مسؤول فلسطيني: إعمار غزة قد يمتد لعشر سنوات

بسبب القيود الإسرائيلية المعقدة وإغلاق المعابر

طفل فلسطيني أمام أحد المنازل المدمرة في قطاع غزة (إ.ب.أ)
طفل فلسطيني أمام أحد المنازل المدمرة في قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

مسؤول فلسطيني: إعمار غزة قد يمتد لعشر سنوات

طفل فلسطيني أمام أحد المنازل المدمرة في قطاع غزة (إ.ب.أ)
طفل فلسطيني أمام أحد المنازل المدمرة في قطاع غزة (إ.ب.أ)

حذر النائب الفلسطيني جمال الخضري، رئيس «اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار»، من أن عملية إعمار ما دمرته القوات الإسرائيلية في قطاع غزة خلال العدوان العسكري الأخير صيف عام 2014، قد تمتد لعشر سنوات؛ وذلك بسبب القيود الإسرائيلية المفروضة على إدخال مواد البناء إلى أراضي القطاع المحاصر.
وأكد الخضري في تصريح صحافي، أن الاحتلال ما زال يقنن دخول مواد البناء، ولا يسمح سوى بدخول كميات محدودة للمؤسسات الدولية والإعمار والمصانع.
وطالب الخضري بمضاعفة الكميات الواردة لغزة من مواد البناء بحد أدنى يتجاوز ستة آلاف طن من مادة الإسمنت يوميًا، وذلك لضمان سير عملية الإعمار بصورة أفضل، ومحاولة تجاوز الأزمات وحاجات السوق والقطاع الخاص.
وقال المسؤول الفلسطيني: «إن ما يدخل من كميات، وهي ثلاثة آلاف طن من الإسمنت في أيام فتح معبر كرم أبو سالم (يفتح خمسة أيام أسبوعيًا ما عدا الأعياد والإغلاقات) لا تكفي للحاجة الطبيعية لنحو مليوني مواطن يحتاجون لمساكن ومرافق لمواكبة الزيادة في عدد السكان، وبلغت نحو نصف مليون خلال سنوات الحصار».
وأضاف الخضري موضحاً أن «هذه الكميات لا تكفي لمتطلبات إعمار تسعة آلاف منزل مُدمر بالكامل تنتظر الإعمار، وتحتاج إلى كميات مضاعفة من مواد البناء، وما يدخل من إسمنت لا يكفي»، مشيراً إلى أن أصحاب البيوت المدمرة ما زالوا بعد عامين من انتهاء العدوان مشردين ما بين المنازل المتنقلة «كرفانات»، أو بيوت تعرضت للقصف وغير صالحة للسكن، أو بيوت مستأجرة غير مؤهلة لاستيعاب هذه الأسر.
وشدد الخضري على أن الاحتلال يواصل استخدام سياسة التنقيط في إدخال مواد البناء، موضحاً أنها لا تكفي حاجة أصحاب المنازل المدمرة.
ودعا الخضري المجتمع الدولي والمانحين إلى التحرك العاجل لإنقاذ العائلات الفلسطينية المشرّدة، مشددًا على ضرورة رفع الحصار بشكل كامل، وفتح كل المعابر لتتم عملية تبادل تجاري طبيعية.
وتسير عملية الإعمار في غزة التي انطلقت في عام 2014 ببطء شديد على الرغم من الاتفاق، الذي وضعته الأطراف الثلاثة الموقعة على اتفاق آلية إعمار غزة، (السلطة الفلسطينية وإسرائيل والأمم المتحدة)، بسبب الإجراءات التي تتبعها إسرائيل، التي تقول إنها تتخذ «تدابير خاصة لتجنب إساءة استخدام مواد البناء».
وتتهم إسرائيل حركة حماس بالعمل على الاستيلاء على هذه المواد لأغراض عسكرية، وهو الأمر الذي تنفيه حماس، التي انتقدت مرارًا التباطؤ في عملية إعادة الإعمار، بقولها إنها ستكون صاعق تفجير جديد، إضافة إلى أنها رفضت آليات توزيع مواد الإعمار التي تجري وفق ترتيبات معقدة.
لكن السلطة الفلسطينية قالت إن حماس جزء من التعطيل لأنها تحكم قبضتها على القطاع وتمنع الحكومة من العمل هناك.
وطالما قالت السلطة إنه دون تمكينها في قطاع غزة فإن العملية، التي يشرف عليها العالم ويدعمها، لن تتم بالشكل الصحيح؛ لأن أحد شروط الجهات المانحة لإعادة إعمار غزة، وجود السلطة الفلسطينية داخل القطاع بشكل حقيقي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم