رئيس الحكومة الفرنسية: استراتيجيتنا لمحاربة الإرهاب «شاملة»

المدعي العام الفرنسي ينبه من عودة المقاتلين الأجانب من سوريا والعراق بسبب تقلص انتشار «داعش»

الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في مؤتمر مشترك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في منطقة الألب في فرنسا أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في مؤتمر مشترك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في منطقة الألب في فرنسا أمس (أ.ف.ب)
TT

رئيس الحكومة الفرنسية: استراتيجيتنا لمحاربة الإرهاب «شاملة»

الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في مؤتمر مشترك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في منطقة الألب في فرنسا أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في مؤتمر مشترك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في منطقة الألب في فرنسا أمس (أ.ف.ب)

دعا رئيس الحكومة الفرنسية مواطنيه للتهيؤ من أجل مواجهة أعمال إرهابية جديدة وحثهم على أن «يتعلموا كيف يمكن أن يتعايشوا» مع التهديدات الإرهابية. وقال مانويل فالس، في كلمة له أمام السفراء الفرنسيين المعتمدين في الخارج مساء أول من أمس إن حرب الإرهاب غدت «عالمية» بحيث إنه «لا بلد (سيبقى) في منأى عنها». أما عنوانها فهو «راديكالية التشدد» التي اعتبرها «توتاليتارية جديدة» غرضها «تسخير العقول والأجساد وسحق الديمقراطيات». وفيما تعيش فرنسا تحت حالة الطوارئ منذ 10 أشهر بعد هجمات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، توقع فالس أن تدوم حرب الإرهاب «طويلا» إذ أنها «تحدي مجتمعنا (الراهن) كما أنها تحدي جيلنا (الحالي)». ولإبراز ما تواجهه فرنسا، سرد رئيس الحكومة بعض الأرقام التي يفهم منها أن ما لا يقل عن 700 «متطرف فرنسي أو مقيم على الأراضي الفرنسية» موجودون حاليا في مناطق النزاع في سوريا والعراق وعودتهم إلى فرنسا تشكل «تهديدا إضافيا» للأمن الوطني. كذلك كشف فالس أن ما لا يقل عن 900 آخرين يسعون للتوجه إلى ميادين القتال فيما قتل من الفرنسيين «أو المقيمين على الأراضي الفرنسية» في سوريا والعراق 191 شخصا. والخلاصة التي توصل إليها المسؤول الفرنسي عنوانها «التهيؤ للمواجهة» وليس الخنوع أو الاستسلام وتطوير «الثقافة الأمنية».
ما يقوله رئيس الحكومة ليس جديدا بالنظر لما شهدته فرنسا من عمليات إرهابية في الأشهر العشرين الأخيرة والتي حصدت 350 قتيلا ومئات الجرحى. وجاءت عملية مدينة نيس الساحلية ليل 14 يوليو (تموز) الماضي التي سقط فيها 85 قتيلا وعشرات الجرحى لتنبه المسؤولين الفرنسيين أن الخطر الإرهابي ما زال جاثما على صدر فرنسا وأن ارتكاب عمل إرهابي كبير لا يتطلب بالضرورة وجود خلايا كبيرة أو تحضيرات واسعة بل يكفي اتباع «تعاليم» أبو محمد العدناني، الناطق باسم «داعش» وأحد كبار قادة التنظيم المذكور الذي قتل مؤخرا في ضربة جوية تخاصم الأميركيون والروس في تبنيها. وكان العدناني الذي تولى مسؤولية العمليات الخارجية خاصة في أوروبا قد حث «جنود الخلافة» في شهر أيلول سبتمبر (أيلول) عام 2014 على استخدام ما يتوفر «سكين، سيارة، حجر...» لتنفيذ العمليات واضعا على رأس الأهداف الفرنسيين والأميركيين. وما فعله التونسي محمد لحويج بوهلال هو أن استأجر شاحنة تبريد وزنها 19 طنا ليدهس بها المتنزهين على كورنيش مدينة نيس المتجمعين لمشاهدة الألعاب النارية التقليدية ليلة العيد الوطني الفرنسي.
ما قاله فالس بشأن الخطر الإضافي الذي تمثله عودة «المقاتلين» من سوريا والعراق، شدد عليه من جانبه فرنسوا مولان، المدعي العام الفرنسي لقضايا الإرهاب الذي نبه، في حديث صحافي أمس لجريدة «لوموند» المسائية من أن تراجع تنظيم داعش في سوريا والعراق سيزيد من مخاطر هجمات المتشددين في فرنسا. وبحسب مولان، فإن «تاريخ الإرهاب يبين بوضوح أنه حين تعاني المنظمات الإرهابية من مشاكل في مناطق نفوذها، فإنها تبحث عن فرصة للهجوم في الخارج».. وأضاف المدعي الفرنسي أن الضغط العسكري الذي يواجهه تنظيم داعش قد يتسبب بعودة المزيد من المتشددين وعائلاتهم إلى بلدانهم الأصلية في أوروبا. منذ العمليات الإرهابية الكبرى التي ضربت باريس في شهر يناير (كانون الثاني) عام 2015 وتلك التي تلتها في نوفمبر من العام نفسه، لم تتأخر السلطات الفرنسية في فرض لأقسى التدابير الأمنية لتلافي تكرارها في العاصمة أو المناطق الأخرى. وفي كلمته المشار إليها، وصف فالس الحرب التي تقوم بها بلاده على الإرهاب بأنها «شاملة» وأنها تنهض على قائمتين: الأولى خارجية وتتمثل بما تقوم به فرنسا في سوريا والعراق ومالي وبلدان الساحل الأفريقي والثانية داخلية. وتتشعب الإجراءات الداخلية بين تعزيز الإجراءات الأمنية واستصدار التشريعات التي تعطي الأجهزة الأمنية صلاحيات إضافية وزيادة عدد أفراد الشرطة والدرك والمخابرات واستدعاء الاحتياط... أما على الصعيد القضائي، فإن القانون أعطى الأجهزة الأمنية والقضاة إمكانيات إضافية مثل فرض التوقيف الاحترازي لمدة 96 ساعة وتوجيه تهمة «المشاركة أو الانتماء إلى عصابة إرهابية» وكلها تسمح للقضاة بحز من تقوم بخصوصهم شكوك «إرهابية».
بيد أن هذه الإجراءات، رغم اتساعها، لا تبدو كافية والدليل على ذلك حصول عملية مدينة نيس أو عملية مدينة سان أتيان دو روفيره «منطقة النورماندي» حيث أقدم شابان على ذبح كاهن الكنيسة بعد عملية احتجاز رهائن لم تدم طويلا. والحال أن أحد الشابين كان يحمل قلادة إلكترونية تكشف تحركاته في كل لحظة كما كان يخضع للإقامة الجبرية مع السماح له بالخروج ساعات قليلة. والحال أنه ارتكب فعلته خلال فترة السماح. ولم تتردد المعارضة اليمينية «اليمين الكلاسيكي واليمين المتطرف ممثلا بالجبهة الوطنية» في انتقاد الحكومة واتهامها بالتقصير والعجز ما فتح الباب أمام عمليات مزايدة لا شك أنها ستأخذ أبعادا أكبر بسبب اقتراب الانتخابات الرئاسية والتشريعية وسعي اليمن بجناحيه إلى استغلال الملف الأمني لإحراج السلطات الاشتراكية واجتذاب الناخبين بحجة القدرة على حماية المواطنين. وذهب نيكولا ساركوزي، الرئيس السابق والمرشح لرئاسة الجمهورية في العزف على الوتر الأمني واقتراح إنشاء محاكم استثنائية لمحاكمة الضالعين في الإرهاب وحجز كل من تحوم بشأنه شبهات من هذا النوع وما إلى ذلك من مقترحات غرضها اجتذاب أصوات اليمين المتطرف والعودة إلى السلطة بينما تقول الحكمة أن «درجة الصفر» في المخاطر الأمنية غير موجودة وأن فرنسا الموجودة في حالة حرب ضد الإرهاب عليها أن تكون جاهزة لمواجهة عمليات إرهابية جديدة ما يذكر به رئيس الحكومة كلما توفرت له مناسبة.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.