقع التواصل الاجتماعي التي لا تقوم بواجبها الكافي لمساعدتنا في مسح المحتوى المتطرف». وأشار إلى آخر تقرير صادر عن مجلس العموم البريطاني، في شهر يوليو (تموز) الماضي، الذي أكدت الحكومة البريطانية من خلاله على خطورة ودور المحتوى المتطرف على مواقع التواصل الاجتماعي في تجنيد المستخدمين وانسياقهم للالتحاق بجماعات متطرفة. ودعا التقرير شركات التواصل الاجتماعي، مثل «فيسبوك» و«تويتر» و«يوتيوب»، إلى زيادة تعاونهم مع الحكومات لتعقب المتطرفين وإزالة المواد المنشورة فيها التي تدعو إلى التجنيد. وفي سياق آخر، ووفقًا لأنباء صحافية بريطانية، كشفت ماينرز، يوم الجمعة الماضي، أنها سافرت إلى تركيا في رحلتين سابقتين، زارت فيهما مخيما للاجئين السوريين. كما كانت تنوي زيارة الشخص البريطاني هذا الخريف، نافية رغبتها في الزواج من مقاتل في التنظيم. وتحول تعاطفها مع الأطفال اللاجئين إلى مشاركة مقاطع عنيفة لـ«داعش»، مدعية أنها شاركت مقاطع بغير قصد لعدم إجادتها العربية. وعند سؤالها عن دعمها للتنظيم، قالت: «قيل لنا إنهم يحمون الدين، وأنا لا أعرف، وهذا ما ورطني».
يذكر أن العارضة السابقة ظهرت للمرة الأولى في الإعلام البريطاني عام 2009، عندما عملت فنانة إغراء إلى جانب عملها في تنظيف الشوارع في مدينة برادفورد الشمالية، حيث تعيش. ويفيد جيرانها أن وفاة والدها العام الماضي كانت السبب في تحولها. كما أشارت «التايمز» إلى أنها قد تكون وجدت العزاء في رفقة الأصدقاء المسلمين، من بينهم اثنان أسلما مؤخرا، قائلة إن اهتمامها بالإسلام ازداد العام الماضي، موضحة أنها «وجدت السلام من خلاله».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.