إنه موسم جديد، بعدد كبير من الأبطال الجدد والمثيرين (211 لاعبا تكلفة شراؤهم مجتمعين 400 مليون يورو)، مع أدوار قيادية جديدة فيما لا يقل عن ثلث أندية الدوري الألماني (إضافة لمدربين جدد انضموا إلى فيردر بريمن وأينتراخت فرانكفورت)، ووافد جديد ثري (آر بي ليبزيغ) الذي سيحمل لواء شرقي البلاد، وهي المنطقة التي لا تجد التمثيل الذي تستحقه كرة القدم - «دا زون» - كما اعتاد أن يسميها الأولاد في ثمانينات القرن الماضي - والقيام بدور الشرير الذي سيحب الجميع أن يكرهه.
ومع هذا، فهل تتأثر «المتعة الجديدة في الدوري الألماني» (حسب تعبير مجلة كيكر) بالخوف من أن تنتهي النسخة 54 من البوندزليغا إلى نتيجة مألوفة جدا؟ النتيجة المتوقعة في معظم الأوساط هي لقب خامس على التوالي لبايرن ميونيخ، الذي استهل مسيرته بفوز ساحق 6 - صفر على فيردر بريمن الذي تطوقه الأزمات.
يتمتع الفريق البافاري بعمق لن تجد مثله في أحد الأفلام الوثائقية لجان - ميشيل كوستو، بعد وصول ماتس هاملز وريناتو سانشيز، واللذين كلف التعاقد معهما مجتمعين النادي 70 مليون يورو. أما بارقة الأمل الوحيدة لأي تمرد على حامل اللقب، فهو أن «الإمبراطورية الحمراء» ستكون مشغولة للغاية مع طموحاتها الكبيرة في أوروبا، بقيادة المتمرس على بطولات دوري الأبطال كارلوس أنشيلوتي، وهو ما قد لا يجعل تركيزهم مسلطا بالقوة نفسها على كوكب ألمانيا. وما يمكن أن يحدث هو أن حالة التشبع والزهو قد تتسبب في إسقاط «نجم الموت».
وتقول الترشيحات إن نسبة فوز بروسيا دورتموند بالدوري هي 1 إلى 8. وكان أنشيلوتي قد قال قبل بضعة أشهر على موافقته على خلافة جوزيب غوارديولا: «بايرن يفوز بالدوري ويده في جيبه»، وعلى الإيطالي أن يتأكد من ألا تتحول هذه الكلمات إلى كابوس بعد ذلك.
لقد تجاوز دورتموند صاحب القميص ذي اللونين الأسود والأصفر، البايرن بطل الدوري، في الإنفاق على الصفقات، فقام بضخ 110 مليون يورو في الفريق، عن طريق إضافة 7 لاعبين جدد، يتراوحون ما بين لاعبين لم يحصلوا ما يستحقون من اهتمام (سباستيان رود)، ونجوم سوبر في المستقبل (عثمان ديمبلي)، ولاعبين سابقين (ماريو غوتزه) يحتاجون لبداية جديدة. وتعد عملية إعادة التشغيل التي يقوم بها المدرب توماس توشيل للفريق أكثر المشاريع إثارة في الكرة الأوروبية، والنتيجة غير المضمونة هي ما يعطي القيمة المضافة لهذا المشروع.
ويبدو مشجعو دورتموند غير واثقين مما إذا كانت عملية التغيير الكبيرة ستؤدي سريعا إلى فريق قادر على المنافسة على الألقاب، فهناك بعض الشكاوى التي تتداول على نطاق ضيق حول خسارة عدد من اللاعبين المفضلين لدى الجمهور، مثل كوبا بلازيكوفسكي أيضا. ومع هذا، فمن خلال الإضافات الجديدة، سيكون لدى دورتموند وفرة في اللاعبين أصحاب الفنيات العالية، خصوصا في الهجوم – وهو ما يكفي لأن يعطي متسعا لسياسة المناوبة القوية لدى توشيل، ويجعل هناك مزيدا من التنوع في تشكيل دورتموند في كل مباراة.
ورشح بال دارداي، مدرب هيرتا برلين، فريق باير ليفركوزن لـ«القيام بمعجزة على طريقة ليستر»، في ظل الصفقات الجديدة، مثل كيفين فولاند (هوفنهايم) وجوليان باومغارتلينغر (ماينز)، واللذين يقومان بدوري جيمي فاردي ونغولو كانتي في ليستر على الترتيب. ويمكن أن يكون الدولي الألماني جوليان براندت هو من يقوم بدور رياض محرز. وليس هذا بالرأي التافه تماما، ولكنه يظل غير واقعي في ضوء تفوق القوتين العظميين على الـ«فيركسيلف».
ورشح آخرون بروسيا مونشنغلادباخ، المستقر الذي يخضع لإدارة ذكية، وشالكه الذي يديره الآن واحد من أذكى الشخصيات في الدوري (المدير الرياضي كريستيان هايدل)، ولديه مدرب شاب نشيط (ماركوس فاينتسيرل)، لتحقيق مراكز متقدمة. ومن الجدير أن نتذكر الآمال الكبيرة التي كانت معقودة على سلف فاينتسريل، أندريه برايتنرايتر، في هذه المرحلة نفسها قبل عام.
مرة أخرى، سيكون هذا الموسم في البوندزليغا هو الأكثر انفتاحا، وإن شئت: الأكثر تنافسية في أوروبا، في ظل عدم وجود مدربين مستقرين منذ وقت طويل على رأس الأندية الكبرى، وكذلك عدم وجود أي مرشحين واضحين للهبوط، عدا دارمشتات الفقير ماليا الذي يفتقد لمدربه المعجزة ديرك شوستر (يعمل الآن في أوغسبورغ)، وعدد من الفرق التي يمكن أن ينتهي بها المطاف بشكل غير متوقع إلى المنافسة في أوروبا، أو في صراع شرس، أو في كلا الأمرين في واقع الأمر على مدار الموسم.
المثير للاهتمام بشكل كبير هو أن عدم وجود صراع حقيقي على اللقب الألماني منذ 2011 - حيث فاز دورتموند (2012) وبايرن بعد ذلك (4 مرات) بالبطولة بفارق كبير – لم يخمد الشهية للعبة الشعبية الأولى في ألمانيا. وقد نجح رئيس بطولة الدوري، كريستيان سايفرت، في زيادة قيمة حقوق البث التلفزيوني المحلية بواقع 85 في المائة، ليؤمن بذلك دخلا سنويا يقدر بـ1.16 مليار يورو بداية من موسم 2017 - 18 فصاعدا. لكن يظل هذا يمثل نصف قيمة الدوري الإنجليزي الممتاز (البريميرليغ)، وينبغي أن يتم تقسيم هذه الأموال بين 36 ناديا في البوندزليغا ودوري الدرجة الثانية، لكن زيادة الطلب تبين أن هيمنة البايرن وسيطرة دورتموند المفترضة على المركز الثاني، لم تردع المشاهدين عن متابعة البطولة الألمانية.
وفي حين أن اتساع رقعة المنافسة على لقب الدوري الألماني من شأنها أن تساعد على زيادة قيمة البوندزليغا على المستوى العالمي، فالهاجس الأكبر في ألمانيا يبقى متعلقا بانتشار الأندية الصغيرة التي لا تتمتع بقاعدة جماهيرية على حساب عمالقة، إما تعرضوا لسقوط أو في حالة سبات. وإذا لم تنجح أندية مثل هامبورغ وفيردر وكولن وشالكه، في تحقيق الاستفادة القصوى من مواردها الكبيرة، فسترتفع الأصوات المطالبة بالاستثمار الداخلي.
وبشكل عام، فقد تمكن البوندزليغا من التعامل مع تحديدات عولمة كرة القدم السريعة بشكل جيد، من خلال التركيز على خبرة الملاعب، وتفريخ اللاعبين في محاولة للاستمرار في تجنب أسعار الانتقالات الباهظة، لكن الطريقة العضوية والبطيئة إلى حد بعيد التي تعمل بها الأندية يمكن أن تصير مهددة خلال الموجة القادمة من عمليات الاستحواذ على الأندية في أوروبا وإيطاليا، التي يقف وراءها مستثمرون من الصين.
وسيظل السؤال الأساسي بالنسبة إلى المسؤولين عن إدارة المسابقة المحلية في فرانكفورت في السنوات القادمة، هو ما إذا كان الجمهور المحلي سيتقبل نسخة من البوندزليغا تقل فيها الصفة الألمانية بشكل لافت، من خلال عمليات بيع الأندية لكي تظل قادرة على المنافسة في أوروبا.
هل هناك من يستطيع إيقاف قطار البايرن في البوندزليغا؟
الفريق مرشح للقب خامس على التوالي.. ومن غير المرجح أن يكون هناك سباق مثير على القمة
هل هناك من يستطيع إيقاف قطار البايرن في البوندزليغا؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة